من داخل الكابينه

 وكأنني أرى الأندلس وهي تضيع

أراك حبيسا مظلوما يا سيادة الرئيس

وكأنني أقاتل وحيدا وسط جيش من الخائنين

أعزل ... بعد أن نزعوا عني كل السلاح

بيد كل رعديد ... كل حلاّف مهين 

clip_image002_245c5.jpg

لماذا كل هذا التوتر ؟  .

لماذا أحس بكل هذا القدر من الارتباك ؟ .

لماذا أشعر بالأدرينالين في دمي قد تعدى كل القراءات الطبيعية ؟ .

الكابينة التي أجلس داخلها منذ الثامنة صباحا لا تختلف كثيرا عن كل سابقاتها من الكبائن التي مكثت داخلها ساعات متواصلة ، أو لعدة أيام على قدر ما قُدّر لأي مؤتمر أو اجتماع دولي .

صغيرة ... مظلمة ، هكذا يجب أن تكون دائما حتى لا يرى المجتمعون خارجها شخصية المترجم .

فكرت كثيرا في السر والغرض من جعلها دائما مظلمة ، لعله لحماية المترجم إذا أخطأ ... ربما .

سقفها دائما منخفض ومنضدة مستوية متوسطة الارتفاع ، ملحقة دائما بهيكل الكابينة .

والأهم من هذا كله ، الجهاز الذي أبث من خلاله صوتي بأي لغة كانت ... لكل الحضور ، وأيضا أستمع لكل ما يجري داخل الجلسة بالسماعات المناسبة وكذلك الميكروفون .

ومقعدان صغيران للجلوس .

دائما اثنان ، لأنه من المفروض دائما أن يكون داخل الكابينة اثنان من المترجمين ، يتبادلان العمل أثناء أي جلسة ، خاصة الجلسات الطويلة ، بسبب الإرهاق واستنفاذ القدرة على التركيز ... واحتمالية العرضة للأخطاء ، لذلك ... دائما ... هناك اثنان من المترجمين الفوريين ، واحد يترجم و الآخر يستريح ، ثم يتبادلا المواقع ... وهكذا .

إلا في حالتي أنا أجلس وحدي في الكابينة وأقوم بالترجمة وحدي ، أصاب بالارهاق وحدي ، وأحاول جاهدا ألاّ اترك تركيز ذهني  يفلت مني ... وحدي .

ولكن ، إذا حدث وأخطأت في أي ترجمة ... وهذا بحمد الله لم يحدث قط ، ولكن ... إذا شاء المولى وحدث ، فلن يسقط وقع هذه المصيبة على رأسي وحدي ... بل سيشمل الكثيرين ، وبالطبع لن أكون وحدي .

هكذا اعتدت منذ ثمانية أعوام تقريبا ، عندما استدعوني لأول مرة في هذا البلد الإفريقي حيث أعيش وأعمل ، لأكون مترجما في مؤتمر دولي ، لأقوم بالترجمة للوفود العربية  ، من الانجليزية وكل اللغات اللاتينية إلى العربية ، ومن العربية إلى البرتغالية تحديدا ... اللغة الرسمية للبلد الذي أعيش فيه ، وينقل عني باقي المترجمين إلى اللغات الأخرى .

أعشق اللغات منذ صغري ، وعند بداية صباي ... عندما بلغت بقراءاتي وكتبي مستوى أعلى من أقراني ، لاحظت وتيقنت من تجارب المفكرين والادباء الأوائل للعصر الذهبي للأدب العربي ، أن اتقان لغة أجنبية واحدة على الأقل بجانب العربية ... تفتح الافاق والابواب المغلقة ، وتشحذ القرائح ، وتجعلني اسبح في كل ثقافات العالم ، حتى وإن لم اسافر أو أرتحل .

التطور التكنولوجي وثورة الاتصالات في اخر عقدين من زماننا الحاضر ، جعلت المعرفة تصل إلى اعتاب أقدام كل منا ، يكفي فقط أن نقرأها ونهضمها .

ولكي نقرأها ، لابد أن نجيد لغة أو اكثر ... وهذا ما فعلته منذ خروجي من وطني للمرة الأولى ، كنت أجيد لغة أجنبية واحدة فقط وهي الانجليزية ، ولكن بفضل الله وبمجهود وتجارب انسانية كثيرة ، اتقنت كل اللغات اللاتينية من بعد .

وكلما تعلمت لغة ، كنت أحس أنني أقهر العالم واغزوه ، بل اكتشف وأسبر كل أسراره وخباياه ، كنت أحس بالثراء الفاحش كلما تمكنت من ناصية أي لغة .

منذ ثمان سنوات عثروا عليّ ، طبيب أجيد لغتهم ولغات أخرى ... والاهم أنني أجيد العربية ، وهذا ما كانوا يريدونه تحديدا ، نظرا لكثرة الوفود العربية التي تأتي إليهم ... من خلال مؤتمرات عدة ينظمونها في أوقات عدة خلال العام ... وفي كل المجالات  .

