حبيبيتي حلب

أهواك يا حلب الشهباء فاقتربي  

وعانقيني لأرقى فيك للشهبِ

جذلانُ ، أغزل من عينيك أغنية  

وأسحب المرود الأسنى على هدبي 

من مقلتيك صباباتي ألملمها  

ومن لماك رحيق الطلّ والعنب ِ 

شممت عطرك فواحاً يغازلني  

فغاب روعي ، وعبق العطر لم يغبِ

دعي عبيرك في صدري وفي رئتي 

ألَمُّه في الحنايا عاصف اللهبِ 

ما مرّ طيفك في حلمي فدغدغه 

إلا تشهّيت في زنديك منقلبي 

كم ذا أكابد في عينيك من وَصَب  

وتستطيبين من همي ومن وصبي 

يا درة في ضلوع الصخر طالعة  

يعنولك الصخر في عْجْب وفي عَجَبِ

مدّ الزمان يديه فامنحيه هوى  

في غَمزة الطرف أو في رفة الهدبِ

هبّ التراث إلى لقياك مزدهياً  

فاستقبليه بوجه باسم طَربِ 

توقدّ القلب في نبض وفي دأب 

ورسّخ الخطوفي عزمٍ وفي دأبِ

أكفُّ أحبابك الأغيار حانيةً 

تذود عنكَ طيوف الغيم والتعبِ

* * *

شهباء يا مولد التاريخ منتشياً  

بما منحت هوىً في سائر الحقبِ 

هذا أوانك ، إنّا نُخْبةٌ عشقت  

تراب أرضك منثوراً على الرُحَبِ

تمضي براعمنا والطلُّ يحضنها 

حتى تُفتّح من أوراقها القَشُب ِ

هي الحياةُ سلافاتٌ معتقّة  

بالأمنيات إذا تنبو وإن تُصِبِ 

قد يهرمُ القلبَ في غرّاءِ صبوته  

وقد تشيبُ الرؤى والقلبُ لم يشبِ

مدّي ذراعيك يا شهباء والتقطي  

زُهر النجوم ورشيها على الكثبِ

يظل صرحك مزهواً بهامته  

وذكرك السمح منقوش على الشهبِ

تطاولين الثريا قلعة شمختٌ   

وطاولتها الليالي وهي لم تغبِ

ومن مآذنك الشماء منطلق ٌ   

يوحد الله في فجر وفي غَرَبِ

طوقتِ جيد الدنا مجداً و مكرمة  

حتى غدوت منار الدهر للعربِ

يمضي بنوك شبولاً خطوهم أَمَمٌ   

وسيرهم قَصَدٌ في الجد واللعبِ

نمضي جميعاً يداً، قلباً هوى طرقاً  

وتستضيء بنا أمثولة الحقبِ

هنا تهادى بنو حمدان في عُجُب  

وطوقتهم عيون الدهر في عَجَبِ

وسيف دولتهم ليت الحمى شرفاً 

يذود كيد الأعادي غير مضطربِ 

رأيٌ سديد لفدٍ قائدٍ جَلَل  

يظل يملأ سمع الكون والكتبِ

وقال : يا حلب الشهباء لا تهني  

فأنت واحة أهل الفكر والأدبِ

فأشرق الفكر في كفيه مفتخراً  

بأنه في بلاط السادة النُجُب ِ

قوافل الفكر : فارابي ، خُوارزمي  

صنوبري ، اصفهاني ذورة الرتبِ

كشاجمٌ ، خالويهِ ، وإبن جنيٍّ  

والخالديان ، والنامي وكلُّ أبي 

وفوقهم صقرُهم طرّاً وسيدهم  

أبو المحسّد في الشعر البليغ نبي 

القاهر المتنبي أمسَه وغداً 

ومالئ الكون من إعجازه العربي  

هذا عظيمك يا شهباء ما عرفت  

له العصور رؤىً في البعد والقُرُبِ

ألقى على الدهر في زهْو قصيدته  

فعمّت الكون مثل البرق في السحبِ

شهباءُ نحن بنوك الغرُّ ، مهجتنا 

عشق ، ومقلتنا ترنو إلى حلبِ

إن فاخَرَ القوم في أرضٍ وفي نسبٍ 

إذاً لفاخرتُ أني اليعربي الحلبي

وسوم: العدد 689