هدف في المرمى

خديجة وليد قاسم

(إكليل الغار)

استيقظتْ على صوت المنبه يقرع سمعها و يتطفل على استرخائها و استغراقها العميق في نوم لذيذ ، تثاءبت ، مدت يديها بتكاسل لتسكت هذا الصوت الذي أزعج هدوءها و هناءتها  ، كان النوم لا يزال يداعبها ويمعن بإغراقها في حلاوة شهده ، وكأنه شعر بأن الخطر قد بدأ يقترب منه، و أن هناك من يتحفز ليطرده ، تشبث بعينيها الذابلتين و رفض محاولتها انتزاعه من بين أهدابها .

لا بأس ، عشر دقائق أخرى من النوم ستساعدني على استعادة نشاطي و حيوتي ، بهذا همستْ لنفسها ، و قبل أن تكمل عبارتها كانت قد استسلمت مجددا لهذا المدافع العنيد .

لم تطل فترة استسلامها تلك ، حيث لم تلبث العشر دقائق أن انقضت بسرعة مزعجة ، و بدأ المنبه يحاصرها من جديد بكثير إزعاجه .

فتحت عينيها بتثاقل في محاولة منها لانتزاع نفسها من براثن هذا النوم المتشبث بجفنيها بعناده و إصراره ، والذي يحاول بكل ما أوتي من قوة أن يطبقهما لينعم بالدفء في حضنيهما ، لكنه و أمام إلحاحها و دعوتها له بالخروج ، تسلل مطأطئ الرأس ، يجر أذيال خيبته و فشله .

تأثرت لأجله و حزنت لخيبته ، نادته ، و بصوتها الخفيض ناجته قائلة : لا عليك ، موعدنا غدا ، أعدك ، سأغلق المنبه و سأتجنب كل مصدر يزعجك و يجبرك على الارتماء في غيابات التلاشي ، و سنقضي معا أطول وقت ممكن ، ما رأيك ؟

أومأ بالإيجاب ، و ولّى ظهره لا يلوي على شيء .

مر الوقت سريعا ، و ها هي تعد العدة لنوم هانئ لذيذ لا يعكر صفوه صوت منبهها أو إزعاج من هنا أو هناك يدهمها و كأنها كانت تعد العدة لمعركة لا بد أن تنتصر فيها .

وضعت رأسها على وسادتها ، لحظات قليلة مرت  قبل أن يأتي النوم بخفته المعهودة ليأخذها إلى عالمه اللذيذ.

قبل الموعد المفترض لإطلاق المنبه صافرة إنذاره ، وجدت النوم قد بدأ يتململ ويلملم أجزاءه مستعدا للرحيل ،و متأهبا للمغادرة .

كلا ، لم نتفق على هذا ، أرجوك ابق معي قليلا ، هكذا أخذتْ تتوسل إليه متشبثة بأطراف ثوبه .

رمقها بنظرة ساخرة و قال : هذا يوم السداد ، و كما تدين تدان .