ما الذي غَرَّ أولئك .. وعلى مَن يَتَوكّلون !؟

قال تعالى :

(إذْ يقولُ المنافقون والذين في قلوبهم مرضٌ غَرَّ هؤلاءِ دينُهم ومَن يَتوكّل على الله  فإنّ الله عزيزٌ حكيمٌ) .

فما الذي غَرَّ أولئك القائلين !؟

عبادةُ الأوثان : من حجر، وبقَر، وشمس ، وقمر، ونجوم .. وغيرها !؟

عبادةُ البَشَر: من حكّام ، وأصحاب مقامات: سياسية، واجتماعية ، وعلمية ، وثقافية.. وغيرها!؟

عبادة الأهواء ، قال تعالى :

(أفرأيتَ مَن اتّخَذَ إلهَه هَواهُ وأضَلّهُ اللهُ على عِلم وخَتَمَ على سمعِه وقلبِه وجَعلَ على بَصَرهِ غِشاوةً فمَن يَهديهِ مِن بَعدِ الله أفلا تَذَكّرون) .  

عبادة الدينار والدرهم :

قال رسول الله : تَعِسَ عبدُ الدينار والدِرهَم ، والقَطيفةِ والخَميصةِ ؛ إنْ أعطيَ رَضيَ ، وإن لم يُعطَ لم يَرضَ !  رواه البخاري .

عبادة الدنيا وزينتها ، قال تعالى :

(قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ).

ثمّ ، على أيّ ربّ يتوكّل أولئك !؟

على كبارهم: من الحكّام والمتسلّطين، من الرؤساء والملوك، والقياصرة والاكاسرة ، والسلاطين.. الذين لايملك أحدُهم ، دفعَ أذى بعوضةٍ ، عن نفسه ، أو اتّقاء أذى مكروبٍ ، يَسبح في دمه !؟

على نفوسهم المتكبّرة المتعجرفة، الضعيفة، التي لاتملك، لذواتها: نفعاً ولا ضرّاً ولا موتاً ولا حياةً  ولا نُشورا!؟

على أموالهم : التي يجمعونها ، من حلال أوحرام ، والتي قد تذهب منهم : في صفقة تجارية خاسرة ، أو في مصيبة تحلّ عليهم، تذهب بكلّ مايملكون، من متاع الدنيا ، أو في مرض يصيبهم ، أو يصيب بعض أفراد أسرهم ؛ فيبذلون المال ، كلّه ، لعلاج المرض ، دون جدوى !؟

على الشياطين : التي تَعدهُم وتُمنّيهم ، من شياطين الإنس والجنّ ، التي تنفث سمومها ، في عقولهم وقلوبهم ، حتى تطغيهم ، وتضلّهم عن الهدى ، ثمّ تتبرّأ منهم !؟

قال تعالى :

(كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ). 

فسبحان القائل : فإنّها لا تَعمى الأبصارُ ولكنْ تَعمى القلوبُ التي في الصُدور .

وسوم: العدد 843