المرأة في الحضارة الإسلامية من خلال الشعر العربي

بسم الله الرحمن الرحيم

السيد الأستاذ الدكتور قطب مصطفى سانو رئيس اللجنة التنظيمية للمؤتمر العالمي عن وضع المرأة المسلمة الموقر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 إنني د. زينب بيره جكلي ، أستاذة الأدب المساعدة في جامعة الشارقة في دولة الإمارات العربية المتحدة أرسل إليكم موجزا للبحث الذي أرغب في المشاركة فيه في المؤتمر العالمي عن وضع المرأة المسلمة في المجتمعات المعاصرة / البند الثالث : وضع المرأة المسلمة في المجتمعات المعاصرة حقائق وآفاق اجتماعية وثقافية .

وأماالخطة فهي ضمن البحث المرسل جاهزا أيضا راجية قبول المشاركة في المؤتمر .

وجزاكم الله كل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

                                                   د. زينب بيره جكلي

موجز بحث المرأة في الحضارتين الإسلامية والعربية

من خلال الشعر العربي

ورقة عمل مقدمة إلى

المؤتمر العالمي عن وضع المرأة المسلمة في المجتمعات المعاصرة ، حقائق وآفاق

خلال المدة بين 1-3 شعبان 1428هـ / 14-16/8/2007م

 المحور الثالث : ( وضع المرأة المسلمة في المجتمعات المعاصرة حقائق وآفاق اجتماعية وثقافية )  .                                           

هذا البحث يقدم صورة لمشاركة المرأة في بناء الحضارة الإسلامية كما صورها الشعر العربي خلال عصوره كلها ، مهدت له بحديث عن المرأة الجاهلية وعفتها، ثم انتقلت إلى أوضاع المرأة في عصورنا الزاهية فهي أم تصنع الأبطال والقادة، وتنشئهم على هدي آيات الله، وهي المدرسة الأولى لبناء المجتمع، وأما الزوجة فلها أهميتها في الترابط الأسري ، ولئن تشدد الشاعر المعري في حجب المرأة وأساء الظن بها فإن آخرين أكرموها، وعدوها بلسم جراحهم، وأنس حياتهم، وأما الخلافات التي تنشأ بين القرين وقرينته فأمر يمكن تجاوزه بتعقل الرجل وإدراك المرأة لدورها في الحياة، ومسؤوليتها

كما تحدث الشعر عن أثر الفراق الأبدي بين الزوجين بالوفاة أو بالطلاق وعن الزواج بثانية وأنكره لكبير السن، وشرط له شروط الشرع الحنيف.

 والمرأة في الحضارة الإسلامية كما وصفها شعرنا معززة مكرمة ما كانت كالدرة مصونة، وقد أحاطها الحكام بالرعاية ، ومن تخطى الحدود عوقب ، فإن ابتذلت نفسها نفر منها الصالحون لأنهم لا يريدون امرأة للعبث، بل لصنع الأجيال وتربية الأولاد.

 ونظر الشعراء إلى عملها نظرة إيجابية وواقعية، فهي في منزلها منشئة لأجيــال الأمة لاخادمة وليست بعملها التربوي تمثل التخلف ، كما دعوا إلى أن تتعلم المرأة وأن تعمل ما ينفعها وينفع أمتها وأسرتها ، ولكن عمل المرأة اقترن في العصر الحديث بالدعوة إلى تحريرها ،ورافق ذلك مجيء المستعمر وصارت أداة لجذب الشباب إلى مخططات استعمارية تكيد للإسلام وأهله، ولذلك حذر الشعراء من وقوعها في شرك العدو، ودعوها إلى التزام حجابها، وحذروا من مخاطر الانحراف، وفضحوا الحضارة الغربية وصوروا شقاء المرأة فيها.

أما في المجال السياسي فقد بين الشعراء مشاركة المرأة تطوعاً منذ العصور الإسلامية الأولى في العمل السياسي والعسكري دفاعاً عن الدين ومقدساته، والوطن وحرماته، واستمر هذا التطوع حتى برز في الانتفاضة الفلسطينية في أسمى معانيه، إذ جعلت المرأة من جسدها قنبلة في وجه العدو، ورأت ذلك نوعاً من الجهاد تقاوم به ما تعرضت له من اضطهاد سياسي بالقتل أو بالغربة والتشريد، أو بحرمان الولد .

هذه صفحات مشرقة ومشرفة معاً، ولكن وجد في الطرف الآخر ظاهرة سلبية مثلتها نساء رحن يترنمن بالحب والكأس في الوقت الذي كانت فيه الأمة تعاني من جراح النكسات، وقد فجر هذا غضب الشعراء ونددوا بأمثال هؤلاء اللاهيات في أمة لا تزال أعلامها منكسة، وآلامها فاقت الخيال .

 

      المرأة في الحضارة الإسلامية « من خلال الشعر العربي »

 

بحث مقدم إلى المؤتمر العالمي

عن وضع المرأة المسلمة في المجتمعات المعاصرة

الذي سيعقد في 1-3 شعبان 1428هـ / 14—16-8 2007م

 بمدينة كولالمبور في ماليزيا

 

تقديم

                                 د. زينب بيره جكلي        أستاذة الأدب المساعدة في قسم اللغة العربية في جامعة الشارقة       مخطط البحث

دور المرأة في الحضارة الإسلامية

من خلال الشعر العربي

مقدمة .

أولاً المرأة في الشعر العربي اجتماعياً

1-                            الأم صانعة الحضارة .

2-                            الزوجة والترابط الأسري في الحضارة الإسلامية بين الأمس واليوم:

(المرأة أماً منشئة للحضارات – المرأة زوجةً، والحديث عن اختيارها وسماتها، الخلافات الزوجية ومعالجتها، الفراق بالطلاق أو بالوفاة وأثره، تعدد الزوجات، ترابط أبناء العائلة الكبيرة).

3-          النظرة إلى المرأة بين الحضارتين الإسلامية والتغريبية: (مكانتها، تعلمها، عملها، تغريب المرأة وقضية تحريرها، رأي في الحضارة الغربية).

 

ثانياً المرأة والحضارة الإسلامية سياسياً:

(في الشعر القديم والحديث مشاركتها بالسلاح، وبالكلمة، الجرائم التي تعرضت لها، سلبية المرأة في الظروف السياسية العويصة).

خاتمة .

قائمة الهوامش .

قائمة المصادر .

بسم الله الرحمن الرحيم

مقـدمـة

الحمد لله رب العالمين حمداً كثيراً طيباً مباركاً، وأثني عليه بما هو أهله، والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد r الذي بنى بشريعته حضارة سامقة كانت نوراً للأجيال، ونبعاً ثراً للقيم والفضائل.

أما بعد :

فإن الشعر العربي كان ولا يزال ترجماناً لما في واقع الحياة، وصدى لنفس قائله وقد حوى مادة غزيرة عن المرأة، ليس في مجال الغزل فحسب، لأنه سما بها فجعلها مشاركة في بناء الحضارة الإسلامية، وتحدث عن مساهماتها فيها:

فهي أم صانعة أجيال، وزوجة ودود تعي دورها في بناء الأسرة والمجتمع وهي أيضاً مجاهدة للظلم والطغيان، بنفسها أو بالكلمة الطيبة، ومتحملة في سبيل ذلك أقسى ألوان التعذيب والاضطهاد السياسي.

وقد اختار الله سبحانه وتعالى الجزيرة العربية مستقراً لآخر رسالة على وجه المعمورة، لما في طباع أهلها من نبل وشرف، فالمرأة عندهم در مكنونة لا يستطيع الغواص أن يحصل عليها إلا بعد جهد جهيد، وإن أبدت محاسنها أشعلها حرباً شعواء غيرة على حريمه، بل كان سبب حرب الفجار الثاني قبيل الإسلام من أجل حجاب المرأة وكرامتها (

كنا نغارُ على العَواتِقِ أن ترى

مُستنقِعات بعده بهوان (

فخرجْنَ حين ثَوى كُلَيْبٌ حُسَّراً

وإظهار محاسن المرأة في الجاهلية لا يكون إلا عند الندب، ثم جاء الإسلام ليجعل من الحجاب عبادة دائمة لا تقليداً متبعاً، وأطلق المرأة لتعمل الصالحات، ولتبني مع أخيها المسلم تاريخاً مجيداً، وصرح حضارة سامقة تعتز بها الأجيال، متأسية في ذلك خطى الفضليات من المسلمات الأوائل، ولهذا قال الشاعر "عبد الرحمن العشماوي" (

ولديك تاريخٌ عريقٌ شامخٌ

وبمثلِه يسترشدُ الأخيار (

في مَنْهج الخنساءِ درسُ فضيلةٍ

وسيبرز هذا البحث دور المرأة الحضاري كما بدا في شعرنا العربي القديم والحديث، سواء أكان ذلك في المجالات الاجتماعية أم في المشاركات السياسية.

أولاً دور المرأة اجتماعياً:

كشف شعرنا العربي قديمه وحديثه عن دور المرأة الاجتماعي في بناء الحضارة الإسلامية سواء أكانت أماً تصنع الرجال، أم زوجة تهيئ الجو المناسب لتكوين الإنسان، أم كانت تسعى، مهما كانت مهمتها إلى بناء الحضارة، كما بين آراء الشعراء في قضية موقفها من الحضارة الغربية التي وفدت إلى مجتمعاتنا الإسلامية والعربية.

1- المرأة أماً صانعة الحضارة:

ليست الحضارة مصانع تبنى، ومدارس تشيد فحسب، وإنما هي أيضاً قيم يتواصل بها الناس ويتعايشون، والأم بهذا المفهوم تشارك في صناعة الحضارة حين تهدهد مشاعر ابنها منذ الصغر بأناشيد تحمل معاني سامية، وتغذيه بالخلق الرفيع، وتعلمه المبادئ الفضلى فتجلو بذلك صدأ قلبه، فينشأ على الخير والصلاح.

هذا الشاعر "عبد القدوس أبو صالح" (

عنيَتْ بتربية البنيـ

لكنها ماتَتْ وحيدة (

كانوا رجالاً إن مضَوْا

وتخاطب الشاعرة "عزة بنت عبد الله خادم" (

كنْ يا بُنَيَّ على هدى

تمشِ بدرب العَثْرة

وتجنَّبِ الأشرارَ لا

ـهَك كي يقيك من التي

ولدي حبيبي صُنْ إلـ

أي من التي لا تحمد عقباها .

وهذا "سلطان العويس" (

يا أيُّها الأمُّ الصبورةُ جدِّدي

ما لم يكنْ لبنُ الرضيعِ إباءَ (

لا تطلبِنَّ من الرجال كرامةً

والأم تعلم أولادها الصبر على لأواء الحياة، وتحمل تبعاتها بثبات وإيمان يقول العشماوي في ذلك:

أعلنْتُ يأساً ولا أعلنْتُ خُذْلانا   منك استقَيْتُ صُمودي في الحياة فما ينبوعِ عطفِك صارَ القلبُ ريّانا (   منك ابتدأْتُ مسيري في الوجودِ ومِن

والأم هي المدرسة الأولى في المجتمع، فإن تسامت تسامى أبناؤها، وإن أخلاق الأولاد لتنبئ عن أخلاق أمهاتهم، كما قال الرصافي:

يَهَذِّبُها كحضْنِ الأمهاتِ   ولم أرَ للخلائقِ من مَحَلٍّ بتربيةِ البنين أو البنات   فحضن الأم مدرسةٌ تسامَتْ بأخلاقِ النساءِ الوالدات (   وأخلاقُ الوليدِ تُقاس حسناً

وتقول "عزة خادم" للمرأة مربية الأجيال:

وعداً مع المجد يصحو حين نبتهل   كوني المنارةَ للأجيالِ إن لنا وأرضِعيهم لبانَ الحقِّ كي يصلوا   ربي البنينَ على هَدْيٍ ومكرمة وإن ضلَلْتِ هَلَكْنا واكتوَتْ مُقَلُ   إذا اعتدلتِ اعتدلْنا واهتدَتْ قِيَمٌ وأنتِ مَنْ يُكرمُ الأحرارَ إن بَخِلوا (   أنتِ اليقينُ الذي يُحيي ضمائرَنا

ومثل هذه الإنسانة العظيمة تستحق كل إكبار وإجلال في حضارة تشيد بكرامة الإنسان، ولهذا طالبنا المولى تعالى بالاعتراف بجميلها، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله، كما قال الرسول r، ويقول "د.مانع سعيد العتيبة" (

الله كرّمَ ذكرَها

وببِرِّها المولى حكَمْ

نزلَتْ بها آياتُه

حتى تُعَزَّ وتُحْتَرَمْ

واللهِ ما عزَّ الورى

خلقَ البريةَ من عدَمْ (

أماهُ يرعاكِ الذي

2- الزوجة والترابط الأسري في الحياة:

والزوجة هي أحد طرفين هامين في تكوين الأسرة، فبحبها ومودتها لبعلها تهيئ الجو النفسي الصحي لتكوين الأسرة، وحبها هو الأسمى، وما عداه فعلاقات مشبوهة، ولها ظفر وناب.

