الفريق قايد أحمد يختلق ذريعة اكتشافه حياكة مؤامرة إعدادا للإجهاز على حراك الشعب الجزائري التواق إلى الديمقراطية والحكم المدني

لا شك أن الجهات التي خططت لنسف ثورات الربيع العربي في الوطن العربي لم تستثن من ذلك القطر الجزائري الذي انتفض شارعه ضد فساد حكم العسكر الجاثم على صدر الشعب الجزائري منذ استقلاله عن الاحتلال الفرنسي ، علما بأن العسكر في الجزائر هو أول من سن سنة الإجهاز على الديمقراطية في تسعينيات القرن الماضي وهي سنة السيئة  تلقفها عنه عسكر آخر في أقطار عربية للإجهاز على ثورات شعوبها في ربيعها  .

 وكما حدث في مصر وفي السودان بدا موقف العسكر في الجزائر  يتدرج شيئا فشيئا  في تعامله مع الحراك حيث بدا أول الأمر وكأنه يؤازر هذا الحراك  ثم انتقل إلى مرحلة المماطلة  في الاستجابة لمطالبه  باللف والدوران والمناورات المكشوفة بعد مرحلة ذر الرماد في العيون من خلال حملة اعتقالات إشهارية  طالت بعض عناصر الفساد المحسوبة عليه لينتهي إلى مرحلة اختلاق الذرائع لنسف حراك الشعب الرافض لحكمه واستبداده، لأن المسيطرين على زمام أموره يعتبرون أطرافا في الفساد الذي انتفض الشعب لإسقاطه  .

وآخر ما خرج به إعلاميا الفريق قايد أحمد هو الحديث عما سماه حياكة مؤامرة لزعزعة استقرار الجزائر ، وقد جاء هذا التصريح مباشرة بعد حملة اعتقالات شملت بعض الطلبة  وغيرهم من الذين اتهموا بخلق البلابل واستهداف أمن واستقرار البلاد.

ومعلوم أن العسكر في البلاد العربية التي انتفضت شعوبها ضد فساد أنظمتها العسكرية يدعي الوطنية أكثر من الشعوب  وهو يزايد عليها بذلك ، ولا يتورع عن رميها بتهم زعزعة استقرار الأوطان حين تنتفض ضد فساده السياسي  مع أنه هو من يمثل تلك الأنظمة  الفاسدة ويحميها ويستفيد من ريعها .

وأمام رفض الشعب الجزائري لحكم العسكر بقيادة الفريق الماسك بزمام الأمور بيد من فولاذ ،ورفع سقف مطالبه في حراكه ليصل حد  المطالبة بتنحيته أو رحيلها عن السلطة  ومحاكمته لم يجد حيلة للتشبث بالسلطة سوى اختلاق  ذريعة المؤامرة  ضد الوطن على طريقة السيسي في مصر،  وبشار في سوريا ،وحفتر في ليبيا ، والبرهان في السودان . وهذه الذريعة المكشوفة هي اتهام وطعن في حراك الشعوب ، وتشكيك في وطنيتها ، وهو إعلان عن انقلابات عسكرية للاستمرار في الحكم والسلطة ، وكذا استنزاف خيرات الشعوب المغلوبة على أمرها والتواقة إلى  الانعتاق  وحكم نفسها بنفسها عن طريق تجارب ديمقراطية حقيقية وليست صورية .

ولا شك أن الفريق قايد أحمد سيخيط جلباب تهمة المؤامرة والخيانة العظمى ويلبسها ضحايا أبرياء يعتقلون ويحاكمون وتصدر في حقهم عقوبات قاسية تبلغ ما بلغته عقوبات القضاء المصري الذي يتحكم فيه العسكر ويملي عليه النطق بالأحكام القاسية بما فيها الإعدام في حق من رفضوا الانقلاب العسكري الدموي على الشرعية والديمقراطية.

ومن أجل التمويه على ما تنطوي عليه نوايا الفريق قايد ، فإنه يصرح بأنه لا طمع له في السلطة ، وأنه لن يترشح للانتخابات التي أعلن عن تاريخ تنظيمها دون رغبة الشعب الرافض لها ،علما بأنه سيكون الحاكم الفعلي  والآمر الناهي والحاكم بلا منازع والذي سينصب دمية من الدمى يملي عليها ما يشاء من قرارات ليشتغل بجمع الثروات كما جرت عادة الجنرالات  .

إن ذريعة الكشف عن مؤامرة كما يدعي الفريق المتمسك بالسلطة باتت مكشوفة ومثيرة للسخرية ، ولا شك أنها ستسقط باستماتة الشعب  وثباته على حراكه خصوصا وأنه سبق له أن لدغ من نفس الجحر حين أجهز العسكر على أول تجربة ديمقراطية جرت رياحها بما لم تشته سفن العسكر في تسعينيات القرن الماضي  .

وأخيرا نتمنى للشعب الجزائري الشقيق فرجا عاجلا يخلصه من طغيان قادة العسكر وفسادهم ، ونتمنى أيضا أن يوجد في الجيش الجزائري شرفاء يقفون إلى جانب شعبهم في حراكه ، وفي تطلعاته ، ويعيدوا الجيش إلى مهمته الأصلية والمقدسة وهي حراسة الثغور بعيدا عن  الخوض في السياسة والرغبة في الحكم لأنه ثبت أن اشتغال الجيوش بالسياسة والسلطة هو ما يفرخ  الاستبداد والطغيان والحكم الشمولي والفساد السياسي الذي يكون أصل كل فساد . 

وسوم: العدد 842