بين إسقاط السلطنة ، والاستعمار، والاستبداد المفيد ، والفوضى الخلاّقة !

هذه هي ، أشكال التحوّلات الكبرى ، في بلاد العرب ، منذ الحرب العالمية الأولى ، حتى اليوم ! إنها حركة التاريخ الحديث ، وتشكّلات واقعه ، وتبدّلات وقائعه ، عير قرن ، من الزمان !

الحرب العالمية الأولى ، بين 1914/ 1918 ..

من أبرز نتائجها : سقوط السلطنة العثمانية ، بصفتها نسقاً قديماً مهيمناً .. ووقوعُ البلدان العربية ، تحت الاحتلالات الأجنبية ، في إطار نسق جديد !

الحرب العالمية الثانية ، بين  1939/1945/ ، من أبرز نتائجها ، الأنساق التالية :

نسق الاستقطاب الدولي ، بين محورين كبيرين ، هما: (1) حلف الناتو، الذي تقوده أمريكا ، ويضمّ عدداً ، من الدول ألأوروبّية الغربية ، ومنها : الدول ، التي كانت تحتلّ بعض البلدان العربية ، مثل : بريطانيا وفرنسا! (2) حلف وارسو ، الذي تقوده روسيا ، ويضمّ مجموعة من الدول ، في أوروبّا الشرقية !

نسق الاستقلال الظاهري ، للبلدان العربية ، وتشكيل جامعة لها ، اسمها ، جامعة الدول العربية .. و سيطرة الحكومات المستبدّة ، حتى نهاية القرن العشرين !

نسق الفوضى الخلاّقة : التي بدأت ، في بدايات القرن الحادي والعشرين ، وهي مستمرّة ، تفعل فعلها ، في الأمّة .. ولا يَعلم أحد ، غير الله ، متى تنتهي ، ليبدأ ، بعدها ، نسق جديد !

 ونقف ، عند المصطلح الأخير، لنبيّن أموراً ، عدّة ، منها :

عهد (الاستبداد المفيد!) ، الذي استمرّ، حوالي نصف قرن ، في البلاد العربية .. قد ولّى ، إلى الأبد؛ لأنه أدّى وظيفة معيّنة ، في مرحلة معيّنة - وهي استعباد الشعوب ، واستغلال ثروات الأوطان ، من قبَل وكلاء أمريكا، عبر استقرار ظاهري- ! ثمّ فقد صلاحيته ، للاستمرار والنفع ، في نظر الدول التي صنعته ! وكلّ مَن يحلم ، بالعودة ، إليه ، من الحكّام والشعوب ، إنّما يعيش، في وهم عريض ! وإذا أصرّ، على إعادته ، فسوف  يدمّره ، قبل غيره !

مصطلح الفوضى الخلاّقة : يضمّ كلمتين ، هما : الفوضى .. والخلاّقة ..!

أمّا الفوضى ، فهي ظاهرة : بمعناها ، وحيثياتها ، ووقائعها على الأرض ، وكلّ مافيها ، من : دوّامات الدم والدمار، بين المحيط والخليج !

وأمّا الخلاّقة : فمعناها عند وزيرة الخارجية الأمريكية ، مادلين أولبرايت ! فهي - حسبما نعلم - أوّل مَن أطلق هذا المصطلح ، ودافع ، عن نتائجه ، السلبية/ الكارثية ، أيّام تدمير العراق !

بعض المحلّلين الحالمين ، من عبيد الاستبداد ، يضمّون أحداث الربيع العربي ، إلى نسق الفوضى الخلاّقة !   

وبعضهم يراه ، بداية نسق جديد ، في حياة الأمّة ؛ برغم القسوة الهائلة ، التي قوبل بها ، هذا الربيع ، من قبَل أنصار النسق القديم ؛ نسق (الاستبداد المفيد)! فالنسق الربيعي الجديد ، والنسق الاستبدادي المفيد ، يتصارعان، في القلوب والعقول، ويتصارعان، بالقوى المادّية والمعنوية.. حتى يأذن الله ، بانتصار أحدهما، وهزيمة الآخر!

ومَن أصرّ، على ضمّ النسق الربيعي ، إلى النسق السابق ، إنّما يصرّ، على ضمّ نقيضَين متصارعَين ، في نسق واحد، والغلَبةُ ، لأيّ منهما، إنما تكون ، بتوافر جملة من العناصر، تتفاعل فيما بينها ! وتوافُرها وتفاعُلها، يحتاجان إلى زمن ، يراه كلّ فريق ، بمنظاره الخاصّ ، ويتوقّعه بطريقته الخاصّة ، من حيث الطولُ والقِصَر؛ لتكون نتيجة الفوضى الخلاّقة ، لمصلحة صانعيها ، أو لمصلحة الشعوب ، التي هي ضحاياها ، في الأساس!

والأرض لله ، يُورثُها مَن يَشاء من عبادِه !

وسوم: العدد 818