حكم الزيادة في الخلع

مقدمة:

إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، ونشهد أن الا إله إلا الله، وحده لا شريك له، ونشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله وبعد:

فهذا بحث في مسألة (حكم العوض في الخلع بأكثر مما أعطاه الزوج) وهذا الأمر من القضايا الاجتماعية المهمة التي لها ملامسة واضحة للواقع، خصوصاً في هذه الأيام التي كثر فيها الحديث عن (الخلع) وحقوق المرأة فيه، ولاشك أن من أهم حقوقها فيه هذا الحق الذي أفردنا له هذه الدراسة الموجزة.

ومن خلال وضوح هذه المسألة - في الراجح من أقول أهل العلم - تنحسم كثير من المشكلات، وتخفف جملة من المصادمات، وتقل الملابسات والمماحكات، ويلتزم الناس بالأمور العمليات، بعيداً عن المكايدات، التي تؤدي إلى المهلكات.

من هنا تأتي أهمية هذا البحث، ولهذا السبب كاتن اختياري له.

وجاء هذا البحث على النحو الآتي بعد هذه المقدمة:

1- المبحث الأول: تعريف الخلع لغة واصطلاحاً.

2- المبحث الثاني: الأدلة على مشروعية الخلع، وبعض فقهها.

3- المبحث الثالث: الحكمة من مشروعية الخلع.

4- المبحث الرابع: حكم العوض في الخلع بأكثر مما أعطاه الزوج.

5- خاتمة: تتضمن خلاصة البحث وبعض التوصيات.

و أسئل الله أن يجعل هذا العمل نافعاً مفيداً، خالصاً لوجهه الكريم.

الدكتور. عامر حسين الكدرو آل دحيم البو سلامة الصيادي

المبحث الأول

تعريف الخلع لغة واصطلاحاً

أ‌) الخلعُ لغة:

مدار معنى الخلع لغة على النزع والإزالة، لذا تجد أكثر الفقهاء يوجزون المعنى اللغوي بقولهم: الخلع: الإزالة مطلقاً، وقد يسمى الخلع طلاقاً.

جاء في (لسان العرب): خلع الشيء يخلعه خلعه واختلعه كنزعه، وخلع النعل والثوب يخلعه خلعاً، جرده.

وخلع امرأته خلعاً، وخلاعاً فاختلعت، وخلعته: أزالها عن نفسه، وطلقها على بدل منها له.

فهي (خالع) والاسم (الخلعة). وقد تخالعا، واختلعت منه اختلاعاً فهي مختلعة، ويسمى ذلك الفراق بين الزوجين خلعا، لأن الله تعالى جعل النساء لباساً للرجال، والرجال لباساً لهن قال تعالى: ﴿ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ﴾ [البقرة: 187].

وهي ضجيعة، وضجيعته، فإذا افتدت المرأة بمال تعطيه لزوجها ليبينها منه فأجابها إلى ذلك، فقد بانت منه، وخلع كل واحد منهما لباس صاحبه، والاسم من كل ذلك الخلع[1]. واسم الخلع، والفدية، والصلح، والمبارأة، كلها تؤول إلى معنى واحد، وهو بذل المرأة العوض على فراقها، إلا أن اسم الخلع يختص ببذلها لها جميع ما أعطاها، والصلح ببعضه، والفدية بأكثره، والمبارأة بإسقاطها عنه حقاً لها عليه، هذا ما نقله الإمام ابن رشد عن الفقهاء[2].

ب) الخلع في اصطلاح الفقهاء:

تكاد تكون كلمة الفقهاء واحدة في تعريف الخلع، وهنا سوف نعرض هذه التعاريف بما يلى:

1- عند الحنفية: عرف الحنفية (الخلع) بأنه: "إزالة ملك النكاح، المتوقفة على قبولها، بلفظ الخلع، أو ما في معناه" هذا التعريف التمرتاشي[3].

2- عند المالكية: "هو بذل المرأة العوض على طلاقها"[4].

3- أما عند الشافعية فالخلع هو: "فرقة بعوض بلفظ الطلاق أو خلع"[5].

4- وعند الحنابلة عرفوه بأنه:" هو فراق الزوج بعوض بألفاظ مخصوصة"[6].

5- وعرفة الظاهرية بأنه: "الخلع هو الافتداء إذا كرهت المرأة زوجها فخافت أن لا توفيه حقه، أو خافت أن يبغضها، فلا يوفيها حقها، فلها أن تفتدي منها ويطلقها، إن رضي هو"[7].

التعريف المختار:

من مجموع ما سبق يمكن تعريف (الخلع) بأنه:

أ‌- فراق الرجل زوجته.

ب‌- بعوض تدفعه له.

ج- بقبولها ورضاه.

د- بألفاظ مخصوصة.

المبحث الثاني

الأدلة على مشروعية الخلع وبعض فقهها

أجمع العلماء على مشروعية الخلع[8]: وذلك بدلائل الكتاب والسنة، التي سنذكرها بعد قليل، ولم يخالف في هذا إلا قليل شاذ لا يلتفت إليه الكتاب والسنة والإجماع، قال ابن القيم: "ومنع الخلع طائفة شاذة من الناس خالفت النص والإجماع[9]" وقال ابن هبيرة: "واتفقوا على أنه يصح الخلع مع استقامة الحال بين الزوجين[10]"، ومن الذين خالفوا في هذا الإمام أبو بكر بن عبدالله المزني[11]، ليرد عليه اجتهاده، وليثبت بعد ذلك الإجماع فقال: "وبهذا قال جميع الفقهاء بالحجاز والشام، قال ابن عبد البر: ولا نعلم أحداً خالف إلا بكر بن عبدالله المزني، فإنه لم يجزه، وزعم أن آية الخلع منسوخة، بقوله سبحانه وتعالى ﴿ وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا ۚ أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا ﴾ [النساء:20] ودعوى النسخ لا تسمع حتى يثبت تعذر الجمع، وإن الآية الناسخة متأخرة، ولم يثبت شيء من ذلك.

والقول بالخلع هو قول عمر وعثمان وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم جميعاً لم نعرف لهم في عصرهم خالفاً، فيكون إجماعاً[12].

ويقول الشوكاني رداً على قول المزني: "وهو قول خارج عن الإجماع، ولا تنافي بين الأثنين"[13].