ولأنني أحب المغامرة وكل ما هو جديد ،  قبلت التحدي ودخلت تجربة الترجمة الفورية ، ونجحت في أول تجربة نجاحا باهرا بفضل الله ... ومن يومها وأنا لي مكان ثابت في أي مؤتمر ينظم هنا على أرض هذا البلد ، حتى وإن أتى إليه شخص واحد يتحدث العربية .

كانت كل المؤتمرات التي شرفت بترجمتها  إلى العربية لوفود كبيرة ، لم تعدوا أبدا وفي أكثر الأحيان عن كونها وفود وزارية ، يقودها وزير أو عدة  وزراء   .

ولكن ، اليوم أحس بالارتباك والانفعال والتوتر ، لأن من سأترجم لهم وسأجلس معهم في قاعة صغيرة وجلسة مغلقة ... هم رؤساء دول  .

خمسة عشر رئيسا افريقيا ، اثنان منهم يتحدثان العربية ولا يتحدثان غيرها .

                                           **********

نعم انا مرتبك ... في قمة الارتباك والتوتر ، ويحق لي أن أكون هكذا .

فمنذ الصباح الباكر وأنا حبيس هذه القاعة ، تحديدا هذه الكابينة بسبب اجراءات الأمن الغير مسبوقة  .

فهذا اجتماع يحضره خمس عشرة رئيس ... ووراء كل منهم جهاز أمنه ومخابراته وحرسه الشخصي .

وإذا كانوا قد سمحوا لي بالدخول لهذه القاعة أصلا ، بادئ ذو بدء  ... كان عليهم أن يفحصوني جيدا ويفتشوا كل ملابسي ... عدة مرات ، وحقيبتي وكل ما يحمله جسدي ، بل أكاد أجزم أنهم يعرفون تاريخ حياتي وتاريخ عائلتي ، منذ ميلادي وحتى هذه اللحظة  التي أجلس فيها حبيس تلك الكابينه الصغيرة المظلمة .

لست خائفا ، وستصبح سُبه كبيرة  ، توصِم بالعار جدار ضميري ، ان كنت خائفا ... أو أنني سأخاف لمجرد أنني سأجلس في قاعة واحدة ... في حضور كل هؤلاء الرؤساء الذين كنت أرى أي منهم ... فقط على شاشات التلفاز العالمية .

أنا فقط خائف من أي خطأ قد أرتكبه في الترجمة ، أو تباطؤ قد يؤدي إلى إدراك معنى مختلف .

فالجلسة مغلقة ، وسيتحدث فيها كل رئيس بعفوية صريحة ... ستظهر فكر وشخصية كل منهم  .

ومثل هذه الأخطاء التي أهاب حدوثها ، قد تؤدي إلى مشكلات دبلوماسية عظمى ... وقد تؤدي بي أنا شخصيا إلى الهلاك الحتمي .

ساعة يدي تشير إلى التاسعة صباحا وهذا هو الميعاد الرسمي لدخول الرؤساء إلى القاعة طبقا للجدول والبرنامج المكتوب والمطبوع بمنتهى الاناقة والموضوع أمامي بجانب جهاز الكابينة .

ومازال السكون والفراغ يخيمان على جو القاعة ... إلا من رجال أجهزة الأمن الذين يجوبون القاعة بدون توقف ويكررون التفتيش والفحص تحت الطاولات والمقاعد وكل منهم ينظر إليّ بريبة من خلال زجاج الكابينة .

أرغب في التبول ... احتاج أن أقضي حاجتي .

رغبتي جامحة ولازمة في الذهاب إلى دورة المياة ، ولكن لا أستطيع ، أمنيا لا استطيع الخروج من القاعة .

لقد دخلتها ولن استطيع الخروج قبل انتهاء الاجتماع وخروج كل هؤلاء الرؤساء .

ما علمي بأن دورات المياه الفخمة تتناثر في هذا المركز الشهير للمؤتمرات ، في هذه العاصمة الافريقية التي أعيش فيها وأعمل .

                              **********

هؤلاء الرؤساء ، أصحاب الفخامة والجلالة والعظمة ... من يسمونهم الكبار ، لهم طقوس عجيبة في الحضور لأي مكان ، ويشاء المولى أن أحضر معهم جلسة خاصة ، مغلقة ... في قاعة صغيرة ... لأرى عن قرب كل هؤلاء مجتمعين .

كل رئيس منهم تتسابق وراءه الكاميرات والميكرفونات والصحافة العالمية .

كل من هؤلاء ساراه بعد قليل أمامي رأي العين .

سينتظر كل منهم ، انسياب صوتي ليفهم الآخر .