والرجل حينما يتزوج يختار ذات الحسب والنسب، لأن من عاشت في بيت الفضيلة أكرمت أسرتها، ورفعت مكانتها في المجتمع، وإلى هذا المعنى يشير الشاعر المعري العباسي بقوله:

من الناس فاختَرْ قومَها ونجارَها   إذا شئْتَ يوماً أن تُقارنَ حُرَّةً ومنهنَّ من تُثْني بخُسْرِ تجارِها (   فمنهنَّ من تُعطي الرّباحَ عشيرَها

والزوجة في الحضارة الإسلامية ترعى زوجها كما تراه راعياً لها، فتعيش قريرة العين، وتقضي أوقات فراغها بما يعود على الأسرة بالنفع، يقول المعري أيضاً مشيداً بمن كانت تغزل خيطاناً وتنسج بها ثيابها:

مَلِيكها العونَ في حِياطَتِها   قد حاطَتِ الزوجَ حُرَّةٌ سألَتْ فلاقتِ الخيرَ في إماطتِها   أماطَتِ السوءَ عن ضمائرِها وخيطِ غزلٍ إلى خياطتِها (   غدت ببُِرْسٍ إلى مِرْدانها

وهي حصان رزان، ولكنها في نظر بعض أبناء المجتمع تحتاج إلى إبعاد عن مواطن الشبهة لأنها شديدة التأثر والتفلت، يقول المعري أيضاً وهو من أصحاب هذا الرأي:

فأنت مُحَسَّدٌ بين الفريقِ   إذا كانت لك امرأةٌ حصان فبُورِك مُثمرُ الغصنِ الوَريق   وإن جمعتْ إلى الإحصانِ عقلاً إلى النكراءِ كالريحِ الخَريق (   ولا تأمَنْ فإن النفسَ أضحَتْ

وهو يرى أنها إن صلت في منزلها فذلك خير لها، وإن اعتنت بأولادها وأبعدت نفسها عن أن ينظر إليها الغواة، ولو في الحج، فذلك أصون برأيه وبه تنال الأجر، وبيتها قبرها الأول، يقول في ذلك:

وخلَّتْ في المواطنِ فَرْقَدَيْها   أتتْ خنساءُ مكةَ كالثريا لألفَتْ ما تحـاولـه لديها   ولو صلَّتْ بمنزلِها وصامَتْ وأبصارُ الغُواة إلى يديها   ولكن جاءَتِ الجَمَراتِ ترمي ولا اللهُ القديرُ بِمُحْمِدَيْها   وليس محمد فيما أتَتْه فكِنُّ البيتِ أفضلُ مَسْجِدَيْها   إذا رامَتِ الصلواتِ خَوْدٌ يُظنُّ هناك أولَّ مَلْحَدَيْها (   فلا يفتأ مُصَلاّها خفيّاً

وإذا كانت صلاتها في بيتها أفضل فإن هذا ورد في حديث الرسول r ولكن لم يرد نهيها عن الحج، ولكن المعري ضيق ما وسعّه الله سبحانه، وجعل المرأة لا يهمها إلا الزينة والمباهاة، وهي تصخب في وجه زوجها، فإن غاضبها كانت كالزجاج في رقة مشاعرها، يقول عنها:

لأطيب مطعمٍ متأجّمات (   متى يطمعْنَ فيكَ يرَيْنَ تيهاً ويُنْفِذْنَ الذخايرَ مُعْزِمات    ويرفَعْن المقالَ عليك جهلاً رأيْتَ ضروبَه مُتَكَسِّرات (   زجاجٌ إن رفقْتِ به وإلا

   ولكن من الشعراء القدامى من أكرموا المرأة، وأشادوا بخلالها، كعبد الجليل الطباطبائي (

سموعٌ ودودٌ لم تخُنْ ليَ ذمةً

رضِيْتُ عن استخبارِها بالتجارب

كتوم لأسراري حضوراً وغيبة

عن الودّ لي من دون كل الأقارب

تميل معي طبقَ المراد ولم تحُلْ

وفي غيرِها واللهِ لستُ براغبِ (

فوالله لا أسلو هواها بحالةٍ

ولكن الرجل قد ينفر من قرينته لقبح مرآها، أو لعبوس وجهها، أو لنتن فيها كما يقول الشاعر نفسه في زوجته الأخرى في معرض المقارنة بينهما:

تروّعُ في وجهٍ عبوسٍ مغاضب   وعوَّضَني عنها بسوداءَ فاحمِ مشوَّهةٌ حازَتْ جميعَ المعائب   خلائقُها سوْءى قبيحةُ منظر بذاك فليس النتنُ عنها بذاهبٍ   ولو حِيْكَ درعٌ من عبيرٍ ودُرّعَتْ

وقد يفرك الرجل صاحبته لأمر أو لآخر، ثم يندم على ما اقترف في حقها، كما كان مع "قيس بن ذريح" إذ انفصل عن زوجته لبنى لعقمها بعد أن ألح أهله عليه بذلك، ثم ندم على فراقها، وحاول أن يتصل بها ثانية، وكان أهلها قد زوجوها. فشكوا محاولاته إلى الأمير الحاكم، فراح يذرف الدمع حزناً مما ألمّ به ، وقد أحس بأنه جلب لنفسه الموت بطلاقها ، ثم لم يعد يصبر على فراقها ،يقول:

وكنت كآتٍ حتـفَــه وهو طائـعُ   أتبكي على لبنـــى وأنت تركتَها و يا حبَّها  قـَــعْ بالذي أنت واقع   فياقلبُ صبرا واعترافــا لما ترى وإن كان فيهـــا الناسُ قفرٌ بلاقع   كأن بلادَ الله ما لم تكنْ بهــــا إذا ما اطمأنَّتْ بالنيامِ المضاجع (   فما أنت إذ بانــتْ لُـبَيْنى بهاجع

وهذا الشاعر الفرزدق يطلق زوجته نَوار، ثم يندم ندامة الكسعي، ويرى أنه شابه آدم الذي كان ينعم بالجنة ثم خسرها، ولكن الأمر قضاء وقدر، يقول في ذلك:

مضت مني مطلقةً نَوار   ندمْتُ ندامةَ الكُسَعِيِّ لما كآدمَ حين أخرجَه الضِّرار   وكانت جنةً فخرجت منها لكان عليَّ للقَدر خيار (   ولو ضنَّتْ يداي بها ونفسي

وظاهرة الطلاق موجودة في كل عصر وحين، ولكن الثقافة المعاصرة جعلت بعض الشعراء يتفهمون واقع المرأة، فهي شريكة حياة تجمعها مع بعلها المودة والمحبة والخلق الحميد، وبمثل هذه الأسر تصنع الحضارات ويسطر التاريخ بأحرف من نور، يقول العتيبة معبراً عن هذا:

أيُّها الفجرُ أعِرْني ريشةَ النورِ الوليدة لأخطَّ اليومَ في التاريخِ صفحاتٍ مجيدة من قديمٍ في بلادي أسرةٌ عاشَتْ سعيدة جمَّعَتْها في رحاب الحب أخلاقٌ حميدة وعلاقاتُ وئامٍ بينهم كانتْ وطيدة (

والرجل الواعي في العصر الحديث يختار قرينة حياته عربية لا أجنبية، لأنها عاشت في بيئة الطهر والعفاف، فكانت قرة عين له في مسيرة حياته الطويلة، يقول د.عارف الشيخ (

أنت طهرٌ ونقاء أنت عنوانُ الفضيلة أنت دفءٌ وحنان أنت للعاني شفاءُ أنت للشاعرِ إحساسٌ وللحادي حُداء (

ولذلك يندد الشاعر "ماجد الكيلاني"(

يا مَنْ مضى عبرَ الفضا

ماري أو الشقراءَ سارة

وغدوْتَ تصحب زوجةً

تضعُ التعفف في الصدارة

أنسيْتَ أنا أمةٌ

بعـــض التسالـــي والتجـارة

إن الـــزواج بعـــرفهـــا

وغـــد يبادلهـــا الزيـــارة

فـــي كل أسبـــوع لهـــا

إلا الشقاوة والخسارة

لاشيء يجني زوجها

آيةٌ بين العذارى

أسفي عليكَ نسيْتَ أني

أرسى لنا أسمى حضارة (

أنا بنت إسلامي الذي

والرجل يعيش مع زوجته كسلطان السلاطين، فصوتها وهي تسلم عليه يحيي قلبه ويسكره بخمر حلال، وتحيط به وهو معها ملائكة الرحمن لا الشياطين، يقول العتيبة في ذلك:

دبيب الخمر فاسقيني   لصوتك في شراييني كتاب الله أو ديني   لأسكر دون أن أعصي تُحَيّيني وتُحْييني   أموت بهمسةٍ جاءتْ بأجنحةِ الشواهين   وموسيقاه تحملني كسلطان السلاطين   إلى دنيا أعيشُ بها وتخلو من شياطيني (   تحيط بها ملائكتي

وهي أنس لقرينها وواحة يلجأ إليها كلما هدّه تعب الحياة وأرزاؤها، يقول "د.محمد الناشد" (

فلكم أتيتك كلما نزفَتْ

سمعَ الأنينُ شكاتَه أنّا

قد جَرَّحَتْ قلبي الخطوبُ فلو

ـلامي وبَلْسَم قلبيَ المُضْنى

يا حُلوتي قد كنتِ واحةَ أحـ

فإن غاب عنها لسبب ما أحس بوطأة الحياة وثقلها وراح يتذكرها ويرسل إليها قصائد يطلب فيها أن تعود إليه ليعيشا معاً حياة المودة والهناءة، ويبين فيها أنه لن يرضى ببعدها عنه مرة أخرى لأنه عذب بفراقها كثيراً، وها هو الشاعر "ماجد الكيلاني" يعبر عن هذا لزوجته في رسالة تحمل سلامه ووفاءه:

بعدُنا غمٌّ وتعذيبٌ ونارْ   زوجتي يا بعضَ نفسي إنما مرةً أخرى فقد ذقْتُ المرارْ   هذه الفرقةُ لن أرضى بها ونروّي القلبَ وداً وهناءْ   فتعالَيْ نملأُ العشَ حنانا وسلاماً عاطراً حتى اللقاءْ   يا معينَ الحسنِ أهديك وفائي

وهي ترشِّد خطوات زوجها إن حاد عن الطريق ولو بعض الحيدة حتى يستقيم سلوكه، ويحسن فعله، يقول "د.محمد الناشد" حاكياً نصائحها له ، ومبينا أثرها في حياته :

تلقى ضياءَ الحقِّ قد أبقاها   قوّمْ مسيرَك بالإرادةِ أولاً وُثْقى هفتْ للخيرِ في مبناها   وتعودُ نفسُك للمكارم عُرْوة حتى بلغْتُ كرامةً بعُلاها   سارتْ حياتي بعدها بصلاحِها

لكن بعض النساء يرين الحياة الزوجية بمنظار الوهم لا الحقيقة، وينسون أن من واجبهم التضحية والعطاء، قال العتيبة موجها خطابه لأمثال هؤلاء:

نظراتٌ… تودُّدٌ… همساتُ؟   ما هو الحبُّ يا فتاةُ أجيبي؟ أم هو الصومُ والتُّقى والصلاةُ؟ (   أم هو السُّهْدُ في العيون مقيم؟

وهو يبين أيضاً للمرأة أن الزواج ليس ثوباً تزدهي به، وإنما هو اعتراف بمكانة البعل، وتضحيات، وتحقيق لرغباته حتى يسعدها  شريكةَ عمره، يقول في ذلك:

به تزهين أو تستعرضينا؟   تظنين الهوى ثوباً ثميناً ولسْتُ مفصّلاً ما تلبسينا   صغيرةُ إن حبي ليس ثوباً فقد تَصْحين لمّا تنظرينا   رويدك وانظري لسماء مجدي وبذلي فاق ما تتخيَّلينا   أتمتنعين عن بذلٍ قليل أراك بحبِّ نفسِك تؤمنينا   أنا بالحبِ أُوْمن غيرَ أني ليرتاح الهوى والشعر فينا (   أريدك أن تعودي نحو دربي

والزوج ينشد من حياته الزوجية الراحة والهدوء النفسي، ويريد من صاحبته أن تكون به عطوفاً، وأن تتيح له الوقت الكافي ليأخذ قسطه من الراحة، يقول الشاعر نفسه:

وأنا أحتاجُ راحةْ   مُتْعَبٌ والصمتُ راحةْ ودَعي عنكِ الفصاحة   فاسكُتي لو بعضَ يومٍ أنت يُنْبوعُ المَلاحة   أنت أحلى الناس حقاً فيه للعطفِ مساحة (   فهبيني صدرَ أمٍّ

وقد يتذلل الرجل أمام زوجته ليكسب مودتها، لكنه لا يرضى أن يذل من قبلها أو أن تقيد تصرفاته، مهما هددت وتوعدت، يقول الشاعر نفسه في محاولة توعية للمرأة:

لسْتُ بالسهلِ القنوعِ   هدّدتْني الريحُ لكنْ ترفضُ النفسُ خنوعي   لم أعشْ إلا عزيزاً وإلى المجدِ نزوعي (   قممُ العلياءِ دربي

ويقول ساخراً من تشتط في دلالها لجمالها:

وتُحَرِّكي بجهالةٍ زِلْزالي   من أنتِ حتى تطلُبي إذلالي وخلطْتِ بين حقيقةٍ وخيال   صدّقْتِ أنكِ للجمالِ مَلِيكةٌ تتجرَّعين مرارةَ الترحال (   إني حملْتُ عصا الرحيلِ وفي غدٍ

ومن الرجال من لا يحتمل العتاب، ويطلب من شريكته أن تجتنب ما يحزنه وأن تكون ابتسامتها مشرقة، وأن تغفر أخطاءه، لأن الحسنات يذهبن السيئات، يقول العتيبة رسام الحياة الزوجية بريشة قلمه مقدماً نصائحه إلى الزوجة لتعيش في أمان وسعادة مع بعلها:

بيديك أنتِ فخلفَها مأساتي   لا تفتحي أبواب ماضٍ أُغْلِقَتْ فتجنَّبي حُزني وتنهيداتي   يكفي فؤادي ما تجرَّعَ من أسىً غابتْ همومي واختفتْ آهاتي   هاتي ابتسامتَك التي إن أشرقت فالسيئاتُ تزول بالحسنات (   في الحب تُغْتَفَرُ الخطايا كلُّها

ويذكر العشماوي الزوجة بحق زوجها عليها، ويطلب منها أن تستغفر ربها مما اقترفت في حقه وإن كل ابن آدم خطاء، والمرء يسعى إلى ما فيه خير والموفق هو الله سبحانه، يقول:

وبعضُها لا تداويه العقاقير   بعضُ الجراحِ إذا داويتِها اندملَتْ ذنبُ المنيبِ إلى الرحمنِ مغفورُ   إن كنتِ أذنبتِ في شأني فلا جزعٌ ييأس فؤادُك إن اليأسَ تدمير   لابد من عَثَراتٍ في الطريق فلا ومنكَ ياربُّ توفيقٌ وتيسير (   مني اجتهادٌ وسعيٌ في مناكبها

