الجكارة في الطهارة...الجامعة العربية أنموذجا

أعداء أمتهم ..أعداء أنفسهم ولا يشعرون

وهذه الحقيقة لا تغيب عن عقل عاقل ، ولا ينكرها إلا جاحد ، وقد سبق كتاب ربنا إلى تحذيرنا من قوم كانوا " وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يعلمون " نفى عنهم العلم بحقيقتهم الغارقة في الفساد ، ونفى عنهم العلم بحقيقة الفساد الذي تفرزه ذواتهم وأهواؤهم وهم لا يعلمون .

منذ أيام صرح الرئيس الروسي بوتين أن معركتهم في سورية أبعدت عنهم خطرا استراتيجيا مستقبليا كان يمكن أن يهدد روسية ولو بعد حين ..

وبمثله قال الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون حين كتب في كتابه " نصر بلا حرب " عن " الخطر الأخضر " منذ 1989 . وكلا القولين نتفهمه ، ونقدر أبعاده ، ونستطيع أن نضعه في سياقاته التاريخية في جدلية صراع الحضارات ، حيث يجد أصحاب عقيدة النقيض الهيغلي ، في الإسلام نقيضا مستقبليا لأهوائهم يوجب عليهم مشروعهم للهيمنة والنفوذ أن يستبقوه بالحرب والتدمير ..

وإذا قلنا إننا نتفهم كل هذا وندركه ، ونعتبره بعض التحديات الوجودية المفروضة على أمتنا ، والتي يمكن أن تكون من عوامل يقظتنا ونهضتنا وإدراكنا لذاتنا ؛ يبقى سؤالنا مفتوحا بحق هؤلاء الذين ينتمون ، رغم أنوفهم ، إلى أمتنا التي هي رغما عنا وعنهم أمتنا ، وقديما قال أجدادنا : يدك منك وإن كانت شلاء ؛ يبقى سؤالنا مفتوحا بحق هؤلاء السفهاء المفسدين في الأرض: بأي عقل تقفون مع مشروع تدمير أمتكم ، والذهاب بوجودها ..وفي تدميرها تدمير لأنفسكم ، وفي ذهاب ريحها ذاهب لريحكم ؟!

هذا المسلم ...هذا العربي الذي يقف اليوم في سورية مع مشروع الشر مثلث الرؤوس : الروسي - الصفوي - الأسدي ..ضد أجساد الأطفال السوريين ، وضد المجاهدين السوريين الذين يحاربون في خندق الأمة المتقدم لمواجهة الأعداء المتربصين ، وضد الدولة التركية التي وجدت من الرشد ومن القوة في عصر الضياع والبعثرة ما يعينها أن تدفع عن حق وأن ترفع الراية .؟!

نسأل هذا مدعي الإسلام .. ومدعي العروبة هذا ؛ وماذا بقي لك من إسلام ومن عروبة ؟! وأنت من الذين لا يعلمون .. ولا يشعرون ؟!!

ونبشر هذا الكسيف الأسيف بأن ما يستقبله ، إن تمكن العدو ، من أصحاب الحفاظ من رجال أمته – لا سمح الله - إلا أن يتوج بالصغار ، ويداس بالأقدام .

وكان لدى المستعصم بالله العباسي سنة 656 للهجرة ، حامية في بغداد تدفع عنها سنة أو أكثر لو أراد ، بل تدفع عنها حتى تصلها الجيوش والإمداد ..ولكن اللعين ابن العلقمي أقنعه ، كما يقنعهم اليوم بعين اللهجة وعين الخطاب ..أن يخرج بأهله وبطانته وحشمه وخدمه إلى هولاكو ، كما يفعلون أليوم ..فهل تحبون أن تعرفوا كيف كانت نتيجة الأنذال ..؟!

سلب هولاكو من " الخليفة العباسي " كل شيء . ثم أمر به فوضع في جوالق " كيس"، وأغلقوا عليه فم الكيس بإحكام ، ثم أمر جنده فداسوه بالأقدام .. وكان من قبل كسرى أنوشروان قد أمر بالنعمان بن المنذر بن ماء السماء أن يطرح تحت أقدام الفيلة فداسته بأقدامها ، فقط لأنه رفض أن يزوج كريمته لأنوشروان ..

أي جاهل أو غبي يخرق مقعده من سفينة ؟ أي جاهل أي غبي ينشر جذع شجرة يجلس على غصنها ؟ تلك حكايات تعلمناها ونحن في المدرسة الابتدائية نضطر اليوم لنعلمها لكل الذين تسودوا وهم الرؤوس الجهال !! وصدق سيدنا رسول الله : اتخذ الناس رؤوسا جهالا فضلوا وأضلوا ..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 866