La corrida

ذ. سعيد عبيد / مكناس - المغرب

[email protected]

ما عاد الثور الهائج يبصر غير الأحمر يلوّح به في استفزازٍ وتعالٍ المصارعُ الأشقر ذو الحلة المطرَّزة. صور الذكريات الدامية لوالده وولده وجاره في سجن الغرفة المظلمة تحتل كل خلية من خلايا مخه الذي يغلي فيفور منه مِنخراه. ما عاد سليلُ الثيران السود الأصيلة يُطيق صبرا، فحص الأرض بحافره الأيمن ثلاث مرات متحفزا: "أغرس في أحشائه قرنيَّ فتنطفئ نار النقمة في صدري، أو يغرس فيَّ سهامه مقبلا غير مدبر، فلا يقال عني خذول أو جبان".

سهم، سهمان، ثلاثة... غرز المصارع الأسهم الخمسة بلا رحمة في ظهره المتين، وأخرج سيفه استعدادا للإجهاز عليه، بينما هرع مساعدوه بحدائدهم وأحاطوا به مغتبطين. تزحزحت قدماه، تمايل، ترنّح، كاد يخرّ على ركبتيه، لكنه تماسك، ونظر إلى المصارع المُتمطّي بنظرة طويلة ثابتة دون أن تختلج رموش جفنيه، وتمتم: "كم أنت مثير للشفقة أيها الأشقر!" وقد خرستْ من الترقب والذهول غوغاءُ جماهيرِ المدرَّجات المتشفِّية.

               

La corrida: (إسبانية) مصارعة الثيران.