لُهَاثُ الصَّمْتِ
صقر أبو عيدة
[email protected]
طفل من مخيمات
الشتات يموت أمام مشفى ولم يسمح له بالعلاج
تَرَى نَفَسَاً تَقَطَّعَ ظِلُّهُ لَهَثَاً إِلى الأُنْسِ
لَهُ رِئَةٌ تَرَى الدُّنْيَا بِعَينِ الْمَوتِ وَالْوَجْسِ
يُنَاجِي قَبْرَهُ..
خُذْنِي..
فَقَدْ حَبَسُوا نَسِيمَ اللَّوزِ وَالشَّمْسِ
فَتِلْكَ عُرُوبَةٌ في بَطْنِهَا صَرَعٌ يَمُورُ بِها إِلى
التِّيهِ
وَقَدْ مُلِّئْتُ مُرَّ غُثَائِهِمْ وَالْخَطْفُ مِنْ ُدْنَيا
بِلا أَسَفِ
هُوَ الْوَجَعُ الْفِلَسْطِينِيُّ رَفْرَفَ حَاسِراً يَنْأَى
عَنِ الْوَصْفِ
فَأَينَ يَكُونُ تَحُلُّ بِهِ هُمُومٌ عَرْضُهَا الأَرْضُ
الّتِي نَصَبَتْ خِيَامَ الْيَومِ وَالأَمْسِ
فَمَا تَرَكُوا لِهَذَا الطِّفْلِ أَسْبَاباً فَيَقْضِي
نَحْبَهُ عَبَثَا
قَدِ اكْتَمَلَ النِّصَابُ
لِيَدْفِنُوا مَنْ جَاءَ يَهْرُبُ مِنْ صَقِيعِ الْجَورِ وَالنَّعْشِ
فَمَنْ يُعْطِي لِذاكَ الْقَلْبِ نَبْضاً مِنْ نَشِيدِ الْحُبِّ
وَالْقَبَسِ
أَمِ الْحَسَراتُ خُصَّتْ لي أَنا وَحْدِي
فَلَمْ أَهْنأْ عَلى نَفَسِ؟
لِمَاذَا عَذَّبُوا رُوحاً تَنَامُ عَلى صَلاةِ الأُمِّ..
مَنْ يَكْسِرْ..
مُدَى الْيَأْسِ؟
تَنَفَّسَ مِنْ وَكَالَةِ غَوثِهِ..
وَالرِّيقُ قَطَّعَهُ الْمَضِيفُ وَلَمْ يَكُنْ في بَالِهِ
سَبَبُ
لَيَومُ الصَّرْخَةِ الْكُبْرَى أَكُونُ حَجِيجَهُمْ وَالْقَومَ
مَا صَنَعُوا
جِدَارُ الضَّادِ لَمْ يَمْنَعْ خَوَاطِرَهُ تَرُوحُ تَعِيشُ في
الْبَلَدِ
نُيُوبُ الْغُرْبَةِ الْتَحَمَتْ بِكِلْسِ الْعَظْمِ
وَالْجَسَدِ
بَرَاءَةُ ثَغْرِهِ نَفَثَتْ زَفِيرَ الشَّعْبِ في وَجْهِ
الرِّيَاحِ..
وَقَلَّبَتْ جَمْرَا
ِفَقَالُوا اصْمتْ
لَحُلْمُكَ شَوكَةُ الْحُلْقُومِ في جَسَدِ السَّلامِ..
فَأَنْتَ مَنْ عََقَرَا
فَيَلْهَثُ صَمْتُهُ لَهَباً عَلى تِلْكَ الطَّرِيقِ عَسَى
النُّجُومَ يَرَى
تَحَرَّكَ هُدْبَهُ يُنْبِي عَنِ الْبَاقِي مِنَ النَّفَسِ
تَثَاقَلَ قَلْبُهُ فَوقَ الرَّصِيفِ..
وَلَمْ يَنَلْ نَجْماً يُضِيءُ لَهُ..
وَلَو خَبَرَا
سَتَائِرُ بَسْمِهِ سُدِلَتْ..
فَأَرْخَى جَفْنَهُ لِلنَّومِ..
وَالرَّمْسِ
فَمَا نَادَوا عَلى غَوثٍ..
