أرضي تحدّثُ أخبارَها

حَدّث حَديثُكَ يا ذا الحُرُّ يُحييني

وانفُخ فَروحُكَ ما تَرجو شَراييني

.

أمطِر جُموعًا وزَلزِل أرضَنا الظَّمأى

حُبًا  تَشَقَّقُ عن وَردي ونِسريني

.

أمطِر... ليَعلَمَ مَن  مِن جوعِنا كَنَزوا

أنّا سَئِمنا ائتِمارَ الوَغدِ والدّونِ

.

أمطِر... فأرضي دُهورًا ظَلَّ يُمطِرُها

الباغي وُعودًا فيُضنيها ويُضنيني

.

أمطِر... فأرضي نزيفَ الحُرِّ تَعشَقُهُ

يَمحو جنونَ الهوى غرسَ السَّلاطينِ

.

أمطِر... ربوعُ بلادي كلُّها ظَمأى

والخَيرُ يُنهَبُ من طاغٍ  ومأفونِ

.

واصرُخ أُخَيَّ فصوتُ الحُرِّ يَسمَعُهُ

قَلبُ التُّرابِ فيَحيا بي ويُحييني

.

زَلزِل عُروشًا يَمَجُّ الدّودُ جيفَتَها

تَشقى ضَلالاً وصبري ليسَ يُشقيني

.

زلزِل لِبيدي وهُزَّ السَّهلَ والجَبَلا

تحتَ الأُلى نَهَبوا خُبزَ المَساكينِ

.

زلزِل وذَكِّر إذا ما الأرضُ زَلزَلَها

ربُّ العُروشِ ونادى: شاهِدًا كوني

.

قامَت تُحَدِّثُ من أخبارِ ما احتَمَلَت

والكلُّ  يَصرُخُ: واهٍ! ما يُنجّيني؟

.

قد عشتُ أكنزُ ميراثًا شَقيتُ بهِ

خَرجتُ صِفرًا؛ بلا دنيا ولا دينِ

.

أينَ الكنوزُ وقد عادَت لِخالِقِها؟

هل في الأحِبَّةِ مَن يَرضى فَيفديني؟

.

صوتُ الضّراعَةِ مَخنوقٌ بِأورِدَتي

أرجو فَيَـنبُذُني مَن كانَ يَرجوني

.

أذقتُ قومِيَ مِن ذلٍ وكنتُ بهِ

أرجو شُموخًا فعادَ الذُّلَّ يَسقيني

.

والشّعبُ يَنهَضُ في فَجرٍ يُحاصِرُني

بالصّوتِ فَجَّرَ زِلزالَ المَيادينِ

.

صوتٌ يُعيدُ إلى التّاريخِ نُضرَتَهُ

لِيَصعَدَ الشّعبُ في مَرقاتِهِ دوني

.

هذا الطّريقُ عَريضٌ لا مَكانَ بهِ

للجاهِلينَ صَدى مَأساةِ قارونِ

.

اللائِذينَ إلى وَهمٍ يُخَلّصُهُم

والموجُ يَصخَبُ من نَزفِ المَلايينِ

.

وفي المدى لُغَةٌ تدعو مُواطِنَها

اركَب... لِنَعبُرَ من تيهي لِزيتوني

.

اركَبَ... لنَنجو معًا مِن كلِّ نازِلَةٍ

تَبقى غَوائلُها ظُلمًا تُقاويني

.

اركب... فإن المدى يحتاجُ نَهضَتَنا

نمحو جنونَ الصّدى من بَطشِ قايينِ

.

اركب... لأنّا الألى من جُرحِهِم صنَعوا

مجدَ الشّعوبِ بيَرموكي وحِطّيني

.

الحَقْ بِرَكبي فَما في الظُّلمِ مُعتَصَمٌ

حُبُّ الحياةِ أبى يَأتي بِمَضمـونِ

.

مهما صَبَرتُ عَلى جُرحي سَيغلبُني

صوتُ الضَّميرِ غَدا للفَجرِ يَحدوني

.

لأصنَعَ المَجدَ تَهواني مَنازِلُهُ

مَهما اغتَربتُ، وأدعوها تُلَبيني

وسوم: العدد 843