عيون المها
10تشرين12009
د خليل إبراهيم عليوي
د خليل إبراهيم عليوي
كتبت في الذكرى الخامسة لسقوط بغداد على يد مغول العصر (امريكا) معارضا بها القصيدة الشهير عيون المها بين الرصافة و الجسر لعلي بن الجهم
عـيـونُ المها غابتْ عن النهْرِ و و لا عـادت الشطـآنُ ورداً لظـامـئ صـواريخ أمريكـا و غـاراتُ قصفهـا و روَّعَتِ الغـاراتُ حبلـى فأجهضـت ْ و قد أرعبَ القصفُ الصغارَ و راعَهـم يـلـوذُ بمـن ترعـاه مرتبكـا كـمـا و يـقفز مفزوعا مـن النـوم صارخـا و تـنهـض أمٌّ لا تــزال دموعُـهـا و قـد حاولـت إخفـاءَ آثـارِ خوفهـا و قـد راعَهـا مـا كـان روّعَ طفْلَهـا إذا حـاول الـمحتـلُّ تحطيـم عزمِهـا و قـد جفت الآمـال و هـي عريضـة فـثارت قوافي الشعـر و هـي عنيفـة إذا الـشعـر يومـا شـاء شيئـا فإنـه فينهـض ثـوار و يـرجـز فــارس و قـد سقطـت بغـداد وهـي عزيـزة و قـد أصبحـت بغـداد رغـم عراقـة و قـد حام في بغداد غـولٌ مـن الخنـا و سـارع فـيهـا مـن تأبـط شــره و لـم تنفع الأعذار مـن هـد مجدهـا و مـا زالـت البلـواء تطحـن أهلهـا غـرائبُ لـم تسمـع شعـوب بمثلهـا قـد امـتـلأت خوفـا وكانـت أمينـة و تـدخل ما قـد شئـت منهـا مُكرَّمـا تـنـام قريـر العيـن فـي جنباتـهـا تـمـر بـك الأيـام فيـهـا سريـعـة تـطوف بها سكران من فـرط حسنهـا فـلا الأنس يحلو فـي مريـر احتلالهـا و لا الـود يصفـو للـذي خـان أهلـه جـراح العـراق لا يــزال نزيفـهـا و قـد جـرب الغـازي وسائـل خبثـه فـخـاب و لـم تفلـح حبائـل مكـره سـتبقـى ليـوث الرافديـن تذيقـهـم و قد مرت الخمس العجاف ولـم تـزل تـتابعـت الأحـلامُ فيـهـا كريـهـةً و كـم حـاول العـدوان فـكّ أواصـرٍ و قـد قسّموا شعـب العـراق طوائفـا فـقد أفشـل الأبطـال مفعـول سحـره ستلفظ هذي الأرض مـن خـان أهلـه و بـغـداد كالعنقـاء تبعـث نفسـهـا مـتى تقلبيـن الأرض فـوق رؤوسهـم | الجسْرفـما عادَتِ الأجواءُ خلْـواً مـن و لا عـادت الساحاتُ أمناً لـذي وِطْـر (جَلَبْنَ الردى من حيث ندري ولا ندري) و قـدْ أحرقتْ أرضَ العراقِ بـلا عُـذر كـثيرٌ من الأطفالِ يبكـي مـن الذُعـرِ تـلوذ بغاثُ الطير من هجمـة الصقـر سـيذبحني المحتلُّ ذبحـا مـن النحـر تـبـدِّدُ أستـارَ الظـلامِ مـن القـهـر و قد ضمَّتِ المسكينَ ضماً إلى الصـدر و لكنّهـا أبـدت جبـالا مـن الصبـر أرتْـهُ ثـباتـاً لا يليـن مـع النـقـر و أورق يـأس فـي مرابعِنـا الخضـر تـذيقهُمُ الويـلاتِ مـن لعنـةِ الشعـر يـقيـم لـه الدنيـا و يحييـه كالقطـر و تـنتفض الأرجاء كالموج في البحـر و قـد كان أبناء العروبـة فـي سكـر خرائـبَ فيهـا البـومُ ينعـب للفجـر و قـد عاثَتِ الأشرارُ في ربعِها الطهـر و أثـبتَ فـي إيمانِهـا خنجـرَ الكفـر فقد أُخُذِتْ بغـدادُ جـوراً علـى جـور كـما تطحن الطاحونة الصخر بالصخـر و لا خـطـرت يومـا ببـال ولا فكـر تـسـير بها الركبان في النهـر و البـر و تفرح فيك الأرض قبل الـذي يقـري و تـنعـم مسـرورا بآلائهـا الكـثـر و لـم تدرِ كم يومٍ قضيت مـن الشهـر و تـسـعد فيهـا لا تمـل مـن السيـر و قد حالت الأحوال طورا علـى طـور و مـن عاون الأعداء ليس بـذي عـذر -وقـد اتعب الآسين- مندفعـا يجـري لـيثنِيَ عـزمَ الثائريـن عـن الوطـر و كـيف يهون الاحتـلال علـى الحـر مـن الحرب ألوانا مـن الكـر والفـر ثـقالاً و مازالت تعـضُّ علـى الجمـر بـبغـداد روح للتـحـدي و للنـشـر تـشدُّ زمامَ الشعب في السـرِّ و الجهـر لـيـزرعَ فـي تفريقِهـم بـذرة الشـر و راح هـباءً ما أحاكـوا مـن المكـر و يـطعمـه التاريـخُ مزبلـة الـدهـر و تـنهض من بين الرماد علـى الفـور و نـرفـع أعـلام التحـرر و النصـر | الغـدرِ