قيامة البوعزيزي

خالد صبر سالم

‏يَنهضُ مِنْ رمادهِ ووَجهُهُ ليسَ بهِ حروقْ‎ ‎‏ ‏

‏ بلْ وجهُهُ مُلوَّنٌ برايةِ الوطنْ‎ ‎

‏ مُضـَمَّخ ٌبقلبِ اُمّهِ التي أتعبَها الطغاة ُوالزمنْ

‏ جبينـُهُ بَوْصَلة ٌإصبعُها تـُشيرُ نحْوَ قصْر قاتليهْ‎ ‎‏ ‏

‏ وعينـُهُ كالشمس في إطلالةِ الشروقْ

‏ يَطلعُ مِنْ سَخامهِ الزيتونُ‎ ‎‏ ‏

‏ فتشْرئِبُ لانعتاق ٍ لهْْفة ٌ ترسمُها العيونُ ‏

‏ وينفحُ الحرية َالهيفاءَ ياسمينُ

‏***‏

‏ واعجبا ًهل ينهضُ المحروقُ مِنْ رمادهِ؟!‏‎ ‎‏ ‏

‏ يركضُ في الطريقْ! ‏‎ ‎‏ ‏

‏ يَجْدفُ هذا البحرَ مِنْ هتافِ كادحينَ عاطلينَ جائعينْ ‏‎ ‎‏ ‏

‏ يَرونـَهُ مِنْ خـَلـَل ِ الرمادِ كالبريقْ‎ ‎‏ ‏

‏ يَرونـَهُ لا زالَ خلـْفَ العربهْ‎ ‎

‏ يدْفعُها وهاتفا ٔمِنْ حزنهِ العميقْ

‏ مَنْ يشتري وثيقة ٔعاطلة ٔ قدْ أصْدَرَتـْها الجامعهْ ‏

‏ مَنْ يشتري الخضارَ ترْويها العيونُ الدامعهْ ‏

‏ فيستفيقُ مِنْ رقادهِ الشابيّ ُ يستفيقْ

‏ مُقبِّلا ًألبو عزيزَ في جبينهِ ‏

‏ يُوقـّعان ِ والجماهيرَ التي تسيرُ نحْوَ نصْرها عهدَهُما الوثيقْ ‏

‏ مشتركا ً في دفعهِ للعربهْ ‏

‏ وسَلـّة ُالخضار في مخاضِها تصيرُ آلافا ًمِنَ الحقول

‏ والجنائن المُعشوْشبهْ ‏

‏ فتونسُ السجينة ُالجائعة ُ المُكتئبهْ

‏ ترسمُ للربيع ياسمينـَها ، زيتونـَها ‏

‏ ترسمُ في جبين فجرها مدرسة ًومصنعا ًوملعبا ًومكتبهْ ‏

‏ ويَنشدُ الشابيّ ُ مِنْ جديدْ ‏

‏ إرادة َالحياهْ ‏

‏ تـُرْسِلـُها الجموعُ نحْوَ مخـْبأ الطغاهْ ‏

‏ إذا الشعبُ يوما ًأرادَ الحياة َ فلا بُدَّ أنْ يستجيبَ القـَدَرْ

‏ فتهتفُ الجموعُ في الشوارع المُرْتقِبهْ

‏ ولا بُدَّ للـّيل أنْ ينجلي ولا بدَّ للقيدِ أنْْ يَنكسرْ

‏ فيهْربُ الحاكمُ في ذلـّتهِ مُردِّدا ً : ‏

‏ (فهمْتـُكمْ فهمْتـُكمْ) ‏

‏ فيرْجعُ الصدى إليهِ مِنْ ثواكل ٍيركضُ في وجوهِها إملاقـُها والهَمْ:‏

‏ ولاتَ حين فهمْ ‏

‏ ألا فهمْتَ أنَّ البو عزيزَ تونسي؟!‏

‏ أما حفظـْتَ في مدرسةٍ إرادة َالحياة تونسيهْ؟!‏

‏ أنَّ ابا القاسم تونسي؟! ‏

‏ والراية َالحمراءَ تونسيهْ ‏

‏ يا لاتَ حينَ فهمْ

‏ يا لاتَ حينَ فهمْ

‏***‏

‏ يا سيدي يا أيّـُها الحارقُ والمحروقْ ‏

‏ ها أنتَ في حناجر الشعوبْ ‏

‏ ها أنتَ مرسومٌ على القمصان قرْبَ النبْض في القلوبْ

‏ مُطالبا ٔبالخبز والحريّةِ الساطعهْ

‏ يا سيّدي ‏‎ ‎‏ ‏

‏ اجتـَز ْ حدودَ تونسَ الثائرةِ الرائعهْ ‏

‏ فأنتَ قدْ صرْتَ على طغاتِها غضْبتـَها الواقعهْ ‏

‏ فأسْرعَتْ أرجلـُهمْ تبْحثُ عنْ ملاجئ الهروبْ

‏ مُرَّ على كلِّ الشوارع الحزينةِ الجائعهْ

‏ مُرَّ على العواصم النائمةِ الخانعهْ

‏ واصرَخ ْ بها‎ ‎‏ ‏

يا أيّـُها الجياعُ والمُكبَّلونَ حانَ وقتـُكمْ‎ ‎‏ ‏

‏ فلسْتـُمُ العبيدَ والرقيقْ ‏

‏ والفجرُ قدْ آذنَ أنْ يُفيقْ ‏

‏ لا تـُشعلوا النيرانَ في أجسادِكمْ ‏

‏ بلْ في قصور السلطةِ المُزمنةِ الموروثةِ الخادعهْ