ذاك المبدع الفنان محمد الأمين

شيء من ذاكرة الزمن الجمــيل

توثيقي للفن السوداني

سليمان عبد الله حمد

[email protected]

المطرب ابن الجزيرة محمد الأمين، مغنٍّ مبدع تفوق على الكثيرين في فن الغناء السوداني. فهو المطرب الذي جمع بين موهبتي التلحين والأداء، فقد قام بتحلين جميع أغانيه، كما ساهم في تلحين بعض الأغاني لعدد من المغنين الناجحين في المجتمع السوداني، منهم الفنان الكبير الصاعد ابو عركي البخيت منذ نشأته الأولى. وقد ظل المطرب محمد الأمين منذ نشأته على مر السنين في ظل قمة الشهرة والعطاء على مدى أكثر من أربعين عاماً متواصلاً، تقبل الجماهير على مشاهدة واستماع اغانيه الوصفية والعاطفية في المسارح والحفلات العامة والخاصة في السودان والدول العربية وبعض الدول الأوروبية.

وكانت أغنياته الأولى لكبار المطربين وهما محمد وردي وعبد الكريم الكابلي، ثم انتقل الى تلحين أغانيه الخاصة من خلال فرقة (أضواء الجزيرة) التي جمعت المطربين في مدينة ود مدني، وأذكر منهم الأصدقاء الراحل محمد مسكين وثنائي الجزيرة وأبو عركي البخيت وعلي ابراهيم وعبد الرحمن فواجه، مقلد المطرب عثمان حسين، وبلابل الجزيرة وفنان الحقيبة الإسيد.

كما شارك المطرب محمد الأمين في الأغنيات الوطنية، وكانت اولى اغاني الوطنية (اكتوبر واحد وعشرين) التي غطت الساحة الفنية في العاصمة كأول اغنية بمناسبة انتفاضة 21/ 10/1964م  فكانت الحبل التي تسلق عليه حتى وصل الى المجد والازدهار الذي هو فيه الآن ...

وكذلك قصة ثورة (أو الملحمة) التي تعبر تخليداً لذكري ثورة أكتوبر 1964 م وقد أبدع في صياغة كلماتها الشاعر الفذ والمسرحي المعروف (هاشم صديق) فقد أجاد فيها بالتلحين والأداء واختيار الأصوات المشاركة في تنفيذ الملحمة على خشبة المسرح القومي او من خلال التسجيل الإذاعي والتلفزيوني المبدع محمد الأمين وذلك باستقطاب كل الأصوات الغنائية السودانية الموجودين في الساحة الفنية من الأصوات النسائية والرجالية على حدا سواء 000 وقد أبدعت أم بلينة السنوسني 000 وكذلك خليل إسماعيل 000 وكل مبدعي الساحة في ذاك الزمان الجميل 000

وتميزت أغاني المطرب محمد الأمين بالكلمة الناصعة الرقيقة من شعراء كان في مقدمتهم بدوي بانقا، وفضل الله محمد، من مدينة ود مدني فنسجها بألحان عذبة طافت حولها الإيقاعات الساحرة، حيث وجدت اغانيه طريق الشهرة والمجد، وتحول الى نجم مرموق يشار اليه بالبنان، وفتحت له أغانيه صالات الحفلات الغنائية والبرامج التلفزيونية والإذاعية وندوات المحاضرات العلمية حتى اصبح من ضيوفها المفضلين وأصبح من أكثر نجوم الغناء شعبية في السودان وأصبحت أغانيه تحمل سلسلة الشهرة كمونولوج (مسيحية) الذي يحمل قصة لها بداية ونهاية. وعززت اغانيه مكانته بين اقرانه المطربين والشباب الذين ظهروا في تلك الفترة بل وبين كبار الملحنين والشعراء في تلك الفترة ومن كانوا اكبر منه سناً وأكثر خبرة وزادت شهرته الفنية وأخذت مكاناً كبيراً في الساحة الفنية كمطرب وملحن على نطاق سوداني عالٍ. الأمر الذي كان قد ساعده على امتداد نجاحه في اجهزة الإعلام المرئية والمسموعة التي تغنى فيها كمطرب سوداني اصيل في ميدان الموسيقى والغناء، وأصبح مغنيا ومؤلفا وملحنا غزير الإنتاج الفني واللحني، وأثبت فيه وجوده وقدرته على التطور ومجاراة العصر الذي هو فيه محافظاً على مكانته الرفيعة العالية على ألوان طبقاته الصوتية حتى وقتنا هذا، والتي ظهرت مع موهبته الفنية في الأغنية السودانية والتي ارتبطت بشخصيته الشهيرة وخلقت منها شخصيته الفنية العالية.

ومن يستمع الى اغانيه الآن وفي اي موقع فني يجد ان جمهوره الغفير يجلس الى جانبه تعبيراً لتواصل الوفاء بين ألأجيال هذا الفنان والمطرب المجدد العظيم النابع من ارض الجزيرة الخضراء 000

        لقد كانت تلك صفحات من صفحات الفن السوداني فيها كثير من الإبداع في زمن قل فيه الإبداع في شتي ضروب الفن السوداني الجميل ( من شعراء وادباء وفنانين وفنانات ورسامين ورسامات ) ... ربما عزانا في نقل هذا التراث لجيل اليوم وذلك من خلال  أرشيف الإذاعة والتلفزيون السوداني الجميل وفي برامجه التي فيها كثير من إبداع ذاك المصور الذي يرسمه بلوحاته سمات فنان مبدع كوردي يصور أغانية من خلال لوحه ... هذا إبداع لا يمكن تصوره ... تصور معي هذه الإبداعات الفنية ... ليت لي ما أري في تنفيذ مثل هذه الأطروحات البرامجية على شاشة تلفزيون الواقع السوداني ... فهل من مجيب ... ولنا لقاء في أيام مقبلات أحبتي ...