يوم الأرض الفلسطيني .. ذكرى خالدة وإرادة شعب لا ينهزم

clip_image002_94285.jpg

ليس حدثًا عابرًا كي يغفل عنه الفلسطينيون، فرغم مُضي 44 عامًا عليه إلا 

أنه لا زال خالدًا في ذاكرة الشعب الفلسطيني، يُحيي ذكراه في اليوم 

الثلاثين من شهر آذار/ مارس، من كل عام.

حيث توافق اليوم ذكرى "يوم الأرض" الذي كان لأحداثه أثر كبير في حياة 

الفلسطينيين، فقد أعاد لهم مشهد النكبة التي وقعت عام 1948، بانتهاك جديد 

من مسلسل الانتهاكات الإسرائيلي المستمر ضد الفلسطينيين.

وفي ظل هذه الذكرى، تدور أسئلة حول ذلك الحدث الذي حُفر في ذاكرة 

الفلسطينيين؛ مالذي جرى، ولماذا أطلق عليه الفلسطينيون "يوم الأرض"؟.

تهويد ومصادرة أراضي

المدير السابق للهيئة الأهلية للاجئين في غزة عوني الأشقر تحدث عن ذلك 

اليوم وما الذي جرى فيه حيث قال: "إن المؤسسة الإسرائيلية التي كان يرأس 

حكومتها "يتسحاك رابين"، ويتولى "شمعون بيرتس" فيها منصب وزير الأمن، 

أعلنت في العام 1976، عن خطة لتهويد الجليل وإقامة عدة مدن يهودية في 

المنطقة على أرض تعود ملكيتها لفلاحين من قرى "سخنين، وعرّابة، ودير 

حنّا، وعرب السواعد."

وأضاف الأشقر في حديثه لـ "فلسطينيو الخارج"، أنه خلال الاحتجاجات التي 

أطلقها الفلسطينيون، وأثناء مواجهتهم لقرار مصادرة أراضيهم من قوات 

الاحتلال التي بدأت حينها بتطبيق خطتها لتهويد تلك القرى، ارتقى ستة 

شهداء وهم: خير أحمد ياسين (23 سنة) من قرية عرّابة – البطوف، وخديجة 

قاسم شواهنة (23 سنة)، ورجا حسين أبو ريا (23 سنة)، وخضر عيد محمود 

خلايلة (30 سنة) من قرية سخنين، ومحسن حسن سيد طه (15 سنة) من قرية كفر 

كنا، ورأفت علي زهدي (21 سنة) من قرية مخيم نور شمس.

وذكر أن قوات الاحتلال أقدمت في التاسع والعشرين من فبراير في ذلك العام 

على مصادرة 21 دونومًا من أراضي تلك القرى في إطار تطبيق خطتها لتهويد 

الجليل.

ردة فعل الفلسطينيين

وأوضح الأشقر أن ردة فعل الفلسطينيين كانت قويّة، حيث عمّ الإضراب كافة 

مناطق الجليل الفلسطينية وامتدت المسيرات في أراضي فلسطين المحتلة عام 

1948م، وأعقب ذلك إصدار دولة الاحتلال قرارًا بمصادرة أراضي الفلسطينيين 

في الجليل و إعلان حظر التجوال على قرى "سخنين- عرابة- دير حنا- طرعان- 

طمرة".

وبحسب الأشقر، أدّى ذلك إلى اندلاع مواجهاتٍ عنيفة، حيث خرج الفلسطينيون 

في مظاهرات ضد مصادرة الأراضي، وفرّقت قوات الاحتلال تلك المظاهرات 

بالغاز المسيل للدموع وإطلاق النّار خاصّةً على معلمي المدراس والطلاب 

الذين كانوا الفئة الأكثر تأثيرًا على الأحداث، وعمّ الإضراب جميع 

البلدات الفلسطينية المحتلة من الجليل شمالاً وحتى النقب جنوباً، كما 

انضمت لها إضرابات تضامنية في وقت واحد في جميع أنحاء الضفة الغربية 

وقطاع غزة وتجمعات الفلسطينيين وحتى مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.

