المنشد عبد القادر قوزع سفير الأنشودة اليمنية

أنا ضد أن يُذاب الفاصل بين النشيد والغناء

عبد القادر قوزع

حاوره: نجدت لاطة

[email protected]

الشهرة ليست ضربة حظ، وإنما هي عمل متقن، وجهد متواصل، ومن ورائهما موهبة عالية تصقل نفسها كل حين.. والمنشد اليمني عبد القادر قوزع لديه تلك الصفات، والمتتبع لجهوده الفنية يدرك تماماً أن هذا المنشد لديه قدرات ليست عادية أهّلته لكي يأخذ مكانة مرموقةً في ساحة النشيد الإسلامي. وقد كان لي معه هذا اللقاء الذي تطرقت فيه إلى بعض الموضوعات الحساسة التي يمرّ بها النشيد الإسلامي الحالي.

س ـ اليمن بلد منعزل، كأنه يحيط به سور عظيم، ومَن يريد أن يقفز فوقه ليصل الجماهير لا بد أن يحمل صفات عديدة، فالناس في شتى الدول العربية لا تعرف من أهل اليمن إلا الرئيس علي عبد الله صالح، والشيخ عبد المجيد الزنداني، والشيخ الحبيب الجفري، والشاعر الكبير عبد الله البردوني، والملاكم العالمي نسيم حميد، والمنشد عبد القادر قوزع، ولا سابع لهؤلاء. فما السرّ في شهرتك وتقبّل الناس لأناشيدك؟

ج ـ هذا من حسن ظنك.

س ـ هذا ليس من حسن ظني، فأنا صحفي وناقد فني، ولا أسير وراء الظنون، فأنت عندي أحد أكبر أربعة منشدين يتربعون على ساحة النشيد الإسلامي الحالي.

ج ـ أولاً هو توفيق من الله تعالى. وثانياً: أنا أشعر أني أجيد اختيار الكلمة، وأبذل جهداً كبيراً في انتقاء اللحن المناسب. وثالثاً: لدي قدرة لا بأس بها في تسويق نفسي، فدراستي في الإعلام مختصة في العلاقات العامة، ولو لم أكن منشداً لكنت مسوّقاً.

س ـ بصراحة، أنا سألت ابني مرةً: لمَن تحب أن تسمع من المنشدين؟ فذكر اثنين، أحدهما عبد القادر قوزع.. وكنت أعمل في مؤسسة فنية تبيع الأشرطة الفنية، فكان كثيراً ما يدخل علينا الزبون أو الزبونة فيطلبان منا شريطاً للمنشد عبد القادر قوزع، فكنت أقول في نفسي: ما قصة هذا اليمني الذي سلب عقول وقلوب الجماهير؟

ج ـ أسأل الله تعالى أن يعيننا على تقديم الأفضل للناس.

س ـ عدد أهل اليمن عشرون مليون إنسان، فهل أنت المنشد الوحيد في اليمن؟

ج ـ يوجد منشدون كثيرون، وبعضهم أقوى مني فنياً.

س ـ ما السبب في عدم ظهورهم وانتشارهم؟

ج ـ هناك فنان يجيد تسويق نفسه، فينتشر فنه بين الناس ويشتهر، وهناك آخر لا يجيد، فلا ينتشر فنه إلا في نطاق محدود.

س ـ من أبرز المنشدين في اليمن؟

ج ـ يوجد مثلاً المنشد جميل القاضي، وهو صاحب صوت جميل وقوي، ولكن يبدو أن الله قدّر أن يبرز فلان خارج اليمن، ويبرز آخر في داخل اليمن، وليست العبرة في النجاح والانتشار أن يكون المشهور هو الأفضل.

س ـ هل المنشد جميل القاضي مشهور في اليمن؟

ج ـ جداً، فهو ينشد في الأعراس والمناسبات الدينية، ويذهب أحياناً إلى خارج اليمن ضمن الوفد الخاص بوزارة الثقافة كنوع من نشر الفن والتراث اليمني.

