صيحةٌ.. في السَّراب العربيِّ إلى أخي العراقيّ..!

فيصل بن محمد الحجي

صيحةٌ.. في السَّراب العربيِّ إلى أخي العراقيّ..!

شعر : فيصل بن محمد الحجي  

(جُنّ) فعل ماض مبني للمجهول.. ولم يبن للمعلوم لأن الجنون يقع على الإنسان بغير اختياره.. ولكن الناظر إلى ما يعصف بالمسلمين من أحداث في فلسطين والعراق وكشمير والشيشان وغيرها.. قد يجد نفسه مرغماً على أخذ زمام المبادرة وممارسة الجنون –عمداً- بقراره واختياره.. وهكذا يتحول الفعل المبني للمجهول إلى فعل مبني للمعلوم، لعله ينجز ما تقرّ به عيون قوم مؤمنين ولو لم يرض (سيبويه)..! ولا يخفى عليكم أننا نقصد هنا (الجنون) بمعناه المجازي لا الحقيقي.

(جنّ) يا ابن الليثِ واللبوةِ (جنّ)      (جِنَّ).. فالعقلُ فينا من يُجَنّ

(جِنّ).. واسترجعْ تقاليدَ الـفِدا       وتحدَّ البغيَ من إنسٍ وجـنّ!

وامتشق سيفَ التحـدّي .. إنما       هذه الكـفُّ إلى السيفِ تحنّ

طالـتِ الفُرقـة ما  بيـنهـما       ولـهذا أمـتي لـم تطمـئن

 *  *  *

يا شهـاباً شـعّ فـي ظلمتـِنا      سحقَ العارَ الذي فينا سكـنْ !

صفـعَ البـاغيَ  في عـزّتـه      وأماتَ الكِـبرَ فـيه ودفـنْ !

الفـتى الأعـزلُ في جُـرأتـهِ      أوردَ العلجَ الدَّواهي فانطحنْ !

و (الأبتشي) مرّغوها في الثرى      برصاصٍ نـدَّ  من زندٍ خشنْ!

ذلك البـاغي أتـانـا  يدَّعـي      أنـه يرجو لنـا  كلّ حسـنْ!

ما أرى إلا دمـاراً.. عجـبـاً      هل بذا التدمير يحمون الوطنْ!

حمـمٌ تهـوي علـيهـا حمـمٌ      ولهيبُ النار للصّـخر عجـنْ!

رُبَّ طفـلٍ ذابَ في نـيـرانها      ورمـادُ النـار قبرٌ وكَـفـنْ!

رُبَّ شيخٍ  قد تهـاوى صَعـِقاً      من دويّ و ارتـعـابٍ وحَزنْ!

إن هوى الصاروخُ  في بيدائها       يقشـعرُّ الجـلدُ منه في (عَدَنْ)!

قد أحـبونـا .. لهـذا أقبـلوا      بابتسـاماتٍ يُغـشّـيها الدَّخَـنْ

قد أحبّونا  .. أحبّـونا .. لـذا      أغرقـونـا بالمآسي و المِـحن!

تلكَ (إسرائيلُ ) مـن أفضالهم      نـبـعُ شـرّ وفسـادٍ وفـتـنْ

شاهَ أوغـادُ حضاراتٍ بغَـت       تزرعُ  الأفكـارَ في وحـلٍ أسنْ

لا تقلْ: هذي حضاراتٌ، وقلْ:     هذه الحسـنـاءُ خضـراءُ الدّمنْ

زعـموا مـا زعموا من قيـم     لم تكن في وجـهـهمْ غيرَ دَرَنْ

ما رأى التاريخُ  رجساً ظاهراً     كـحضاراتِ غـرورٍ وإحَــنْ

قبلكمْ شدنا  حضاراتِ الهُدى       و نهـضنا في بدايـات الزمـنْ

أينَ كنتمْ  يومَ سابقنا  الورى       وبنى صرح المعـالي ذو يـزنْ؟

أين كنتمْ  يومَ وافانا الهُـدى       ودعـا (الهادي) إلى خيرِ السُّننْ؟

يـوم كنتمْ في دياجي جهلكمْ       كقطيع  الوحـش  من غير رسَنْ

 *  *  *

إيهِ.. يا بـغدادُ لا تستسلمي       وارجمي الباغي بأصنافِ المِحَنْ

لا تُراعوا با أخـلاءَ الهُدى       إنـما  المحنة فيـنـا كالمسَـنّ

تشحذُ الهمـّة لـمّا صدئت       وتُـشبُّ العزمَ فـي كلّ!ِ البّدّنْ!

كُفَّ يا شعريَ.. إني خجلٌ        من إغاراتٍ عـلى الباغي تُشنّ

لستُ فيها لستُ من أبطالها        لم أبـادرهـا برمـحٍ ومجـنّ

صاغني الرحمن حراً شامخاً       فَـلِمَ الـعيشُ  ذليلاً  مثلَ قِنّ؟

يـا بـني قومي أفيقوا.. إنما      هـذه  الـسّكينُ  للـكلِّ  تُسَنْ

إن غـدَت بـغدادُ من أملاكهِ      فـغـداً يطلبُ صنعاءَ اليمنْ !

إن قسا ابنُ العمِّ في عـدوانه      إنـه أهـونُ مـن علجٍ  أصَنّ

ينـشرُ الفـحشاءَ في أشرافنا       ويظلُ الشعبُ فـي قيد  الوثن

إنهـم أحـفادُ (نقـفور) أتوا      كي يُروّوا الحقدَ من  بحر الفتنْ

(رُبَّ  وامعتـصماهُ انطلقت)      فـأضـعناها بصحراءِ  الوَسَن

هل ثرى في قومنا (مُعتصِماً)      يسمعُ الصيحة أو يجلو الحَزن؟

أيـغني العـربُ في أفراحهم      وأخـو البَلوى بـبغدادَ يـئنّ؟

فإلى الهـيجاءِ  يا شِبلَ الوَغى     فـعلى الأوطانِ أنتَ المُـؤتمنْ

واحمِ بغـدادَ (الرشيد) المُبتلى      بأذى الأخبار عن جيل السِّمَنْ

بـل هُما جيلان: جـيلٌ خائرٌ      فتـنـتْهُ  شـهواتٌ فـمَـجَنْ

وهنا جيـلٌ عفـيفٌ طـاهرٌ       يطلبُ الجنّة.. يُـغليها الثـمنْ

كالـرشيدِ اغتاظ.. أو معتصمٍ      إن تمادى العِلجُ سمّى وَطَعـنْ

فإلى الهَيجاءِ يـا جـيلَ الهُدى     سِـرْ بنا نحو العراق الممتحَنْ

واحم بغدادَ المعالي.. وانـتصرْ    للسانِ (الضّادِ) من علجٍ رَطَنْ

فاحمِها واحمِ مـناراتِ الهُـدى     إن تخـليتَ فمنْ يحمي إذنْ!؟