السيسي لأول مرة يرد مباشرة علي محمد علي

السيسي لأول مرة يرد مباشرة علي محمد علي، بعد ما فرغ جزء من كلامه عن المقبرة وتأجيل دفن أمه في حفلة افتتاح التفريعة، قبل أن يُقسم أن الأمر كذبًا..وده حدث استثنائي..

الدولة بإعلامها المسيطر عليه من قبل المخابرات باستثمارات بعشرات المليارات، فضلًا عن أذرع السوشيال ميديا، فشلت 100% في مواجهة فيديوهات هواة علي يوتيوب، لدرجة أن رئيس الدولة يعمل مؤتمر مخصوص، ويرد فيه بنفسه..ودي هزيمة فادحة ل 6 سنوات من تأميم السياسة والمجال العام..لكن محتوي الكلام هو الأهم والأفدح مليون مرة..

السيسي أكّد علنًا أنه بيعمل قصور رئاسية، قبل أن يُضيف ‘‘وأنتوا هتخوفوني يعني ولا إيه؟ ومبرره أنه هيسيبها لمصر، إيه المشكلة يعني؟..يعني تعمل قصر تقعد فيه 20 سنة لغاية ما تموت، ويبقي القصر بتاع مصر؟ تسيبه من بعدك لديكتاتور جديد، ويبقي بتاع مصر؟..يبقي عندك قصور رئاسية، وتروح تعمل قصور إضافية، في وقت شعبك بيموت من الجوع، وديونك الخارجية وصلت 102 مليار $، وتبقي عشان مصر؟ مينفعش عشان مصر يبقي صحة وتعليم وصناعة؟ لازم قصورك..كل الطغاة سلكوا ذات الدرب..شاوشيسكو شيّد ثاني أكبر مبني في العالم بعد البنتاجون، لأن رومانيا لازم تمتلك قصر يلائم حضارتها، وموبوتو أسّس عاصمته الجديدة‘‘جبادوليت‘‘ لأن زائير تحتاج لإظهار وجهها الحضاري للعالم..وغيرهم ممن ادّعوا أنها قصور وعواصم الشعب، بينما لم تُصنع سوي لإشباع أوهامهم بالخلود الإمبراطوري..والنتيجة..كيف كانت نهاياتهم؟ وأي مصير ورثوا لشعوبهم؟..السيسي - مثل سابقيه - يُعرّف نفسه نصًا بأنه الدولة..رغباته هي رغبة مصر، ورفاهيته الشخصية هي رفاهية 100 مليون..وتلك كارثة مُفجعة.

السيسي يرد علي محمد علي ويقول..أنه لما تجيله هدايا شخصية، بيحطها في متحف خاص بالهدايا، وكأن ده دليل الشرف، وكأنه بيمّن علينا..

ده واجب إلزامي مش منحة..تلك الهدايا تُقدم إلي الشعب المصري في شخصك، وليس إليك مباشرة..شوف كندا..رئيس الوزراء جاستن ترودو حُكم عليه من الهيئة البرلمانية للأخلاقيات، بدفع غرامة قيمتها 100 $ لأنه تلقي نظارتين شمس بقيمة تزيد عن 200$ دون أن يُفصح عنهما خلال شهر..شوف هيلاري كلينتون لما تلقت هدية عبارة عن قلادة من البورمية أونج سان سوتشي بقيمة 970 $، راحت دفعت قيمتها من مالها الخاص، لأن القانون يحظر تلقي أي مسئول حكومي هدايا من مسئول دولة أجنبية بقيمة تزيد عن 390 $ وإلا تُعاد لخزينة الدولة..دي كندا التي يبلغ ناتجها القومي 2,5 تريليون $، وتلك أمريكا التي يبلغ مجمل ناتجها 19 تريليون$،..تيجي في مصر التي يُعادل ناتجها 350 مليار $، وتعايرنا بعدم قبولك هدايا؟

ولطيفة أوي نقطة أن الجنرال بيأكل من جيبه وليس من خزينة الدولة..

بفرض أنك صادق..يعني توفر باليمين كام ألف للدولة هم ميزانية أكلك وشربك، وتاخد بالشمال 250 مليون عشان تعمل للهانم قصر بدل قصر سوزان اللي مش عاجبها؟..توفر كام ألف وتعمل للوالدة مقبرة ب 2,5 مليون؟ توفر كام ألف وتروح تضيع 8 مليار $ في مشروع فاشل اسمه التفريعة؟ توفر كام ألف وأنت كل شهرين تضيع مئات الملايين في مؤتمرات شباب، وظيفتها الوحيدة أنك تشعر بزعامة وهمية علي مجموعة من المأجورين؟..أي منطق يقول أننا مفروض نمتّن لجناب الجنرال أنه مش بيأكل غير من فلوسه، وهو يُهدر مليار ضعف ثمن الأكل والشرب علي ملذاته الأخري من قصور وحفلات إمبراطورية تليق برضا بهلفي وماركوس وبوكاسا ودوفالييه؟

وأكثر لطفًا أن كلام الفيديوهات بيضعف معنويات صغار الظباط في الجيش..بجد؟

يعني مش الفشل في الحرب علي الإرهاب وكل يوم جثث زمايلهم بترجع قصاد عينهم، هي اللي بتضعف روحهم المعنوية؟..مش أن المقاتل منهم يقف يبيع سمك وجمبري ويتنادي عليه قصاد 100 مليون..ظابط مقاتل قائد خط الجمبري يا فندم؟..مش أنهم يشوفوا رئيس الدولة وكبار الجنرالات يرفلون في النعيم بغير حساب ولا عقاب؟..مش أنهم يشوفوا جزء من تراب وطنهم اللي اتدفع فيه الثمن دم ألوف الشهداء، وهو بيتباع للسعودية علنًا مقابل شحنتي جاز من أرامكو؟..مش أنهم يشوفوك وأنت تخاطب وتنصح أصدقائك الصهاينة من فوق منابر الأمم المتحدة؟..كل ده لا يُضعف الروح المعنوية لمقاتل محترف؟ بينما ما يُضعفها هو حديث عن فسادك؟ لأ..أنت مش خايف علي صغار ظباط الجيش من إحباطهم..أنت خايف من أي غضب مُحتمل..ومش قادر تقدم لهم مبرر واحد فقط، لا أنت ولا كبار رفاق البيزنس من الجنرالات.

خلاصة القول..نظام السيسي لأول مرة منذ 6 سنوات يُوضع في خانة اليك، ويتم الضرب في أقصي نقاطه الحساسة، لدرجة تُجبر الجنرال الأول علي الخروج غاضبًا للحديث..لأول مرة السيسي يبقي عارف أن جمهوره بدأ يخاف وينفض، فطلع يلمهم حواليه مرة تانية من جديد، بكلام إنشائي فارغ المحتوي..أمّم وحاكم واسجن وشرّد واقتل وبيع..وهيجي فيديو يوتيوب، مجرد فيديو، يوجع مُلكك ويجرك للحديث عنه..وليس هناك من هزيمة معنوية فادحة أكثر من ذلك..الرئيس الذي يري الشرف في أكل وشرب، ولا يراه في تراب وطنه، في قمع وسجن وإنفاق جنوني علي ملذاته، لا يُمكن ائتمانه علي وطن، ولن يقوده إلا نحو الخراب !

وسوم: العدد 842