لَحْظَتَا حُلْم
لَحْظَتَا حُلْم
(إلى روح الشهيد الفنان ناجي العُلَيْ)
شعر: صلاح الدين غزال -
بنيغازي/ليبيابَابٌ وَطَرْقٌ وَاقْتِحَامْ
لَيْلٌ وَطِفْلٌ سِيقَ
فِي أَوْجِ الظَّلاَمْ
وَبُكَاؤُهُ لَمْ يَسْمَعُوهْ
وَأَمَامَ عِلْجٍ ..
مِنْ رُمُوزِ الدَّوْلَةِ
مِنْ دُونِ جُرْمٍ أَوْقَفُوهْ
مَنْ أَنْتَ مَا اسْمُكَ مَنْ تَكُونْ ؟؟
وَمَاذَا تَحْمِلُ فِي يَدَيْكْ ؟؟
أَجَابَ وَالآلاَمُ تَكْسُو جِسْمَهُ
وَالغِـلُّ يُدْمِي سَاعِدَيْهْ
قَدْ كُنْتُ أُدْعَى ..
قَبْلَ إِرْسَالِي إِلَيْكُمْ حَنْظَلَهْ
وَلَسْتُ أَدْرِي هَلْ سَأَحْمِلَهُ
مَعِي بَعْدَ الخُرُوجْ
كُنْتُ صَغِيرَ السِّنِّ
إِبَّانَ اغْتِيَالٍ فِي المُرُوجْ
كَانَ أَبِي ذَاكَ القَتِيلْ
وَمَا بِكَفِّي رِيشَةٌ
أَهْدَاهَا لِي قَبْلَ الرَّحِيلْ
وَكُلُّ جُرْمِي سَيِّدِي
أَنِّي غَفَوْتُ لِلَحْظَتَيْنْ
فَانْتَابَنِي حُلُمٌ غَرِيبٌ
لَيْتَنِي مَا خُضْتُ فِيهْ
بَعْضُ السُّيُوفِ ..
هُنَاكَ فِي القَصْرِ المُنِيفْ
تَعَاوَرَتْ جَسَدَ الخَلِيفَةِ ..
فِي الخَفَاءْ
فَهَوَى عَلَى البُسُطِ المَوَشَّاةِ
تُضَرِّجُهُ الدِّمَاءْ
وَخَرَّ مِنْ أَعْلَى أَرِيكَتِهِ
وَلَمْ يُبْدِ حَرَاكا
وَغَلَّتِ الأَقْنَانُ بُرْدَتَهُ
وَخَاتَمَهُ العَتِيقَ وَصَوْلَجَانَهْ
وَبَايَعُوا رَجُلاً سِوَاهُ
وَأَجْلَسُوا العَاتِي مَكَانَهْ
صَمْتٌ مُرِيبٌ ..
قَدْ حَوَى تِلْكَ الرِّحَابْ
ثُمَّ صُرَاخٌ وَسِيَاطٌ مِنْ عَذَابْ
سَنُذِيقُكَ الوَيْلاَتِ حَتَّى تَعْتَرِفْ
مَنْ هَؤُلاَءِ المُجْرِمُونْ ؟؟
فَالحُلْمُ لَمْ يَأْتِ هَبَاء !!
لاَ بُدَّ أَنْ قَدْ سَوَّلَتْ ..
لَكَ هَذِهِ النَّفْسُ الأَمَانِي
وَمَقْتُكَ المَكْبُوتُ فِي اللاَوَعْيِّ
لَنْ يَضْحَى حَقِيقَةْ !!
مَا دُمْتُ أَجْلِسُ فِي مَكَانِي
قَدْ كَانَ أَجْدَى ..
لَوْ تَأَمَّلْتَ خِزَانَتَكَ الكَئِيبَةْ !!
وَخُلْتَ سَاحَتَهَا تَعُجُّ ..
بِكُلِّ مَا لَـذَّ وَطَابْ
وَرَأَيْتَ فِي ذَاكَ المَنَامِ
الخُبْزَ يَطْرِقُ كُلَّ بَابْ
وَبِأَنَّ جِسْمَكَ مُكْتَسٍ ..
ثَوْباً يُجَنِّبُكَ العَرَاءْ
مَاذَا إِذَا كُنْتَ غَفَوْتَ ..
لِسَاعَةٍ أَوْ سَاعَتَيْنْ !!
لَحَلُمْتَ أَنَّ تَمُرُّداً ..
يَجْتَاحُ أُمَّتَنَا السَّقِيمَةْ !!