وابن رشد لم يذكر الإجماع على ذلك، واعتبر القول بجواز الخلع هو مذهب الجمهور، وفية خلاف شاذ للمزني، وبين إن سبب هذا الخلاف، هو حمل اللفظ في الآية القرآنية التي مر ذكرها في كلام ابن قدامة، على عمومه أو على خصوصه. فقال "فأما جواز وقوعه فعليه اكثر العلماء" وشذ أبو بكر بن عبدالله المزني عن جمهور فقال: لا يحل للزوج أن يأخذ من زوجته شيئاً، واستدل على ذلك بأنه زعم أن قوله تعالى: ﴿ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ﴾ [البقرة: 229] منسوخ بقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [النساء: 20]، والجمهور على أن معنى ذلك بغير رضاها، وأما برضاها فجائز[14]. وعلى كل حال الآيتان لا تعارض بينهما؛ لأن كل واحد منهما، فيها حكم له دلالته وله فقهه.

الخلاصة:

الذي يظهر القول: بأن جواز الخلع مسألة اجتماعية، ومخالفة الإمام المزني لا تضر لما يأتي:

أ‌) لأنه خالف إجماع الصحابة، كما عرفنا ذلك من خلال النقول عن الأئمة السابقين الذين ورد ذكرهم آنفاً.

ب‌) لأنه خالف إجماع الأئمة، فكل الأئمة قالوا بالجواز، لذلك عبر الإمام ابن القيم وغيره من المحققين من أهل العلم - نتيجة لهذا - عن هذا القول بالشذوذ، والشاذ لا اعتبار له، ولا يؤثر على الإجماع.

ج) لأن كل من جاء بعد الإمام المزني، قال بقول الصحابة وسائر العلماء (الذي ينص على الجواز)، ولم يوافقه أحد من الأئمة، لا من الشافعية، ولا من غيرهم من أهل العلم. قال ابن حجر: "وانعقد الإجماع بعده على اعتبار الخلع"[15].

أما مستند هذا الإجماع فيما يأتي:

من القرآن الكريم:

قال الله تبارك وتعالى: ﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فأولئك هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [البقرة:229].

إن كلمة المفسرين اتفقت على أن المراد من حيث الجملة العامة في هذه الآية التي في سورة البقرة، في قسم من أحكام إثبات حكم دين الله عزوجل، وكل الذين تكلموا عن الخلع، وبالذات من الفقهاء يذكرون حكم الخلع، بدلائل الكتاب والسنة، ويذكرون هذه الآية الكريمة كدليل من الأدلة على مشروعية الخلع[16].

وجاء في تفسيرها: ﴿ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا ﴾ [البقرة: 229]، الخطاب للأزواج، لا يحل لكم أن تأخذوا مما دفعتموه إلى نسائكم من المهر شيئا، إذا كان على جهة المضارة لهن، وهنا نكرت (شيئا) للتحقير: أي شيئاً نزراً فضلاً عن الكثير، وخص ما دفعوه إليهن بعدم حل الأخذ منه مع كونه لا يحل للأزواج أن يأخذوا شيئا من أموالهن التي يملكنها من غير المهر، لكون ذلك هو الذي تتعلق به نفس الزوج، وتتطلع لأخذه دون سواه مما هو في ملكها، على أن إذا كان أخذ ما دفعه إليها لا يحل له كان ما عداه ممنوعاً منه بالأولى - وقيل الخطاب في قوله: ﴿ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ ﴾ [البقرة: 229] للأئمة والحكام ليطابق قوله: ﴿ فَإِنْ خِفْتُمْ ﴾ [البقرة: 229]، فإن الخطاب فيه للأئمة والحكام وعلى هذا يكون إسناد الأخذ إليهم لكونهم الآمرين بذلك، والأول أولى، لقوله: ﴿ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ ﴾ [البقرة: 229] فإن إسناده إلى غير الأزواج بعيد جداً، لأن إيتاء الأزواج لم يكن عن أمرهم - وقيل إن الثاني أولى لئلا يتشوش النظم. وقوله: ﴿ إِلَّا أَنْ يَخَافَا ﴾ [البقرة: 229] أي لا يجوز لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا ﴿ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 229] التي حدها للزوجين، وأوجب عليها الوفاء بها من حسن العشرة والطاعة، فإن خافا ذلك ﴿ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ﴾ [البقرة: 229]، أي لا جناح على الرجل في الأخذ، وعلى المرأة في الإعطاء بأن تفتدي نفسها من ذلك النكاح ببذله شيء من المال يرضى به الزوج فيطلقها لأجله، وهذا هو الخلع.

وقد ذهب الجمهور إلى جواز ذلك للزوج، وأنه يحل له الأخذ مع ذلك الخوف وهو الذي صرح به القرآن[17].

ويقول ابن العربي في قوله تعالى: ﴿ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ ﴾ [البقرة: 229] الآية، وفي ذلك تأويلات كلها أباطيل، وإنما المراد به أن يظن كل واحد منهما بنفسه ألا يقيما حق النكاح لصاحبه’ حسبما يجب عليه فيه لكراهية يعتقدها، فلا حرج على المرأة أن تفتدي، ولا على الزوج أن يأخذ[18].

من السنة النبوية:

عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: (أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكنى أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: أتردين عليه حديقته؟[19].قالت: نعم. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة)[20].

وفي رواية (قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: فتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم فردت عليه، وأمره ففارقها )[21].

والذي يظهر بأن خلع امرأة ثابت بن قيس -رضي الله عنه - كان أول خلع في الإسلام كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر[22].

وقولها:" ما أنقم عليه في خلق ولا دين ": أي لا أريد فراقه لضيق في خلقه، آو سوء في دينه، وهــذا دليل على إنصافها، وعدم تدليسها وقول الحق ولو على نفسها، وهذا هو خلق المسلم ويكون هــذا الأمـر على كل حال، في حال الراحة والمقاضاة.

• والامر عند المسلم سواء المهم وهو يعرض مسألته، ان يكون صادقا فلا يكذب، ولا يلف ويدور، ولا يحاول حشد كل قواه لأجل إثبات الأمر لصالحه ولو كان مبطلاً،وما آفة المشكلات في مثل هذه الحالة و إلا عدم الوضوح وعدم الصدق وكل ذلك لأجل أن يحصل الأمر لصالحه ولو بالباطل.

