جوابي عن جماعة الإخوان المسلمين

وسألني : لماذا لا تردون على من ينتقدكم ويتهمكم ويسيء إليكم ؟!

لماذا وحال الناس كما تقول العرب : " من يسمع يخل " أي يظن أن ما يسمعه من التهمة حق ؟

وجوابي ولست مخولا بالجواب ،

أن جماعة الإخوان المسلمين ، كفصيل وطني سوري ليست فوق الانتقاد .

لا تزعم لنفسها هذا ولا تدعيه . ونحن فيما كنت وعلمت ، وما تزال تعتبر كلمة النقد تقال في سياق الحق هدية يجب أن يستفاد منها ، وأن يستدرك ما يمكن استدراكه من أمرها .

ثمة مفارقة في نصح الناصح ،  بين نصيحة بعلم وموقف بقدرة . وقفت معه ساعة أحاول أن أخفي عنه الخرق في ثوبي، ولم يلبث أن نادى تعالوا فانظروا ثوبه المخروق . ما كل عيب تحيط به تقدر على تغييره ، فمعادلة القدرة غير. والذين يظنون جماعة الإخوان المسلمين تمتلك مناطات القدرة المطلقة ، يبعد النجعة . صحيح تقول العامة : صيت غنى ولا صيت فقر . ولكن لصيت الغنى أيضا مشكلاته وتحدياته .

هذا الكلام يخص الناصحين ، كما يخص المنتقدين الموضوعيين .

ثم إن الامتناع عن الجواب  على المنتقدين بالباطل ، المسوقين لما لا يحمد من القول يمكن ان يصرف على وجوه كثيرة منها :

أولا : إننا - في جماعة الإخوان المسلمين -  أصحاب مشروع ، وأصحاب قضية ، ونقيضنا الأول في سورية هي مع المستبد الأول ، والفاسد الأول فيها ، ولا نرى معه لقاء ، ولا مع غيره شغل ؛ ولا نرى مع محدودية الطاقات ، أن نضيع جهدا في الرد على من سواه . كل المعارك الجانبية والصغيرة هي ليست معاركنا . بل ما أكثر ما يحاول العدو الأول أن يشغلنا ببعض جنوده فنأبى ..

ثانيا : مشروعنا في بعده المجتمعي مشروع وطني عام ، ونعلم ان المضي قدما في ترددات المراء والجدل ، مما يقطع الجسور ، ويعمق العداوة ، وينشر البغضاء ، ويقودنا إلى نقطة اللاعودة ، مع الكثيرين نتفق معهم ونختلف ، ومع هذا الذي نحذره ونرفضه ونخشاه ؛ نحرص دائما على أن نبقي بيننا وبين المخالف ، وإن قسا واشتط وتمادى ، خطا للقاء . وقد كان لنا في تاريخنا الوطني تجارب ثرة من التجاذبات والتحالفات . ونعلم دائما من تعليم ربنا ( وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ )

ثالثا : ثقتنا بمشروعنا ، وبمن يعرفنا من أبناء أمتنا وشعبنا  ومن خلال تجربة عمرها سبعة عقود من الزمان ، تساعدنا على تجاوز سجالات القيل والقال . ونعلم أن ( فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ )

رابعا : ونمسك عن الرد على أقوام ، توقيرا واحتراما لتاريخهم أو عمرهم  أو مكانتهم أو للحظة صدق سبقوا بها ، ونعلم أن الإنسان قد يؤتي أحيانا من سوء تقدير لحظي ، فنتجاوز إلى ما نقدر فيه الديمومة والاستمرار . ونتذمم لصحبة ساعة ، وذرة ملح .

خامسا : ونمسك عن الرد على أقوام ملتزمين بقول المولى ( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ ، وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ )  وأن نمر  ، إذا مررنا ، باللغو كراما . ونذكر حديث بشار بن برد يوم قال : هجوت جريرا وأنا ابن عشرين ، فما رد علي ولو رد علي لكنت اليوم أشعر الناس . فلا نعطي طالب الشهرة على أكتافنا بغيته .

كناطح صخرة يوما ليوهنها ..فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل .

سادسا - ونعلم اليوم ان الهجوم على هذه الجماعة التي تمثل ضمير الأمة ومشروعها  كان وما زال مطلبا دوليا وإقليميا وأسديا ، غرفة عملياته الأولى في تل أبيب ، ثم في كل عاصمة تغطيها ثقافة النقمة التاريخية، أو يتحكم في قرارها  أهل الاستبداد والفساد ، وبتكليف من هنا وهناك يتوزع العاملون على مشروع النيل من هذه الجماعة الأدوار . وإلا فكلنا نحفظ ونعلم عن  أدوار عبيد الدولار .

سابعا - ونعلم ان لضحايا هذا الإعلام المريب حقوقا في أعناقنا . وكل ما قدمناه بيان وليس اعتذارا . ونظن أن الارتقاء بالوعي العام لأبناء الأمة هو المخرج من تبعات خطاب الإثم والإفك وشهادة الزُّور .

( فَتَبَيَّنُوا ) هي سلم العقلاء ، ومنجاة الصادقين .

(وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ).

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 874