س ـ لماذا لا تأخذ بيد هؤلاء المنشدين ليصل إنشادهم إلى خارج اليمن؟

ج ـ أنا أخذت بيد بعضهم، وقد قمت بتسجيل بعض الألبومات لهم في القاهرة، وبعضها نجح والآخر فشل، ولكن كأن الأمر يحتاج إلى دعم أقوى من دعم الأفراد، كأن يكون دعم مؤسسات أو غير ذلك. وبصراحة السير في طريق الفن كمَن يحفر في الصخر، ويحتاج إلى جهد فردي كبير وطويل، وكثير من المنشدين يشتكون من الواقع ومن عدم دعم الآخرين لهم، ولكن على المنشد أن يثبت ويستمر وكما يقول المثل: ما حكّ جلدك مثل ظفرك.  

س ـ ألا يوجد في اليمن دعم من الحركات الإسلامية للمنشدين؟

ج ـ الحركات الإسلامية في اليمن تدعم الفن بشكل عام، أما أن تدعم منشداً معيناً وتتكفّل به وتساعده فلا يوجد.

س ـ ألم تطرح على تلك الحركات قضية دعم المنشدين بشكل خاص؟

ج ـ أنا طرحت عليهم، ولكن كأن تلك الحركات عندها أولويات أخرى، بمعنى أن الفن ليس من الأولويات الأولى عندهم في الوقت الحالي.

س ـ ما زال جمهور المنشدين هو من الملتزمين فقط، باستثناء سامي يوسف، فمتى ينطلق المنشدون نحو غير الملتزمين؟ ولماذا لا تقتدون بسامي يوسف الذي وصل إلى الجمهور غير الملتزم أيضاً؟

ج ـ سامي يوسف وضعه مختلف تماماً عنا، وقد خدمته أمور كثيرة، فمثلاً هو بريطاني وقيل أنه أسلم حديثاً، وكانت انطلاقته الأولى من خلال الفيديو كليب، وقد دعمه الداعية عمرو خالد، وتبنّته مؤسسة العين ودعمته، بالإضافة إلى قوة ألحانه وجمال صوته، وجمال شكله، فحدث تعاطف من الجمهور الملتزم وغير الملتزم معه.. فهذه الأمور مجتمعةً كانت وراء شهرة سامي يوسف، وهذه الأسباب يصعب أن تجتمع لأحد المنشدين.

أناشيد الحب والغزل

س ـ ألا تشعر أن اقتصار النشيد الإسلامي على الموضوعات الدينية يحد من انطلاقه نحو عامة الناس؟ لأن عامة الناس اعتادوا على الغناء العاطفي، فمن غير المعقول أن نأتي نحن ونقدم لهم بديلاً على العكس مما اعتادوا عليهم، فلو قدم المنشدون الأناشيد الدينية والإنسانية والعاطفية لكن من الممكن جداً أن يتقبّل الناس النشيد بشكل أفضل.

ج ـ أنا ضد أن يُذاب الفاصل بين النشيد والغناء.

س ـ أنا لا أقصد أن يتجاوز المنشدون النواحي الشرعية في إنشادهم.

ج ـ هذه القضية تحتاج إلى دراسة، لأن الحب والغزل من الأمور الحساسة، والمزالق فيها كثيرة.

س ـ ما المانع من أن يترنم المؤمن بأنشودة عاطفية تعلمه العفة وتسمو بوجدانه ومشاعره، لا سيما أن شعراء الصحابة نظموا شعراً غزلياً لم يعترض عليه الرسول صلى الله عليه وسلم كما حدث في قصيدة (بانت سعاد..) ونظم الشعر كإنشاده؟

ج ـ الأمر بحاجة إلى دراسة.

س ـ الرسول صلى الله عليه وسلم علمنا أن نروّح عن القلوب حتى لا تمل، والنشيد الإسلامي معظمه ديني، أي أنه جاد، فنحتاج إلى أناشيد إنسانية وعاطفية، كي نروّح عن قلوبنا حتى لا تمل.

ج ـ نحن بالفعل نحتاج إلى التنويع، ولكن هذا يحتاج ـ كما قلت ـ إلى دراسة.