• وفي هذه عظة وعبرة ولما يجب أن يكون عليه المسلم من خلق فلو لم يكن عند امرأة ثابت - رضي الله عنها وعنه وهذا الإنصاف، نتيجة لتربية إيمانية ربانية عالية،لحدث خلط الأرواق ولا تعبوا الحكام ولحدث من المشكلات ما لا تحمد عقباه ولكن حسمت المسألة واتضح الخلل فكان الحل سهلا لذا ربما الذين يسمعون بمثل حادثة امرأة ثابت من الذين لم يتلقوا تربية إيمانية صادقة يقولون هذه لا تعرف مصلحتها لو كانت حاذقة!!! لما قالت عن نفسها ما قالت وحملت نفسها كامل المسئولية وزكت زوجها... كان الأصل أن تكون ذكية!!! فتحمل زوجها كامل المسئولية ولو من باب الكذب والتلفيق والاحتمال والاختلاق وتحمل الأمر ما لا يحتمل فتقول: لا يعاملني معاملة حسنة ولا يطعمني كما يجب ولا يكسوني كمثيلاتي ويقصر تجاهي في حقوقي الزوجية أما عن دينة فحدثوا ولا حرج إنه..... وإنه......وإنه.... وما علم هؤلاء إن كل مثل هذه القضايا إنما هي من تلبيسات إبليس وإغوائه وتضليله وهو أمر مهلك ويورد الهلكة والسوء وغضب الله تبارك وتعالى وهو بدوره يؤدي إلي الضياع في الدنيا والآخرة والعياذ بالله تعالى أما الصدق فهو النجاة وعاقبته محمودة مأمونة وان الله لا يضيع هذا الذي يصدق أبداً والله تعالى يقول ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18]، فالأمر في عالم الرقابة في غاية الخطورة.

لكن مع ضعف الإيمان يستسهل الأمر العظيم ﴿ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ ﴾ [النور: 15]. وفاتهم ما نبه الله تبارك وتعالى عليه بقوله: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾ [الفجر: 14].

وعن وابصة بن معبد - رضي الله عنه - قال: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:(جئت تسأل عن البر؟) قلت: نعم، فقال: (استفت قلبك، البر: ما اطمأنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك)[23].

لذا صدق من قال بأن التربية قبل القانون؛ لأن التربية تنمي في النفس معانى المراقبة الذاتية، فبعد ذلك يصبح أميناً مأموناً، يقول الحق ولو على نفسه، ويرتدع عن الجريمة، ولو هيأت له كل ظروف السر والأمان، في تنفيذها وارتكابها.

لأنه يخاف الله رب العالمين، والقانون لابد منه، و"لأن الله يزع بالسلطان ما يزع بالقرآن" كما قال الخليفة الثالث الراشد، وبهذا تتكمل العملية.

أما قولها: " ولكن أكره الكفر في الإسلام " فما معنى (الكفر) الذي تخشاه في قولها الوارد في نص الحديث؟

فقد نظر أهل العلم إلى المعنى من شعبتين كل واحدة منهما تمثل فهماً معيناً في المعنى.

الأول: كراهية ما يقتضي الكفر، وذلك كأنها تريد أن تقول: إني أكره إن أقمت عنده وأنا كارهة وغير مرتاحة معه، وأنا مبغضة، أن أقع فيما يقتضي الكفر.

الثاني: المراد (كفران العشير): إذ هو تقصير المرأة في حق زوجها، بأن لا تقوم تجاهه بما يجب عليها في الجانب الشرعي ما يجعل هذه المرأة الصالحة التي تخاف الله تعالى رب العالمين، ان تقع في هذا المحذور فيغضب الله تعالى عليها، فتخسر دنياها وآخرتها، وتكون من أهل النار، تشعر بهذا وهي تقرأ قول الله تعالى: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ﴾ [النساء:34].

وتقرأ قول الله تعالى: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور:63]. وهي تعلم بأن إهمال حق الزوج، وعصيانه وكفرانها إحسانه إليها مما يدخلها النار.

عن جابر بن عبدالله قال: (شهدت مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - الصلاة يوم العيد، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة، بغير أذان ولا إقامة، ثم قام متوكئاً مع بلال، فأمر بتقوى الله، وحث على طاعته، ووعظ الناس، وذكرهم، ثم مضى، حتى أتي النساء، فوعظهن وذكرهن، فقال: تصدقن، فإن أكثركن حطب جهنم، فقامت امرأة من سطة النساء، سفعاء الخدين[24] فقالت لم؟ يا رسول الله! قال: لأنكن تكثرن الشكاة، وتكفرن العشير، قال: فجعلن يتصدقن من حليهن، يلقين في ثوب بلال من أقراطهن وخواتمهن)[25]

قال الطيبي في معنى ( الكفر) الذي في حديث: المعنى أخاف على نفسي في الإسلام ما ينفي حكمه من نشوز وبغض وغيره، مما يتوقع من الشابة الجميلة المبغضة لزوجها، إذا كان بالضد منها، فأطلقت على ما ينافي مقتضى الإسلام، الكفر[26].

وقال النووي في معنى (وتكفرن العشير): إنهن يجحدن الإحسان لضعف عقلهن، وقلة معرفتهن، فيستدل به على ذم من يجحد إحسان ذي إحسان[27].

2-وفي نفس القصة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أتردين عليه حديقته التي أعطاك؟ قالت: نعم، وزيادة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما الزيادة فلا، ولكن حديقته. قالت: نعم، فأخذ ماله، وخلى سبيلها، فلما بلغ ذلك ثابت بن قيس قال: قد قبلت قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم )[28].

3- عن الربيع بن معوذ أن ثابت بن قيس بن شماس ضرب امرأته فكسر يدها، وهي جميلة بنت عبدالله بن أبي، فأتى أخوها يشتكيه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأرسل إلية، فقال: (خذ الذي لها عليك، وخل سبيلها). قال: نعم، فأمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تتربص[29]حيضة واحدة، وتلحق بأهلها[30].

4- عن ابن عباس أن امرأة ثابت بت قيس بن شماس اختلعت من زوجها فأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تعتد حيضة[31].

فعل الصحابة الكرام:

مر معنا فيما مضى أن الصحابة الكرام - رضوان الله تبارك وتعالى عليهم - كانوا يقولون بجواز الخلع، بل حكى أكثر العلماء إجماع الصحابة الكرام على ذلك، ويمكن الأن ان نمر على بعض فتاوى وأقضية، الصحابة الكرام رضوان الله تبارك وتعالى عنهم جميعاً، منها:

1- عن ابن جريج، عن موسى بن عقبة، عن نافع،" أن ابن عمر - رضي الله عنهما - جاءته مولاة لامرأته اختلعت من كل شيء لها، وكل ثوب لها حتى نقبتها[32]".[33].

2- رفعت إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - امرأة نشزت عن زوجها، فقال: اخلعها ولو من قرطها، ذكره حماد بن سلمة، عن أيوب، عن كثير أبي كثير عنه[34].

3- عن معمر، عن ليث، عن الحكم بن عتيبة عن على بن أبي طالب - رضى الله عنه: (لا يأخذ منها فوق ما أعطاها)[35].

وغيرها من الأثار الكثيرة الدالة على معنى ما ذكرت آنفاً.