  أما الشاعرة عزة خادم فإنها تستنكر من شريك حياتها نقضه لوعود المودة بينهما،  بعدما كان ودوداً لها رفيقاً بها، فتروح تعاتبه ، وتبين له أن الرابطة الزوجية التي أوثق الله عراها تجعل الزوجين يعيشان حياة سامية يظللهما فيها حب خالد، وينفث كل منهما آلامه إلى الآخر:

وصفا الحبُّ لأحلامِ الصبية   وإذا ما حلُمُ العمرِ دنا وأتى ظهرُ المِجَنّ بالبقية   أدبرت للودِّ أيامُ الصفا تدفعُ الموجَ إلى شط المنية   ما لذاك العهدِ أمسَتْ ريحه فيه أيامٌ وأشواقٌ سمية   إنما الحبُّ كتابٌ خالد فوقه نلهو بأرواح عَلِيّة   شاطئٌ للنفس من آلامها بوثاق وعهود أبدية (   قُدِّسَتْ أسماءُ مَنْ قد صانه

وقد تحتدم الخلافات الزوجية فيحاول الرجل أن يوقف الحياة ولو إلى حين لئلا تنفصم نهائياً، وذلك ليتدبر كل منهما أمره، وليكون قراره مبنياً على أسس سليمة لا على طيش ونزق، يقول العتيبة:

بضَياعِنا فلْنقبلِ التهديدا   قف يا حبيبي فالظلامُ مهدِّدٌ هذا العِناد فلا تظلَّ عنيدا   ولننتظرْ يوماً فليس يفيدُنا هذا الضبابُ فلا أريدُ مزيدا   لِنُجمّدِ الخُطُواتِ حتى ينجلي بضبابِ صدِّك أن أصيرَ بعيدا   أخشى إذا أقبلْتُ نحوك عاصفاً بل قد يزيدُ طريقَنا تعقيدا (   أما الصدودُ فلن يَزيدُك فتنةً

وقد تصمم الزوجة على فراق الرجل وتحزم أمتعتها وهي تذرف الدمع، ويحاول الرجل استرضاءها دونما جدوى، فيؤثر موقفها على قلب صاحبها ويخلف فيه ألماً ممضاً، يقول العتيبة مصوراً بعض هذا:

كمن للحرب قامتْ واستعدّت   تحدّتْ واستبدّت إذ تبدّت لجوفِ حقيبةٍ بالدمع ندَّت   وقامتْ تدفعُ الأشياء دفعاً فبَعدك كلُّ آمالي ترَدَّتْ   قِفي بالله يا أغلى الأماني أمِ الأيامُ تُخفي ما أعدَّتْ (   فهل ستعودُ أيامُ التلاقي

ولكن الرجل يحس بعد رحيلها بوحشة الدار، ويروح يتذكر جلساتها معه وخطواتها في داره، ويشعر أن البيت صحراء مقفرة، وجسم بلا روح بعد أن أطفئت جذوة السعادة من قلبه، حتى ما عاد يستسيغ طعاماً ولا شراباً، ويحس بقسوته على من كانت تواسيه، وأنه فرط بها، ويلجأ إلى الله ليجعل خاتمة أمرهما خيراً، يقول العتيبة في نظرة واقعية وإنسانية معاً:

يضيقُ بحُزني بعد أن كان وافيا   شقيٌّ أنا بعد الحبيبِ ومنزلي على مقعدٍ ما كان بالأمس خاليا   وما عُدْتُ أدري حين أجلسُ صامتاً

وما زال هذا العطرُ في القلبِ ساريا

  هنا كانتِ الخُطُوات تنشُرُ عطرَها وهل كان لي غيرُ الحبيبِ مواسيا   رحيلُ حبيبي لم يدعْ لي مواسيا وكنتُ لعون الله في الخطبِ داجيا   تجاهلْتُ حتى دمعَه ورجاءه بجعلِ ختامِ البعدِ فينا التلاقيا (   أُصلي وأدعو اللهَ في كل لحظةٍ

ويروح يطلب من قرينته أن تصفح عنه:

وأطلبُ منك الرضا والسماح (   حبيبي إليكِ أسلمُ أمري

ولكن الزوجة قد لا ترغب في العودة إلى عش الزوجية إلا بعد أن يثبت لها قرينها أن علاقتهما لن تزعزعها النكبات، وحينذاك يرى الرجل أن على المرأة أن تعيش في الواقع لا في الخيال وأن تعرف أن الحياة أخذ ورد، وعلى المرأة أن تراعي مشاعر قرينها وألا تعيب عليه في أمر، لأن هذا قد يقطع حبل المودة بينهما، يقول العتيبة ناصحاً إياها:

لن أستعيرَ فصاحةَ الخطباء   لي كَلْمَةٌ سأقولُها ببساطة وهمٌ، وليس الوهمُ من أهوائي   إنْ لم تجمِّعْنا الحقيقةُ فالهوى عينُ المحبةِ لا ترى أخطائي   أتحِبُّني وترى بأني مخطئ تصِفِ الدواء لكي يتمَّ شفائي   أنا مخطئٌ، أم كان بي داءٌ فلم فاقرأ بآخرِ صفحتي إمضائي (   إني أُقِرُّ بأن قصتَنا انتهَتْ

وهذه النصيحة، وتلك الصرامة لا تغير من قلب صاحبها، فهو يود من زوجته أن تعود إلى عش الحياة المشتركة، ويروح يسائل الدار التي غدت أطلالاً لبعدها عنها على غرار ما وقف الشعراء القدامى أمام أطلال محبوباتهم، ويرسل إليها الرسل، ويبين لها أن حياته بدونها موت وعذاب، يقول في ذلك:

عن الأحبة هل يا دارُ قد رحلوا   أسائل الدارَ والأشواقُ تشتعل عليَّ حزني، وحلّ بساحتي الأجل   لولا يقيني بلقيانا غداً لقضى ليزهرَ الحبُّ فيها حينَ تمتثل   عُدْ يا حبيبي فإن الدارَ تطلُبنا يطول عيشي إذا ما خابت الرسل (   فلا تخيِّبْ رجاءَ المرسَلين فلا

وعندما تعود الحياة الزوجية إلى بر الأمان يحس كل منهما بالاستقرار النفسي، ويروح القرين يطلب من شريكة حياته أن تمنحه الحب والعطف، وألا تمُنَّ عليه بذلك، وأن تتناسى ما كان، وتدع العتاب ليعيشا معاً أجمل ساعات العمر، يقول العتيبة:

لم يكنْ بالأمس يشكو حَرَّ أنَّةْ   عادتِ البسمةُ للثغرِ كأنه أنكِ الأولُ في حُسْنٍ وفتنة   إنني الآن أرى في ضوئِها في صفاءٍ ينشد العشاقُ لحنَه   ولنعش أجمل ساعاتِ الهوى راحةَ القلب ولن يُخْمد فتنة   العتابُ المُرُّ لن يمنحنا يُتبع الإحسانَ في الحب بمِنَّة   لا تقلْ أعطَيْتُ، ما أعطى الذي عطفَه السامي ويأبى أن يُكِنِّهْ (   إنما المعطاءُ مَنْ يمنحُني

وهذه النهاية تنم عن وعي لأبناء المجتمع الإسلامي، في ظل حضارة ربت أبناءها على محاولة جذب المودة، وعدم الانفصال، لأن الطلاق تهتز له أركان العرش كما يقول الرسول r، أما حينما يكون الفراق بالوفاة فإنه يخلف في القلب جرحاً لا يندمل، ها هو جرير يقول في رثاء زوجته:

ولزُرْتُ قبرَك والحبيبُ يزار   لولا الحياءُ لهاجني استعِبار ولديَّ منك سكينةٌ ووقار   نِعْمَ الخليلُ وكنتِ عِلْقَ مَضِنَّةٍ والصالحون عليك والأبرار (   صلى الملائكةُ الذين تُخُيِّروا

وهذا الشاعر "محمد الفايز" ([49])

وقضية تعدد النساء في المجتمع الإسلامي تبدو دليلاً على وعي للعقلاء، فالشعراء العلماء  ينصحون بتحمل الزوجة فإن أصر قرينها على رأيه فعليه أن يطبق شروطه كالعدل، وإلا فتركه أولى ولا سيما إن كان الزوج من كبار السن ليهدأ باله، وينجو من إثم الظلم، يقول المعري داعياً إلى الاكتفاء بواحدة حفاظاً على مشاعر الزوجة الرقيقة:

إلى أخرى تجيْءُ بمؤلمات   وواحدةٌ كفَتْك فلا تجاوزْ فأجدَرُ أن تروعَ بمُرْغِمات   وإن أرغمْتَ صاحبةً بضُر رأيْتَ ضروبَه متفصِّمات (   زجاجٌ إن رفِقْتَ به وإلا

وهذا الفقيه الشاعر " حامد العمادي" (

تروم ثالثةً حتى تعودَ إلى

قاموا عليك كأغوالِ الشياطين

والزوجتانِ مع الأولاد أجمعِهم

لما أصابك من صفعٍ ومن هُوْن

فاخفض لهن جناحَ الذُّلِّ محتسباً

على الملوكِ جميعاً والسلاطين

وتلك شِنْشِنَةٌ قِدْماً لها جرت

هل أخذُ ثالثةٍ ذنبٌ فأفتوني؟

هذا وشعرُكُمُ المُرضي يقول لنا

إياكَ إياكَ من خُلْق الملاعين

لكنّ ذا بشروطٍ أنت تعرفها

حسناءُ كاملةٌ في العقلِ والدين (

وخيرُ مأوًى لشخصٍ يطمئن به

والحضارة الإسلامية تحرص على حسن الترابط بين أفراد العائلة الكبيرة، فالبنت تكرم وإن كانت أمها أمة، وهذا الفرزدق يأتي لابنته بثلاث مربيات ليشرفن على تغذيتها وتربيتها لتنشأ سعيدة قريرة العين، وهو يرد على من عيّرها بأمها قائلاً:

وأنْ لم يلدْها من زُرارَةَ مَعْبدُ (   ما ضرَّها أنْ لم يلِدْها ابنُ عاصم ولا بيتُها من سامرِ الحيِّ موعد   وشبَّتْ فلا الأترابُ ترجو لقاءها يُلَقِّمْنَها من كل سُخْنٍ ومُبْرَد   ربيبةُ داياتٍ ثلاثٍ ربَبْنَها وإن أخذَتْها نعسةٌ لم تُسَهَّد (   إذا انتبهَتْ أطعمْنَها وسقَيْنَها

وفي العصر الحديث نرى الشاعر "عمر بهاء الدين الأميري" (

وليدٌ، أيا بشرى ابتهاجٌ وتهليلُ

فلا هو إفراطٌ ولا هو تقليلُ

أحِبُّوه لكن في سدادٍ وحكمة

جديرةُ أن تُرعى، وللرأيِ تدليلُ (

وآلاءُ داروها بصبرٍ فإنها الـ

وحينما يواري الثرى ابنة أحد الشعراء يبكيها بكاءً حاراً وإن كان يعلم أن البكاء لا يجدي مع قدر الله سبحانه الذي حُمَّ، ويحس بأن الدار غدت موحشة بعدها يقول العتيبة في ابنته بشائر التي توفيت في حوض السباحة:

فما غابَ عني شعورُ الغريبِ   دخلتُ إلى الدارِ بعدَ الغياب عهدتُك صُلباً أمام الخطوبِ   وقالَتْ ليَ الدارُ في لوعةٍ وهذا الغزالُ كثيرُ الوثوب   بشايرُ كانت غزالي الصغيرَ وما الموتُ غيرُ البعيدِ القريب   وضاعَتْ بشايرُ في لحظة فيا قلبُ صَلِّ، ويا نفسُ توبي   إرادةُ ربي وما لي احتجاجٌ فأعجزَ عن صدِّ دفقِ الصبيبِ (   حبسْتُ دموعي لكي لا تفيضَ

وللأخت والقريبة مكانتهما أيضاً، وها هو أبو فراس الحمداني يعزي سيف الدولة بأخته، وهي ابنه عم الشاعر، فيقول:

جَلَّ المُصابُ عن التعنيفِ والفَنَد   أوصيكَ بالحزن لا أوصيكَ بالجَلَد وقد لجأتُ إلى صبرٍ فلم أجد   بي مثلُ ما بك من حزن ومن جَزَع وقد عرفتُ الذي تلقاه من كمدِ (   ولا أسوّغُ نفسي فرحةً أبداً

وحماة الشاعر لها منزلتها، وها هو الشاعر "عثمان قدري مكانسي" (

وأمُّ ما جدٍ لها في قلبنا

وعشرةٌ طيبةُ الأنسام (

قد شاقَنا منها زمانٌ رائعٌ

 

3- النظرة إلى المرأة بين الحضارتين الإسلامية والتغريبية:

عرفت الحضارة الإسلامية المرأة أبية النفس، معززة الجانب، ولاسيما عند ذوي التقوى والوعي، بل حتى عند المتشددين في التعامل معها. فالمعري مثلاً يشيد بمكانة المرأة الحصان التي لا تحوم حولها شبهة ولا ريبة فيقول:

وكانت لميسٌ لا تُقِرُّ على اللمسِ   إذا ما غضوبٌ غاضبَتْ كلَّ رِيْبَةٍ مكانَ الثريا في المكارمِ والشمس (   فقد نالتا فضلَ الحياةِ وعُدّتا

ويعجب الشاعر "عبد الرحمن باكثير" (

مُحَجَّبَةٌ عن أن تنال بناظر

من التيهِ والإعجابِ مائلةً سكرى

لها اللهُ خَوْدٌ حين تخطو تَخالُها

وفي ظل هذه الحضارة السامية يعرض الرجل عن المرأة الأجنبية عنه ويغض بصره لئلا يقع في حبائل الشيطان، فمرضى القلوب، كما قال المتنبي، يصابون من تعريض أنفسهم لهن، ولذلك حض الإسلام على عدم الاختلاط، لما فيه من معاناة وعذاب، ووساوس ومفاسد، وقد عبر الشاعر "مصطفى اللقيمي" (

