بهَاءٌ في الدُّجَى

د. محمد ياسين العشاب

د. محمد ياسين العشاب - طنجة/المغرب

[email protected]
أَيُّ  أنـوارٍ بَـدَت في iiالغَلسِ
آنَـسَ الرُّوحَ بَهَاءٌ في iiالدُّجَى
مـا  رَأى حِسِّي جَمَالاً iiكالذي
فـإذا  الأُفْـقُ جَمَالٌ iiوالثرَى
وجـمالُ القلب أجْلَى من iiسَنًا
أَيُّ  خَيرٍ فاض فيها بالهُدى ii؟
وبـنـورٍ  منه زانت iiبالنُّهى
سَـطَعَتْ فالأرضُ من iiآلائها
مِـنْ  ظـلامٍ لِـضياءٍ iiباهرٍ
هُـوَ نُـورٌ جاء بالنور iiهُدًى
وهَـدَى الـدنيا بهَدْيٍ iiواضِحٍ
غَـمَـرَ الأرضَ سلامًا iiخالدًا
هـو  عِـزٌّ سـاقـه الله iiلنا
*             *            *
يـا فؤادي، قد تَوَخَّيْتَ iiالمُنَى
سَـرَقَ الـحُزْنُ نفوسًا iiغرَّها
وَجَـدَت  فـيه الليالي iiخرُسًا
إذ رَمـتْـهَـا فأصابَت iiمَقْتلاً
فَهَوَتْ  عن عِزِّها iiواستسلمَت
وانْـحـنَـتْ ذُلاًّ لعهدٍ iiحَالكٍ
مـا  أَحَسَّت يوم أرخى iiسِترَهُ
إِنْ يَجِدْ في الأرض خيراً يُخْفهِِ
وادَّعى  زورًا حُقُوقًا iiفاعجَبُوا
رَوَّعَ  الـعـالَـمَ من iiطُغيانه
فـإذا  الأمـنُ هـباءٌ iiضائع
*             *            *
رَبِّ فاهْدِ الأرضَ بالهادي iiولا
هـو  حـبل الله من يَظْفَرْ iiبه
رَفَـعَ  الله بـه مـن iiجـاءَهُ
عَـجِبَ  القلب لشمسٍ سَطَعَتْ
عَـبَـرَتْ عينايَ إذ iiأبصَرتُها
مـا ظـنَنتُ الدَّهرَ يُعلي iiشأنَه
وظَـنـنـتُ الـشرَّ في iiإبَّانه
مـا  حَسِبْتُ الصدقَ حَيًّا iiبيننا
رحـمـةُ الله تَـجَلَّتْ فاسعَدِي


































وعُـيُـونٍ فُجِّرَتْ من يَبسِ 1
جَـالَ في نَفْسِي وصَفَّى iiنَفَسِي
أثْـلَـجَ  الـصَّدْرَ بهذا iiالأُنسِ
جَـنَّـةٌ  زانـت بأبهى iiمَلْبس
مـثل  طَيف إنْ يَبِنْ لا iiيُؤْنِس
فـإذا الـكـونُ به في iiعُرُس
وبـغـيرِ  النورِ لم يَنْبَجِسِ ii2
رَفَـلَتْ في حُلَّةٍ من سُنْدُسِ ii3
قـد حَـبَاهُ الحُسْنُ أزهى قَبس
مُذْ أتى بالوحي روحُ القُدُسِ ii4
فـاهْتَدَتْ للخير أزكى iiالأنفُس
لـم يَـذَرْ فَضْلاً بها لم iiيَغرِسِ
وأبَـيـنَا  نَيْلَ عِزٍّ أَقعسِ ! ii5
*             *            *
فـارْجُـهُ  مـن مَهدِهِ واقْتَبسِ
زَمَـنٌ  لـم يَـشْفِهَا من iiدَنس
مـنـه هَامَتْ في لَيَالٍ iiخُرُس
بـهـوانٍ  مَـنْ يَصدْ iiيَفْتَرِس
لـظـلامٍ  صامتٍ لم يَنْبس ii6
تَـعِـسِ  الـحَظِّ وحالٍ iiتَعِس
لـيـلُ  مُـحتَلٍّ عليها iiشرِسِ
أو يَـجِـدْ فـيها سلامًا يدُ iiسِ
لِـدَعَاوَى  المُسْتَبِدِّ النَّكِس ِ! ii7
وتَـخَطَّى  رُشدَه من هَوَسِ ii8
قـد  أَتَـى بُـنيانَهُ من iiأُسُس
*             *            *
تَـذَرِ الـشـر بـها لم iiيُكْنسِ
يَـعْـتَـصِم حُبًّا ولا iiيَسْتَيْئِسِ
لـفَـخَـارٍ مـثْـلُه لم iiيُلْمسِ
فـي سـمـاءٍ نُورَها لم تَأْنَسِ
بـفـؤادي  فـي زمانٍ iiمُفْلِسِ
وسُـمُـوَّ الـعـدل لم iiيَنْتَكسِ
ساد  فينا من عُصُورٍ دُرُسِ ii9
وصُـرُوحَ الـخير لم iiتندرِسِ
أُمَّـةَ  الـهـادي بـعِزٍّ أَقْعَسِِ

اللغة:

(106) اَلغَلَسُ : شِدَّةُ الظلام، من ذلك قول شوقي رحمه الله:

مَن لِنِضوٍ يَتَنَزَّى أَلَما بَرَّحَ الشَوقُ بِهِ في الغَلَسِ

(107) لم يَنْبَجِسْ : لم يَتَفَجَّرْ، أي الخيرُ الذي فاضَ بالهُدَى كالعَيْن، وفي القرآن الكريم : " فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنَا " من سورة الأعراف .

(108) آلاَؤُهَا أي نِعَمُها كقوله تعالى في سورة الرحمان: " فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَان" ، وتعودُ على الجنة في الشطر الثاني من البيت الخامس، ورَفَلَ في حُلَّةٍ جَرَّهَا مُتَبَخْتِرًا ، والسُّنْدُسُ نوعٌ من الديباج أو الحرير ، ومنه قوله تعالى في سورة الإنسان :" عَالِيهِمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَ إِسْتَبْرَق" .

(109) روحُ القُدُس: جبريل عليه السلام ، يقول سبحانه و تعالى في سورة النور : " قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَ هُدًى وَّبُشْرَى لِلْمُسْلِمِين " .

(110) أَقْعَس : ثابت، لابن الأبار من شعره:

لا يَرْتَضي إلا الفُتُوحَ جَلِيلَةً بِحُلِيِّ عِزٍّ أقْعَسٍ وَجَلالِ

(111) لم يَنْبِس : لم يَنْطِقْ أو يَتَكَلَّم، كقول ابن عبدون:

فَأَطْرَقَ لَمْ يَنْبِِسْ بِحَرْفٍ وَلَمْ يُعِدْ إِلَيَّ جَواباً مِنهُ نَظْمًا وَلاَ نَثْرَا

(112) اَلنَّكِس : اَلْفَاشِل.

(113) تَخَطَّى رُشْدَهُ أي تَجَاوَزَهُ، والْهَوَسُ الْجُنُون .

(114) دُرُس: غابِرَات.