من وحي مشهد
من وحي مشهد !
د. عبد الجبار دية
عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية
استشاري الأمراض الباطنة والصدرية
مشهد : طفل يتشبث بأمه وهي تحتضر بعد قصف الطائرات الصهيونية لمنزلهم في قلعة العزة والصمود غزة هاشم ؟!
العين تغرق بالدموع ..
والوجه يندى في خشوع
والجسم ضُرِّج بالدم القاني
وجلّله شحوب ..!
أذماءُ تمسك بالحياة ..
تكاد تظفر بالحياة ..
وأين من موتٍ حياة !؟
* * *
وغلامها بجوارهاعيناه تعتصران بالدمع الهموع !
متشبثاً متأبطاً يمنى المودعة الحنون ..
وعيونها لا تبرح الإبن الحبيب ..
وأنامل الأم الرؤوم
ما إن تزال تداعب الخد الربيب ..
تودع الغصن الرطيب
تنسم الطيب الرفيف ..
هي لا تبالي بالحتوف !
وعلائم الرضوان تملأ صدرها ..
كنسائم الصبح الشفيف !
* * *
والروح تخرج أنفساً شيئاً فشيئا ..
وكأنها نفحات طيب !
وتلاحقت أنفاس فلذتها ..
يؤجّجها الجوى !
وشنين أدمعه يفيض على الشؤون ..
يا للغلام يفارق الصّدر الحنون !
والطفل يسأل : أين تذهب أو تغيب ؟!
يا للفراق وظلِّه الآسي الرهيب ..
غير أن فيضا من رضى غشّى على الجوِّ الكئيب !
قتلت يهود الأم روّعت البنين ..
صاروخ هدّم بيتها !
قذفته طائرة من صنع أمريكا ....ولاذت بالفرار!
ولم الفرار !؟
والدار غادرها الحماة !
والأرض أسلمها الطغاة !
والقدس _ ويح القدس _
مات حبيبها ...قبل الممات !؟
* * *
والشعب يأبى أن يهون ..
والعرب إخوان العقيدة واليقين
في صمتهم متواطئون ..
بدمائنا لا يعبأوون !؟
حقاً تبلّد فيهم الإحساس ..
غاض البأس !
أُتخمت البطون ..
والبعض فوق جراحنا يتراقصون !؟
* * *
ومضت ثوانٍ ثم فاضت روحها ...
صعدت تناجي ربها
تدعوه يكلأ طفلها ..
يحميه من بطش اليهود
وقصف نيران اليهود
وكيد أعوان اليهود
حتى يحرّر قدسه ودياره ..
من بطش رعديدٍ حقود !
* * *
فإلى متى هذا الصدود !؟
يا عُرب : يا أهل المروءة والحميّه !
يا عُرب : لِم نرضى الدنيّه ؟!
وأين قعقعة السلاح ؟
أين الدما بعروقكم ؟
ومتى توقف نبضها ؟
ومتى تخدّر هامكم ؟!
حتى تطأطىء لليهودْ !
أو ليس للأقصى جنودْ ....؟
هل سورة الطغيان صارت كالقضاء ...
بلا حدودْ ......ولا قيودْ !؟
* * *
يا أمتي : بُحّ النداء ...
ضجّ الملائكة الشهودْ !
يا أمتي : من للفداء ؟ .....
أين الصهيل... وأين تكبير الجنودْ ؟
يا أمتي : هذي حصون الدّّين عُورٌ... من يذودْ ؟!
هلا نذود عن الحمى خصماً لدودْ !
يا أمتي : أين الرّجال ....
وأين زمجرة الأسودْ !؟