دَعُوني من روضِ الغرام وظِلِّه

بسعيٍ غدا يقضي عليه بجهلِه

أهل عاقلٌ يرضى ضَياعَ زمانِه

لمُستهدَفٍ بالسوءِ يرمي بنبله

وهل غيرُ تعريضٍ بنفسٍ مُصانة

يزيدُ عليه في العذابِ بدَلِّه

وهل غيرُ تعذيبِ المحبِّ بعشق من

ويقضي على الصبِّ الكئيبِ بخَبْلِه

وهل غيرُ وسواسٍ يزيد به العَنا

ولا تكاد هذه المعاني تختلف في الشعر الحديث عما كانت عليه في الشعر القديم في ظل حضارة قوامها التقوى والصلاح، أو تنشد التقوى والصلاح، فالمرأة المسلمة عابدة قانتة لله سبحانه تسبحه في آلائه، وتركع له وتسجد في جوف الليل، وهي سعيدة أيما سعادة بانشراح صدرها، وباستعانتها بربها وخضوعها لإرادته جل وعلا، تقول عزة خادم:

من نومِها كالوالهينْ   في ليلةٍ… واستيقظتْ وسمَتْ سُمُوّ العابدِين   أرخَتْ جفونَ عيونِها أو سجدةٍ كالخاشعين   ثم انحنَتْ في ركعة دائماً بك نستعينْ - سبحانك اللهمَّ ربّي كل الخلائقِ عابدين   سبحــان مَنْ سجــدَتْ لـه نحيا ونُبعث طائعين (   في حكمِه وبأمره

والشاعر "أحمد محمد صديق" (

صوني جمالَك يا ملاكي

راً هانئ البالِ اصطفاك

من شاءَ أن يحيا قريـ

طابتْ مغارسُه اجتباك

أو شاءَ جيلاً صالحاً

ـه فإنه مَسرى عُلاك

هذا سبيلُك فاسلكيـ

ـمانِ فلْتصعدْ خُطاك (

وإلى كمال النفس بالإيـ

ويدعو الشاعر العشماوي إلى أن تنهل المرأة من ينبوع القرآن الكريم الخالد، لا من المعازف والأغاني، وأن تتمسك بشريعة ربها، وتقرأ تاريخها المجيد لترى كيف نشّأَت أمهاتنا خير الأجيال، وكيف كن شعلة وقادة في بناء الأمجاد، وبذلك تستطيع الفتاة المسلمة المعاصرة أن تصمد في وجه التيارات الإلحادية والتغريبية التي وفدت إلى بلادنا وعمت أجواءنا، يقول في ذلك:

قلبُ التقيِّ وتشرقُ الأنوارُ   أختاه دينُك منبعٌ يُروى به للنصرِ لا دُفٌّ ولا مِزمار   وتلاوةُ القرآنِ خيرُ وسيلة يحلو به للمؤمنِ استذكار   ولديك تاريخٌ عريقٌ شامخٌ وبمثلِه يسترشِد الأخيارُ   في منهجِ الخنساءِ درسُ فضيلة تصفو الحياةُ وتُحفظ الآثار   في كفِك النشءُ الذين بمثلهم زاد به يتزوَّد الأبرارُ   غذّي صغارَك بالعقيدةِ إنها بالله مهما استأسدَ التيار   لا تََرهبي التيارَ، أنت قويةٌ ما لم يُشَيَّدْ بالتقى ينهار (   إن البناءَ وإن تسامقَ واعتلى

وفي نظرة واعية يعظ الشاعر "ميمون الكبيسي" (

أَ أُخْتي أنت للخير

ق من دينٍ إلى حق

لغرسِ مكارمِ الأخلا

بثُ أو يَستهترَ الوغدُ

ولستِ ليلهوَ العا

علائمُ جرمهم تبدو

ولستِ متاعَ فُسّاقٍ

وإزاء هجمات من سموا بالتقدميين، وادعائهم أن حجاب المرأة المسلمة رمز التخلف وأن قعودها في البيت يجعلها أشبه بالخادمة يرد الشاعر "عارف الشيخ" على العابثين، ويبين لأخته المسلمة أنها سمت بحجابها فوق الأنجم، وأنها لم تخلق كما يدّعون للخدمة، بل لتنشئة الأجيال، وحضانة أعز ما في الوجود، الإنسان، وتهيئته للأجيال الصاعدة وبهذا العمل العظيم تحتل مكانة مرموقة في قلب الرجل المسلم، يقول في ذلك:

كوني إذاً رمزاً لكلِّ تقدُّمِ   أختاه أنتِ وعاءُ كل فضيلةٍ ولقد سمَوْت بأمس فوق الأنجم   من قال إنكِ رمزُ كلِّ تخلُّفٍ من قال إنكِ قد خلقْتِ لتخدمي   من قال دورُك في الحياة بطالةً لكِ يا فؤادُ حضانةٌ لبراعمي (   لك في فؤادي يا فتاةُ مكانة

ثم يدعوها في القصيدة نفسها إلى التعلم والتعليم شريطة أن تتحلى معهما بالإيمان والستر، لتكون عضواً نافعاً في المجتمع، وصانعة للقادة والأبطال، وذلك لأنها من أمة مسلمة حضارية، يقول في ذلك:

ليكون دورُك غرسَ نهجٍ أقوم   فتعلَّمي وتثقَّفي وتنوّري وبعرضِها هيا، ولا تستَسْلمي   ثم اعمَلي في ذي الحياةِ بطولها وبكِ النجاحُ نزُفُّه للعالَم   بل سوفَ نصنعُ قادةً وفوارساً فإذا أردت تحضُّراً فتحشَّمي   أنت ابنةُ الإسلامِ مهدُ حضارةٍ

 وليست الدعوة إلى تعليم المرأة وعملها وليدة هذا العصر، فقد كان من المسلمات الأوليات شاعرات وكاتبات، كعائشة أم المؤمنين وحفصة بنت عمر رضي الله عنهم جميعاً، ولكن بعض الشعراء القدامى حجروا العلم عن المرأة جهلاً منهم لأنه يكفيها، برأيهم، أن تقرأ القرآن الكريم، على يد عجوز تساقطت أسنانها، أو أعمى ابيض رأسه وارتعشت يداه لئلا تفتن، لأن الفتاة لا تعاب على لغتها إن تمكنت من الإفصاح عما تريد ولو بلغة فيها لحن، يقول المعري في ذلك:

بأيدٍ للسطورِ مقوّمات   ولا تحمد حسانَك إن توافَتْ بهن من اليراع مقلَّمات   فحملُ مغازلِ النِسوان أولى رجَعْن بما يسوءُ مسمَّمات   سهامٌ إن عرفْن كتابَ لِسْنٍ أتيْن لهديِه متعلِّمات   ويتركْنَ الرشيدَ بغيرِ لُبٍّ من اللاتي فغَرْن مُهَتَّمات (   ليأخذْنَ التلاوةَ عن عجوزٍ إذا قُلْن المرادَ مُتَرْجِمات   فما عَيْبٌ على الفتياتِ لحنٌ يُلَقِّنُهنّ آياً مُحْكَمات   ولا يُدنَيْنَ من رجلٍ ضرير ولِمَّتهُ من المُتَثغِّمات (   سوى من كان مرتعِشاً يداه

وإزاء هذه النظرة الخاطئة التي رافقت المرأة قروناً مديدة قامت الدعوة في العصر الحديث إلى تعليمها، وقد أوضح الشعراء أن الإسلام شجع على العلم، بل جعله فرضاً، ها هو الرصافي يبين هذا ويرد على من زعم أن في جهل المرأة إحصان لها كما يبين أن هذه الفكرة قد أدت إلى نشوء جيل غير واعٍ لما للمرأة من أثر في نهضة المجتمع، يقول في ذلك:

يكون عليك يا صدرَ الفتاة   فأول درسِ تهذيبِ السجايا إذا نشؤوا بحضن الجاهلات   فكيف نظن بالأبناءِ خيراً فضاع حُنُوّ تلك المرضعات   حنون على الرضيع بغير علم مصيبتنا بجهل المؤمنات   أ أم المؤمنين إليك نشكو تزول الشمّ منه مُزَلزلات   لقد كذبوا على الإسلام كذباً على أبنائه وعلى البنات   أليس العلم في الإسلام فرضاً تحل لسائليها المشكلات (   أليست أمنا في العلم بحراً

وقد أشاد أحمد شوقي بالأميرة فاطمة بنت الخديوي إسماعيل لإنشائها الجامعة المصرية وذلك في معرض رثائها فقال:

صالحةٍ مدّخرة   لا ينفعُ الميِّتَ سوى جامعةَ المستعبرة   من ذا يُؤسي هذه الـ يبني أبوك المأثرة (   بنيْتِ ركنَيْها كما

كما استحقت د.بنت الشاطئ أن يخلد اسمها لما قدمته من علم جليل، ولاسيما في التفسير البياني، وفي حديثها عن أمهات المؤمنين، ولذلك قالت "نوال مهنّى" (

فخرُ النساءِ وأيُّ فخرٍ أنت

كانت لك الزادَ الكريمَ فكنتِ

وقبسْتِ من نورِ النبوة جذوةً

حتى رنا يزهو بأفضلِ بنت

أنت التي شهدَ الزمانُ بنُبْلها

تبقى مآثرُها برغم الموتِ (

بأديبة هي من طرازٍ نادر

وقد أدت هذه الدعوة إلى بروز جيل من الفتيات المسلمات الأديبات أمثال ثريا العسيلي وأمينة قطب وجليلة رضا من مصر، ود.زينب بيره جكلي وهيفاء علوان من سوريا، ونبيلة الخطيب من الأردن، وجوهرة السفاريني من فلسطين، وأمينة المريني وصفية الهيلالي من المغرب، وهند القاسمي وعزة عبد الله خادم ورقية عبد الله من الإمارات العربية، وكثيرات غيرهن، ومن شعر "ثريا العسيلي"(

إلهي إليك مدَدْتُ اليدا

وأنت اللطيفُ وأنت الهدى

فأنت الرؤوفُ وأنت المجير

فحقِّقْ إلهَ الهدى مطلبي

وأمي سألتُك خيراً لها

وأختي لنحيا معاً في وئام

ويا ربِّ فاحفظْ أخي في سلام

لنَنْعُمَ بالخيرِ بين الأنام

ووجِّه خطانا لدربِ النجاح

أما قضية عمل المرأة فإنها تباينت في الشعر، ففي قديمه كانت المرأة تغزل في بيتها وتقضي أوقات فراغها لا باللهو والثرثرة وإنما بما يعود على الأسرة بالنفع، من غير أن يؤثر ذلك على تربية أولادها، ولهذا أشاد المعري بعملها وبين أنها تضاهي العنكبوت بنسجها:

وما فيهم أحد يهزل   رعى الله قوماً مضى دهرهم فتنسج للنفع أو تغزل   تضاهي العناكبَ نسوانُها ولا الدنّ يفتح أو يُبْزل (   وما عرفت مِزْهراً في الحياة

ولم تكن في ذلك الحين تلك الدعوات التغريبية التي نشهدها اليوم في أرجاء العالمين العربي والإسلامي ، والتي اقترن فيها عمل المرأة بالدعوة إلى سفورها وتحررها، مما سموه بالتقاليد ، وما هو في الحقيقة تقليد بل هوعبادة شرعية .

 لقد أشاد الأخيار القدامى بالمرأة المحصنة التي تغطي جسمها بعباءة ذات نسج محكم لا يشف، وفي ذلك يقول "مصطفى البيري" (

فتاةٌ حذارِ الناظرينَ تلفَّعَتْ

تعيرُ حجابَ الشمسِ إن برزَتْ هتكا

من العربياتِ التي من خبائِها

وكان الرجل إذا رأى امرأة حادت عن الصراط القويم احتقرها، وها هو "فتح الله بن النحاس"(

كان غزالاً فشوهوه

مذ صار وجهاً بلا حجاب

حجبْتُ طرفي ومِلْتُ عنه

لاحتجْتُ للماءِ والتراب (

عاشَرَ مَنْ لو يَمَسُّ ثوبي

     وكان العقلاء يدعون إلى ترك اللهو والأخذ بالعمل الصالح، كما قال الشاعر"خليل الأقفهسي" (

دعِ التشاغلَ بالغزلانِ والغزل

فقدَّموا خيرَ ما يرجى من العمل

هلا تشبَّهْتَ بالأكياسِ إذ فطنوا

وكان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد منع التشبيب بالنساء حتى راح ضعاف النفوس يتغزلون بالشجرة كما فعل حميد بن ثور بقوله:

على كل أفنانِ العَضاةِ تروق   أبى الله إلا أن سرحةَ مالك إذا حان من حامي النهارِ وديق (   فيا طيْبَ ريّاها ويا بَرْدَ ظلها

ومدح الشاعر "شهاب الدين محمود" (

أنت الذي لم يخشَ لومةَ لائم

لله غيرَ مشاركٍ في رائه

وغضبْتَ للإسلامِ غ ضبةَ ثائر

في النار إذ هي منتهى نظرائِه

طهَّرْتَ من دمِه الثرى وقذفْتَه

من فتكِ شرِّ عبيدِه بإمائه

ما غِرْتَ إلا للإله وخَلْقِه

بل إن عمر بن أبي ربيعة على ما قيل في فسقه لم يخرج عن حد القول الخيالي لإنسان مولع بالحسن، وإلا لكان رجم في مجتمع يطبق الشرح الحنيف، وها هو يقسم بالقرآن الكريم أن ما قاله كان من الوهم لا من الحقيقة:

لا، وما في الكتابِ من تنزيل (   ذاك ظني ولم أذقْ طعمَ فيها

وقال:

لا حظَّ لي فيه إلا لَذَّةُ النظرِ (   إني امرؤٌ مولَعٌ بالحُسْن أتبعُه

أما الشعراء العذريون فكانوا على ما قيل في عفتهم سلبيين في حياة إسلامية ذاخرة بالعمل وبالفتوحات ونشر الدين والعلم، لقد صلى جميل بثينة إلى جهة بيت صاحبته لأنه كان في ذهول بسبب حبه لها، فلما صحا ندم وقال :

بوجهي وإن كان المصلى ورائيا   أَراني إذا صليْتُ يممْتُ نحوها كعودِ الشجا أعيا الطبيبَ المداويا (   وما بي إشراكٌ ولكنّ حبَها

ولكن دعوة المرأة إلى العمل والعلم في العصر الحديث ارتبطت بدعوتها إلى ما سمي بتحريرها.