المبحث الثالث

الحكمة من مشروعية الخلع

الأصل في الحياة الزوجية، أن تكون قائمة على السكن، والمودة والرحمة والسكن بكل معانيه وأطيافه، وحسن المعاشرة، ومن نواتج هذا الاستقرار في الحياة الزوجية - كأصل - أداء كل من الزوجين ما عليه من حقوق ويلتزم ما عليه من واجبات ولكن - من باب الواقعية لهذا الدين - قد يحدث أن يكون بين الزوجين نفرة لسبب من الأسباب، فقد يكره الرجل زوجته أو تكره المرأة زوجها.

ولا يستطيع عاقل عارف فاهم أن ينكر مثل هذا الأمر على الأطلاق والإسلام في هذه الحالة - حالة النفرة - يوصي بالصبر والاحتمال، وعدم التعجل في اتخاذ القرار في شأن الفراق من اللحظة الأولى؛ لأن الحياة الزوجية مهما كانت مثالية وإيجابية - لابد أن تعتريها بعض جوانب الكدر والنكد، بحكم ضعف الإنسان وقصوره فإذا كان الأمر يعالج لأول وهلة، بطريق (الفرقة)، إذن لن تستقر حياة زوجين ولو كانا صالحين.

فالصبر والاحتمال وتفويت الفرصة على الشيطان في تعميق الخلاف والشقاق بين الزوجين أمر مطلوب من الناحية الشرعية كما ينصح الإسلام بالعمل على علاج ما عسى أن يكون سبباً من أسباب الكراهية التي وقعت بين الزوجين.

خصوصاً وإن أكثر أسباب هذا الشقاق تكون معلومة معروفة، وإذا عرف السبب بطل العجب، وهانت معالجة المسألة، وذلك بالإصلاح وإبعاد هذه الأسباب، والعمل على إزالتها.

قال تعالى: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 19].

وعلى الرجل تحديداً أن يعمل (فقه الموازنات) في النظر الى هذه الزوجة، في باب الإيجابيات وفي مناحي السلبيات، فهي لا شك وقد ظهرت منها سلبيات معينة عليه أن يتذكر إيجابيات هذه الزوجة فإن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر؛ لأنه لا عصمة لأحد من البشر بعد نبينا - صلى الله عليه وسلم - فبفقه الموازنات هذا، يتحقق النظر في القرار المتخذ، في مالاته ونواتجه وتبعاته، فيكون متحملاً كل هذا عن فقه ودراية وروية وإعمال نظر.

إلا أن هذا الصبر والاحتمال، والأخذ بأسباب العلاج في معرفة كيفية الخروج من هذا المأزق ومحاولة تجاوز الأزمة الحاصلة بين الزوجين، قد لا تثمر، ولا تعطي أي نتيجة إيجابية في هذا الأمر؛ لأن البعض قد يتضاعف ويزداد، ويشتد الشقاق، وتتعمق الكراهية، وتشتد النفرة، ويصعب العلاج، وينفذ الصبر، ويذهب بهاء الحياة الزوجية وصفاؤها وبهجتها، ويذهب ما أسس عليه البيت من السكن والمودة والرحمة، حلت محلها معاني السلب المقابلة، وبدأ هذا الأمر يؤثر بصورة واضحة على القضية (الحقوق والواجبات الزوجية) التي تعتبر خطاً أحمر لا يجوز تجاوزه من الناحية الشرعية، فإن تجووز، فلا بد من النظر الدقيق في المسألة؛ لأن الحياة الزوجية أصبحت غير قابلة للإصلاح[36].

ففي هذه الحالة رخص الإسلام بالعلاج الذي لابد منه، ألا وهو الافتراق، وآخر علاج الكي كما يقولون.

فهنا ننظر فإن كانت الكراهية من قبل الرجل، وعدم الرغبة في الاستمرار في الحياة الزوجية مع هذه المرأة انما سببه هو، فتكون المعالجة بالفرقة عن طريق الطلاق، الذي هو حق من حقوقه، وعقدته بيده، وله أن يستعمل في الوقت الذي يراه مناسباً في ضوء أحكام هذا المبدأ العظيم (الطلاق) وأحكامه وضوابطه وقواعده وحدوده معروفة، وليس محل بحثها في بحثنا هذا.

أما إذا كانت الكراهية من جهة المرأة، فإن الله تعالى شرع لها للخلاص من واقع المرارة التي تعيشها، (الخلع).

قال تعالى: ﴿ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ﴾ [البقرة:229].

وهناك جملة من الحكم العظيمة لمشروعية هذا الحكم، نذكر منها ما يلى:

1- للتوقي من الوقوع في الحرام من قبل الزوجة، وذلك بعدم أمكانية الاستمرار مع الزوج، ويترتب عليه تعدي حدود الله تبارك وتعالى، بأن ( تكفر العشير)، ومن ثم فلا تقوم بالحقوق الزوجية التي تقع عليها فتقع في الآثم العظيم من الله تبارك وتعالى، فدفعاً لها من الوقوع في هذا الحرام، شرع لها الخلاص والفراق لهذا الي تبغض بالخلع. يقول الدكتور عبد الكريم زيدان:" فتشريع الخلع هو للتوقي من تعدي حدود الله التي حدها للزوجين من حسن المعاشرة، وقيام كل منهما بما عليه من حقوق للآخر، مع ملاحظة المماثلة في الحقوق، وقيام الزوجة بما تستدعيه وتستلزمه قوامة الرجال على المرأة، وما يلزمها من قيام بأمور البيت، وتربية الأولاد، وعدم المضارة[37].

2- إثبات حقيقة، إنصاف الإسلام للمرأة في باب مالها وما عليها، ويبرز هذا من خلال جملة من المبادئ والمفاهيم والفقه، ومنها مبدأ (الخلع)، إذ أن الإسلام الذي جعل القوامة للرجل، والطلاق بيده، كحق خالص يمارسه متي شاء، وله من الحقوق ماله، كل ذلك بفقه دقيق، ولحكم جليلة وعميقة، أهمها أنه لا شيء يبنى عليه في هذا الباب، يمكن اعتماده على أساس إهانة المرأة أو تحقيرها، أو التقليل من شأنها، وتغير دورها وقيمتها في صناعة الحياة، لذا كانت المعاشرة بالمعروف أمراً حقوقياً مشتركاً بين الرجل والمرأة، ومن هنا كانت لها حقوق مستقلة كما عليها واجبات، بالإضافة إلى حقوق المشتركة.

وفي ما نحن بصدده، يقر الإسلام بحق المرأة في أن تحب، كما له الحق في أن تبغض لأنها إنسانة لها عواطفها ومشاعرها وكرامتها وإنسانيتها، ومن حقها أن ترتاح في حياتها، ومنها الحياة الزوجية، ومعلوم أن كل ذلك منضبط بضوابط، ومقيد بقيود، وله أصول وأحكام.