أبدا ... لم أكن أرغب أبدا في الجلوس مع الكبار ، أحببت دائما مجالسة البسطاء والفقراء ، والحديث المتصل معهم بدون ملل .

أما أصحاب الفخامة والجلالة والعظمة ، فأتحاشى أي منهم .

رفضت دعوة الرئاسة مرتين هاتفيا لحضور هذا المؤتمر كمترجم أساسي يحتاجونه ، وفي المرة الثالثة لم يكن طلبا بقدر ما كان تفويضا آمرا ومنذرا لكي أحضر .

آثرت السلامة وحضرت ، وها هم الكبار ... أصحاب الفخامة والسعادة والجلالة ، يتأخرون عن مواعيدهم ، كعاداتهم وأمثالهم من الملوك والرؤساء ... أو الطواغيت .

من شدة إرهاقي وتوتري اسندت ظهري لحائط الكابينة الخلفي والقيت رأسي ، وأغمضت عيني محاولا الاسترخاء ، لم أنم منذ الثانية صباحا  ، عندما استيقظت في قمة توتري وقلقي .

أحس بانسياب شحنات التوتر الزائدة خارج جسدي ... أحس بفرارها ... بخروج سرها واختفاءها ، أغوص في استرخائي ... أسافر إلى عالم آخر ... وأروح .

                                 **********

المنضدة ... طاولة الرؤساء والزعماء ... كفاي الاثنان يقبضان على الغطاء الوثير الذي يكسوها .

وكف يدي اليمنى يقبض أصابعه ليصبح قبضة قوية أدق بها سطح الطاولة إذا لزم الأمر .

مقعد وثير خاص بالرؤساء فقط داخل القاعة ، اجلس عليه وسطهم جميعا .

كلهم حولي عن اليمين واليسار وفي مقابلتي تماما ، على هذه الطاولة المستطيلة .

كلهم ينظرون إليّ ووجوههم تكسوها الابتسامات ، مابين الصفراء والبلهاء ، الشامتة والراجية ، المتحفظة والتي تخطط بخبث لكل سوء .

عن يميني رئيسة تلك الدولة التي يذبح فيها المسلمين عيانا بيانا ... ويبادون تحت مسمى تطهير الدولة ، لا اعرف يقينا عن اي تطهير يتحدثون ... يتفلسفون ويفسرون ، هو ليس إلا تطهير عرقي بكل تأكيد .

وأمامي مباشرة هذا الرئيس ذو الألف وجه ، أكاد أرى كل هذه الوجوه تخرج من حنايا وتجاعيد بشرته كطفرات شيطانية ، هذا الرجل الذي أيد من فوره الانقلاب الدموي العسكري الكريه الذي حدث في وطني ، وسارع بتهنئة رئيس الانقلاب المجرم على توليه الحكم وامساكه بزمام الأمور ... هو نفس الرئيس الذي بارك القبض على رئيس وطني المنتخب وحبسه وتلفيق التهم الباطلة إليه ،  التي هي حتما ستودي به إلى إعدامه .

وغير هذا وتلك ، باقي الرؤساء ... الساده الافاضل أصحاب الفخامة والجلالة ، كلهم بجانبي على نفس الطاولة ، كلا بعلته وعورته ... أراهم جميعا هنا كأنهم عرايا ، حاسري الأنفس ، كلا بفضيحته يجلس ... كلا يحاول اخفاء عورته ويتحدث .

وبدأو يتحدثون ... منهم من اعد كلمة مكتوبة ومنهم من ارتجل ... وانا افهم كل لغاتهم ، اسمع بكل تركيز وانصات ، احاول أن أخط أمامي بعض الملاحظات على ما يذكر وما لم يتم ذكره ، حتى مال الحديث إلى سيرة الاسلام والمسلمين ... وبدا الغمز واللمز الصريح ،  وبدأت التورية في السباب وخلط الأمور بما يحدث  في دولة صغيرة تعاني انقلابا عسكريا حديثا ، وكثر اللغط ، وتحول حديثهم في أذني إلى طنين مزعج لا يتوقف .

نجاسة مسموعة ماعت لها نفسي ولابد أن اوقفها حتى لا أتقيأ ... سأتقيأ كل كرامتي وشرفي ... كل كينونتي .

الطنين يزداد كالغث الكريه النتن ... نفسي تأبى أن تسمعه و تجبرني أن أوقفه .

ضممت أصابع يدي اليمنى ، فإذا هي قبضة قوية أرفعها لأعلى وأهوي بها على الطاولة الفخمة ذات الغطاء الوثير ... فتحدث طرقعة مفاجئة كأنها طلقة مدفع .

وأصرخ فيهم ( كفى ..... ) .

                                   **********

أفقت على طرقعة خفيفة ، وكنت أظنها طرقعة قبضة يدي على المنضدة ... جلبة وضجة وأناس كثيرون يدخلون القاعة .