لقد كان الشر فيما سبق من عهود فردياً، أما في عصرنا هذا فإن الدعوات التغريبية صارت منظمة يدعمها الاستعمار وأعوانه، وتتزيا بأزياء شتى، وبمسميات عديدة، ويروّج لها .

ففي مصر نشر قاسم أمين كتابه (تحرير المرأة) ووقف شعراؤها منه موقفين متباينين، فهناك من أيده بحجة أن ما قاله من سفور المرأة لا يخالف القرآن الكريم والسنة المطهرة، ومن هؤلاء أحمد شوقي الذي اغتر بمعسول كلام قاسم، ولم يتنبه إلى ما وراءه من خطر حين قال في رثائه:

فدَعْوتَنا لترفُّقٍ ويَسار   ماذا رأيْتَ من الحجابِ وعُسْرِه ما في الكتابِ وسُنَّةِ المختار   رأيٌ بدا لك لم تجدْه مخالفاً لولا وحوشٌ في الرجالِ ضواري   إن الحجابَ سماحةٌ ويَسارةٌ فتجاوزوه إلى أذًى وضِرار (   جهِلوا حقيقَتَه وحكمةَ حُكْمِه

كما جاب أمين الريحاني الأقطار العربية ليقنع المرأة وولاة أمرها بأن الحجاب دليل نقصها وتخلفها، ووصل إلى الإمارات العربية المتحدة  لكن الله سبحانه قيض له الشاعر الإماراتي "العجلي" ففضح مؤامرته التي جاء إلى بلاده من أجلها، ثم حذر من عاقبة انحراف المرأة واختلاطها:

من فرية جاءَتْ عن الريحاني   ولقد عجبْنا والعجائبُ جَمَّةٌ من موجباتِ الذمِ والنقصان   زعمَ الجهولُ بأن إخفاءَ النسا نُطَفٌ تكون لأشرفِ الأكوان   إن النساءَ مواضعٌ لودائعٍ ضاعَتْ لديها نسبةُ الأكوان (   فإذا برَزْنَ وخالطَتْ مَنْ تشتهي

وكذلك فعل الشاعر أحمد محرم (

أغرَّك يا أسماءُ ما قال قاسمٌ

إذا ما استُبِيْحَتْ في الخدورِ الكرائمُ

سلامٌ على الأخلاقِ في الشرقِ كله

لقومِك والإسلامِ ما اللهُ عالم

أقاسمُ لا تقذِفْ بجيشِك تبتغي

أ أنتَ من البانين أم أنتَ هادمُ

أسائِل نفسي إذ دَلَفْتَ تريدُها

وملكٌ على الحَدَثان والدهرُ دائمُ (

لنا في كتابِ الله مجدٌ مؤثل

 ولكن الدعوة تستمر كتيار جارف، وتختلط النساء بالرجال، وتضلل الجموع المسلمة بفكر إلحادي وتتجه النسوة إلى الهاوية، وقد استنكر الشعراء الإسلاميون إبراز المرأة لمفاتنها في الأسواق والطرقات، مما لم تعهده حضارتنا السالفة ، وحاولوا أن يبصّروها الطريق السوي، ويعرفوها أخطاء حياتها، كما نددوا بحريتها المزعومة، وحذروها من ثقتها الزائدة بنفسها، ومن التردي إلى الهاوية، وها هو الشاعر "العشماوي" يرى امرأة متبذلة متعطرة فيسألها عن هويتها وعندما أخبرته أنها عربية مسلمة يبين لها أن الانحراف لا يجتمع مع الإسلام في شخصية واحدة، يقول في ذلك:

خضرٌ فأنت الزهرُ والوردُ   من أين أنتِ؟ أ أنجبَتْك رُبا يُغري وفي كلماتِها جِدُّ   قالَتْ وفي أجفانِها كَحَل مني فتاةً ما لها ندُّ   عربيةٌ، حريتي جعلَتْ لي فرصةٌ بالنفس أعتدّ   أغشى بقاعَ الأرضِ ما سنحت قالت: نعمْ، ولخالقي الحمدُ   عربيةٌ؟!!.. فسألْتُ، مسلمةٌ؟ أرضُ الحجازِ ولا رأَتْ نجدُ   من أينَ هذا الزِيُّ ما عرفَتْ سهمٌ من الإلحادِ مُرْتَدُّ   هذا التبذُّلُ يا محدِّثَتي دينُ الهدى والفسقُ والصدُّ (   ضدان يا أختاه ما اجتمعا

وبنظرة المسلم الواعي يحذر العشماوي المرأة من الوقوع في شرك الآثام التي تؤدي بها إلى العذاب الوبيل، ويبين لها أن حريتها لا تعني انسياقها وراء الأهواء، وأن عليها أن تتمسك بدينها، وأن تستعين بربها ليهديها إلى سواء السبيل، يقول في ذلك:

أختي وكم حمقاءَ أغرَتْها الملذاتُ المَهينةْ فغدَتْ وكانت حرةً لقيودِ لذَّتِها رهينة حريةُ الإنسانِ ألا يستبدَّ به هَواه أختاه لوذي بالذي ما خاب يوماً مَنْ دعاه (

كما يبصرها الطريق، ويبين أن الرجل الفاضل يتخلى عن المرأة الغاوية لأنه يريد الطهر والنقاء، إذ ليس الحب طيشاً وهتكاً وعبثاً، وإنما هو أمر سام نقي، يقول في ذلك:

فاستقرَّ الذئب في منطلقي   كنتُ يا فاتنتي مُنطلِقاً فأعيذيه برب الفَلَق   حبي الطاهرُ أسمى هدفاً فلْيعشْ في دهره في رَهَقِ (   مَنْ يظن الحبَّ لهواً عابثاً

وتستنكر الشاعرة رقية عبد الله خروج المرأة كاسية عارية، وعطرها يعبق في الأرجاء، وتتخذ من الوعظ والتذكير بالآخرة سبيلاً إلى النصح والإرشاد، تقول:

مالي أرى الأسواق ملأى بالنساءِ السافرات يمشين مِن بين الرجال بلا حجابٍ أو عباةْ وإذا لبسْنَ فهن أفضحُ للعيونِ الناظراتْ عطرٌ (ومكياجٌ) وأصواتُ الكعوب العاليات ويلٌ لهن من العذابِ الكاسياتِ العاريات ماذا حملْنَ إلى القيامةِ من فعالٍ صالحات (

وقد اتخذ بعض الشعراء مبدأ تعرية الحضارة الغربية وواقع المرأة فيها وسيلة لتحذير بنات الشرق من مصير مماثل، وكان الشاعر "عمر بهاء الدين الأميري" سباقاً في هذا المضمار، إذ فضح الحضارة الغربية التي تزعم أن المرأة فيها سعيدة ، وبين أن وراء بسمتها عذاب مرير، وكانت واحدة قد جاءته تطلب خمراً ولهواً، فراح ينصحها ويبين لها واقع المرأة المسلمة في جو أسري نقي ومجتمع عفيف، فأخذت تبكي إنسانيتها المهدورة، وركضها وراء قناع زائل في حضارة غربية مادية لا ترحم أحداً، فقال:

البائساتُ المائسات كآلةٍ من غير روح الضاحكاتُ وقد طَوَيْن قلوبهنَّ على جروح ولقد يُقال ألفْنَ ما يَحْيَيْنَ فيه من الجُنوح فنقول بل خَدَّرْنَها وغداً يكون لها جُموح وسلوا الشقاءَ وإنه بئس المصيرُ فقد يبوح ما للحياةِ حياةِ دنيا الغربِ ملأى بالقروح يا رِدَّةَ البشريةِ الرعناءِ عن هديٍ سَبُوح (

أما الشاعر "عبد الرحمن بعكر" (

ونهرِبُ من حقيقتِنا فراراً

كما زعموا لتحطيمِ القيود

وعن حواءَ قد هتكوا حماها

بتعريةِ الروادفِ والنهود

فهل في بيعِها أطباقَ لحم

وماخورِ القمامة والصديد

بأسواقِ المراقصِ والملاهي

بها وبدورِها الفذِّ الفريد

أذلك ما أرادوه احتفاءً

عليها من تزُّمتِنا البليد

وللإنصافِ نذكر ما جنَيْنا

لتعرفَ شرع ذي العرشِ المجيد (

فلم نجعل لها التعليمَ نوراً

هذه هي حال المرأة في عصرنا هذا، لقد نأت عن شرع الله فوصلت إلى الحضيض، أما المرأة المسلمة، الأم أو الزوجة، أو من سارت على نهج الهدى فإن شعراءنا أشادوا بمكانتها وأكبروا فيها النقاء الذي تعيش فيه والنهج الذي تسير عليه.

ثانياً المرأة في الحضارة الإسلامية سياسياً:

على الرغم مما تتمتع به المرأة من رقة وأنوثة فإنها شاركت في المجالات السياسية بالدعوة إلى الله بالكلمة، كما شاركت في الحروب وتعرضت لجرائم شتى من تعذيب واضطهاد واغتراب.

فمن مشاركتها بالسلاح لرفع شأن دينها وأمتها ، والدفاع عن وطنها ما كان في عصر النبوة، إذ سقط لواء المسلمين في معركة أحد فحملته عَمْرة بنت علقمة الحارثية، فلاذ بها المسلمون وقاتلوا، وإلى هذا أشار حسان بقوله:

يُباعون في الأسواقِ بيعَ الجلائب (   ولولا لواءُ الحارثيةِ أصبحوا

وفي حرب اليرموك شاركت خولة بنت الأزور مع بني قومها وأشاد بها التاريخ حتى يومنا هذا، إذ يقول "أحمد محمد صديق" مثنيا عليها لجرأتها وبطولتها ، ودخولها ميدان الوغى بزيها الإسلامي :

كما انقضَّ في جنحِ الظلام شهابُ   مَنِ الفارسُ المُغوارُ ينقضُّ في الوغى وما علِموا أن اللثامَ نقابُ   يشدُّ على الوجهِ الصبوحِ لثامَه حصانٌ، رَزانٌ، في النساءِ كعوب   وأن الذي يُغري الصفوفَ حسامُه وقد جلّ في الدين الحنيف مصابُ   أ خولةُ والأيامُ يا أختُ أدبرَتْ قلوباً فزالَتْ ظلمةُ وضباب (   ألا ليتهم من نورِ بأسِك أوقدوا

وفي العصر العباسي لمست المرأة الدرع وقاتلت حتى قال المعري:

إلى لبسِ أدراعِ الحديدِ على رغم   فَقَدْنَ رجالاً وافتَقْرنَ عشيةً ملابسَ حياتٍ خُلِقْنَ من السُّمّ   وما لحييّاتِ النساءِ ولُبْسِها حديدٌ فيَحمون القطينَ كما يحمي (   فأين رجالٌ كان يُحمى عليهم

كما شاركت المرأة المسلمة في الحرب بتضميد الجراح وسقي الجيش، يقول الرصافي في ذلك:

يرُحْنَ إلى الحروب مع الغزاة   وقد كانت نساءُ القومِ قِدْماً ويضمُدْنَ الجروحَ الدامياتِ   يكنَّ لهم على الأعداءِ عوناً عذابَ الهُوْن في أسرِ العداة (   وكم منهن مَنْ أسرَتْ وذاقت

  كما شاركت بالدعوة إلى الله سبحانه بالكلمة الطيبة، وهذه "عَمْرة الأنصارية" ترد على "هند بنت عتبة" التي هددت المسلمين بحرب شعواء بعد مقتل أبيها في يوم أحد فتقول:

يومَ الأعنَّةِ والأرواحِ والراحِ   يا هندُ مهلاً، لقد لاقيْتِ مَهْبَلَةً أبناءُ مُحْصَنَةٍ بيضٌ بجحجاح   أسدٌ غطارفةٌ غرٌّ جحاجحة مع الرسولِ فما آبَوْا بتَقْباح (   هنالك الفوزُ والرضوانُ إن صبَروا

وفي العصر الحديث نرى النساء يعبرن عن حبهن لأوطانهن لاسيما حين يغتربن عنه، فالشاعرة عزة خادم تعود إلى مسقط رأسها الشارقة بعد حنين إليه وتلهف وتقول:

وطني الحبيبِ فلا عدمتُكِ بلدتي   وأتيْتُ مشتاقاً لشارقةِ الوفا وإلى رُباك حنينُه لم يَخْفُتِ   يا موطني لك في الفؤاد تَشَوُّقٌ عنوانَ فخرٍ يا لَبان أمومتي   وعلى الجبينِ رسمْتُ اسمَك دائماً من تربة صانت أصول المنبت (   دوماً بكفي من ترابك حفنة

وقد صور حافظ إبراهيم استنكار المصريات للوجود الاستعماري في مصر، فقد خرجن محجبات ورحن ينددن بالمستعمر الإنكليزي، ويعبرن عن مشاعرهن تجاه هذا العدو الغاشم الذي تصدى لهن فهربن إلى قصورهنه، كما سخر في نهاية المطاف من الجيش المعتدي الذي أعلن انتصاره على النسوة، يقول في ذلك:

ورحْتُ أرقبُ جمْعَهُنَّهْ   خرج النساءُ يحتَجِجْنَ سودِ الثياب شعارهُنَّه   فإذا بهن اتَّخَذْن من ر، وقد أبَنَّ شعورَهُنّه   يمشِيْن في كنَف الوقا عاتٍ تشيبُ لها الأَجِنَّة   فتطاحن الجيشان سا ت الشمل نحوَ قصورِهِنّه   ثم انهزمْنَ مشتَّتا ر بنصرِه وبكَسرِهِنّه (   فليهنأِ الجيشُ الفخو