شكل المنشد

س ـ بعض المنشدين لا يهتمّ بمظهره، فتراه يلبس لباساً عادياً لا يليق بفنان، فهل هناك مانع من الاهتمام بالمظهر من قِبل المنشد؟

ج ـ لا يوجد مانع، وهذا شيء يعود إلى المنشد نفسه.

س ـ بصراحة، هل هناك اعتراض على شكل سامي يوسف؟

ج ـ لا يوجد.

س ـ هل هناك اعتراض على شكل المنشد موسى مصطفى؟

ج ـ لا يوجد.

س ـ ألا تشعر أن شكل سامي يوسف وموسى مصطفى أقرب إلى الجماهير التي هي في الغالب في مرحلة الشباب؟

ج ـ هذا صحيح، المهم أن لا يلبس المنشد سلسلة في رقبته، وأن لا يفتح قميصه فيكشف صدره كما هو حال بعض المطربين الشبان.

قضية الموسيقى

س ـ ما رأيك بالموسيقى المرافقة للنشيد؟

ج ـ أنا أشعر أن كثرة استخدامنا للموسيقى في النشيد سيذيب الفواصل بين النشيد والموسيقى، ومع ذلك فالمنشد الذي استخدم الموسيقى نجح، والمنشد الذي استخدم الإيقاع نجح، والمنشد الذي أنشد بدون إيقاع نجح.. فالأمر يعود للمنشد نفسه.

س ـ أهل الغناء يعتبرون الموسيقى عنصراً مهماً في الغناء؟

ج ـ طبعاً، الموسيقى تعطي النشيد إحساساً أعلى وأقوى.

س ـ عمالقة الغناء العربي شعروا بحاجتهم الماسة للموسيقى فاستخدموها، فهل المنشد ليس بحاجة إلى الموسيقى لا سيما أن هناك فتاوى تجيز استخدام الموسيقى؟

ج ـ أعتقد أن المنشد لو استخدم الموسيقى بتقنية عالية فسوف يحقق انتشاراً أعلى، ويقدم نشيداً أفضل.

س ـ إذاً فلماذا يصرّ بعض المنشدين على عدم استخدام الموسيقى؟

ج ـ بعض المنشدين يخشى أن تُذاب كل الفواصل بين النشيد والغناء، باعتبار أن الموسيقى أصبحت إحدى سمات الغناء الرئيسية، فلا بد أن تكون هناك هوية للنشيد خاصة به.

س ـ سامي يوسف استخدم الموسيقى، ومع ذلك فهو يصنّف مع المنشدين وليس مع المطربين.

ج ـ سامي يوسف ليس حجة على المنشدين.

س ـ ألا تعتقد أن الفاصل بين النشيد والغناء ليس في الموسيقى، وإنما في عفة الكلمة؟

ج ـ إلى حدٍ ما، ولكن بما أن الموسيقى فيها خلاف، فبعض المنشدين فضّل عدم استخدامها كنوع من الخروج من هذا الخلاف، ومع ذلك فأنا لا أرى حرمتها، ولكن لا أستخدمها.

س ـ بحسب علمي أنت استخدمت الموسيقى.

ج ـ استخدمتها في نطاق محدود.

الفيديو كليب

س ـ هل ما زالت قضية تصوير الفيديو كليب الإنشادي تمرّ بإشكالية الدعم المالي له؟

ج ـ ما تزال هناك صعوبات في إنتاج الفيديو كليب، وتكمن هذه الصعوبات في الدعم المالي فقط.

س ـ ألا تعطيكم القنوات الإسلامية ثمن عرض الفيديو كليب على شاشتها؟

ج ـ لا يعطونا فلساً واحداً، وهذه مشكلة، ولكن يقومون بدعاية لألبوماتنا مقابل عرض الفيديو كليب الذي نقدمه لهم. فمثلاً اتفقتُ مع قناة (شدا) الإنشادية على أن تعرض الفيديو كليب الخاص بي مقابل أن تقوم بدعاية لألبومي خمسة وعشرين مرة.

س ـ كيف ترى مستقبل النشيد؟

ج ـ سيكون النشيد في الغد أفضل من اليوم.