كنت نائما ... إغفاءة قصيرة واستيقظت ... الرؤساء يدخلون القاعة ويذهب كل منهم إلى مكان مقعده ... كلهم وقوف يستمعون للسلام الجمهوري للدولة المضيفة .

استوعبت بعد لحظات قصيرة جدية الموقف ... وأنني شخصيا علىّ أن ألملم كل حواسي وأجمعها في بؤرة شعوري ... عليّ أن أفيق ... ولكي أستفيق أمسكت بزجاجة المياه الصغيرة الموجودة أمامي ... صببت على وجهي بعض الماء ... مسحت وجهي ورأسي ... الآن أنا جاهز ومستعد ... وضعت سماعات الأذنيين وأدرت الجهاز ... وأمسكت الميكروفون ... انتهى السلام الجمهوري ودعا رئيس الدولة المضيفة كل الرؤساء للجلوس ... وبدأت الملحمة ... ملحمتي الشخصيه التي يجب أن أنتصر فيها لأكثر من سبب وعله .

كان رئيسا الدولتان العربيتان في مقابلتي تماما ، يجلسان جنبا إلى جنب ... تعجبت مع علمي بأن هاتين الدولتين على خلاف سياسي دائم ... رغم وجود حدود طبيعه بينهما وعلاقات دبلوماسيه وطيدة ... كان على منظمي المؤتمر أن يراعوا هذه التفصيلة لتحاشي الحساسيات ...

كما توقعت ... تحاشي الرجلان المصافحة قبل الجلوس ... وضع كل الرؤساء السماعات على آذانهم ...

وبدأت الجلسة .

                                   **********

تتوالي الكلمات المكتوبة والمرسلة ، وأنا أترجم للعربية بسرعة فائقة ... متألقة .

أحس بالتميز وبالمقدرة المتمكنة .

لا يهمني أي شئ في تلك اللحظات النادرة الفارقة ... لا رهبة الاجتماع ... ولا حضوركل هؤلاء الرؤساء والزعماء ولا حتى هذا الوجود الأمني والمخابراتي الكثيف .

كل ما يهمني حقيقة اثبات نفسي وذاتي والبرهنة على سيطرتي التامة على كل هذه اللغات ... مجتمعة .

أترجم ... استرسل في الترجمة مستخدما رشاقة الكلمات العربية ... ومعانيها الفخمة الثرية .

رئيسا الدولتين ... ينظر كل منهما إليّ بابتسامة من على ركن فم كل منهما ... جاء دور أحدهما للحديث بالعربية ... شحنت كل ملكاتي وترجمت من العربية للبرتغالية ... وكل الحضور ينظرون إليّ ... أولهم رئيس الدولة المضيفة .

ولم يلبث أن إنتهي العربي الأول من حديثه حتى طلب الثاني الإذن بالكلام ... لعله غار منه فطلب الكلمة ... وتحدث هو أيضا بالعربية ... وأنا أترجم وأترجم وأتألق اكثر وأكثر.

أحس أنني سلطان هذه القاعة ... إحساسي بالتفوق لا ينبع فقط من كوني أترجم بمهارة سريعة ... متمكنة ، بل لأنني أستطيع أيضا أن أحلل كل الشخصيات الموجودة في القاعة من خلال كلماتهم الإرتجالية التي تظهر بواطن عقولهم ...

كلهم طواغيت ... كلهم أتو القصور الرئاسية على ظهور الدبابات أو ما شابه ... إلا واحد ... وهو من بدا لي أذكاهم ... لعل السبب أنه الوحيد الذي تسلم السلطة بانتخابات ديمقراطية ... كنت أعرف عنه أنه قبل أن يكون رئيسا فهو من أغنى أغنياء بلده ... ماهر في التجارة وإدارة الأعمال المربحة ... كما عرف عنه ايضا شغفه وولهه بالنساء ... وتعدد علاقاته وفحولته التي تتحدث عنها الصحافة العالمية .

زال توتري تماما وحل محله الإحساس بالتمكن والسيطرة حتى أنني استرخيت على مقعدي داخل الكابينة وأملت مقعدي للخلف ... خلعت حذائي ومددت ساقي ... وأغمضت عيني ... وصرت أترجم كل ما يصل الى سمعي بأعين مغلقة .

لوهلة سريعة ... أحسست بمثانتي توخزني ... أريد التبول ... قطعا لن أستطيع أن أغادر الكابينة حتى وإن غادرتها فلن أستطيع أن أغادر القاعة ... سيمنعني كل هؤلاء الحرس الخاص وكل تلك أجهزة المخابرات التي تحمي خمسة عشر رئيسا يجلسون أمامي ... فمن قواعدهم الأمنية ألاّ يسمح لأي شخص بمغادرة قاعة الاجتماع دونهم ... حتى ينتهي اجتماعهم .

فتحت عيني واعتدلت في جلستي وأنا أقاوم رغبة قوية ... مؤلمة في الذهاب لدورة المياة والتبول .

