عجيب

د. عامر البوسلامة

[email protected]

متضخم الذات، نحيف الجسم، لف وجهه ذهول دائم، لا يعبر عن حقيقة معدنه، في لسانه ثقل، كأنه ابن التسعين، وقد أحاطت به الأمراض، لكنه طويل الأمل، كمرآة بلا أبعاد، أو جدول صناعي يتماوج، بلا قانون. يتحدث عن نفسه كثيراً، كلما تحولنا إلى موضوع، نتحدث فيه، أظهر نفسه كأنه لا يفهم في سواه، نصف مجالسنا كلام عن بطولاته!! وتجاربه؟؟؟ وعلمه؟ ودهائه! وفطنته؟ وسياسته! وثقافته؟ وعلاقاته المتينة المتميزة، يبرز جانباً من شخصيته، في كل ملتقى، والويل كل الويل، لمن يقاطعه وهو يسترسل في الكلام عن بطولاته، وحواراته، وكتاباته، وذكائه الخارق.

ضمنا ديوان، تلاقت فيه وجوه، من مشارب شتى، لكنهم جميعاً من النخب المثقفة، بغض النظر عن مساحات التوافق والاختلاف.

طلب عميد الديوان، أن نتعارف، وسرعان، ما انبرى صاحبنا للمشهد، بفضول عجيب، وتطفل مذهل، وأسلوب ممجوج، وبعد أن لحس راحة يده:

- أنا باحث، وكاتب، وسياسي، ومجرب، وخبير استراتيجي، ومسؤول في محاور الشغل، ورئيس مربع الزراع، ونائب دوائر المرحلة، وأرغى وأزبد، كأنه في سباق مع الحاضرين، أو صراع مع المستقبل.

في صدر المجلس، أحد المثقفين مشهور بالغرور، ومعروف بالكبر، التفت إلى الذي بجانبه، وقد احمر وجهه، وبدا على تقاطيع صورته الألم، وهو يردد:

- عجيب، عجيب!!! العمى! ما خلى لنا شيء.