وتتأكد حقيقة هذه الحكمة، وتعرف قيمتها جلية من خلال المقارنة بين حكم الإسلام هذا، وحكم جاهلية الأمس واليوم، لوجدنا الإجابة في مثل هذا المرأة لا يحق لها أن تحب، ولا أن تكره، ولا أن تطالب، ولا ان ترغب وإن حدث في نفسها شيء من ذلك - هو أمر بدهي حدوثه - لابد أن تكظم وتبلع وتحصر ذلك في نفسها، والويل كل الويل إن نبست ببنت شفة بما يدور في خلدها في هذا، أو تبوح بمعاناتها التي تعانيها.

إنها امرأة... إن تسكت بل تخرس، إنها امرأة... فليس لها إلا الذي يراد لها، إنها امرأة... فعيب وعار عليها وعلى أهلها وعشيرتها أن تخالف مراد ولي أو زوج، وهكذا من أمر الجاهلية الهراء هذا. ولا عجب على الجاهلية الحمقاء الأولى التي كانت تفعل ما هو أعظم من هذا، كالوأد ومنعها من الميراث، وربما حرقها بجانب زوجها المتوفى وهي على قيد الحياة، كما عند قدامى الهنود!! وغير ذلك من صور الجاهلية.. لأنها بلا نبي ولا كتاب ولا هدي سماء.

لذا جاءت تعاليم الإسلام، محاربة هذه الجاهلية، ومعطية المرأة حقوقها التي تستحقها، مع تقدير كامل لإنسانيتها وكرامتها، خصوصاً بالنظر إلى سعادتها وشقاوتها، إنه الفرق الشاسع بين الجاهلية والإسلام،إنه معنى تنمية حب الله في نفس المرأة، لأنها وكلت إلى العدل المطلق.

يقول سيد قطب:" وحين يوازن الإنسان بين أسس هذا النظام الذي يريده للبشر والمجتمع النظيف المتوازن الذي يرف فيه السلام، وبين ما كان قائماً وقتها في الحياة البشرية، يجد النقلة بعيدة بعيده... كذلك تحتفظ هذه النقلة بمكانها السابق الرفيع حين يقاس إليها حاضر البشرية اليوم في المجتمعات الجاهلية التي تزعم أنها تقدمية في الغرب وفي الشرق سواء، ويحس مدى الكرامة والنظافة والسلام الذي أراده الله للبشر، وهو يشرع لهم هذا المنهج وترى المرأة - بصفة خاصة - مدي رعاية الله لها.. وبالتالي فمن المؤكد أنه ما من امرأة سوية تدرك هذه الرعاية الظاهرة في هذا المنهج، إلا ويثبت في قلبها حب الله[38].

3- وبناء على الحكمة السابقة تظهر حكمة تشريع الخلع الذي هو (إزالة الضرر الذي يلحق هذه الزوجة المعذبة، بسوء العشرة والمقام مع من تكرهه وتبغضه، ولا ترتاح وتسكن إليه[39].

يقول الدكتور عبد الكريم زيدان:" إن تشريع الخلع كان لإزالة الضرر عن الزوجة بسبب بقاء النكاح بينها وبينه لبغضها له، أو لعدم قيامه بحقوقها، فكأن هذا الغرض هو المنظور إليه في تشريع الخلع، وهو في المقام الأول من حكمة تشريع الخلع[40].

4- إنصاف الزوج: وتشريع الخلع، كما فيه تقدير لحال المرأة، واعتراف لها بحقوقها الشعورية و الاختيارية[41]. يجب أن يكون فيه كذلك توازن من خلال النظر إلى الطرف الآخر الذي هو الزوج.

فهذا الزوج ربما يحبها ويريدها ويرغب ببقائها معه، ففراقها إياه يحدث ألماً نفسياً كبيراً له، إضافة إلى حدوث بعض المسائل الأخرى التي تغير عليه حياته، فهذا ضرر قد يكون لابد منه، فهي آلام أشبه ما تكون بآلام العملية الجراحية التي تمليها الضرورة، أما من غير الإنصاف أن لا يكون لهذا الزوج تعويض وبدل عن هذا الذي خسره، من مهر، وتكاليف زواج وزفاف، ونفقة على هذه المرأة، وغير ذلك من المتعلقات هذه المسألة في أمر لا ذنب له فيه فهي بما لا تعيب عليه خلقاً ولا دينا... ولكنها تريد أن تستقل وتفارق لأجل راحتها وسعادتها التي ترجوها، لهذا كانت مسألة أخذ الفدية عدلا وإنصافا، وحكمة عظيمة في حل هذه الإشكالية الطارئة على الحياة الزوجية، بقاعدة ( لا ضرر ولا ضرار )[42].

يقول سيد سابق:" وفي أخذ الزواج الفدية عدل وإنصاف، إذ أنه هو الذي أعطاها المهر، وبذلك تكاليف الزواج والزفاف، وأنفق عليها، وهي التي قابلت هذا كله بالجحود، وطلبت الفراق، فكان من النصفة أن ترد عليه ما أخذت"[43].

5- إبراز واقعية الإسلام: إذ أن من خصائص هذا الدين الرباني، خاصية الواقعية، فهو ينظر إلى الأمور بواقعيتها، ويشرع لها بواقعيتها، فالإسلام ليس فلسفة خيالية، ولامنهجية نظرية عصية على التطبيق، ومن واقعية التشريع الإسلامي أنه نظر إلى البناء الأسري، نظرة واقعية، بما فيه من مناحي السمو والارتفاع، وبما فيها من حقائق العاطفة والانفعال، وبما يعتريها من عوامل النقص والضعف، والميول والنزاعات، كل ذلك لأن الإحاطة العامة لمثل هذه المسائل، إنما هو التعامل مع الإنسان، كإنسان، ومن يعرف طبيعة هذا الإنسان على واقعيتها يدرك قيمة هذه الخاصية العظيمة من خصائص الإسلام.

يقول سيد قطب:" إن الإسلام يشرع لناس من البشر، لا لجماعة من الملائكة، ولا لأطياف موهومة بالرؤى المجنحة، ومن ثم الا ينسى - وهو يرفعهم إلى جو العبادة بتشريعاتها وتوجيهاته - أنهم بشر، وأنها عبادة من بشر.. بشر فيهم ميول ونزاعات، وفيهم نقص وضعف، وفيها ضرورات وانفعالات، ولهم عواطف ومشاعر، وإشراقات وكثافات.. والإسلام يلاحظها كلها ويقودها جملة في طريق العبادة النظيف، إلى مشرف النور الوضئ، في غير ما تعسف ولا اصطناع، ويقيم نظامه كله على أساس أن هذا الإنسان إنسان[44].

