أقصوصة كأن شيئا لم يكن

عبد الرزاق اسطيطو

عبد الرزاق اسطيطو /المغرب

[email protected]

بدا تحطم الزجاج فوق رأسه شبيه بضربة سيف من مجرم متربص على ناصية الدرب ، لم يعد يدري ماذا حصل، ولا كيف حصل ، فجأة وجد نفسه غارقا في دمائه مهددا بالموت، بسرعة البرق حملناه أنا وصديقي حسن وأجلسناه في الكرسي الخلفي للسيارة ، وانطلقنا مسرعين، في الطريق كنت ألف جراحه الغائرة بقطع من قميصي بعد أن مزقته ، إضافة إلى مناديل بيضاء كانت بالسيارة لكن كل ذلك لم ينفع أمام شلال الدماء، دخلنا باحة المستشفى، وأنزلنا الرجل الغريب وهو ينزف، كان شابا أسمر اللون وقوي البنية، أشاح الطبيب بوجهه عنا ودخل مكتبه، وكأن الأمر لا يعنيه، نظر إلينا الممرض نظرة خاطفة، وأكمل مشواره نحو غرفة المستعجلات من غير سؤال..طرقنا باب مكتب الطبيب ودماء الغريب مازالت تنزف، بتجهم استقبلنا قائلا" ما الأمر"فأجبت "سقطت على الرجل زجاجة إحدى النوافذ وأصابته بجراح غائرة وكما ترى حياته مهددة بالموت" فرد بانفعال" وماذا تريداني أن افعل له" فقلت له "أو لست الطبيب المسؤول"  فيرد الطبيب"نعم كما تقول، لكن حالته تحتاج إلى مستشفى متخصص" الرجل الغريب الذي صادفناه عند مدخل المقهى وهو يسقط على الرصيف غارقا في دمائه، خارت قواه نهائيا وانفلت من بين أيدينا كما الماء، حاولنا أن نجلسه على إحدى الكراسي ، ففشلنا بعد أن صار جثة هامدة...

 حملناه من جديد وتركنا منظفة المستشفى تجفف دماءه..كأن شيئا لم يكن قلت ، كأن شيئا لم يكن قال صديقي حسن.. في الغد ونحن نشيع جثمانه، لم يتوقف المطر عن الهطول، كان غزيرا وباردا وحزينا ، كعادت السماء عند موت الغرباء.