فوجئت بأحدهم يقوم من مقامه ... أول من يترك الجلسة منذ بدايتها ... إنه الرئيس الشرعي الوحيد المنتخب بينهم ... مر من أمامي وهو يبتسم لي بتودد .

من المؤكد أنه ذاهب إلى دورة المياة ليتبول ... لم يتحمل طول الجلسة المملة ، كما هي مفروضة عليّ ان اتحملها ... هو رئيس ... يستطيع ان يغادر القاعة في أي وقت يشاء ... وددت أن أخاطبه ... أو أن اطلب منه مازحا أن يتبول في مكاني لأرتاح .

... آآآه ... كم هو قاس هذا الإحساس أن ندرك بإحساسنا المسافة الواسعة بين الرغبة والقدرة على تنفيذ الرغبة .

عاد الرجل بعد قليل وبدا على وجهه الارتياح ... بعد أن تخلص من سوائل جسده الضارة الفائضة .

مضى أكثر من ثلاث ساعات ... ولم يعد هناك جديد يقال أو يشار إليه في تلك الجلسة ... كلام مكرر وإطراءات كاذبة ... وحوارات بروتوكولية مملة ... أغمضت عيني مرة أخرى واسندت ظهري لحائط الكابينة ... وعدت إلى وضعي الاسترخائي ... أترجم بأعين مغلقة كآلة أتوماتيكية ، برمجت بكل الدقة والاتقان .

أتمنى انتهاء هذه الجلسة اللعينة ... ولا يعكر صفوي سوى وخز مثانتي من حين لآخر

تذكرت حصاري الإنساني ورغبتي القتيلة في أن أتبول .

وجدت نفس الرئيس يقوم من مقامة للمرة الثانية ... على ما يبدو أنه يحس بمعانتي الحادة التي وصلت لأقصى مداها ... فقام ليتبول ثانية .

وعندما كان أمامي مباشرة حيث يمكنني أن أسمع صوته ... حتى في وجود الحاجز الزجاجي ... عندها تعثر الرجل في طرف البساط ... وكاد أن يقع ... وأسند يده على زجاج الكابينة أمام مقدمة رأسي مباشرة ... وكأن رأسي هي التي أنقذته من السقوط .

رفع رأسه وأصبح وجهه في مقابلة وجهي تماما لا يفصلنا سوى لوح زجاجي ... ابتسم الرجل ابتسامة عريضة وطبيعية وقال لي بإنجليزيته الأفريقية .

( اسمح لي ... معذرة إنها الرغبة في الذهاب لدورة المياة ) .

اختفت تماما هذه المساحة بين رغبتي وقدرتي ورددت عليه بصوت واضح وإنجليزيه سليمة سمعها بنقاء ( خذني معك الى دورة المياة يا سيادة الرئيس ) .

ضحك الرجل ... وقال ( المرة القادمة ) .

                                  **********  

خمس ساعات مضين ... وبدا لي أن هؤلاء الرؤساء قد أصابهم جميعا الإرهاق والملل والرغبة في انهاء الاجتماع .

قال رئيس الجلسة ورئيس الدولة المضيفة ، أن الموضوع المتبق الذي لم يتم طرحه ومناقشته قبل النهاية ... هو الانقلاب العسكري ... الذي حدث في دولة صغيرة ... رئيسها يجلس معنا داخل القاعة بعد هروبه من أيدي معارضيه وجلاديه .

وبدأ النقاش ... وانزلقت الكلمات رويدا رويدا ،  حتى أتوا جميعا للمنطقة المحظورة التي كنت أخشاها واتمنى ألآ اسمعها ... الإرهاب وإلصاقه بالإسلام .

وقبل الإسهاب في هذه النقطة ، طلب الرئيس الشرعي الإذن بالكلام ... صديقي الذي أناب عني في إراحة جسده وإبرائه من بوله .

قال ... إن المعايير الإفريقية في تقييم معنى الانقلاب العسكري ، وكذلك شرعية الرؤساء ، المنقلب عليهم والذي أطيح بهم ... هذا التقييم يختلف مفهومه من عقل لآخر ... ومن ميثاق منظمة دوليه لأخرى ... وعلينا أن نحدده بدقة .

إنتشيت لكلامه ، فقد كنت أنتظر اي منهم أن تنتابه لحظة من شجاعة أدبية لينقر هذا الموضوع ، فرئيس دولتي ووطني انقلب عليه عسكر خائنون وألقوه في السجن ولفقوا له تهما باطلة ومثيرة للسخرية ، فقط ليستطيعوا اعدامه في النهاية ... وليكن مصير كل من يؤيده مثله ... كل هذا لا لشيء إلا لإنه رجل مسلم ، يعتز بإسلامه والتزامه ، حاول أن يحارب الفساد و أن ينهض بوطنه استشرى في جسده العفن وتمكن من خلاياه العهر والفساد ... واتضح للجميع فيما بعد هذا الانقلاب أن العسكر ... كل العسكر في وطني ، يعيشون ... يقتاتون ... ويربحون من الفساد والرشوة ... والعهر ... أي أن حياتهم تعتمد كلية على ... كل الفساد                                          

                               *********

احتدم هذا النقاش السفيه ، وعلت اصواتهم ... ولم يعد أي منهم يحترم دورا او نظاما .

