عراك الخضار ين

" لم أعرف أحداً أطيب منه في سوق الخضار ين "...

هكذا كان يتكلم الخضار باكياً عن خضار أخر ...

هكذا كان يمدحه ويُعلي من شأنه وأخلاقه!

كُنا نحدق حوله متأسفون وهو جالس على الكرسي البلاستيكي الأبيض ، وبين الحين والأخر يقف لأن أحدا يريد أن يعزيه ، إذ كنا نعتبره أحدا من عائلة المتوفى ...

أغلب الواقفين يتذكرون بل يكادون يحفظون النزاع اليومي الذي كان يندلع في السوق بين هذا الخضار الباكي وذاك الذي توفاه الله ...

أصبح ذلك الشجار جزء لا يتجزأ من أمسيات سوق الخضار بجانب مقهى ولد الملاح ، وكأنه مسلسل درامي مكسيكي حلقاته لا تكاد تنتهي ، ويشارك فيه الخضار ون الآخرون كمصلحين ، ونحن كمتفرجين ، فضوليين مندهشين !

وقد يعلق أحدنا : ـــــ أنظروا ماذا يفعل الجشع !...

ويقول أخر :   ـــــــ لما لا يقنع الإنسان بما كتب الله له؟ ... الكرش الكبيرة تتقطع ...

وذاك يقول :   ــــــ شجار وسب وشتم لأجل دنانير عشرة!

والكثير منا كان يأتي خصيصا الى سوق الخضار لا لكي يبتاع ولا لكي يشمت وإنما لكي يقتل الوقت الفائض الذي لم يستطع أن ينفقه في المقهى أو أمام شاشة التلفزيون!

كلام وصراخ وشتائم لكن ما تطور ذلك الى عراك بالأيدي ...

غير أن الأجمل والأروع أن الأولاد ممنوع عليهم منعا باتاً التدخل أو المشاركة في الشجار ، فتراهم يخدمون المشترين أو واقفين مطأطئي رؤوسهم خجلين من الفحش الذي ينطلق كالدخان من فما والديهما...

وسوم: العدد 1043