نَجْوَى الشياطين
نَجْوَى الشياطين
محمد ياسين العشاب - طنجة/المغرب
[email protected]
قَـالَ الشَّيَاطِينُ: أَنْذِرُوا و لَـيْـسَ يَـنَْفَعُ أن تُرَى هِمَمٌ و مَـنْ يَـنَمْ عَنْ ضَمِيرِهِ أَبَدًا كَـمْ ضَـيَّـعَ الْغَافِلُونَ بُغْيَتَهُمْ و سَـرَّنَـا أَنْ عَـدَوْا بِلَا رَشَدٍ سَـارُوا وَسَارُوا سُدًى بِلَا أَمَلٍ و أَسْـرَفُـوا في طِلَابِ مُنْيَتِهِمْ فَـوَا مُـنَى النفسِ مِنْ تَهَافُتِهِمْ لَـوْ أَنَّـهُـمْ سَارَعُوا إِلَى رَشَدٍ فَـمَـا نَرُومُ إِذَا الْوَرَى رَشَدُوا إِنْ نَـنْـسَ لَا نَنْسَ يَوْمَ مُؤْتَمَرٍ كَـمْ قَـدْ سَعِدْنَا بِهِ وهُمْ سَعِدُوا كُـنَّـا أَصِيلًا نَخَافُ صَحْوَتَهُمْ كَـمْ صَفْعَةٍ جَرَّبُوا و قَدْ رَحَلُوا آهٍ ضَـحِـكْـنَـا عَلَيْكُمُ زَمنًا! فـمَْـرحَـبًـا بِـزَمَـانِ ذِلَّتِكُمْ فـالْيَوْم َ نُغْوِي اجْتِمَاعَكُمْ و غَدًا نُـفُـوسُـكُـمْ زَيَّنَتْ لَكُمْ عَبَثًا حَـتَّـى عَجِبْنَا لَكُمْ وقَدْ فَرَغَتْ و كـيـفَ تَعْدُونَ خَلْفَ مَهْلَكَةٍ إِلَّا و أبـصـاركُـم بـها كَلَلٌ لَـمْ تَـلْـتَفِتْ يومَ أَطْبَقَتْ أُمَمٌ صِرْتُمْ بَنِي يَعْرِبٍ و قَدْ عَصَفَتْ صَـنَـعْـتُـمُوهَا بِنَا و أَنْفُسِكُمْ قُـلْـنَـا لَكُمْ و النُّفُوسُ حَالِكَةٌ رُدُّوا عَنِ الْبَابِ نَاصِحًا وَرِدُوا صَـدِيـقُكُمْ مَنْ سَعَى لِمَصْلَحَةٍ و اسْـتَـعْـمِلُوا كُلَّ مَنْ تَزَلَّفَكُمْ فـلَـيْـسَ يَـنْفَعُ ذُو مُنَاصَحَةٍ كُـنْـتُمْ و كان الزمانُ خَادِمَكُمْ فـأَسْـلِـمُـوا لَهُمُ القِيَادَ و لا إِنِ اعْـتَـدَوْا فالْزَمُوا مَخَادِعَكُمْ هُـمُ الـعُلَا فارْكَعُوا لِحَضْرَتِهَا تَـعَـلَّـمُوا الْجُبْنَ يا بَنِي وَطَنٍ هَـيْهَاتَ في ذَا الزمانِ مَكْرُمَةٌ | الْبَشَرَا!إِذَا اسْـتَحَبُّوا الهدَى كَمَنْ غَبَرَا إِذَا دَعَـاها الْهَوَى هَوَتْ صِغَرا فـقَـدْ كَـفَانَا مِنَ العَنَا صُوَرَا بِـأَنْـفُـسٍ زَادَ كِـبْرُهَا كِبَرَا وَرَا سـرابٍ فـضَيَّعُوا الْعُمُرَا و لا سَـنَـاءٍ مِنَ الرجاءِ سَرَى حـتـى غَدَوْا وَالْمُنَى قَدِ انْدَثَرَا عـلـى الحياةِ ومَنْ بِهَا اقْتَدَرَا لَـمَّـا أَعَـارُوا نُفُوسَهُمْ نَظَرَا و كيف نَحيْىَ إذا الهدى