كل أمسك بسكينته يقطع ويذبح في سمعة الاسلام .

وكذلك في أخلاق وسمعة رئيسي المختطف ، المنقلب عليه .

كل يسلق بلسانه الحاد ما أراه عماد شرفي ووجودي وكل حياتي .

المسافة بين رغبتي وقدرتي التي استطعت في لحظة دعابة أن أزيلها تماما منذ دقائق ، أراها الآن أمام عيني فجوة واسعة كافق النهار الساطع .

الكل يثرثر ... الكل يطلق سبابه على الاسلام وعلى رئيسي المظلوم ، كأن هذا السباب أحجار حجرية كأحجار سجيل ... تنهال على رأسي وتوخز كل جسدي بعد أن زال وخز مثانتي واختبأ .

الوحيد الذي لم يثرثر معهم هو المنتخب الوحيد بينهم ... صديقي الذي ابتسم في وجهي ووعدني بمصاحبته في مرة قادمة .

وعندما علا صوت الجلبة ... هوى رئيس الجلسة بيده على المنضدة ليسكتهم جميعا ويخرج بالتقرير الأخير حول هذه المسألة ... قال ( أيها السادة ... لكي ننهي هذا الأمر علينا ألا نقارن أبدا بين شرعية الرئيس المنقلب عليه الموجود معنا الآن أو أي رئيس في مجموعتنا ... وبين الرئيس الذي ذكر أمره ، المحبوس في أقصى الشمال ... كلنا نعرف انتمائاته الاسلامية التي هي في محصلة الأمر ... ارهابية ... لا يهمنا كونه استاذا جامعيا عالميا ومرموقا ولا أي من المسلمين الناجحين عالميا ... المهم أنهم ارهابيون وأن الاسلام في مجمله يدعوا للارهاب ولطالما حذرت كثيرا من هذه النقطة ) .

انتهى الرجل من كلمته وأنهيت ترجمتي والدنيا غائمة بين عيني ... لا أرى شيئا في عمق بصيرتي إلا شيئين : 

رغبتي في أقصى اليمين  .

وقدرتي في أقصى اليسار.

 ... وبينهما كل الدنيا .

واصل رئيس الجلسة كلامه بعدة تعقيبات وانتابني الصمت التام لأول مرة منذ بداية الجلسة ، أصمت تماما ولا اترجم .

انظر الى الرئيسين العربيين المسلمين أمامي مباشرة ... انتظر من أي منهما أي رد فعل ... كلمة أو إشارة أو حتى تعقيب ... ولا جدوى .

وجدتهما ينظران إليّ ويحدقان في وجهي ، عندما توقفت الترجمة العربية في آذانهم .

ينظران إليّ بتساؤل واستفسار ، وأنا أنظر إليهما بكل الكره والغثيان والاستنكاف ... والأهم من هذا كله ... الاحتقار والتعالي على وضيع ، لا يدنو اسفل من منزلته وضيع .

                                **********

صفر ... ...

المسافة أصبحت بقدرة قادر صفرا .

الفرسخ الواسع والافق الممتد بين رغبتي وقدرتي صارا صفرا .

من تلقاء ذاتهما أو خُيل إليّ أنني سحقتهما بيدي .

كل هذا لا يهم ... المهم والأكيد أن تلك المسافة هي الآن أمامي صفر ...

لا توجد ... ولن توجد ... ولن أسمح لها بالوجود مرة أخرى .

اعتدلت في جلستي وأمسكت الميكروفون ... وعدلت في أزرار الجهاز ليسمعني كل من في القاعة .

محوت كل الخوف ... كل المسافات .

قررت أن اتحدث ... بسبابتي اليمنى أنقر على الميكروفون ثلاث نقرات كدقات المسرح لينتبه الجمهور قبل بدء العرض ، الكل ينتبه ... الكل يصمت ... الكل ينظر إليّ لأتحدث ... وبدأت :

( الساده الرؤساء الأفاضل والسيدات ... معذرة لمقاطعة جلستكم التي أوشكت على نهايتها ، لم أرغب أبدا في مقاطعة حديثكم واسترسال افكاركم ... كما لم يخطر ببالي يوما أن ألتق بأي رئيس منكم على حده ... فما بالي ألتقي بكم جميعا في قاعة واحدة مجتمعين ) .

