تصريح بشار الأسد المثير للريبة حول مهادنة تركية.. مرة أخرى ما وراء الأكمة؟؟

تصريح بشار الأسد في هذا اليوم ، 4/ 3/ 2020  لقناة روسية 24 ، جاء في غير ما سياق ، وهو تصريح مثير للريبة وللتساؤلات بشكل عام  !!

بشار الأسد في تصريحه المريب يتساءل بسذاجة مصطنعة ؛ عن سر الاختلاف الروسي التركي ؟!!  ويؤكد بشار الأسد أن ما يسميها  " سوريته " لم ترتكب أعمالا عدائية صغيرة أو كبيرة ضد تركية !! ثم يقفز مباشرة إلى ذكر بعض الروابط  بين البلدين ، ويعدد منها اشتراك ديمغرافي ، ومصالح حيوية مشتركة ، وتداخل ثقافي مشترك ، لا ينسى بشار الأسد أن يؤطره بالإطار التاريخي ، لأن المشترك الثقافي عفوا ، أقصد الإسلامي ، السائد في البلدين ، لا يعني لبشار الأسد شيئا . وبالتالي فإن بشار الأسد بتصريحه المنبت عن كل سياق ، يعيد ويؤكد أنه من غير المنطق أن يكون بين نظامه وبين الدولة التركية خلافات جدية ..!!

ينسى بشار الأسد أن قيامه بقتل مليون سوري ، وتهجير ملايين السوريين كاف على المستوى الإنساني وحده لتجعله في خلاف مع كل ذي قلب وضمير في هذا العالم..وأن كل الذين سكتوا عن جرائمه تواطأ أو لامبالاة ، هم من أراذل البشر الذين لا يأبه لمثلهم إنسان .

والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن مباشرة حول هذا التصريح الغريب ؛ هل جاء هذا التصريح المثير للريبة، في إطار عملية بلع الريق ،   بعد الدرس الأليم الذي تلقاه خلال الأيام ثلاثة أيام من عملية درع الربيع  ، والتي تكبد فيه بشار الأسد خسارة 3 طائرات حربية مقاتلة ، و8 مروحيات ، و3 طائرات بدون طيار ، وتدمير 151 دبابة ، و8 منصات دفاع جوي ،  و3200 ضحية بشرية ؟!!

لقد علمتنا تجارب السنوات التسع الماضي أن بشار الأسد في حساب الخسائر أو المصائب التي يجلبها على سورية هو كالذي ينفق من " كيس غيره " كما تقول العامة في وطننا . فبشار الأسد لم يبال قط بالألم الذي تسبب به لكل السوريين ، بل لم يبال بالألم الذي تسبب به ولا يزال حتى للفئة التي يزعم أنه يمثلها ، وعلينا أن نتوقف عن التفكير في هذا السياق ، سياق الإحساس بالمسئولية وبالفاجعة وبتداعياتها !!

يبقى لنا في تفسير سياق هذا التصريح المثير احتمالان ..

الأول هو أن يكون ما صدر عن بشار الأسد إنما صدر بطلب روسي وتوجيه وأمر بوتيني ، وبالتالي فهو لا يد لبشار الأسد فيه ، وإنما  هو جزء من سيناريو يعمل عليه بوتين ، وسيحتاج بوتين إلى الاعتماد عليه في إطار لقائه  مع الرئيس أردوغان بعد يومين ..!!

وهذا تفسير مثير للقلق بحد ذاته  إن صح . لأننا نحن السوريين ننظر بريبة وشك ورفض إلى كل ما يصدر عن موسكو ، موسكو 15 فيتو لحماية المجرم واستدامة  والجريمة  في سورية. وإنه لمما يثير الاستغراب والاستنكار أن وجدنا شخصية عربية مرموقة ، تحط رحالها في موسكو لتطلب منها أن تقوم بالوساطة بين ما يلقب الإخوة الأعداء !! أما آن لهذه الأمة أن تستعيد وعيها !!!

والسيناريو الآخر المحتمل في تفسير تصريح بشار الأسد هو أنه جاء  في سياق ما يتحدث عنه الناس من " تداعيات  " مجهولة ، تجري في دمشق . متغيرات أكثر ريبة لتغيرات لا يطلع على حقيقتها إلا من كان عنده شبكة معلومات .. يزعم  المتغلغلون أن   ثمة الكثير من الاضطراب ومن الخوف ومن المتغيرات التي ترفع قوما وتخفض آخرين ..!!

ويبقى السؤال عن سر التصريح المريب مفتوحا لكل من ملك معلومة ليكتب عن علم لا عن تقدير وتحليل . وقديما قال سلفنا : من حفظ حجة على من لم يحفظ . ومن علم حجة على من لم يعلم ..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 866