سفر الخروج رواية واقعية بثوب النبوءة

رغداء زيدان/سوريا

[email protected]

أول ملف وصلني عبر بريدي الإلكتروني من محمد ذهني كبداية لروايته سفر الخروج كان بتاريخ 15/ 7 / 2006م, أما الملف الأخير فقد وصل في نهاية الشهر العاشر من عام 2009م, استغرق محمد ذهني أكثر من ثلاث سنوات لكتابة روايته الأولى, وهاهي ثلاث سنوات أخرى مرت قبل ظهورها منشورة في كتاب ورقي.

رواية استحوذت على تفكيره, وتلبسته, وكان كلما أمره قلمه بالكتابة ينصاع له دون مقاومة, لكن هذا القلم لم يكن مستعجلاً فالأحداث هي التي كانت تحركه.

عشت معه أطوار الرواية, وتملكتني بأحداثها التي بدت مشوقة وآسرة, رغم أنها محاكاة لقصة موسى وفرعون التي نعرفها كلنا. كنت أشعر أنني أعيش في وسط أحداثها, كأحد أبطالها, أو كمتفرجة مشدودة بقوة أسلوب الكاتب الذي كان يبرع في رسم صور ومواقف, وفي وصف مشاعر وأحاسيس ليس من السهل التعبير عنها بمثل هذه السلاسة.

وكنت أندمج اندماجاً كبيراً, وأرسل تعليقاتي لمحمد عبر الإيميل, فكنت أشيد به حد المبالغة مرات, وأجد نفسي أناديه بالعبقري والمدهش والساحر متأثرة بإعجاب كبير لبعض أحداث الرواية, وأسخر منه مرات أخرى وأنتقد عبارات أجدها ضعيفة أو أحداث أراها مفتعلة, أو مشاهد أجد أنها (أفلام كرتون) ليس إلا, وفي معظم الأحيان كنت أتشاجر معه, لاختلاف رؤيتنا حول كثير من القضايا التي كانت الرواية ترسمها وتعرضها, وكأننا في برنامج فيصل قاسم المشهور على الجزيرة, لكنه كان متشبثاً برأيه, وكذلك أنا, لكننا في النهاية لم نصل لما وصل إليه بعض ضيوف القاسم لأن مشاجراتنا كانت عبر الإيميل ولله الحمد!.

أنقل لكم كل هذا, لأني لست كاتبة قصة ولكني أحب الأدب الجميل, الذي يحترم عقل القارئ, والذي يحمل هماً اجتماعياً حقيقاً, فمحمد في روايته هذه تنبأ بالوضع السياسي في مصر, وتحدث عن سقوط النظام وجماعة الإخوان, والجيش وحزب الله بصورة تخيليلة تنبوئية تدل على حس عال بسير الأحداث.

هي رواية غير عادية, رواية قد تجد اعتراضاً كبيراً بالقدر نفسه لما ستجده من مديح وإعجاب, لأنها رواية ليست للتسلية فقط, كما أنه لا ينقصها التشويق والعمق والقدرة على الإمتاع, إنها رواية من ذلك النوع الذي يترك أثراً في عالم الأدب, ولا يمكن لقارئها أن يخرج من أحداثها بسهولة لأنها تشده وعندها القدرة على الاستحواذ على تفكيره, وإشراكه في أحداثها رغم أنه يشعر أنه يعرف مسارها بل وتفاصيلها!.

بالطبع فإن محمد حاول نشر الرواية فور انتهائه من كتابتها, وعرضها على نقاد كبار, فأشاد بها الدكتور صبري حافظ, ونوهت بها لجنة مسابقة الشارقة وإن لم تفز بأحد المراكز الثلاثة الأولى, وكنا في دار الناقد في دمشق قد عقدنا العزم على نشرها لكان حال دون ذلك الأحداث التي تمر بها سوريا والتي أوقفت كثيراً من الأعمال, حتى هيأ الله له دار هيباتيا للنشر فظهرت للوجود بعد ست سنوات من بداية كتابته لها.

لن أتحدث عن الرواية وأحداثها, وسأترك للقارئ متابعتها, وأنا أكيدة أنها ستحوز على اهتمام كبير بإذن الله.

محمد ذهني كاتب مميز, وروايته الأولى هذه تأتي بعد صدور مجموعتين للقصة القصيرة, مجموعة النبوءة, ومجموعة صلاة الوحوش التي فازت بالمركز الثاني في مسابقة كتاب اليوم فرع القصة القصيرة لعام 2010م. وهو الآن يعكف على كتابة رواية أخرى أرجو أن لا يتأخر في إنجازها, مع أني أعلم من خلال معرفتي بمحمد أنه لا يكتب حسب الطلب لأن القلم هو الذي يأمره, وهو منفذ فقط, ويبدو أن قلمه اليوم مازال في مرحلة التخزين والاستعداد والتحفّز.