العُمَران

العُمَران

د.عثمان قدري مكانسي

[email protected]

قالت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: شَخَص بصر النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم قال: الرفيق الأعلى (ثلاثاً) ثم مات عليه الصلاة والسلام.

أما الصدِّيق فكان بالسّنح في العلية وكان بيتُه هناك في أعالي المدينة، فقام عمر يقول: والله ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليبعثنه الله، فليقطعنَّ أيدي المنافقين وأرجلهم.

وجاء الصدّيق إلى بيت عائشة وفيه جثمان رسول الله صلى الله عليه وسلم  مسّجى، فسأله الناس: أرسول الله حي أم ميت؟! فلم يجب، يريد أن يتأكد بنفسه، فلما دخل كشف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقبّل وجهه الشريف، فلما علم أنه مات حقاً قال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، طِبتَ حيّاً وميتاَ، والله الذي نفسي بيده لا يذيقك الله الموتتين أبداً.

ثم خرج، فقال لعمر: أيها الحالف، على رِسلك، فسكت عمر ثم جلس، فتكلم أبو بكر، فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه:

من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيّ لا يموت.

قال الله تعالى مخاطباً نبيّه الكريم  (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ )

وقال: سبحانه( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ).

وهنا علم الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  التحق بالرفيق الأعلى فبدأوا ينشجون.

وبكت السيدة فاطمة أباها سيّد الآباء فقالت:

إنا فقدناك فقد الأرض وابلها         وغاب – مذْ غبت – عنا الوحي والكتب

  فليت قبلك كان الموت صادفنا          لما نُعيتَ وحالت دونك الكثبُ

قالت السيدة عائشة:

فما كان من خطبتهما من خطبة إلا نفع الله بها.

لقد خوَّفَ عمرُ الناس، وإن فيهم لنفاقاً، فردّهم الله بذلك.

ثم لقد بصَّرَ أبو بكر الناسَ الهدى، وعرّفهم الحق الذي عليهم.

ثم بويع الصديق خليفة في سقيفة بني ساعدة بيعة الخاصة، وفي اليوم التالي في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة العامة.

البخاري مجلد 2 جزء 4 ص 194