توقفت لبرهة لأتنفس ، ولأرى وقع كلماتي التي بدأتها بالانجليزية ليفهمها الجميع ... الكل ينظر إلي وأنا داخل الكابينة ... خمسة عشر رئيس يحدقون في زجاج الكابينه ... الحاجز الوحيد بيني وبينهم الآن ... وعاودت حديثي .

( أعرف أن كلكم هنا إلا واحد تقريبا ... تسلمتم السلطة باشكال عدة إلا الانتخابات الديمقراطية الحرة ... منكم من جاء على ظهر دبابة ... ومنكم من جاء مدفوعا بسلفه ،  ومنكم من قفز إلى السلطة بآلاعيب إبليسية ستذكرها كتب السياسة فيما بعد وكذلك التاريخ .

معذرة مرة أخرى لتطاولي ... ولكنها للأسف الحقيقة التي أخفيتموها عن شعوبكم وتحاولون اخفائها عن كل العالم ... ولكني أعرفها جيدا .

أعلم أني لا أحدثكم من وجهة نظر عرقية أو طائفية أو دينية ... مع أني مسلم عربي الأصل وافتخر ... ولكني أخاطبكم كإنسان من فوق ربوة الإنسانية ... يسكن فوقها كل انسان سوي يؤمن بالعدل والحرية .

تسبون الاسلام والمسلمين ... وتقولون انه مصدر الارهاب والقتل وابادة البشرية ... عجبا ... هل تدركون زيف قولكم ام انكم تحاولون خداع انفسكم ايضا .

بينكم الان سيدة ، هي رئيسة دولة يباد فيها المسلمين امام العالم ... يقتلون ذبحا ويحرقون احياء ... ولم يتكلم منكم احد والصقتم صفة الارهاب والقتل بالمسلمين .

معذرة ... أغلبكم هنا غير مسلمين مع أن بلادكم أغلب سكانها مسلمين ولم يعترضوا عليكم ولم يسعوا لقتلكم او سلب أي مقعد من مقاعدكم ... بل من ثار عليكم واراد أن يزيحكم من مقاعدكم هم من نفس عرقكم ودينكم ... يريدون أن ينزعوكم من عليها غصبا ، لأنكم انتزعتموها غصبا ... وها انتم هنا يستغيث كل منكم بالاخر لينجو من متمردي قومه وعشيرته .

اما المسلمون عندكم فهم مسالمون ... يشاركون في تنمية وازدهاردولكم وتنمية عقول ابناء شعوبكم  لان الاسلام هو الخلاص الحقيقي والعدل الواقعي للبشرية ... كل البشرية ، وانتم تعرفون هذا جيدا ... ان العدل يتحقق بالاسلام  ولذلك تحاربونه بكل قسوة وضراوة لانكم لا تريدون العدل ... لانه بتحقيق العدل سيشنق كل منكم ويعلق .

واعلموا جيدا أنه لولا الاسلام لما وصلتم انتم لهذه المقاعد التي تجلسون عليها الان ... ولما احسستم بأي استقرار ولو لساعة واحدة .

 اما عن رفيقكم الجالس بينكم الان ، الهارب الذي انقلب عليه جيشه ... يحتمي بكم وتدافعون عنه بكل كلمات العزة والشرف الزائف ... فأقول لكم صراحة أنها كلمة حق يراد بها باطل ، انتم لا تدافعون عن هذا الرجل لأنه شريف ، أو لأنه أتى إلى مقعد السلطة بشكل مختلف عنكم ، فهو مثلكم أتى بطرق ملتوية ... ولكنكم تخشون أن تلقوا مصيره  وتنقلب عليكم جيوشكم فأردتم أن تحموا ظهوركم بالدفاع عنه ... وإعادة زرعه في مقعده  غصبا من جديد .

 أما رئيس دولتي المنتخب بنزاهة ، المنقلب عليه فعلا من طغمة وطواغيت العسكر ... من هم على شاكلتكم ... فهو الان سجين ينتظر اعدامه ، بصدر مفتوح ... راض عما فعل وأحسبه مرضي عنه من الله عز وجل .

لم أر منكم شريفا واحدا يدافع عنه وعن شرعيته الحقيقية كرئيس ... كما تدافعون عن شرعيات زائفة لآخرين يجلسون بينكم ، انغمسوا في عمق الفساد والنجاسة والزيف .

لعله واحد فقط بينكم الذي دافع عنه على استحياء وسط اصراركم على الزيف والتزييف ) .

ورفعت يدي لأشير إلى صديقي الرئيس ... رفيقي الذي ابتسم في وجهي .

كنت قد اندمجت تماما في كلامي ولم ألحظ ما يجري في القاعة من حركة ... كأنني كنت أخطب ومن أمامي الجماهير تسمع وتنفعل وتتحرك ... وعندما توقفت عن الكلام لأشير إلى صديقي الرئيس ، ولآخذ نفسا عميقا وابتلع لعابي لأواصل ... فوجئت بكل الرؤساء واقفين يحاوطون كابينتي وينظرون إليّ بحنق وغضب وغيظ .