المبحث الرابع

حكم العوض في الخلع بأكثر مما أعطاه الزوج

لا يجوز عضل المرأة، ومضارتها، والتضييق عليها من خلال إساءة معاملتها، والضغط عليها بكل الوسائل حتي تترك ما أعطاها، وهذا من الظلم، وعمل الجاهلية، والمسلم يجب أن يترفع عن هذا الخلق، الذي يعبر عن الخسة والدناءة، وعدم المروءة والشهامة.

يقول الله تعالى: ﴿ وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ﴾ [النساء: 19].

يقول صاحب المنار: "وقد حرم الله المضارة لأجل أن يأخذ الرجل منها - أي من زوجته - بعض ما كان آتاها من صداق أو غيره، فعلم منه أن المضارة لأخذ جميع ذلك أو أكثر منه حرام بالأولى"[45].

ويقول السعدي: "وكانوا في الجاهلية إذا مات أحدهم عن زوجته، رأي قريبه، كأخية، وابن عمه ونحوهما، أنه أحق بزوجته من كل أحد، وحماها من غيره، أحبت أو كرهت. فإن أحبها تزوجها على صداق، يحبه دونها، وإن لم يرضها، عضلها، فلا يزوجها إلا من يختاره هو. وربما امتنع من تزويجها، حتي تبذل له شيئاً من ميراث قريبه، أو من صداقها.

وكان الرجل أيضاً يعضل زوجته التي يكون يكرهها ليذهب ببعض ما آتاها، فنهى الله المؤمنين عن جميع هذه الأحوال إلا حالتين: إذا رضيت، واختارت نكاح قريب زوجها الأول، كما هو مفهوم قوله (كرها)، وإذا أتين بفاحشة مبينة، كالزنا، والكلام الفاحش، وأذيتها لزوجها، فأنه في هذه الحال يجوز له أن يعضلها، عقوبة لها على فعلها، لتفتدي منه إذا كان عاضلاً بالعدل"[46].

أما إذا كانت العلة من الزوجة وحدها، لسبب من الأسباب، فهذا جائز فيه العوض، لتفتدي نفسها، وبهذا قال الفقهاء كافة، وقد ذكرنا الأدلة على جواز ذلك في المبحث الثاني.

يقول ابن قدامة:" إذا كرهت المرأة زوجها لخلقة أو خلقة، أو دينة، أو كبرة، أو ضعفة، أو نحو ذلك،وخشيت أن لا تؤدي حق الله في طاعته، جاز لها أن تخالعه بعوض تفتدي نفسها منه، لقولة تعالى: ﴿ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ﴾. [البقرة:229]، ولحديث ثابت بن قيس...

وبهذا قال جميع الفقهاء، ولا يعرف لهذا القول مخالف من الصحابة"[47].

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل يجوز للرجل أن يفادي المرأة بأكثر مما أعطاها؟

وهذا السؤال، يعبر عن حالة اجتماعية حاصلة وواقعة في معاملات الناس، خصوصاً إذا كانت المسألة بينهما دخلت طور المناكفة والمكايدة، ومحاولة كل طرف أن يلوي ذراع الآخر، بل تصل الأمور أحياناً إلى مرحلة كسر العظم، وهذا ما نرى منه كثيراً في زماننا الحاضر، الذي قل فيه دين بعض من الناس - والعياذ بالله.

وأصل فقه المسألة، ومن خلال كل التفاصيل، محاولة إيجاد مخرج شرعي، لعلاقة زوجية، يشوبها الكدر، وتعتريها عوامل الضعف، وتحيط بها معالم النقص.

أما أقوال العلماء في المسألة، فسنعرضها كما يأتي:

أ‌- مذهب جمهور العلماء:

ذهب جمهور العلماء إلى جواز أخذ زيادة على ما أعطاها، المهم أن يكون بالتراضي بين الزوجين.

قال النووي:" ويصح عوضه قليلاً وكثيراً"[48].

ويقول ابن رشد:" أما مقدار ما يجوز لها أن تختلع به، فإن مالكاً والشافعي وجماعة، قالوا: جائر أن تختلع بأكثر مما يصير لها من الزوج في صداقها، إذا كان النشوز من قبلها، وبمثله، وبأقل منه"[49].

ودليل هذا الفريق من العلماء، قول الله تعالى: ﴿ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ﴾ [ البقرة:229].

فهذا عموم يشمل ما افتدت به، سواء كان بمقدار ما أعطي الزوج، أو زيادة على ذلك[50].

ب‌- مذهب الحنفية:

إذا كان هو الناشز، فيكره أن يأخذ منها شيئاً، أما إذا كانت هي الناشزة كره له أن يأخذ أكثر مما أعطاها، وإن أخذ منها أكثر مما أعطاها حل له.

يقول الموصلي:" ويكره أن يأخذ منها شيئاً إن كان هو الناشز، وإن كانت هي الناشزة كره له أن يأخذ أكثر مما أعطاها، وإن أخذ منها أكثر مما أعطاها حل له"[51].

ويقول الكاساني:" وأما الزيادة على قدر المهر ففيه روايتان، ذكر في كتاب الطلاق أنها مكروهة، وهكذا روي عن علي - رضى الله عنه - أنه كره للزوج أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها، وهو قول الحسن البصري، وسعيد ابن المسيب، وسعيد بن جبير، وطاووس، وذكر في الجامع الصغير: أنها غير مكروهة، وهو قول عثمان البتي وبه أخذ الشافعي"[52]

ودليل هذا المذهب، قوله تعالى: ﴿ فإن خفتما أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ﴾ [ البقرة:229]، نهي عن أخذ شيء مما أعطاها من المهر، واستثنى القدر الذي أعطاها من المهر، واستثنى عند خوفهما ترك إقامة حدود الله، والنهي عن أخذ شيء من المهر، نهي عن أخذ الزيادة على المهر من طريق الأولى، كالنهي عن التأفف، أن يكون نهياً عن الضرب الذي هو فوقه بالطريق الأولى[53].

وكذلك في قوله تعالى: ﴿ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ﴾ [البقرة: 229] ذكر في أول الآية ما أتاها فكان المذكور في آخرها، وهو قوله: ﴿ فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ﴾ [البقرة: 229] مردودا إلى أولها، فكان المراد من قوله  فِيمَا افْتَدَتْ ﴾ [البقرة: 229] أي بما آتاها، وبه يقال، أي: إنه يحل له قدر ما أتاها[54].

وفي حديث صحيح، تقدم ذكره في أدلة مشروعية الخلع.. إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للمرأة التي تريد الخلع (أتردين عليه حديقتك التي أعطاك؟ قالت: نعم وزيادة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أما الزيادة فلا).