وَلَمْ يَرَ مِنْهُمُ النَّظَرَا
كَلالِيبُ الأُفُولِ عَلى الضُّلُوعِ تَحُومُ لِلتَّفْرِيقِ..
وَالْحَبْسِ
فَأَينَ يَلُوذُ وَاللاّءَاتُ لَمْ تَفْتَحْ لَهُ صَدْرَا
وَهَذَا شَعْبُهُ الْمَوجُوعُ في الْحَانَاتِ وَالْخَانَاتِ
وَالْحَفَلاتِ وَالطُّرُقَاتِ..
وَالآهَاتُ تُرْصَفُ فَوقَ أَعْنَاقِ الْبِلادِ وَلَحْمُهَا
يُقْرَى
هُنَاكَ قُلُوبُهُمْ جَرَعَتْ صُخُورَ الْمِلْحِ وَالْحَرَسِ
وَلَو كَانَتْ لَهُمْ ذِكْرَى مِنَ الْحُبِّ
لَمَا انْقَلَبَتْ كَرَاسِيٌّ عَلى الرَّأْسِ
فَهَلْ ظَنُّوا بِأَنَّ الشَّمْسَ قَدْ تَأْتِي مِنَ الْغَرْبِ
فَوَاعَجَباً لِبَطْنٍ يَحْمِلُ التَّارِيخَ لَمْ يَغْضَبْ
لِخَدَّينِ امْتَطَى عَظْمَاهُمَا جِلْدَاً مِنَ الْوَجَعِ
وَمَا سَكَنَتْ لَهُ شَفَةٌ تُدَنْدِنُ أَزْمَتِي انْفَرِجِي
وَبُومٌ يَخْطِفُ النَّظَرَاتِ في لَيلٍ بِلا جَرَسِ
مِنَ الرُّوحِ الّتي فَزَعَتْ إلى الْخِلاَنِ والإِنْسِ
لِتَنْهَلَ مِنْ غَمَامِ الْجُرْحِ مَا يَرْوِي حَمَائِمَهَا
وَذَاكَ الْخَصْمُ قَادَ رِمَاحَهُ غَضَباً فَأَسْقَمَهَا
فَلَيتَ خِصَامَهُمْ تَرَكَ الْحَمَامَ يَعُودُ لِلسَّكَنِ
قَدِ اشْتَرَكَتْ أَصَابِعُهُمْ وَبَاعُوا رُوحَهُ سِرَّاً وَفي
الْعَلَنِ
أَيَادِ الْمَوتِ لَمْ تَعْذُرْ لِمَنْ سَادَتْ لَهُ الدُّنْيَا
وَمَنْ عَبَدَا
فَهَلْ سَمِعُوا تَنَفُّسَ ضِلْعِهِ بَينَ التَّرَاقِي
وَالْفُؤَادُ قَلَى
وَحَشْرَجَةً تُخَبِّئُ حُرْقَةَ الَوَطَنِ
فَمَنْ يَأَتِي لأُمٍّ أَثْكَلَتْ كَبِدَا
بِذِكْرَى بَسْمَةٍ تَهْفُو لَهَا أَمَدَا
فَلَمْ تَرَهُ قَرِيبَاً يَشْتَكِي أَبَدَا
تَنَامُ عَلى دُمُوعِ الْكَفِّ وَالْبَالُ ارْتَوَى وَجْدَا
تُرَاقِبُ مَنْ يَجِيءُ لَها يُصَبِّرُ نَارَهَا هَمْسَاً
وَمُحْتَسِبَا
لَهُ رُوحٌ تُعَانِقُ مَطْلَعَ الْمَشْفَى وَتَبْتَهِلُ
تُسَابِقُ عَينُهُ نَظَراً وَأَقْدَامَاً وَتَرْتَحِلُ
فَلا نَهَرٌ يُغَسِّلُ فِيهِ أَدْوَاءً وَلا أَمَلُ
فَمَنْ يَارَبُّ يَأْتِيهَا بِذَرَّاتٍ مِنَ الشَّمْسِ
لأُمٍّ أَرْدَفَتْ حَسَرَاتِهَا كَتِفَاً وَتَشْتَعِلُ