الفنّانة فاطمة عيسى

الفنّانات الكرديات شموعٌ احترقت لتنيرَ دروبَ الفنّ الكرديّ

الشّمعة 16

نارين عمر

[email protected]

ولادتها ونشأتها:

ولدت فاطمة عيسى في قريةِ أرزكين (Erezegîn) التّابعة لأذربيجان (Ezerbêcan) في عام 1934م. في السّنة الثّالثة من عمرها نُفيت أسرتها مع باقي العائلاتِ الكرديّة إلى قريةِ همزالي Hamzalê)) في أرمنستان.

تزوّجتْ في الرّابعة عشرة من عمرهاكعادة الكردِ حينذاك حيثُ كانوا يزوّجون بناتهم في سنّ مبكّرة.

كانت تمتلكُ صوتاً عذباً, وكانت لديها رغبة قويّة في الغناءِ علناً ولكنّ الموانع المولودة من جحرِ ما تُسمّى العادات والتّقاليد حالت دون ذلك, لذلك قرّرتْ ممارسة هوايتها في الغناء على نطاقٍ ضيّقٍ مع الحفلات والمجالس الغنائية التي تقيمها النّساءُ عادة, وهذه المحاولة بحدّ ذاتها تُعْتَبَرُ تحدّياً لمحيطها المغلق, وبداية نصرٍ لموهبتها التي أبتْ هي أن تضمرها وتميتها كما فعل الكثيرُ من نسوةِ وفتياتِ الكردِ حينذاك.

ولادتها الفنيّة الحقيقيّة في عام 1972م:

الموهبةُ والرّغبة في أيّ شيءٍ لا يكفيان إن لم تقابلانِ بعملٍ فعليٍّ وجدّيّ على أرض الواقع, وهذا ما قامت به فاطمة عيسى فيما بعد. لم تسمح لموهبتها تموتُ في خمّ الأعرافِ والتّقاليد, ولم تستسلم لمحيطها الذي كان يضعُ عشرات الخطوطِ الحمراءِ والسّوداءِ في طريقِ إظهار موهبتها, وإسماع صوتها العذبِ إلى ملايين الكرد, فاستغلّت الفرصة الذهبيّة التي أتتها من إذاعةِ ايريفان (القسم الكرديّ), حين قرّرَ الإداريون فيها البحثَ عن أصواتٍ نسائيّةٍ كرديّةٍ جديدةٍ, وكان ذلك في عام 1972م, فاتصلت بهم, وتقدّمت إليهم بطلبها, داعية فيه إلى الاستماعِ إليها وقبولها في الإذاعة. تقول فاطمة عيسى في أحدِ حواراتها:

((كانت النّساء الكرديات الّلواتي يغنّين في تلك الفترة أمثال (سوسكا سمو, وزادينة شكر) وغيرهنّ من الكردِ الإيزيديين, ولم يكن بينهنّ نساءٌ من الكردّ السّنة, لذلك ولأجل أن يتمّ التّعريف بأصواتِ النّساء من الكردِ السّنة, صاروا يبحثون عنهنّ في المدن والقرى, وحين قدموا إلى قريتنا تقدّمَ إليهم أخي بطلبٍ يدعو فيهم إلى مقابلتي والاستماعِ إلى صوتي, فقبلوا طلبه, واستمعوا إليّ, حيثُ غنّيتُ لهم عدّة أغانٍ كلاسيكيّة, سرّوا بها كثيراً, وفيما بعد دعوني إلى مبنى الإذاعة...)).

لبّت فاطمة عيسى الدّعوة بمحبّةٍ وسرور, وهناك التقت (خليل مرادوف) مسؤول القسم الكرديّ في الإذاعة حينذاك, الذي أعجبَ بصوتها كثيراً ودعاها إلى تسجيل عدّة أغانٍ بصوتها وكان من بينها:

(Gidî Mîrzo, Derwêşê Evdî, Dîna min, De Miho…)

وغيرها من الأغاني التي لاقت الاستحسان والقبول من كلّ المستمعين, فكانت بحقّ جواز مرورها إلى قلوبهم وأسماعهم, وخاصّة أغنية (De Miho) التي دخلت إلى قلوبهم بأريحيةٍ وسلاسةٍ وكانت الأغنية الأبرز لها لسنواتٍ طويلةٍ.

وهكذا  هذه الفنّانة كغيرها من النّساء الّلواتي تحدّين القدرَ وواجهنَ العادات تثبتُ أنّ إرادة الإنسان فوق كلّ الممنوعات إن كانت الرّغبة في تحقيق الطّموحات حقيقيّة وجدّيّة. وهكذا تدوّنُ اسمها في سجّل الفنّ الكرديّ الأصيل بأحرفٍ من مداد الخلود والبقاء.

 المصادر:

موقع ويكيبيديا, القسم الخاصّ بالفنّانين الكرد.

صورة فاطمة عيسى مأخوذة من موقع ويكيبيديا أيضاً.