في ذكرى انطلاق الثورة

(ولتصنع على عيني)

خنساء الإبراهيم

إليكم هذه القصة ...

-إلى أبطالِ سوريا الأبيّة ..

قال تعالى: " إنّهم فتيةٌ آمنوا بربّهم وزدناهم هدىً "

أبناءَ وطني الأشاوس .. كم تشبِه قصّتُكم قصّةَ رسولِ الله موسى عليه الصلاة والسلام ..

نعم .. إنها قصّةُ فرعون مع حبيبِ اللهِ موسى، تتكرّر في بطولاتكم ..

قصةٌ يعيدها التاريخ بحذافيرها مع تغيّرٍ بالأسماءِ والأبطال ..

موسى الذي تتولى عينُ الله رعايتَه .. وتتبنّى يدُ القدرةِ الإلهيّةِ عنايتَه !! .. يقول عنه تبارك وتعالى : " ولتصنعَ على عيني " .. وقال: " واصطنعتكَ لنفسي" ..

ما أشبه حادثاتِ الأمس باليوم !! .. وما أقربَ الدلالات !! .. هو الصراع بين الحقّ والباطلِ إلى قيامِ الساعة ..

وإليكم القصة .

(وُلدَ موسى والخطرُ مُحدِقٌ به ، وقد علا فرعونُ في الأرض ، واستضعفَ بني إسرائيل وجعل أهلها شيَعاً ، وذبح أبناءَهم وهو على حذرٍ منهم وقابضٌ على أعناقِهم ..

وُلد موسى والموتُ يلتفّ عليه .. والشفرةُ مشرعةٌ على عنقه ، تهمّ أن تحز رأسه

نعم .. ففرعون يملك قوة الحكم والسلطان ، ولكن لا يعلم أن قوته وجبروته..

وحذره ويقظته لاتغني عنه شيئا ، بل لاتملك له من القوة الحقيقية الوحيدة التي تحرس الطفل الصغير المجرد من كل قوة وحيلة ... ترعاهُ عين العناية، وتدفع عنه السوء ، وتُعمي عنه العيون ، وبل وتدفع به إلى حجرِهِ .... وتدخل به عليه عرينه !!

وتقتحم به عليه قلب امرأتِه !! وهو مكتوف اليدين إزاءه ... مكفوف الأذى عنه ..

يصنع بنفسِهِ لنفسِهِ مايحذرُهُ ويخشاه ..

(كم ذبّحَ فرعونُ في طلبِ موسى ، ولكنّ لسانَ القدّرِ يقول : لن نربِهِ إلا في حِجرِك !!)

يا سبحان الله ..

وهاهو فرعون هذا العصر ... يُحكُمُ سيطرته على تلك البقعة المباركة من أرض الشام,

ويمد نفوذه على أهلها الكرام ... وتطولُ أذرعه الفيافي والقفار ... ينفث سمومه وخبائثه  في كل حيّ ودار ...

أراد لآلِ الأسد حُكما للأبد .... وخاف على عرشه من الاهتزاز وعلى ملكه من الزوال ،

فقرّب المحبين من شيعته ... وحوّط نفسه بالراكعين لعظمته ... ورأّس على كل بلدةٍ مَن هو عابدٌ لفكرته ومؤيدٌ لمفاسدِه، بل وذابحٌ نفسَه فداءً لمرضاته ..

حارب الإسلام والمسلمين .. غيّر المناهج والتعليم .. وأرضعَ الجيلَ كؤوسَ الذُّل والهوان

وأشربَهم لبن النصيريّة والإجرام .. وعاث أخطبوطُ التّشيّعِ فساداً في بلاد الشام ..

ألغى المبادئ والأخلاق .. ونشر الرذائلَ والنّفاق ..

نشر الجواسيسَ والمُخبرين .. حتى أصبح الأبُ لا يأمنُ ابنه .. والجارُ يخاف جاره !! .. ولكنّكَ خرجْتَ أيها الشّعبُ العظيم...

مَن علّمك ؟! .. مّن ربّاك ؟! ..

كم دمّرَ آلُ الأسدِ مِن أخلاق ؟! وكم زرعوا مِن مفاسِدَ ونفاق ؟! ..

كم شيّعوا ونصّروا مخافةَ جيلِ الإيمان ؟! وعودةِ الدّين والقرآن ؟! ...

نشروا الجواسيسَ والمُخبِرين .. وحتى لا يصحوَ صاحٍ أو ينبُتَ حرٌّ، خوّفوا الشعب بِمَلْءِ السجون .. وأتحفوهم حلقةً أخيرة .. قنابلَ ومدافعَ تدكُّ البيوتَ والحصون .. ومعَ هذا ...

خرجتَ أيّها الجيلُ الرّبانيّ ...

مَن علّمكَ ؟! .. مَن ربّاك ؟! .. مَن درّبك ؟!

ومع هذا كلّه .. خرجتَ لتقول : يا الله ما لنا غيرك يا الله .. لنْ نركع إلا لله..

مِن أيِّ منبتٍ أتيتْ ؟! ... وفي أيِّ حِضنٍ تربّيت ؟!

وكيفَ ومتى تهيّأتْ ؟!

ولماذا لمْ يعلمْ بكَ آلُ الأسد ؟!

وكيفَ عميَتْ أعينُهم عن ذاكَ الغديرِ الذي سقاك؟!...

إنها القدرة الإلهية "ولتصنع على عيني" ..

إنكَ في رعايةِ اليد التي لا أمْنَ إلا في جوارها .

اليد التي لاخوف معها .. اليد التي تجعل النارَ على إبراهيم برداً وسلاماً .. والجِبَّ ليوسفَ حضناً وأماناً.. وتجعلُ اليمّ الذي ركبه موسى ملجأً ومَناماً .. اليد التي لا يجرؤ أيّ فرعونٍ في الأرضِ أنْ يدنُوَ مِن حِماها ..

سبحانك ربّي ما أعظمك !!

وهنيئاٍ لك أيها الشعب العظيم عناية الله  ...