مَعَ بَغْدَاد : وَجْهَاً لِوَجْه

مَعَ بَغْدَاد : وَجْهَاً لِوَجْه

د.محمد بسام يوسف

[email protected]

بسم الله الرحمن الرحيم

إنها كلماتُ قلبٍ خرجَت من بين الركام والحرائق والأهوال.. كلماتٌ تعبّر عن لقاءٍ مباركٍ بين الوطن وأبنائه.. بين بغداد وعُشّاقها.. لكنه لقاءٌ مفعَمٌ بالحديد والنار والعتاب والعذاب.. لقاءٌ في زمن الاحتلال.. في زمن الخراب والدمار.. اللقاء الذي تحوّلَ فيه النور إلى نار، والهدوء إلى كارثة، والأمن إلى أزيزٍ ودويٍ وفوضى، والحُبُّ إلى أشدّ درجات الكراهية!..

لكن مع ذلك.. مع كل ذلك.. فلا مستقبل للاحتلال.. ولا للظلم.. ولا للنهب والدمار.. فبغداد على مرّ التاريخ نهضت من بين الركام لتجدّد نفسها، ولتصبح أشد ألقاً، وأسطعَ نوراً، وأقوى عزيمةً وشكيمة.. فقد اندثر بالأمسِ كل المحتلّين، وكل المارقين، وكل المأجورين، وكل السفّاحين، وكلّ المعتدين.. لكنّ بغداد الرشيد والمنصور بقيت.. وستبقى.. دُرّةَ الكون، ومعشوقةَ العاشقين، وموئلَ الأحرار ووطَنَ الأكرمين!..

لم يتوقع أحد من الناس، أنّ مخالب الوحوش سترتكب كل هذا الحجم من التدمير والتخريب.. كنا نعرف أنهم همجيون يعيشون في القرن الحادي والعشرين.. لكننا لم نكن نقدّر حقيقةً حجم همجيّتهم وتخلّفهم وحقدهم ولصوصيّتهم.. وهذه بالضبط هي المزايا التي ستعجّل في نهايتهم بإذن الله، كونوا على يقين.. فنحن على يقينٍ لا يتزعزع!..

 *     *     *

بِـشَـوْقِـيَ  جِـئْتُكِ يَا بَغدَادُ iiمُنْهَكَاً
هِـيَ  ذِي جِـراحَـاتِي الَّتي iiخَبَّأتُهَا
لا  تَـرْمُـقِـيـنِـي يَا حَبيبَةُ iiهَكَذَا
لا  تُـنـكِـريـنِي يَا ابْنَةَ العَمِّ iiالَّتي
بَـيْـنَ جَـفْـنَيْكِ خُذِينِي يَا iiحَبيبَتِي
*                *               ii*
مَـاذا  أقـولُ يَـا وَطَنَ الرَّشيدِ iiهُنَا
أيْـنَ الَّـذيـنَ يَـسْـتَضِيفُونَ iiهَمَّنَا
أيْـنَ الـعَـصَـافِـيرُ المغَرِّدَةُ iiالَّتي
أيْـنَ الـنُّـجُـومُ الـمُلألأةُ iiاللَّوَاتِي
أيْـنَ  الأزَاهِـيـرُ الـمـلوَّنَةُ iiالَّتي
أيْـنَ الضِّفَافُ الخُضْرُ مَا بَرِحَتْ هُنَا
وأيْـنَ الـحَـمَامَاتُ البِيضُ iiاللَّوَاتِي
*                *               ii*
بَـغـدَادُ  .. يَـا شَهْدَ البِلادِ iiجَمِيعِهَا
أوَّاهُ  يَـا أرضَ الـخِـلافَـةِ iiنُورُهَا
بَـغـدَادُ  .. يَـا أمَّ الـجِبَاهِ الشُّمِّ iiيَا
يَـا  مَـوْطِنَ الأحْرَارِ هَلْ مِن iiدَمْعَةٍ
بَـغـدَادُ مَـاذا سَـأكتُبُ وَفِي iiدَارِي
بَـغـدَادُ يَـا دَارَ الـسَّـلامِ iiتَـحِيَّةً
*                *               ii*
مِـن  مُـهْـجَتِي أنسَلُّ يَا بَغدَادُ iiسَيْ
هِـيَ  ذِي حَـضَارَةُ غَرْبِهِمْ iiبِظَلاَمِهَا
لَـمْ يَـبْـقَ في الدُّنيَا سِوَى iiأحْقَادِهِم
بِـالأمْـسِ  كَـانتْ أرضُهُمْ بِكِ iiجَنَّةً
أرْضَ الـرَّشـيـدِ إلَيْكِ جِئتُكِ iiمُتْعَبَاً

























أجْـتَـرُّ  أحْـزَانِـي وطُولَ iiغِيابِي
عَـبْـرَ  السِّنينِ .. وهَؤلاءِ iiصِحَابِي
مَـا  آنَ يَـا عُـمُـرِي أوَانُ iiعِتَابِ
شُـغِـفْـتُ بِـهَا كَمَا شَغَفِي بِأحْبَابِي
فَـلَـطَـالَـمَا  ضَمَمْتُكِ بَيْنَ iiأهْدَابِي
*                *               ii*
فـالـطُّـهْـرُ  مَمْزوجٌ بِجُلِّ iiخَرَابِ
لـيُضَمِّخُونَا  بِعِطْرِ هَذَا التُّرَابِ ii؟!..
مَا زَالَ شَدْوُهَا يَحِنُّ فِي خِضَابِي ؟!..
مَا  يَزَالُ نورُهُنَّ يُضِيءُ شَبَابِي ii؟!..
يَفُوحُ  عَبِيرُ رَحِيقِهَا فِي رِحَابِي ii؟!..
تَـرتَاحُ  بَيْنَ النَّخِيلِ والأعْنَابِ ii؟!..
يَـشْـمُـخْنَ فَوْقَ مَآذِنٍ وقِبَابِ ii؟!..
*                *               ii*
يَـا مَـوْئِـلَ الأرْوَاحِ والأطْـيَـابِ
حَـجَـبُـوهُ عَنْ شَعْبِي بِألْفِ iiحِجَابِ
بِـنْـتَ  الـعُلا أرْدَاكِ طَعْنُ iiحِرَابِ
تَجْرِي  بِرِفقٍ عَلَى خَدِّ السَّحَابِ ii؟!..
دَوِيُّ الـقَـذَائِفِ وأنيَابُ الذِّئابِ ؟!..
وَطَـنُ  الحَضَارَةِ عَجَّ بِالأَذْنَابِ ii؟!..
*                *               ii*
فَـاً بـاحـثـاً عَـن أمَّـةِ iiالأحبَابِ
شَـعَّـتْ  عَـلَـيْكِ بِظُلْمَةِ iiالإرْهَابِ
قَـدْ سَـعَّـرَتْـهَـا شِرْعَةُ iiالأعْرَابِ
والـيَـوْمَ قَـد سَـامُوكِ بَحْرَ iiعَذَابِ
وسَـوْفَ  أبْـقَـى مُـتْـعَبَاً iiبِذَهَابِي