وَأَنَا وَأَمْثَالِي ..
جُلُوسَ القُرْفَصَاءِ
عَلَى الرَّصِيفْ
نَسْعَى لِنَقْتَنِيَ الرَّغِيفْ
وَلَدَيَّ أَطْفَالٌ صِغَارٌ
مِثْلُ أَفْرَاخِ الحَمَامْ
فِي مِثْلِ سِنِّكَ هَذِهِ
لَكِنَّهُمْ لاَ يَحْلِمُونْ
وَلاَ مَعِيلَ لَهُمْ سِوَايْ
قَدْ كَانَ ذَاكَ العِلْجُ ..
مَوْلَىً لأَمِيرِ المُؤْمِنِينْ
سَبَوْهُ فِي بَعْضِ الفُتُوحِ
وَهْوَ طِفْلٌ لاَ يَزَالْ
وَاكْتَشَفُوا فِيهِ الخُنُوعَ
فَأَعْتَقُوهْ ..
جَعَلُوهُ سَيْفـاً
مِنْ سُيُوفِهِمِ العَظِيمَهْ
وَقَلَّدُوهُ سَادَتِي أَعْلَى المَنَاصِبْ
فَصَارَ عَيْناً لِلخَلِيفَةِ لاَ تَنَامْ
يُجِلُّهُ المُتَمَلِّقُونْ
وَهْوَ مِثَالٌ يَحْتَذِي ..
مَنْهَجَهُ المُتَزَلِّـفُونْ
وَبِجَنْبِهِ سَيْفٌ وَنَطْعٌ
فَوْقَهُ كُتَلُ الرِّقَاعْ
جَاءَتْهُ مِنْ كُلِّ البِقَاعْ
مِنْ فَاعِلِيِّ الخَيْرِ
يَحْمِلُهَا مَعَ الصُّبْحِ البَرِيدْ
عَيْنَاهُ غُوِّرَتَا ..
كَبِئْرٍ صَدِئٍ لاَ مَاءَ فِيهْ
وَبِرَأْسِهِ شَجٌ ..
يُعِيدُكَ أَلْفَ عَامٍ لِلوَرَاءْ
وَعَلَى مَلامِحِهِ العُبُوسْ
وَوَجْهُهُ يَتَطِيَّرُ الشُّؤْمُ ..
بِهِ قَبْلَ النُّفُوسْ
فَهَلْ سَيُشْفِقُ حِينَمَا
يَبْكِي صَغِيرُكُمُ أَمَامَهْ !!
قُلْ وَاعْتَرِفْ ..
مَنْ هَؤْلاَءِ المُذْنِبُونْ ؟؟
وَمَنْ يُمَوِّلُ مَا نَوَوْهْ ؟؟
وَمَنِ الَّذِي يَوْمَ البِسَاطِ ..
بِلاَ حَيَاءٍ بَايَعُوهْ ؟؟
صَمْتٌ وَهَمْسٌ
ثُمَّ بَوْحٌ وَاعْتِرَافْ
مَوْلاَيَ إِنِّي قَدْ سَمِعْتُ ..
صَلِيلَ سَيْفِكُمُ الهُمَامْ
يَهْوِي عَلَى ظِلِّ الإِلَهِ ..
بِأَرْضِهِ وَسَطَ الظَّلاَمْ
وَبِكَفِّكُمْ هَذِي الأَثِيمَهْ
قَدِ اقْتَرَفْتُمْ فِي المَنَامِ
بِحَقِّهِ تِلْكَ الجَرِيمَهْ
بُهِتَ الَّذِي كَانَ يُدِيرُ الجَلْسَةَ
حَتَّى تَمَلَّكَهُ الذُّهُولْ
مُتَوَقِّدَ الأَحْدَاقِ
قَدْ دُقَّتْ بِسَاحَتِهِ الطُّبُولْ ..
وَبَعْدَ تَفْكِيرٍ قَصِيرٍ ..
لَمْ يُجَاوِزْ لَحْظَتَيْنْ
مُتَلَفِّتاً ..
فِي الْغُرْفَةِ الصَّمَّاءِ ..
خَوْفـاً يَرْتَجِفْ ..
وَهَامِساً ..
فِي أُذْنِ ذَاكَ الطِّفْلِ ..
أَنْ قُمْ وَانْصَرِفْ:
(أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ ..
وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلٍ ..
لأَحْلاَمِ الرَّعِيَّةِ عَالِمِينْ) !!