حَضَرَا أَنْـعِـمْ بِـهِ فِي الأَنَامِ مُؤْتَمََرَا بِـأَيِّ ذُلٍّ أَذَاقَـهُـمْ سَـقَـرَا! فَـقَـدْ غَـفَوْا و تَدَثَّرُوا سَحَرَا عَـنِ الـرَّشَادِ و سَافَرُوا سَفَرَا و كَـمْ رَقَـبْـنَا هَوَانَكُمْ عُصُرَا لَـكَـمْ زَمَـانُ الْمَهَانَةِ انْتُظِرَا تـضـيـعُ كُلُّ جُهُودِكُمْ هَدَرَا لَمْ يَقْضِ مِنْ مَأْرَبٍ لَكُمْ وَطَرَا 1 عُـقُـولُـكُـمْ، فَاسْتُلِبْتُمُ النَّظَرَا و تـجـعلونَ الصوابَ مُحتَقرا تَجْفُو صفاءً و تصطَفي كَدَرَا 2 لـيـلاً عَـلَـيْهَا فلَمْ تَذَرْ أَثَرَا بِـكُـمْ خُطُوبٌ تَحَمَّلَتْ خَطَرَا يـا أُمَّـةً قَـدْ تَفَرّقَتْ زُمَرَا 3 و الأُفْـقُ مِـنْ غَيْهَبٍ قَدِ ادَّثَرَا مَـوَارِدَ الْـكِبْرِ تَقْطِفُوا الثَّمَرَا و مَـنْ أَتَـاكُمْ لِيَقْضِيَ الْوَطَرَا و قَـرِّبُـوا مَـاِدحًا و مُفْتَخِرَا و إِنَّـمَـا يَـنْـفَعُ الذي شَكَرَا حـتـى أَتَى بالْهَوَانِ أُسْدُ شَرَى تُصْغُوا لِعَذْلٍ فتَفْقِدُوا الصَّبَرَا 4 مَـنْ ذَا على الأُسْدِ كان مُقْتَدِرَا لـولا الـعـلا ما غَدَوْتُمُ بَشَرَا ذَاقَ الأَمَـرَّيْـنِ مِـنْكُمُ ضَجَرَا تُـرْجَى و قَدْ عَزَّ فيهِ مَنْ قَدَرَا |
اللغة
(1) المَأرَب : فرطُ الحاجةِ المُقتَضِي للاِحتيالِ في دَفْعِه ، فليسَ كل حاجةٍ أَرَبًا، من ذلك قوله تعالى في سورة طه : " وَ لِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى " و قوله سبحانه في سورة النور: " اُولِى الاِرْبَةِ مِنَ الرِّجَال " كنايةً عن الحاجة إلى الزواج ، و أما الوَطَرُ فالنَّهْمَةُ و الحاجةُ المهمة ، ومنه قوله تعالى في سورة الأحزاب : " فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا " .
(2) كَلَلٌ : أي عدمُ قدرةٍ على الإبصارِ الكامِل ، و تَجْفُو تَهْجُرُ الشيءَ و تبتعدُ عنه ، و تَصْطَفِي تختارُ
و تُفَضِّل ، و الكَدَرُ ضد الصَّفْو .
(3) زُمَرًا : جماعاتٍ قليلة ، ومنها قوله سبحانه في سورة الزمر : " و َسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمُ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرا " ، و المعنى في البيت تشتَّتَت فِرَقًا و جَمَاعَات .
(4) أي الصَّبْر ، حُرِّكَتِ الباءُ للضرورة الشعرية .