الفنان التشكيلي العراقي "تحسين الزيدي"

الفنان التشكيلي العراقي "تحسين الزيدي"

ورحلته التشكيلية الممتعة في عالم العزف والموسيقا

منى كوسا

[email protected]

تحسين الزيدي فنان تشكيلي عراقي من مواليدبغداد له مشاركات عديدة في بغداد وسوريا والأردن و أيضاً في دول عديدة عربية و غربية.

أدخلنا بصمت شفاف إلى معرض الأخير في الأردن " عمان"حيث سحر الألوان و بدت أشخاصه بوضوح تشير  تجربة عميقة بالفن خلفها ظلال حكايات عن عازفين أعلنوا حبهم لفنانهم الذي ينشدالجمال بصورته الصريحة وبدأ المشوار معهم ضمن مستوى يتمثل بإعطاءهم كينونات لها دلالات خاصة توحي بمضامين اجتماعية سائدة في الاحتفالات و الطقوس والمشاهد الثقافية حيث توحي التشبعات اللونية التي تعج بالطاقة إلى إيحاءات نفسية بينما يثبت شخصياته في مساحات ضيقة , وتتداعى الخطوط والمنحنيات على بعضها البعض من خلال انفجارات لونية كضربات متقطعة من فرشاة تبدو كما لو أنها تحدد كيانها.

خلق كائناته داخل براويز,لون ملامحها بالفرح وربما لنقول أن تجربة العزف ممثلة في أعماقها ملامح الفن الراقي .

أبدع تحسين زيدي في رموزه ثم صنع من ريشته مجدافاً و أبحر في مرايا ذاته بعناد ليشكل لوحات ذات رؤى جديدة معقدة وبسيطة في آن واحد بكل ما تحمله من تفسير وتقويل و إحساس  .زحفت عنده الألوان المتعددة التي تحتل مشاعرنا بتصاعد الضوء و الأفكار من فوهات براكين فنان متميز منحنا حرية ملامسة الفضاء الشاسع و كان هذا أشبه بمثابة محاولة عميقة منه لإحداث إنفجار في فضاء البراويز , فعلاًصراخ ألوان أوقع سماء الفن في شباك العيون.......عالم خاص نجح به الفنان منحنا مفاتيح سره بمتعة ألوانه و سحر إيقاعها الموسيقي .

المتلقي يشعر أناللوحة تسرقه إليه فجأة لتأخذه إليها عنوة فيقرأها وكأنها قصيدة حديثة و كلاسيكية في آن واحد.

ظل الفنان " تحسين " يحلق في فضاء الفن بينما أشخاصه فقدوا ملامحهم يحاولون مد أطرافهم نحو الأفق البعيد , نحو سماء العزف الموسيقي , فنشاهدالألوان وهي تتصاعدمن أعماق العتمة فتبدو وهي تحاول البحث عن رقي الفن لتختصر كل الفنون.

إن معرض الفنان قد ضم لوحات عديدة مميزة جداً و كان ذلك سعياً منه ليحقق إضافة جديدة على ذاته من أجل طبع بصمته في ملكوت الفن التشكيلي الهائل الذي ملأه المبدعونعبر التاريخ البشري.

إن الفنان " تحسين " يستمد ألوانه من كنف الطبيعة ليشكل عالمه الخاص الذي سيجعل فيما بعد من رموزه رؤى جديدة, فالمبدع الحقيقي هوالذي يستطيع أن يكون جزءاً من فنه وخياله , فالفنان هو اللوحة والرمزكما الشاعر هوالقصيدة بحد ذاتها ..

ليس مهمة الناقدأن يبحث في مصادر صناعة اللوحة عند الفنان ولكن معرض الفنان " تحسين " يستوجب التوقف على خصوصية فنه المتميز الذي يحمل ثقافة معينة ذات مواضيع و تقنيات و أساليب قلما نجدها في تجارب أخرى .

يطبق معارفه و خبراته على جسد أشخاصه العازفين الموسيقيين بلغة تعبيرية يمر ون بها خلال العزف وهو بذلك يختصر الفن ومعطياته بحيث ينبؤنا عن موقفه من الفن و وظيفته ليعرفنا على التراث الفني الإنساني .

إن مركز انطلاق رؤيته الفنية تكمن في وسط اللوحة فهو يشتغل جل طاقاته بالمفردات البصرية إذ يكره الفراغ ,أي يخلق للمتلقي عوالم جديدة مدهشة هي مزيج الخيال و الواقع ,محاولة منه إلى التوازن بينهما , يعتمد على التأمل و حالات لاشعورية عندالعازفين و مهمة الناقد و النقدهي استكشاف العلاقات التشكيلية المميزةالواعية في التفيذ و ابراز العناصر الأكثر إثارة في بناء اللوحة المعاصرةلديه.

وباختصار الفن بالنسبة إليه هو فن التأمل البصري بعيداً عن الصخب يدعو إلى الخير والجمال.