أما مشاركة المرأة بالسلاح فقد ضربت بذلك أروع عمليات التضحية والفداء هذه "سناء محيدلي" فتاة لبنانية في السابعة عشرة من عمرها تخترق بسيارتها المشحونة بالمتفجرات قافلة سيارات إسرائيلية حربية فتقتل منهم العشرات… ويسمع الشاعر "د.مانع سعيد العتيبة" قصتها فيكبر فيها بطولتها، ويروح يحض الأمة على متابعة الدرب بالسلاح لا بالكلام والخطب التي لا تجدي فتيلاً، وإلا فلتزلزل بها الأرض لتقاعسها، ولتدخل البطلة فسيح جنة الله سبحانه، يقول في ذلك:

قد آنَ أن يتكلمَ الشهداءُ   فلْتَصْمُتِ الأبواقُ والخطباءُ في موكبٍ يرنو له العظماء   كانتْ عروسَ بلادِها لما مضت فلْتسمعي ماذا تقول سناء   يا أمتي هذي رسالةُ روحها أن الذين استُشهِدوا أحياء   يا أمتي آمنْتُ منذ طفولتي إن ظلَّ يحكُم أمرَها السفهاءُ   يا ربِّ زلزلْ أمتي بصواعق أرواحُنا وجميعُنا سعداء (   يا أمتي من أجلِ فجرِك قُدِّمَتْ

وحين قامت الانتفاضة الأولى قتلت فلسطينية يهودياً فطرحها الصهاينة أرضاً، ولما هجمت أمها ألقوها إلى جوارها جثة هامدة… وقد سخر الأميري من هذا الانتصار الصهيوني المزعوم وقال متحدثاً عن بطولة المرأة وما تتعرض له في هذا الواقع المأساوي :

هذي فتاةُ القدسِ قد بصقَتْ عليكم بالحجارَةْ لا تهربوا، بل سدِّدوا الرشاشَ صُبُّوا منه ناره ها قد تجَنْدَلَتِ الفتاةُ وأمها هجَمَتْ مثارة وأصابها الرشاش فانطرحَتْ فنادَوْا بالبشارة ماتَتْ وماتت أمُّها والجندُ أبلَوْا في جدارة فليَهْنأِ الجيش المظفرُ بالجنودِ بنَوْا فخارَه سَجِّلْ أيا تاريخُ للجيشِ اليهوديِّ انتصارَه (

وفي الانتفاضة نفسها قتلت فلسطينية إرهابياً صهيونياً يدعى إليعازار، وكان من جماعة كاهانا، الصهيونية المغالية فقال الشاعر نفسه يتحدث عن صمودها وجرأتها:

صاحتِ البنتُ بمَنْ همَّ بها

ابتعِدوا عني يا … يا سَفَلَةْ

أنا لم أقتلْ إليعازارَ

لا، ألفُ لا، بل أنتمُ يا قَتَلَةْ

سلُوا تقاريرَكُمْ، عما جنَتْ يدُكُمْ

ألستُمُ أنتمُ في ظلِّ دولتِكم

وظلمِكم والخنا أنشأْتُم الجيلا

فشبَّ والثأرُ في أعماقِه حُرَقٌ

مُسَدَّسي أنتمُ أودعتموه يدي

مُسَدَّداً نحو (إليعازارَ) فاغتيلا ([108]) صورة الاستشهادية ريم الرياشي التي ودعت زوجها وأولادها، وانطلقت تجعل من جسدها قنبلة تمزق بها العدو، دفاعاً عن القدس الشريف، ورفضاً لانتهاك حرمته، وقد قال فيها:

لأجلِ عيونِ القدسِ لم تدّخرْ جُهدا   تَخَطَّتْ حدودَ الأرضِ سامقةً صعدا وقبَّلَتِ الأبناءَ وانطلقَتْ شدّا   تسامَتْ على كلِّ العواطفِ والأنا أغار فما أبقى جباناً ولا وَغْدا   تبدّى لهم ريمٌ أغنُّ مُزَنَّرٌ عديدٌ إذا أحصيتُها لم تطِقْ عدّا   فدًى لكِ تيجانٌ، جيوشٌ، وعُدَّةٌ قتالُ نساءٍ تتركُ الزوجَ والوُلْدا   يقول أناسٌ هل يَحِلُّ بشرعِنا تعذَّرَ تلقى ذلك الفارسَ الفردا   وماذا عسى النسوانُ تفعلُ بعدما ودنس قدساً لم يزل طهرها يندى (   وصال على الأعراضِ نذلٌ مُحَقَّرٌ

ويعرض الشاعر "محمود الحديثي" (

بالقدسِ في مسرى النبيِّ لكي تشدّي الزاحفيْنْ أختاه أدري لم يكنْ في الدارِ غيرُ العاجزين فخرجْتِ أنتِ إلى القتال تساعدِين وتُسْعِفين إني عرفْتُك في ثباتِك من سميَّةَ تنهلين إني شهدْتُك والحياءُ يلفُّ وجهَك تضربين هُزم اليهوديُّ الجبانُ وما رأيتُكِ تنثنين

كما تحدثت الشاعرة عزة خادم عن مأساة فلسطين وحيَّت أرض النبوة وبطولاتها. وقارنت بين سلاح الطفل الحجارة، وسلاح العدو الدبابة والطيارة فقالت:

من بعدِ بذلِ النفسِ سوف نسود   حييت يا أرض الطهارة إننا وبها سيوفُ الحق سوف تذُود   هذي الحجارةُ ثورةٌ نحيا بها ليدُكَّ عصراً داؤُه التشريدُ   فالطفلُ يقذِف بالحجارةِ سهمَه ليعيشَ بالرعبِ الجديدِ وليدُ (   والخصمُ يقذفُ بالقذائفِ حقدَه

وعندما اعتدى التحالف الاستعماري على العراق في عام 2003م نددت الشاعرة نفسها بالمعتدين الذين يقصفون بغداد بلا رحمة وهم يريدون القضاء على الأمة العربية، وراحت تَذْكر ماضي بغداد وحاضرها وتقول:

أو هل يغيِّرُ للمحزون أشجانا   إنا بكينا فهل يجدي البكاءُ لنا وأَعمَلوا الغدرَ سماً في حشايانا   قد سَلَّ فينا طغاةُ العصرِ خنجرَهم من أمةِ الضادِ أقصاها وأقصانا   وأَطلقوا حقدَهم في كل ناحية أنباك عما جرى جَوْراً وطغياناً   وللفراتِ أنينٌ لو أصخْتَ له يشكو جراحاً فمَنْ يرثي لجَرْحانا   مهدُ الحضاراتِ يا بغدادُ عالمُنا والنصرُ آتٍ بإذنِ الله يلقانا (   رصافةُ المجدِ صبراً إنَّ لي أملاً

  كما تعرضت المرأة المسلمة خلال عهودها الطويلة إلى جرائم شتى مادية ومعنوية كانتهاك حرمتها ، وتشريدها عن وطنها ، واغترابها عن أرضها ، أو اغتراب أهلها وأولادها عنها .

   ففي العصر العباسي وإبان ثورة القرامطة استباح هؤلاء كرامتها بمذهبهم الإلحادي الفوضوي الذي اعتمد على تحليل الأموال والدماء والأعرض، وقد صور المعري ذلك واستنكر جاهليتهم، ودعا إلى الأخذ بالمنهج الرباني الإسلامي فهو الهادي إلى سواء السبيل، يقول:

لها انتسابٌ إلى القداح أو هَجَر (   ما للمذاهب أمسَتْ مُغَيَّرَة فإنما هي مثلُ النبتِ والشجر   قالوا البريةُ فوضى لا حسابَ لها سجِيَّةُ الحارثِ الحَرّاب أو حُجُر   فالجاهلية خيرٌ من إباحتِهم مُعرَّضات لأهلِ الباطلِ الفُجُر   فما أفادوا سوى إحلالِ نسوتِهم يهدي إلى الحق فاسلُكْهُ ولا تجُرِ (   ضلَّ الأنامُ، وهذا مَنْهجٌ أَمَم

ولعل التاريخ الإسلامي لا ينسى التتر وجرائمهم الكبرى وها هو الشاعر "تقي الدين بن أبي اليسر" يتحدث عن حرب المغول في بغداد ويذكر انتهاك حرمات النساء فيقول في قلب ملؤه الأسى والحسرة:

إلى السِّفاحِ من الأعداءِ دَعَّار   ناديْتُ والسبيُ مهتوكٌ يجرُّهُمُ ما حلَّ بالدين،ِ والباغونَ فُجّار (   إليك يا ربَّنا الشكوى فأنتَ ترى

والظالمون اليوم كسابقيهم فجرة كفرة ينتهكون الأعراض، يذبحون الأبناء ويستحيون النساء، ويعتقلونهن في السجون، وهذا "يوسف العظم" (

كم صغيرٍ ذاقَ الردى بيديه

جرحُها ينزفُ الدماءَ سخينَة

وعجوزٍ في عتمةِ الليل باتَتْ

د، وكانَتْ رمزَ العفافِ مصونة

وفتاةٍ عَذرا مزَّقها القيْـ

أين أقصاكُمُ الذي تحمونه ؟ (

يا حماةَ الأقصى الجريحِ أفيقوا

 كما تعرضت المرأة المسلمة إلى جريمة التشريد، ولاقت الفلسطينيات من ذلك الأذى والهوان، وقد صور الشاعر "وليد الأعظمي" (

إذا نسيْتُ فلا أنسى التي برزَتْ

والدمعُ قد سال فوق الخدِّ مجراه

جاءَتْك تدعو ثبوراً من تعاستها

فارحمْ فؤاداً فراقُ الأهلِ آذاه

تقول يا ربِّ إن الضُّرَّ آلمني

بعداً، وهجرُهُمُ كالنارِ أخشاه

فارقْتُ في القدسِ أهلاً لا أطيق لهم

كفرٌ وظلمٌ وإرهاقٌ وإكراه

ما بالُ قوميَ أمسَوْا لا يحركُهم

هل التقدمُ تركُ الدينِ معناه (

ناشدْتُكُمْ يا أحبائي ضمائرَكم

ومن الجرائر التي تعرضت لها المرأة أيضا الاغتراب السياسي، إذ بعد عنها أبناؤها لسبب سياسي كالحرب أوالسجن أو النفي، وقد جاءت امرأة إلى الفرزدق تطلب إليه أن يتوسط لها عند عامل السند ليعود إليها ابنها بعد أن طال مكثه في الفتوحات، وكان عمر بن الخطاب – رضي الله عنه- نهى أن يحجر الجندي أكثر من أربعة أشهر، فكتب الفرزدق إليه:

لتجعلَه في بعضِ ما كنْتَ لي تهدي   تميمَ بنَ زيدٍ قد سألتُكَ حاجة أجابَ كنصلِ السيفِ سُلَّ من الغمد   وكان تميمٌ لي إذا ما دعوْتُه على عارضٍ تبكي مشقَّقَةَ البُرْد   فما بتّ إلا بَيَّتَتْ أمُّ عارضٍ وهبْتَ طريفاتِ العطاءِ مع التُّلْد (   فهَبْ لي ابنَها فيما وهبْتَ فربما

كما سعت والدة أبي فراس الحمداني إلى الأمير سيف الدولة ليفك أسر ابنها حينما كان في قبضة الروم، ولكن دونما جدوى، وقد علم الأسير الحمداني بذلك فقال في حزن وأسًى:

نتركُها تارةً وننزلُها   يا أمتا هذي منازلُنا نَعُلُّها تارةً وننهَلُها   يا أمتا هذي مواردُنا أيسرُها في القلوب أقتلُها (   أسلمَنا قومُنا إلى نُوَبٍ

ثم يتوجه إلى سيف الدولة فيقول:

عليك دون الورى مُعَوَّلُها   بأي عذرٍ رددْتَ والهةً ينتظرُ الناس كيف تقفلُها   جاءتك تمتاح ردَّ واحدِها تلك المواعيدُ تغفلُلها   تلك الموداتُ كيف تُهملها

وفي العصر الحديث نلقى المغترب السياسي يرسل تحياته إلى أمه مضمخة بدموع الشوق والأسى، هذا "د.أحمد بسام ساعي" يرى زوجته تعزم على العودة إلى الوطن مع أولادها، فيتمنى أن يكون معها ليرى أمه، أما أباه فيتحسر على موته في غيبته، ولذلك فهو يطلب منها أن تأخذ ابنه إلى مثواه ليزوره نيابة عنه، ويروح يقول:

وطيرُ سِنوني ما يزالُ طريدا   تعودين!… عَوْدي ما يزال بعيدا وآهةُ إشفاقٍ تُذيب جليدا   وأمٌّ براني دمعُها ودعاؤها من الأرض يحوي والداً وتَلِيدا   وقبرٌ بعيد ما عرفْتُ مكانه فإنْ أكُ نعمَ ابناً فنعمَ حفيدا (   دعي ولَدي يُلقي عليه تحيةً

وحينما ينفي العدو الصهيوني مجاهدين فلسطينيين إلى مرج الزهور في جنوبي لبنان، في الشتاء القارس، يشارك الشعر في التعبير عن هذه المأساة، ويذكر لوعات الأمهات على فقد أولادهن، وترقبهن لعودتهن بفارغ الصبر، يقول الشاعر "فؤاد أبو زيد" معبراً عن مأساتهن ومأساته:

عن أرضِهم وبيوتِهم تتشرَّدُ   مرجَ الزهور وأنتَ شاهدُ إخوةٍ قد صمَّموا حقاً على أن يصمُدوا   هم عصبةٌ تخِذوا الإله وليَّهم فِلذاتُها بنياطها تتوقَّد   والأمهاتُ من البِعاد تحرَّقَتْ يروا القَرار بعودةٍ تتحَدَّدُ   في كل يوم يرقبُ الأهلون كي

