اختلاجات فؤاد

خديجة وليد قاسم (إكليل الغار)

ارتديت ثوب صمتي الباهت الذي كاد يبلى لطول استعماله متخذة ركني الأثير   في زاوية غرفتي الباردة ، وبذات الصمت الساكن ، بدأت أرتشف كوبا من الشاي الذي يتصاعد دخانه راسما أشباحا تتراقص بخبث أمام ناظري ، وكأن لسانها  يكاد يزل بما يخبرني  عن سر دمعة أسجنها في زاوية مقلتي.

نحيت كوبي جانبا بيد مرتعشة تخاف أن تضل طريقها نحو  رفيق الملمات في ليل البوح والهمسات وبه شرعت أحرث ورقة جرداء بذرت فيها بقايا اختلاجات الفؤاد .. وكانت عبرتي هي المداد

بكثير من حذر تتعالى نبضاته سراعا ، أعدت التحديق في أشباح كوبي التي لا زالت تتراقص وابتسامات من السخرية على شفاهها تلاحقني وتخنقني ، كنت أهرب منها وأغوص في عمق يمّ  من  التفكير  بتلك البذور ومصيرها ، أتراها ستنمو و تدهشني بثمار طيبة نسيت لذيذ طعمها ، أم أنه سينتهي بها المطاف في مقبرة الحرمان أو النسيان ؟

أغمضت عيني وأنا أقلب بقايا حروفي التي تترنح في داخلي ، أخذت نفسا عميقا من بئر مواجعي متسائلة :

 أأستمر ؟

 أم أكتفي بالآه التي تختصر الحكاية كلها معلنة فوزها على الهذيان وثرثرة اللسان ؟