الذكرى السادسة لمجزرة السارين، وهولكست السوريين المستدام !!

يصادف اليوم الذكرى السادسة لمجزرة السارين في غوطة دمشق رمز الإباء والعنفوان . المجزرة الجريمة التي راح ضحيتها أكثر من ألف وست مائة إنسان جلهم من الأطفال الأبرياء . المجزرة التي ارتكبت على عين من دول العالم أجمع فكان فيها بين مشارك ، ومتواطئ .

وحين يتحدث البعض عن المجزرة بوصفها جريمة حرب لبشار الكيماوي ، ولزمرته الأسدية الطائفية العفنة ؛ فإن الجريمة البشعة ، والحق أحق أن يتبع، كانت جريمة دولية بامتياز ، ارتكبت ضد القانون الدولي والإنساني وتحت غطائهما في الوقت معا .

لقد كان الهولكست النازي المستنكر والمدان الذي طال مجموعات بشرية متعددة منها اليهود والغجر فعل مجرم حرب اسمه هتلر وبشراكة حركة عنصرية اسمها النازية؛ بينما الهولكست الذي ما زال يدور على الشعب السورية منذ تسع سنوات ، والذي كانت مجزرة الغوطة بكل عنفها وقسوتها وتماديها محطة من محطاته تتم إدارته بإرادة دولية جماعية ، بشراكة بعض وبتواطئ وصمت آخرين .

لا يجوز أن تتحول ذكرى مجزرة الغوطة بالنسبة إلينا نحن السوريين إلى محطة للتوجع والتأوه مع فظاعة الألم وعمق الجراح ..وإنما يجب أن تكون محطة حقيقية لاقتناص الدروس والعبر ، وطرح التساؤلات ، واستنباط القواعد والأحكام ..

ولعل أهم سؤال يطرحه سوري على نفسه : لماذا يجتمع أشرار العالم على كراهيتنا رغم أننا لا تجمعنا بهم حدود ولا تربطنا بهم قيود ؟!

ماذا يضر بعض الدول التي ما تزال تصوت ضدنا في المحافل الدولية أن ينال الشعب السوري حريته ويتمتع بحقوقه ؟!

لماذا لا يزال هؤلاء وأولئك مصرين على استكمال الهولكست البشع ضد شعبنا بكل عناد متجاوزين كل ما يدعون إليه من قيم وحقوق إنسانية ..؟!

والأهم من كل ذلك : كيف نواجه وكيف ندافع عن وجودنا الذي يريدون استباحته ، وعن حقوقنا التي يريدون مصادرتها ؟!

هل نرد على الكراهية بالكراهية ؟! وعلى البغي بالبغي ؟! دون أن تكون لنا تبصرة بكل ما يجري ؟! وقدرة على وضع كل الحدث ، وكل حدث في سياقه القيمي والأخلاقي والإنساني ؟!

إن الدعوة إلى الفهم وإلى العمل المبصر ليست دعوة إلى التخاذل أو إلى إهدار الحقوق أو التخلي عنها كما يتصوره البعض وإنما هو دعوة إلى الرشد المنتج الذي يقودنا من نصر إلى نصر .

كل التساؤلات التي سبقت تضع على " سراة السوريين " وأولي الأحلام والنهى منهم مسئولية أكبر في تفهم السياقات واقتراح السبل للتعامل معها . يجب أن لا نمل من تكرار أن المقدمات الخاطئة لا تنتج نتائج صائبة أبدا ..

وقبل أن نغادر محطة الذكرى الفاجعة الأليمة لا بد أن نذكر ..

أن بعض الجماعات البشرية التي تأذت من جحيم الهولكست النازي ظلت تلاحق مجرميه على مدى عقود طويلة ..ومن هنا يجب على أصحاب القرار الوطني من السوريين أن يوثقوا الجريمة ، بل كل الجرائم التي ارتكبت ضدهم ، بكل تفاصيلها . وأن يصدروا قائمة العار لكل الضالعين فيها من المجرمين المحليين والدوليين ولاسيما الذين شاركوا في الجرائم عمليا ، والذين غطوا على هذه الجرائم بقراراتهم ومواقفهم وسياساتهم ، دون أن ننسى صاحب الخط الأحمر في موقفه الكالح الكئيب .

نقف خاشعين اليوم في رحاب الذكرى الأليمة الفاجعة

نترحم على شهدائنا ..

ندعو لأطفالنا الذين مزق السارين رئاتهم : اللهم اجعلهم فرطا وذخرا ..

نسأل الله أن ينزل على قلوب أمهاتهم وآبائهم السكينة وأن يلهمهم حسن العزاء ...

ونجدد العهد مع الله الذي أكرمنا بآدميتنا ..

ومع كل الأحرار من أبناء شعبنا ومع كل محبي الخير في العالم ..

أن لن نقبل عن إنسانيتنا وحريتنا وكرامتنا بدلا ..

أيها السوري الحر النبيل

( فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ ).

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 839