كان جالسا في أقصى الركن الأيسر للقاعة ... في مكانه ، ينظر إليّ مبتسما كعادته ... ولكن لابتسامته الآن طعم آخر ... كأنه كان يقول لي ... بوركت ...أكمل  .

لم آبه بوقوفهم ومحاصرتهم للكابينة وقررت أن أكمل .

( أما عن هذيين العربيين المسلمين بينكم ، فلا أرى فيهما اختلاف عنكم أو ميزة ، بل أن جرمهما أكبر وجريمتهما أوقع ... اثنان من الطواغيت الصغار وسط عصابة كبيرة من الطواغيت الكبار ... أقول لهما ، أف لكما .. أف أف .

أيها الساده الرؤساء ... يا أصحاب الفخامة والسعادة والجلالة والعظمة ... أريد أن أنهي كلمتي لكم بكلمة واحدة ، واحدة فقط ... أتفووووووو )  .

وبصقت على زجاج الكابينة بكل ما تنغم به فمي .

                               **********

لم أتوقع  أن بصقتي ستكون بهذه الغزارة .

ما أخرجه فمي في وجه هؤلاء هو ليس نتاج عدة ساعات فقط قضيتها في رحابهم ، بل هو ببساطة مشاعري المتكدسة لعدة سنوات ، لعله عمري كله منذ وعيت .

ما أخرجته من فمي ... لا أدري إن كان بصقا ، قيحا أو قيئا ... ولكن كان لابد من نزعه من داخل جوفي حتى استريح ، حتى استطيع التنفس ... حتى استطيع الحياة من جديد .

تلوث زجاج الكابينه تماما ولم أعد أرى ما وراءه ...

تماما عندما أكون داخل سيارتي ويهطل المطر بغزارة ولا أرى من زجاج السيارة أي معالم لأي طريق .

لم يعد عندي أي كلام آخر أقوله لهؤلاء ، فقد أخرجت لهم تقريبا كل ما جعبتي .

ولم يعد هناك داع لأي ترجمة أخرى ... فلن أترجم ، لابد أن أخرج من هنا وليكن ما يكون .

ليمسك بي حراسهم ... لتقتلني أجهزة مخابراتهم ... لا يهم أبدا ، لقد فضحتهم كلهم أمام أنفسهم ، من داخل كابينتي الصغيرة .

كابينيتي تهتز وتترجرج كأنه الزلزال ... كأنها تقتلع من أرض القاعة قلعا .

نقر شديد وقرع على الزجاج ، كأن كل الحيوانات المفترسة في العراء تكسر الحاجز الزجاجي بيني وبينهم لتلتهمني ... وأنا وسطهم سجينا داخل قفص زجاجي .

أنهض وسط الهلع والنقر والهزات الزلزلية لأمسح زجاج الكابينة ... أزيل بصقي بيدي لأرى ماذا يحدث .

كل أصحاب الفخامة والسعادة يحيطون بزجاج الكابينة إلا صديقي المبتسم ، يقف في موقعه ... أقصى عمق يسار القاعة ، وفي عينيه كلمات صامتة مخنوقة تقول :

( أشفق عليك يا صديقي من المصير الذي سقت نفسك إليه ) .

وعندما أزلت بصقي وعاد الحاجز الزجاجي شفافا مرة أخرى بيني وبينهم ... توقف أصحاب الفخامة عن قرع ونقر وزلزلة كابينتي ... رفع كل منهم يده اليمنى ... كل منهم يحمل مسدسا ، وكلهم يصوبون اسلحتهم إليّ .

لن يفلح الحاجز الشفاف في وقف نيرانهم نحوي .

لن يجدي بصقي في عزل رصاصاتهم إلى صدري ورأسي .

 وبكل الغيظ ... بكل عار الفضيحة يضغطون على ازندة مسدساتهم في لحظة واحدة ... لتنطلق رصاصاتهم وتخترق زجاج الكابينة إلى صدري وقلبي وعيني ولساني .

طاخ ... طاخ ... طاخ .

                                       ***********

طك ... طك ... طك .

أحد حراس الأمن المتناثرين بالقاعة يقرع زجاج الكابينة بقوة لأستيقظ .

كنت نائما ، مرهقا وعلا غطيطي وصار صوتي مسموعا خارج حدود الكابينة .

السادة الرؤساء أصحاب الفخامة والسعادة والعظمة يبدأون في الدخول لقاعة الجلسة .

الحارس الذي قرع زجاج الكابينة يغلقها من الخارج ليمنع خروجي من الكابينة لأي سبب من الأسباب .

أعتدل في جلستي واشحذ انتباهي ... وأضع السماعات على أذني ... في انتظار انسياب كلمات أصحاب الفخامة والجلالة ... والسعادة . 

وسوم: العدد 704