نهى عن الزيادة، مع كون النشوز من قبلها، وبه تبين أن المراد من قوله: ﴿ فِيمَا افْتَدَتْ ﴾ [البقرة: 229] قدر المهر لا الزيادة عليه، وإن كان ظاهراً عاماً عرفنا ببيان النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي هو وحي)[55].

وفي رواية ابن ماجة[56] والنسائي[57]: أنها قالت: لا أطيقه بغضاّ، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم - (أتردين عليه حديقته)، قالت: نعم، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أن يأخذ الحديقة ولا يزداد.

قال الشوكاني عن الحديث: إسناد رجاله ثقات[58].

لا يجوز أن يكون العوض، بأكثر مما أعطى الزوج زوجته من مهر، فإن أخذ أكثر مما أعطاها يكون إثماً.

وهذا قول سعيد بن المسيب وعطاء، وعمرو بن شعيب، والزهري، وطاووس، والحسن، والشعبي، وحماد بن أبي سليمان، والربيع بن أنس[59].

قال الشوكاني:" وقد أفاد ما ذكرنا أنه لا يجوز للزوج أن يأخذ منها، أكثر مما صار إليها منه، وقد ذهب إلى هذا، علي - رضي الله عنه - وطاووس وعطاء والزهري..."[60].

وأدلة هذا الفريق من العلماء، هي نفس الأدلة التي استدل بها الحنفية؛ إلا أن الحنفية يقولون بكراهة الاخذ زيادة على ما أعطى، والأدلة التي ساقوها تفيد عندهم الكراهة.

إلا أن هذا الفريق من العلماء، فهموا من هذه الأدلة عدم الجواز.

ت‌- القول الراجح:

الذي يظهر، أن الراجح من أقوال أهل العلم، قول الفقهاء الثالث، الذي ينص على عدم جواز أخذ أكثر مما أعطاه الزوج لزوجته في حال المخالفة.

وذلك لورود الأحاديث الصحيحة، التي نهى فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أخذ الزيادة.

"والاحتجاج بأن قوله تعالى: ﴿ فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ﴾ [البقرة: 229] عموم يشمل العوض القليل والكثير، أو أنه مطلق غير مقيد بمقدار ما أعطاه لها فيجري على أطلاقه، فيجوز أن يكون العوض أكثر مما أعطاها من المهر، أقول: هذا الاستدلال على هذا التفسير غير قطعي، إذ تحتمل الآية تفسيراً آخر، كأن يقال أن المراد من قوله تعالى ﴿ فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ﴾ [البقرة: 229] محمول على ما قدمه زوجها لها.

فيكون التفسير: لا جناح عليهما فيما تقدمه عوضاً، في خلعها من المال الذي أعطاه الزوج لها، فيكون العوض بعضه لا كله ولا أكثر منه، فهذا التفسير للآية الكريمة محتمل، ومع هذا الاحتمال لا يمكن الاستدلال بالآية على ما ذهبوا إليه من جواز أن يكون العوض بقدر المهر أو أكثر منه بحجة عموم الآية، أو أطلاقها؛ لأن الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال"[61].

كما أن قاعدة (الظلم ظلمات) تؤكد هذه الترجيح، إذ من الظلم أن نحمل الزوجة ما لا تطيق، مستسلمين لمطالب الزوج، خصوصاً إذا كان جشعاً مادياً، عاشقاً للمال، وعابداً للدرهم، وهو يلاحظ حاجة الزوجة إلى هذا الفراق، فيجعلها تحت مطرقة مطالبه، لتكون ضحية يجثم فوقها هذا الوحش ليمص دمها، ويتركها جلداً على عظم.

الخاتمة

مما سبق يتبين لنا، أن الخلع مشروع بأدلة الكتاب والسنة والإجماع، ويكون وقوعه ضمن حدود شرع الله، من خلال ضوابط فقهية مذكورة، ومبسوط القول بها في كتب العلماء.

ولهذا حكم جليلة وعظيمة، ذكرنا بعضها في ثنايا هذا البحث.

وهنا لابد من ذكر بعض التوصيات:

1 - أني أوصي لجان تقنين الشريعة في الدول الإسلامية في مجال ( الأحوال الشخصية ) في باب ( الخلع ) أن يعتمدوا مادة تنص على منع أن يأخذ الزوج أكثر مما أعطاه لزوجته، لأن الأدلة الشرعية تفيد هذا، ودفعاً للظلم الذي يمكن أن يقع على الزوجة بهذه الزيادة التي تشترط من قبل الزوج.

2 - كما نوصي المفتين أن يعتمدوا هذا للعلة التي قد ذكرنا آنفاً.

3 - أما لجان (الصلح )، ينبغي لها أن تعتمد هذه الفتوى، ليكون الصلح سهلاً ميسوراً، بعيداً عن عنت الزوج، ومكابرته، ودفعاً لروح المناكفة الاجتماعية، أو المكايدة الخصومية، التي مبعثها عمل الشيطان.

[1] (لسان العرب) (9/ 429) - محمد بن مكرم منظور. دار النشر- دار صادر- بيروت. الطبعة الأولى.

[2] (بداية المجتهد ونهاية المقتصد) (3/ 129)- محمد بن أحمد بن رشيد الحفيد. تحقيق: محمد صبحي حسن حلاق.- دار ابن تيمية- القاهرة.

[3] (حاشية بن عابدين) (5/ 68)- محمد آمين بن عابدين. تحقيق محمد صبحي حلاق- د. عامر حسين. دار إحياء التراث. بيروت- لبنان1998م.

[4] (بداية المجتهد) (3/ 129)- ابن رشد.

[5] (المنهاج) ص226- محيي الدين يحيى بن شرف النووي. دار الفكر- بيروت.1992م.

[6] (الروض المربع) ص 368- منصور البهوتي. عالم الكتب- لبنان.1985م.

[7] (المحلى) (10/ 235)- أبو محمد علي بن حزم الأندلسي. مطبعة الإمام- مصر.

[8] (الإفصاح) (2/ 144)- يحيى بن محمد هبيرة الشيباني. عالم الكتب- بيروت- لبنان. 1989م.

[9] (زاد المعاد) (2/ 193)- ابن القيم الجوزية الزرعي. تحقيق: عبد القادر الأرناؤوط، شعيب الأرناؤوط. مؤسسة الرسالة- بيروت.

[10] (الإفصاح) (2/ 144)- أبن هبيرة.

[11] (بداية المجتهد)(3/ 130)- ابن رشد.

[12] (المغني) (7/ 52)- الموفق ابن قدامة المقدسي. مطبعة المنار- القاهرة. الطبعة الثالثة.

[13] (فتح القدير) (1/ 239)- محمد بن علي الشوكاني. دار الفكر- بيروت- لبنان.

[14] (بداية المجتهد) (3/ 130-131)- ابن رشد.