أما غربة السجن فأمرّ وأقسى، وها هو الشاعر "ناجي صبحة" (

حنانَكِ يا أمي يُهَيِّجُ مقلتي

وأنتِ ترَيْنَ الدهرَ يقسو على الابن

أعانكِ ربي في صراعِك للأسى

يعيشون والأيامَ حزناً على حزن

وقلبي مع الأولادِ في حضنِ أمهِم

أحنُّ إلى اللثْغاتِ من ثغرِها الزين

أحنُّ إلى البسماتِ في وجهِ طفلتي

وألهمَك السُّلْوانَ في مؤلم البَيْنِ (

أعانكِ ربي يا شريكَةَ عيشتي

وأما فراق الأبناء بالاستشهاد فقد عبرت عنه الشاعرة "عزة خادم"، حين قدمت لأم الشهيد عزاءها، وعدّتها رمز الفداء، وشاركتها في مصابها، وأكبرت فيها تربيتها، وأثلجت صدرها بالمصير العظيم الذي آل إليه ابنها في جنات ربه، تقول:

فأنتِ الإباءُ وأنت الفِدا   أ أمَّ الشهيدِ إليك العزاءُ تَمَزّقُ حزناً لهولِ الردى   إليكِ عزاءَ القلوبِ التي فتاها الأبيَّ حليبَ الندى   إليكِ فأنت التي أرضعَتْ ليثمُرَ هذا الخلودُ غدا   سموْتِ به فوقَ كلِّ الأماني ماتَ فتلكَ الحياةَ ابتَدا (   فلا تبكِ إن الشهيدَ إذا

هذه صور مشرقة لجهاد المرأة وصبرها على معاناة أبنائها سياسياً، لكن صوراً أخرى قاتمة بدت في صفحات تاريخنا الحديث، رسمتها نسوة كان همهن اللهو والطرب، في الوقت الذي كانت فيه أمتنا العربية والإسلامية تعاني نكبات شتى، ففي أعقاب نكسة حزيران (1967) وقفت أم كلثوم التي دعيت كوكب الشرق، والمطربة فيروز اللبنانية تغنيان الليل والخمر والحب الضائع، حتى قال صحفي (إن حب الكثيرين لأم كلثوم يوازي حبهم لفلسطين!!)…

وهذه المأساة الكبرى جعلت الشاعر يوسف العظم يثور في أعماقه بركان الغضب ويروح يندد بهما وبأغانيهما، وبكؤوسهما المترعة بالآثام، ويسائل أم كلثوم  لِمَ لم تغنِ الجهاد وتهز الحسام، وكيف رضيت أن يهيم بها الناس والأعلام منكسة على ربوع البلاد، وأي شراب سقتهم حتى خدرت مشاعرهم فناموا غير مبالين بآلام الأمة ومعاناتها، والدماء التي تنزف منها، ثم يسخر منها ومن أوسمتها ومن تخاذل المعجبين بها فيقول:

ودلالاً وحُرقةً وهُياما   كوكبَ الشرقِ لا تذوبي غراماً تَتَنَزّى وتبعثُ الآلاما   فدماءُ الأحبابِ في كل بيت مُثقَلات تفجرَّت آثاما   أيها الشعبُ خَدَّرَتْه الليالي أو لعوبٍ في حضنِها يترامى   يتهاوى على ذراع طروبٍ ق؟ وما بالنا نهُزّ الحساما؟   فإلامَ الجهادُ يا كوكبَ الشر لا، ولم تَدخُلي علينا الخياما   لمْ تغنّي يومَ التشرُّدِ حزناً ق وتَسقي من راحتَيْه المُداما   لا تغني الخيامَ يا كوكبَ الشر ورُبى القدس لا تريد النياما   ففلسطينُ لا تحبُّ السُّكارى تاه في حُبِّك القطيعُ وهاما   كوكبَ الشرقِ ضاعَ قوميَ لما وعلى الصدرِ عَلَّقوك وساما   منحوكِ الإعجابَ يا ويحَ قومي ن سُكارى ونكِّسي الأعلاما (   ودَعيهم في كل وادٍ يهيمو

وأخيراً ……

الخاتمة

كان هذا البحث قد قدم صورة لمشاركة المرأة في بناء الحضارة الإسلامية، وقد قدمت بحديث عن المرأة الجاهلية وعفتها، ثم انتقلت إلى أوضاع المرأة في عصورنا الزاهية فهي أم تصنع الأبطال والقادة، وتنشئهم على هدي آيات الله، وهي المدرسة الأولى لبناء المجتمع، وأما الزوجة فلها أهميتها في الترابط الأسري ويختارها الرجل الصالح كما عبر الشعر العربي من ذوات الحسب الفاضل والبيئة النقية، ولئن تشدد المعري في حجب المرأة وأساء الظن بها فإن آخرين أكرموها، وعدوها بلسم جراحهم، وأنس حياتهم، وأما الخلافات التي تنشأ بين القرين وقرينته فأمر يمكن تجاوزه بتعقل الرجل وإدراك المرأة لدورها في الحياة، فهي لم تخلق للزينة فحسب، وإنما لمسؤولية كبرى يتعاون فيها الزوجان على أداء المهمة، وعلى الزوجة أن تضحي وتهب لزوجها حنان الأم، وبسمة الأنثى لتكون راحة لقلبه، فيغدق عليها بلا حساب، كما أن عليها ألا تعترض على هفواته، وإلا هددت بالفراق، وألا تعاتبه على ما كان بينهما لئلا تفتق الجراح، وأن تبتسم له وتكظم ما لا تحبه لئلا يهجرها، وقد يعاني مر الحياة بعدها، ويتذكرها في كل شيء في بيتها، ولكنه لا يذل لها على أي حال وعليها أن تعرف مواطن الداء في الحياة لتداويها، فإن تمكنت من ذلك أعطاها حبه وقلبه وماله، وابتهج بها وسعد بمرآها.

وما أقسى الفراق الأبدي بالوفاة أو بالطلاق على قلب الزوج …

والزواج بثانية يستنكره الشعراء لكبير السن، ويشرطون له شروط الشرع الحنيف.

 والمرأة في الحضارة الإسلامية معززة مكرمة ما كانت كالدرة مصونة، وقد أحاطها الحكام بالرعاية ، ومن تخطى الحدود عوقب ، فإن ابتذلت نفسها نفر منها الصالحون لأنهم لا يريدون امرأة للعبث، بل لصنع الأجيال وتربية الأولاد.

 ونظر الشعراء إلى عملها نظرة إيجابية وواقعية ، فهي في منزلها منشئة لأجيال الأمة و ليست خادمة ولا تمثل التخلف ، كما دعوا إلى أن تتعلم المرأة وأن تعمل ما ينفعها وينفع أمتها وأسرتها ، ولكن عمل المرأة اقترن في العصر الحديث بالدعوة إلى تحريرها ،و رافق ذلك مجيء المستعمر وصارت أداة لجذب الشباب إلى مخططات استعمارية تكيد للإسلام وأهله، ولذلك حذر الشعراء من وقوعها في شرك العدو، ودعوها إلى التزام حجابها، وحذروا من مخاطر الانحراف، وفضحوا الحضارة الغربية وصوروا شقاء المرأة فيها.

أما في المجال السياسي فقد بين الشعراء مشاركة المرأة تطوعاً منذ العصور الإسلامية الأولى في العمل السياسي والعسكري دفاعاً عن الدين ومقدساته، والوطن وحرماته، واستمر هذا التطوع حتى برز في الانتفاضة الفلسطينية في أسمى معانيه، إذ جعلت المرأة من جسدها قنبلة في وجه العدو، ورأت ذلك نوعاً من الجهاد تقاوم به ما تعرضت له من اضطهاد سياسي بالقتل أو بالغربة والتشريد، أو بحرمان الولد .

هذه صفحات مشرقة ومشرفة معاً، ولكن وجد في الطرف الآخر ظاهرة سلبية مثلتها مغنيات رحن يترنمن بالحب والكأس في الوقت الذي كانت فيه الأمة تعاني من جراح النكسات، وقد فجر هذا غضب الشعراء ونددوا بأمثال هؤلاء اللاهيات في أمة لا تزال أعلامها منكسة، وآلامها فاقت الخيال.

 

هوامش بحث المرأة في الحضارة الإسلامية من خلال الشعر العربي

([2]) المرزوقي، أحمد بن محمد، شرح ديوان الحماسة، تحقيق: أحمد أمين وعبد السلام هارون، (القاهرة: لجنة التأليف والترجمة والنشر، 1986) ط2، ج2، ص991 .

([4]) العشماوي، عبد الرحمن، ديوان يا أمة الإسلام، (الرياض: السعودية، مكتبة العبيكان، 1421هـ/1991م) ط1، ص86 .

([6]) مجلة الأدب الإسلامي، عبد القدوس أبو صالح، م5، ع19 س 1419، ص221 بعنوان رثاء أم .

([8]) سلطان العويس شاعر من الشارقة في الإمارات العربية المتحدة، له ديوان شعر، وكان مؤسس جائزة العويس الثقافية: دار الخليج، وحدة الدراسات، شجرة الكلام،  ص15 .

([10]) العشماوي، عبد الرحمن، ديوان إلى حواء، (الرياض : مكتبة العبيكان 1412هـ/1992م) ط2، ص10.

([12]) خادم، قطوف الزمان، ص18-19 .

([14]) العتيبة، مانع سعيد، محطات على طريق العمر، (أبو ظبي: طبع المؤسسة العربية للإعلام والعلاقات العامة، 1960) ط6، ص24 .

([16]) بـُِرْس: القطن : القاموس المحيط مادة برس ، مِرْدانها، مغزلها، القاموس المحيط مادة ردن . والأبيات في : المعري، لزوم ما لا يلزم ، ج:1، ص 198 .

([18]) المعري، لزوم ما لا يلزم، ج 2،ص521 .

([20])  لزوم ما لا يلزم، 1/193 .

([22]) الطباطبائي، ديوان السيد عبد الجليل الطباطبائي (القاهرة: المطبعة السلفية، 1385) ط1، ص2.

([24]) الفرزدق، ديوان الفرزدق، مجلدان (بيروت، دار صادر) ، 294

([26]) د.عارف الشيخ (ولد 1371هـ/1952م) شاعر إماراتي حصل على الدكتوراه في فلسفة الدراسات الإسلامية: معجم الأدباء 2/633 .

([28]) د.ماجد عرسان الكيلاني، شاعر من الأردن وحاصل على شهادة الدكتوراه في التربية، وهو حالياً يدرس في جامعة الشارقة.

([30]) العتيبة، مانع سعيد، ديوان ضياع اليقين، (أبو ظبي، الإمارات، مؤسسة الاتحاد للصحافة والنشر 1988م)، ط4، ص40 .

([32]) العتيبة، ديوان نبع الطيب (أبو ظبي، مطابع مؤسسة الاتحاد للصحافة والنشر 1997) ط1، ص32 .

([34])العتيبة، ديوان نبع الطيب /107 .

([36])العتيبة، ديوان محطات على طريق العمر /120 .

([38]) العشماوي، ديوان إلى حواء ص54  .

([40])العتيبة، ديوان مجد الخضوع/93 .

([42])العتيبة، ديوان محطات على طريق العمر /67 .

([44])العتيبة، ديوان الرسالة الأخيرة /118 .

([46])العتيبة، ديوان ضياع اليقين /68 .

([48]) محمد الفايز (ولد 1932م) شاعر عراقي انتقل إلى الكويت في 1956 فصار من أبرز كتابها، وعضواً في رابطة الأدباء فيها، له دواوين كثيرة: الرومي، نورية صالح، الحركة الشعرية في الخليج بين التقليد والتطور، (الكويت، 1980) ص463 .

([50]) متفصمات: متكسرات. ، القاموس، والأبيات في لزوم ما لا يلزم 1/189 .

([52]) الحافظ ، محمد مطيع، وأباظة ، نزار، علماء دمشق وأعيانها في القرن الثاني عشر الهجري، ج3، ص31-32.

([54]) لم تسهد: لم يصبها الأرق لعنايتهن بها، والأبيات في ديوان الفرزدق، 1/155 .

([56]) الأميري، عمر بهاء الدين، رياحين الجنة شعر في الطفولة والأطفال، (دار البشير: عمان، الأردن) ص88 .

([58]) ابن خالويه، أبو عبد الله الحسين، ديوان أبي فراس، (بيروت، دار صادر، ط 1410هـ/1990م) ص75 .

([60]) مكانسي، عثمان قدري، ديوان نبضات قلب، (عمان : الأردن، دار عمار 1408هـ/1988م) ط1، ص97 .

([62])عبد الرحمن بن عبد الله باكثير (ت975هـ) شاعر من الحجاز، له كتاب تنبيه الأريب: السخاوي، علي بن تاج الدين، منائح الكرم، تحقيق: د.ملك محمد خياط، 7 أجزاء، (مكة المكرمة 1998)،ج: 3 ،  ص271، والشعر في ص272.

([64]) خادم، قطوف الزمان، ص8 .

([66]) الصديق، أحمد محمد، قصائد إلى الفتاة المسلمة، (عمان: الأردن، دار الضياء 1407هـ/1987م)، ص2 .

([68]) ميمون بن عبيد الكبيسي (ولد 1934م)، شاعر عراقي من مدينة كبيسة غربي العراق، له مشاركات شعرية في المناسبات الدينية، ينظر له في: الحديثي، بهجت عبد الغفور، القصيدة الإسلامية وشعراؤها المعاصرون في العراق، دراسة ترجمة نصوص، (الاسكندرية: مصر، المكتب الجامعي الحديث، 2003م) ص393 ، والأبيات في ص397.

([70]) مُهتَّمات: عجائز سقطت أسنانهن، القاموس المحيط.

([72]) الرصافي، ديوان الرصافي /349 .

([74]) نوال مهنّى أحمد أبو زيد شاعرة مصرية من محافظة المنيا ، ولدت 1948، ولقبت بشاعرة الصعيد، وهي عضو في رابطة الأدب الإسلامي، ولها دواوين شعرية بعضها للأطفال: الجدع، معجم الأدباء الإسلاميين، ج3، 1433.