ومن وجهة نظره، اعتبر الأشقر أن إحياء الفلسطينيين لذكرى يوم الأرض في كل 

عام، "يُشكل جرس إنذار لسياسة الاحتلال الإسرائيلي التي تستهدف الأرض 

والسكان لتحقيق الحلم الاستيطاني وإقامة الدولة اليهودية".

وتابع قائلاً: "إن يوم الأرض سيظل يمثل لنا رمزًا للإرادة في الدفاع عن 

أرضنا ووجودنا وإن شعبنا في كل أماكن تواجده أفشل مخططات الاحتلال في كي 

وعيه ودحض مقولة الكبار يموتون والصغار ينسون، من خلال توريث الصغار حب 

فلسطين والدفاع عنها".

يوم الأرض والشعب الفلسطيني

من جهته أكد رئيس الجمعية التركية للتضامن مع فلسطين "فيدار" ورئيس 

"منسقية تركيا للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج" محمد مشينش، أن يوم 

الأرض يعني للشعب الفلسطيني الشيء الكثير، "فهو يستذكر أبطاله وشهداءه 

ويستذكر مناسباته الوطنية رغم طول أمد الاحتلال"، موضحًا أن الشعب 

الفلسطيني يسترجع في هذه المناسبة تلك الملحمة التي عبّر خلالها عن تمسكه 

بأرضه واستعداده لتقديم الشهداء للدفاع عنها.

ومن ناحية قانونية، ذكر مشينش خلال حديثه مع "فلسطينيو الخارج" أن 

القانون الدولي تخلى عن 78% من الحقوق الفلسطينية التاريخية، مشيرًا إلى 

أن "القانون الدولي على الرغم من إعطائه بعض الحقوق لأبناء الشعب 

الفلسطيني، ورغم التعاطف الدولي عمومًا، إلا أن القوانين الدولية لا تطبق 

على دولة الاحتلال ويتم تجاوزها باستمرار".

وأكد على أن "مشاريع دعم الكيان الصهيوني من القوى العظمى ما زالت 

مستمرّة رغم معارضتها للقوانين الدولية"، مستشهداً على ذلك بـ"صفقة القرن".

وبيّن مشينش أن دولة الاحتلال ما زالت ماضية في تطبيقها لتلك الصفقة رغم 

رفض المجتمع الدولي والقوانين الدولية لها، معللًا ذلك بيقين دولة 

الاحتلال بأن القوانين الدولية لن تُلزمها بالتراجع.

ودعا مشينش الشعب الفلسطيني وجميع شعوب العالم إلى التّمسك بالحقوق وعدم 

التفريط بها والاستمرار بالمطالبة بها، مشددًا على ضرورة "عدم إضعاف هذا 

الطلب أو تقليله بطول فترة الاحتلال أو مناورته التي يقع فيها البعض من 

مفاوضات سلام أو غيرها من الألاعيب التي يحاول الاحتلال أن يكسب شرعية من 

خلالها".

وأشار إلى أن التفاعل مع "يوم الأرض" سنويًا يكون كبيرًا خصوصًا من الشعب 

الفلسطيني في الخارج الذي يعتبره مناسبة لإبراز التراث الوطني الفلسطيني 

وإظهار مدى تمسكهم بأرضهم وهويتهم.

وفي ذات السياق، نوّه إلى أن الاجتماعات العامة واللقاءات الشعبية حول 

هذه الذكرى تعطّلت بسبب جائحة فيروس "كورونا"، مؤكدًا على أن الفعاليات 

التي ستتم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ليست بالقليلة وستعبّر عن 

دواخل أبناء الشعب الفلسطيني.

وختم مشينش حديثه بالتأكيد على أهمية إحياء ذكرى يوم الأرض، قائلًا: "هي 

مناسبة للتعبير عن حالة محدّدة وهي التمسك بالأرض، وعند الحديث عن الأرض 

فإننا نعني كل فلسطين من رأس الناقورة لأم الرشراش، وهذه دلالة هذا 

اليوم، وهو مختلف عن المناسبات الوطنية الأخرى في رمزيته المرتبطة 

بالانتماء لفلسطين".

وسوم: العدد 870