[15] (فتح الباري) (9/ 395)- الحافظ ابن حجر العسقلاني. دار الفكر- بيروت-لبنان.

[16] (فتح القدير) (1/ 238)- الشوكاني.

(روح المعاني) (2/ 193)- لأبي الثناء الألوسي- دار الفكر- بيروت- لبنان.

(تفسير القرآن العظيم) (1/ 130) أبو الفداء، إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي. المكتبة العصرية- صيدا- البنان. 1994.

(الجامع لأحكام القرآن) (1/ 130) - أبو عبدالله محمد بن أحمد القرطبي. دار إحياء التراث العربي- بيروت.1985م.

[17] (فتح القدير) (1/ 238)- الشوكاني.

[18] (أحكام القرآن) (1/ 263)- محمد بن العربي الإشبيلي دار الفكر- المنصورة.

[19] الحديقة: البستان.

[20] (صحيح البخاري) (6/ 209رقم5273) - كتاب: الطلاق- باب: الخلع، وكيفية الطلاق فيه. دار الفكر- بيروت- لبنان.1995م.

[21] (صحيح البخاري) (6/ 209 رقم 5276)- كتاب الطلاق- باب الخلع وكيفية الطلاق فيه.

[22] (فتح الباري)(9/ 399)- ابن حجر.

[23] (المسند) (4/ 228)- أحمد لابن حنبل. تحقيق: أحمد شاكر- دار المعرف- مصر. وحسن النووي الحديث في (رياض الصالحين) ص289. تحقيق: شعيب الأرناؤوط. مؤسسة الرسالة. ط1984م.

[24] سطة النساء: جالسة في وسطهن. سعفاء الخدين: فيها تغير وسواد. (شرح صحيح مسلم) (6/ 415)- محيي الدين بن شرف النووي. تحقيق وتخريج: خليل مأمون شيحا. دار المعرفة- بيروت- لبنان. 1995م.

[25] (صحيح مسلم بشرح النووي) (6/ 414 رقم2045). كتاب: الصلاة- باب: صلاة العيدين.

[26] (فتح الباري) (9/ 400)- ابن حجر.

[27] (شرح صحيح مسلم) (6/ 415)- النووي.

[28] (سنن الدار قطني) (3/ 255 رقم 39)- وقال الدار قطني: إسناده صحيح. عني به: عبدالله هاشم يماني المني. دار المحاسن- بيروت- لبنان. ووافقه على التصحيح الشوكاني في كتابه (الدار المضية) (2/ 15). تحقيق: محمد صبحي الحلاق. دار الإرشاد- صنعاء.

[29] تتربص: تنتظر. (حاشية الإمام السندي على السنن النسائي (6/ 497) -دار المعرفة- بيروت- لبنان. 1994م.

[30] (سنن النسائي) (6/ 497/ رقم 3497)- كتاب الطلاق. عدة المختلعة. وهو صحيح. صححه الألباني في كتابه (صحيح الترمذي) (1/ 349رقم 945). المكتب الإسلامي- بيروت- لبنان.

[31] (سنن أبي داود) (2/ 276-277 رقم 2229). كتاب: الطلاق. باب: في الخلع. الدار المصرية اللبنانية- القاهرة- 1988. والحديث صحيح.

[32] النقبة: ثوب كالإزرار، ويشد كما يشد السراويل. انظر: هامش (زاد المعاد) (5/ 194)- ابن قيم.

[33] (المصنف) (6/ 505 رقم 11853)- عبد الرزاق الصنعاني. تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي. المكتب الإسلامي. بيروت- لبنان.1380هــ. وسنده صحيح.

[34] (المحلى) (10/ 240)- ابن حزم.

[35] (المصنف) (6/ 305 رقم 11844)- عبد الرزاق الصنعاني وسنده الصحيح.

[36] (فقه السنة) (2/ 252)- سيد سابق. مكتبة المسلم- مصر.

[37] (المفصل في أحكام المرأة) (8/ 125)- د. عبد الكريم زيدان. مؤسسة الرسالة- بيروت- لبنان- 1993م.

[38] (في ظلال القرآن) (1/ 239)- سيد قطب. دار الشروق- بيروت- لبنان-1990م.

[39] (المغني) (7/ 25)- ابن قدامة.

[40] (المفصل) (8/ 125)- د. عبد الكريم زيدان.

[41] كل ذلك ضمن الضوابط الشرعية المعروفة، والمفصل الكلام عنها في كتب الفقهاء.

[42] انظر في تفاصيل هذه القاعدة. (الوجيز في شرح القواعد الفقهية في الشريعة الإسلامية) ص47- د. عبد الكريم زيدان. مؤسسة الرسالة- بيروت- لبنان. 1997م.

[43] (فقه السنة) (2/ 252)- سيد سابق.

[44] (في ظلال القرآن)- سيد قطب.

[45] (تفسير المنار) (4/ 456)- محمد رشيد رضا. دار المعرفة- بيروت-لبنان.

[46] (تفسير السعدي)- ص151. خرج أحاديثه وعلق عليه: السيد بن أحمد أبوسيف. مكتبة الإيمان- المنصورة.

[47] (المغني) (7/ 51)- ابن قدامة.

[48] (المنهاج) ص226- النووي.

[49] (بداية المجتهد) (3/ 132)- ابن رشد.

[50] (تفسير ابن كثير) (1/ 275)- ابن كثير.

[51] (الاختيار لتعليل المختار) (3/ 193)- عبدالله بن محمود الموصلي الحنفي. علق عليه: خالد العك. دار المعرفة- بيروت- لبنان.2002م.

[52] (بدائع الصنائع) (3/ 236) علاء الدين مسعود الكاساني. تحقيق: محمد عدنان درويش. دار إحياء التراث العربي- بيروت- لبنانز1998م.

[53] (بدائع الصنائع) (3/ 236)- الكاساني.

[54] (بدائع الصنائع) (3/ 327)- الكاساني.

[55] المرجع السابق.

[56] (سنن ابن ماجة) (1/ 663رقم2056)- ابن ماجة القزويني. دار الفكر- بيروت- لبنان. 1995م.

[57] (سنن النسائي) (6/ 169)- النسائي.

[58] (الدراري المضية) (2/ 17)- الشوكاني.

[59] (بدائع الصنائع) (3/ 327)- الكاساني.

(تفسير ابن كثير) (1/ 275) -ابن كثير.

(تفسير القرطبي) (3/ 141)- القرطبي.

(المغني) (7/ 53) ابن قدامة.

[60] (الدراري المضية) (2/ 18)- الشوكاني.

[61] (المفصل) (8/ 193)- د. عبد الكريم زيدان.

وسوم: العدد 658