هل يشيخ الهوى

عدنان إستيتيه ( أبو يعرب )

[email protected]

رأيت كما يرى الحالمُ :

رأيت جنين ؛

حواريها والشوارع

وجاوزت أيامها والسنين.....

وعدت لأيامٍ خلت

مررت "بالسيباط " و"المحكمة"

بواد  "عز الدين " و"المقبرة "

رأيتك بالهُدْب ورفاته

وعدت بالحلم للعشرين

وأنت بزي المدارس.....

وعدت ألاقيك يوماً بيوم

أحدِّقُ فيكِ.... وأهفو إليكِ

وبالدرب أحنو .. أبش عليكِ

وبستان أهلك ....

من سنين ....

حكايات تلِّوِّح من بعيد

لخل تراءى بسهل نضيد :

أن أقبل .. وتومي بكفٍ وجيد

وترنيمة حرَّى .. بخطو وئيد

فليت الزمان ... زماني يعود

لأحكي حكايات أهل جنين

عن الفل والورد والياسمين

وراعٍ يدلِّل أغنامه .....

على الناي يعزف أحلى نشيد

ويروي روايات مَرّ السنين

عن الأهل والحي وألوان الشجون

 وبيت على شِعب " عز الدين "

رأيتك فيه من النافذة

فكنت الرواية َ .....

كنت الحكاية

أُكنّي عن الوجد أحلى كناية

أدندن باسمك" نوراً" و" نوْر"

وأرسم فيك حنين الطيورْ

 لعش بنته لفرخٍ غرير

فصرتِ لروحي شخوص الرواية

وعانقت فيك حديثاً... وآية

فعدت إليكِ بعبء السنين

وطوَّفت فيك ربوع القفار

من " الرسِّ" حتى نخيل " القطيف" (1 )

وأنتِ كما كنتِ

رغمَ صروف الزمان

ولا زلتِ أنتِ ........

كما أنتِ ........

ترنيمةً وحنان ؛

كأن لم تقلِّبك كفّ القدر

فمنك تذوقتُ وَجدَ الغرام

ومعنى الهيام وطعم السهر

وجاوزت فيك الرؤى الحالمات

       **********

رأيت فيما رأيتْ

بين حلمٍ وعلمٍ رأيتْ

رأيت جنين .. وهلَّت جنين.....

دخلت جنين......

وكانت على باب رؤيا

فصارت جنين .....

فكاد الحصان يطير

وكاد البراق يسير

فعاف البراق المسير

إلى حيث كانت سهول جنين ؛

أجوس المنافي وأطوي السنين

فتبسم منها رؤاكِ " جنين "

وتبسم فيك الرؤى والحنين

ففيك رأيت الشباب

وكان حديث القرايا

وصار غلال السرايا

فأنَّى  يطابق فيها حديثُ القرايا

غلال السرايا؟ !

بلهفةِ روحي دخلت جنين

وصار الحديث .. ومنك الحديث

يطابق فيها بكل حديث

فأمسح عن ناظريَّ حُبابَ الحكايا

وأبصر فيها عِتاقَ المرايا

ألملم فيكِ رؤى الياسمين

بدفقةِ شوقٍ ولهفةِ توق

فتكبر فيكِ حكايا السنين

وكانت " منور" رؤيا الحنين

وكانت " منور" رؤيا جنين

وتبقى عهودك ذكرى جنين

         ************

رأيتُ ما لا يرى الحالمُ

رأيتُ الحبيب بأرض جنين

وربعاً تخطىَّ بأناته

ويحكي حكايات " بني عامرِ "

وقد عبثت بالربع أيدي المنونَ

وطاعون هودا للأيٍ وحين

يجوس خلال الديار

وفيها أنين وفيها انكسار

كأن ما تغنَّت بسُمَّارها

وما هنأت بالحلم دار

ومن قبلُ كانت جنين

على " التل" تغفو

فيصحو الحنين

وتحلم بالمرج " وتفاح مجنّ"

وتقطف بالكف زهر " الشقيق"

وتجمع فيها خزامى و عنبرْ

وتلثم فيها من اللوز زهراً

وتسقي بدمعٍ وزيتون وزعتر

 وفيها ورود من  البيلسان

فتسقي من الهيل فنجان قهوه

لمن يأتي لها

بمن رسمته " أيقونة "

بصدر المضافة .. وجهِ الدار

يوم قالت : علَّق القنديل

" والمصحف " باقتدار وجدارة

ثبِّت الأيقونة بين جديك

وبصدر الدار فامنحها الصدارة

تلك أيقونةٌ  تحكيكِ

بقدسٍ وطهارة

وإشاراتٍ تشي

والحرُّ تكفيه الإشارة

لعينيكِ

 ففي عينيك آيات النضارة

ولعمري كم طوى صدري أسراراً

وقد حاكته أيهْ

في ثناياه برُقيا مقدسيهْ

وهي تحميكِ من جارٍ وجاره

واللظى يشحن أنفاسيَ..........

بين عينيَّ وعينيك

ارتباط وسفاره

وهيام واشتياق تسابيح

ودموع .. ونشيج .... وحنين

للرؤى تعتادني من حين لحين

          ************

آه يا أرض جنين

آه يا تنِّين .. يا " سبعين"(2)

وجبالٍ فيك تسبح

بالحنُّون .. بالنرجس

لا تحبسُ بالبُعد دموعاً وحنين

واشتياقي قادم للحيِّ يعدو

يحضن الآهات روضاً وعيون

يوم كنتِ .... وكان  

ورفيف الورد ببستانٍ ندي

وفتاة تتهادى بين أفواف الزَّهَر

وأمواج العطور

ويغني ذاك المذياع ُ

بصوت عبقري

"و شموع الفرح الآتي :

        "منوّر"

      والرؤى تَكبُر...

آه يا واد تمطَّى بالسنين

بين نايات الرعاة الحالمين

فيك عاقرت الهوى في خلوةٍ

وحفظت النظم وديوان " زهير"

حين ناجى " أمَّ أوفى "

وتغنَّى الحلمَ الزاهي

فأضناه الحنين

كلما جدَّد أهاً

ردت الاه السنون .

آه يا جرحيَ .. يا آيات فرقد

آهٍ وكم آهٍ على الُبعدِ أردِّد

وأمنّي النفس للقياك

ولكن كل ما أرجو تبدَّد

           ************

آه لو عادت رياحي

للمغاني .. للهوى .. للذكريات

حيث كانت حُلُماً !

حين كانت أمنيات!

وهي ما زالت تباشير مُنى

ليت شعري هل يعود الحلم

وقد ولَّى وفات ؟!

                

(1)  مدينتان في نجد والإحساء

(2)  أماكن قرب جنين