غداً .. سيأتي الصباح !

غداً .. سيأتي الصباح !

لمياء الرفاعي

يا جراحي .. لا تجزعي يا جراحي

هي روحي وجنّتي والأقاحي

هي عمري .. وهبتُ عمري فداها

لا تبالي إن أُفرِغتْ أقداحي

علّليني أموتُ فوق ثراها

واحضنيني في سهلها والبطاحِ

وَدَعيني ما بين نورٍ وظلٍّ

أحتويها في أضلعي وجناحي

واحمليني ترنيمةً في رُباها

في ذراها أهيم كالأرياحِ

وانثريني جرحاً ونوراً ومعنى

وقلوباً تئنُّ بالأتراحِ

ونفوساً تأبى الحياةَ بذُلٍّ

قد سباها .. كالمركبِ المُستَباحِ

ويقيناً في كل قلب ، سيحكي

كيف تسمو النفوس في الألواحِ

كيف تصحو رغم الدياجي عيونٌ

وقلوبٌ على هدير الكفاحِ

كيف يغدو ليل الأسود وعوداً

ويموجُ الدُجى بعصف الرياحِ

وتهبُّ الزنود .. عزماً أبيّاً

يتحدّى القيودَ بالأرواحِ

كيف يغدو طعمُ الحِمام رحيقاً

وقرارُ الحياة في الأقداحِ

كيف يغدو صمتُ الظلام جحيماً

يتلظّى .. كالبارق اللّماحِ

كيف تُشوى الرجالُ دون حماها

وتُصادُ النسورُ في كلّ ساحِ

كيف يغدو دمُ الطفولة جرحاً

يتلوّى على ثغور الأقاحي

وتنادي بين الطلول جراحُ

ويهيمُ الصغار .. كالأشباحِ !

في خطاها، في موكب النور أمضي

فانسجي لي من الشموع وشاحي

واكتبيني فوق الغمام سطوراً

وارسميها بأدمعي وكفاحي

واحمليني بين الصفوف لواءً

واسكبي لي من كأسها أفراحي

إنّ للحقّ صرخةً قد حباها

صفحةَ المجد في دروب الكفاحِ

فاستطالت دون الغمام وقامت

وسناها يضيء ألف صباحِ

وصداها في العالمين نشيدٌ

يتعالى في نائحات الرياحِ

ولَغَاها لسانُ شعبٍ أبيٍّ

يتفانى في عطرها الفوّاحِ

صفَحاتٌ من الفداء تسامت

يؤخذ الحقُّ من أنين الجراحِ !

هو فجرٌ .. يُطلّ يوماً وحقٌّ

يتجلّى على رؤوس الرماحِ

هو نورٌ .. رغم الظلام سيأتي

وشموسٌ تعود بالأفراحِ

هو دربٌ بالخالدين تسامى

وربيعٌ .. رغم المدامع ضاحي

هو صوتٌ من الكواكب نادى

سوف تمحو الدُّجى عيونُ الصباحِ

كم تعالى فوق القيود جَناحٌ

صيحة الحقّ سيفُ ذاك الجناحِ!