([76]) ثريا محمد مهدي العسيلي (ولدت 1938م) شاعرة مصرية وعضو في رابطة الأدب الإسلامي العالمية: الجدع، معجم الأدباء الإسلاميين، ج1/251، والشعر في ص253 .

([78]) مصطفى بن محمد جلبي البيري البتروني (ت1148هـ) شاعر من حلب، ينظر له في:  سلك الدرر، ج4، ص203، والأبيات في الصفحة نفسها.

([80]) النحاس، فتح الله، ديوان فتح الله بن النحاس، تحقيق: محمد العيد الخطراوي، (المدينة المنورة: مكتبة دار التراث، ط1991) ص187 .

([82]) وديق: شدة الحر، القاموس المحيط مادة ودق ، والبيتان من: الأصفهاني: أبو الفرج، كتاب الأغاني، تحقيق: عبد الكريم إبراهيم الغرباوي، ومحمد أبو الفضل إبراهيم، (بيروت: دار إحياء التراث العربي، 1994) ج4، ص356 .

([84]) فيصل ، شكري، تطور الغزل بين الجاهلية والإسلام، ص462 .

([86]) الأصفهاني، الأغاني، ج2، ص68 .

([88]) أباظة، نزار، الاتجاهات الأساسية للشعر الحديث في دولة الإمارات العربية المتحدة (1920-1990م)، ص63.

([90]) ديوان أحمد محرم.

([92])العشماوي ، ديوان إلى حواء، ص104 .

([94]) جريدة الخليج ع5582 في 26/8/1994 للشاعرة رقية عبد الله من شارقة الإمارات .

([96]) عبد الرحمن طيب بعكر (ولد 1945م) شاعر من حضرموت له ديوان ومؤلفات: الجدع، معجم الأدباء الإسلاميين، ج2، ص685 .

([98]) ديوان حسان بن ثابت، جزءان ( بيروت ، دار صادر، 1971م) ج:1،ص 127 .

([100]) المعري، سقط الزند، تحقيق: أحمد شمس الدين (بيروت دار الكتب العلمية، 1410هـ/1990م) ص394 .

([102]) مجلة هلا، بعنوان هند بنت عتبة وعمرة الأنصارية، ص40. ع 448 الصادر في 4  يونيو 1998 ،

([104]) حافظ إبراهيم، ديوان، ص174 .

([106]) الأميري، عمر بهاء الدين، حجارة من سجيل، (الدوحة: قطر، دار الثقافة ط1409هـ) ص121 .

([108]) عبد الجبار دية (ولد 1954م) شاعر فلسطيني من الخليل، وهو عضو في رابطة الأدب الإسلامي العالمية، فرع الأردن، الجدع، معجم الأدباء الإسلاميين، ص650 .

([110]) محمود بن دللي آل جعفر الحديثي، (ولد 1935) شاعر عراقي وقصائده إسلامية: الحديثي، القصيدة الإسلامية، ص357، والشعر من ص368 .

([112]) نفسه.

([114])المعري لزوم ما لا يلزم ، ص 1/450 .

([116]) يوسف العظم، (ولد 1931) ، شاعر من معان جنوبي الأردن، أصدر سلسلة مع الجيل المسلم، وله دواوين: الجدع، معجم الأدباء الإسلاميين، ج3، ص1487 .

([118]) وليد بن عبد الكريم الأعظمي (1930-2004م) شاعر عراقي له كتب كثيرة: القصيدة الإسلامية ، ص402 .

([120]) ديوان الفرزدق ، ج1، ص161 .

([122]) مجلة الأدب الإسلامي، د.أحمد بسام ساعي : بعنوان سراب المجد، ع5 ص93 .

([124]) صبحة، ناجي، ديوان جراحات (نابلس: فلسطين، منشورات دار الفاروق 1998م)، ص29 .

([126]) العظم، يوسف، في رحاب الأقصى /214، وعن المغنية فيروز ينظر في ص186 .

المصادر والمراجع

(1 ) أباظة، نزار، الاتجاهات الأساسية للشعر الحديث في دولة الإمارات العربية المتحدة (1920-1990م) .

(2 ) الأعظمي، ديوان الأعظمي، تحقيق: أحمد الجدع ،( عمان : الأردن. دار الضياء ، س2004م).

(3 )  الأصفهاني، أبو الفرج، كتاب الأغاني، تحقيق: عبد الكريم إبراهيم الغرباوي، ومحمد أبو الفضل إبراهيم، (بيروت: دار إحياء التراث العربي، 1994) ج4 .

(4 ) الأميري ،عمر بهاء الدين، الإسلام في المعترك الحضاري، (الرياض: الدار العلمية للكتاب الإسلامي، 1414هـ/1993م) .

(5) الأميري، عمر بهاء الدين، حجارة من سجيل، (الدوحة: قطر، دار الثقافة ط1409هـ) .

(6 )   الأميري، عمر بهاء الدين، رياحين الجنة شعر في الطفولة والأطفال، (دار البشير: عمان، الأردن) .

(7 ) البطل ، علي، الصورة في الشعر العربي، حتىأواخر القرن الثاني الهجري، دراسة في أصولها وتطورها (بيروت: دار الأندلس 1983) ط3 .

( 8) الحافظ ، محمد مطيع، وأباظة ، نزار، علماء دمشق وأعيانها في القرن الثاني عشر الهجري،3 أجزاء.

(9 ) الحديثي، بهجت عبد الغفور، القصيدة الإسلامية وشعراؤها المعاصرون في العراق، دراسة ترجمة نصوص، (الاسكندرية: مصر، المكتب الجامعي الحديث، 2003م) .

( 10)   ديوان حسان بن ثابت، جزءان ( بيروت ، دار صادر، 1971م) .

(11 ) الحيدري ، إبراهيم فصيح، عنوان المجد في بيان أحوال بغداد والبصرة ونجد، ط بغداد، دار البصري .

(12 ) الجدع، أحمد، معجم الأدباء الإسلاميين المعاصرين، 3 أجزاء (عمان: الأردن، دار الضياء 1425هـ/2004م) ط2 .

(13 ) جرير، ديوان جرير بشرح محمد بن حبيب ، تحقيق د. نعمان محمد أمين طه ، مجلدان ،( دار المعارف بمصر ، ط1986م) .

(14 ) ابن خالويه، أبو عبد الله الحسين، ديوان أبي فراس، (بيروت، دار صادر، ط 1410هـ/1990م) .

(15 ) دار الخليج، وحدة الدراسات، شجرة الكلام .

 (16 ) ابن ذريح، قيس، ديوان قيس بن ذريح ، تحقيق عدنان زكي درويش ( عالم الكتب ، 1416هـ ، 1996م)، ط1 .

( 17) رابطة الأدب الإسلامي، مكتب البلاد العربية، من الشعر الإسلامي الحديث (عمان : الأردن، دار البشير، 1989م) .

(18 )  الرصافي، معروف، ديوان الرصافي، (بيروت: لبنان، منشورات مكتبة الحياة 1957م) ط6.

(19 ) الرومي، نورية صالح، الحركة الشعرية في الخليج بين التقليد والتطور، (الكويت، 1980)  .

( 20)  السخاوي، علي بن تاج الدين، منائح الكرم، تحقيق: د.ملك محمد خياط، 7 أجزاء، (مكة المكرمة 1998) .

(21 ) شاكر، محمود: التاريخ الإسلامي، (بيروت، دمشق، عمان – الأردن، المكتب الإسلامي 1411هـ/1990م) .

(22 ) شوقي، أحمد، ديوان الشوقيات، 4 أجزاء (بيروت: دار الكتاب العربي 1406هـ/1986م) ط11.

 ( 23) الشيخ، عارف، ديوان شذرات .

( 24) صبحة، ناجي، ديوان جراحات (نابلس: فلسطين، منشورات دار الفاروق 1998م)

(25 ) الصديق، أحمد محمد، قصائد إلى الفتاة المسلمة، (عمان: الأردن، دار الضياء 1407هـ/1987م) .

( 26) : الصفدي، خليل بن أيبك، أعيان العصر وأعوان النصر 6 أجزاء، تحقيق: د.علي أبو زيد (دمشق: دار الفكر، وبيروت: دار الفكر المعاصر ط1998م) .

( 27) الطباطبائي، ديوان السيد عبد الجليل الطباطبائي (القاهرة: المطبعة السلفية، 1385) ط1 .

 (28 ) عبد القادر، عبد الله، ديوان سلطان العويس،

 (29 )  العتيبة، ديوان بشاير، ( أبو ظبي ، المؤسسة العربية للإعلام والعلاقات العامة ، 1996 ) ط2،  

(30 ) العتيبة، ديوان الرسالة الأخيرة ( أبو ظبي، الإمارات، مطابع مؤسسة الاتحاد، 1997) ط8.

(31 ) العتيبة، مانع سعيد، ديوان ضياع اليقين، (أبو ظبي، الإمارات، مؤسسة الاتحاد للصحافة والنشر 1988م)، ط4،

(32 ) العتيبة، مانع سعيد، ديوان لماذا؟( أبو ظبي، الإمارات، مطابع مؤسسة الاتحاد، 1996) ط4.

( 33) العتيبة، ديوان مجد الخضوع (أبو ظبي، مطابع مؤسسة الاتحاد للصحافة والنشر 1997)، ط13.

 (34 )  العتيبة، مانع سعيد، محطات على طريق العمر، (أبو ظبي: طبع المؤسسة العربية للإعلام والعلاقات العامة، 1960) ط6 .

(35 ) العتيبة، مانع سعيد، ديوان المسيرة، (أبو ظبي، الإمارات، طبع مؤسسة الاتحاد) .

(36 ) العتيبة، ديوان نبع الطيب (أبو ظبي، مطابع مؤسسة الاتحاد للصحافة والنشر 1997) ط1 .

( 37) عزة بنت عبد الله خادم من شيخات الشارقة أطال الله عمرها، والأبيات من ديوانها: قطوف الزمان، (نشر وزارة الإعلام في دولة الإمارات سنة 2000م .

(38 ) العشماوي، عبد الرحمن، ديوان إلى حواء، (الرياض : مكتبة العبيكان 1412هـ/1992م) ط2 .

 (39 ) العشماوي ، عبد الرحمن ،ديوان يا أمة الإسلام، (الرياض: السعودية، مكتبة العبيكان، 1421هـ/1991م) ط1

 ( 40) العصامي المكي، عبد الملك، سمط النجوم العوالي في أبناء الأوائل والتوالي، 4 أجزاء (قطر، المطبعة السلفية ) .

 ( 41) العظم، يوسف، ديوان في رحاب الأقصى، (بيروت، المكتب الإسلامي 1400هـ/1980م) ط .

(42 ) : الفاسي ،  محمد بن أحمد الحسني المكي ، العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين ، 7 أجزاء( بيروت : دار الكتب العلمية ، 1998م) .

(43 ) الفرزدق، ديوان الفرزدق، مجلدان (بيروت، دار صادر) ، 1994

(44 ) الفيروزآبادي ، القاموس المحيط .

 ( 45) فيصل ، شكري، تطور الغزل بين الجاهلية والإسلام.

 (46 )   القيرواني، ابن رشيق، العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، (بيروت: لبنان. دار الجيل 1981م) ط5

( 47) الكيلاني، ماجد عرسان، رسالة مفتوحة إلى الفتاة المسلمة في عصر العولمة، (دبي: الإمارات، دار القلم، ط1425هـ/2004م) 

(48 )  المحبي، محمد أمين بن فضل الله، خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر ، 4 أجزاء، (القاهرة: المطبعة الوهبية، ط1889م )

(49 ) المرادي، محمد خليل، سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر، 4 أجزاء ، (تصوير بغداد عن القاهرة 1306هـ/1966م) .

 (50 ) المرزوقي، أحمد بن محمد، شرح ديوان الحماسة، تحقيق: أحمد أمين وعبد السلام هارون، (القاهرة: لجنة التأليف والترجمة والنشر، 1986) ط2، ج2.

(51 ) المعري، سقط الزند، تحقيق: أحمد شمس الدين (بيروت دار الكتب العلمية، 1410هـ/1990م)

 (52 ) المعري، أبو العلاء، ديوان لزوم ما لا يلزم في العظة والزهد وذم الدنيا، تحقيق: د.كمال اليازجي، مجلدان، (بيروت: دار الجيل، 1412هـ/1992م) ط1، ج:1  .

 (53 ) مكانسي، عثمان قدري، ديوان نبضات قلب، (عمان : الأردن، دار عمار 1408هـ/1988م) ط1 .

 ( 54) النحاس، فتح الله، ديوان فتح الله بن النحاس، تحقيق: محمد العيد الخطراوي، (المدينة المنورة: مكتبة دار التراث، ط1991).

                                      الدوريات

(1 ) أندية فتيات الشارقة، كتيب الملتقى الثاني للفتيات المسلمات في الشارقة المنعقد في 10/4/2001م .

(2 ) جريدة الخليج ع5582 في 26/8/1994 للشاعرة رقية عبد الله من شارقة الإمارات .

(3 ) مجلة الأدب الإسلامي، د.أحمد بسام ساعي : بعنوان سراب المجد، ع5 ص93

(4 ) مجلة الأدب الإسلامي، عبد القدوس أبو صالح، م5، ع19 س 1419، ص221 بعنوان رثاء أم .

(5 ) مجلة الأدب الإسلامي، رثاء بنت الشاطئ، نوال مهنى: م8 ع 31  س1425هـ/2002م .

(6 ) مجلة هلا، بعنوان هند بنت عتبة وعمرة الأنصارية، ص40. ع 448 الصادر في 4  يونيو 1998 ،

(7 ) من أمسية شعرية في 24/7/2004 في عمان.من أمسية شعرية في 24/7/2004 في عمان.

(8 ) من أوراق مخطوطة للشاعرة في مقابلة معها في 5/10/2004م .

وسوم: العدد 652