الإخوان المسلمون السوريون، تاريخ ناصع، وكفاح وطني يخط حروف الأبجدية المنتمية

(1)

منذ شباط 1966، وانقلاب أسد-جديد، وفصول إيقاع سورية في جحور الطائفية والرافضية وفي شباك الصفوية المقنعة بزيف الممانعة والمقاومة، والقلوب الواجفة بأزمنة شكلت سطورها إهانة لحياة الإنسان. وتدميراً لمنجزاته، وتهيئة وجه سورية ليكون باشّاً بوجه القتلة مدمري سورية، الذين في غياب الصوت الحق، مهدوا لمحتلي الجولان طيب المقام، وأمان الديار، من خلال آلة سموها أجهزة الأمن، وهي في الحقيقة طقوس من القمع والقتل، وطمس الهوية، وتغييب أي رأي، بل  وأي حياة حرة كريمة. أقول: منذ ذلك الوقت (الموت)، وسورية العربية الإسلامية تختفي شيئاً فشيئاً خلف أفق رافضي، يروّض كثيراً من النخب، ليكونوا لسان غزاة البلد من المارقين؛ فرس صفويين لا يمتّون للعروبة ولا للإسلام ولا حتى لسورية الوطن بأي صلة، من عرف أو دين أو قوم.

ولقد كان لمنطلقات غاصبي الحكم بانقلاب 23/شباط/1966م، ومن ثم انقلاب أسد 1970م على رفاقه من انقلابيي 1966م، مخرجات مرة علقمية على كل المواطنين، بجميع شرائحهم ومذاهبهم، وقد أخفى أولئك الغاصبون باطنيتهم ورافضيتهم بلافتات ثورية، وممانعة زائفة، وعلمانية ملطخة بالفردية والاستبداد وإفساد الضمائر، وتغييب المخلصين بالتهميش أو الاعتقال أو القتل أو النفي القسري، وتقريب المنافقين والمتسلقين وذوي المآرب الشخصية، الذين يقولون نحن وليكن الطوفان من بعدنا، حتى غدت سورية الوطن الجميل، الذي توقع لها المختصون أن تكون يابان منطقتنا، تقدماً اجتماعياً وصناعياً وسياسياً، في حالة مزرية من الخراب والفساد وإلغاء الحياة الاجتماعية والسياسية الحرة، وتدمير اقتصاد البلد وصناعته وتجارته، إذ استولى على كل ذلك أناس فُوِّضوا بالتخريب والفساد، بعيداً عن أي حفاظ على ما كان من إتقان، بل العكس من ذلك كان ومازال العمل على التدهور حتى اللحظة التي أوصلوا فيها الليرة السورية إلى حالة من الاندحار المهلك، فبعد أن كان الدولار لا يساوي أكثر من أربع ليرات سورية، أصبح الآن يساوي ثلاثة آلاف ليرة.

فهل صمت شعب سورية على ذلك التدمير والتخريب الذي قادته الفئة الباطنية الرافضية؟

لا، لم يصمت هذا الشعب المقدام أبداً، وقد حملت جماعة الإخوان في سورية مسؤولياتها الوطنية والعروبية، في شتى مجالات السياسة والتحرر وقضايا الأمة عامة، عبر القنوات الدستورية والقانونية والنضال السلمي، وقامت بدور ريادي في مجال التجديد الحضاري الديني والاقتصادي والسياسي والإصلاحي الاجتماعي، والمحافظة على هوية الأمة للفرد وللمجتمع، وأقامت وشجعت منظومات الحوار مع كل الاتجاهات والأحزاب والقوى المجتمعية، ولم تقعد لحظة عن المشاركة الفعالة في ترسيخ العدالة ودعم التكافل الاجتماعي، والوقوف لأشكال الغزو الفكري والعسكري، شرقية وغربية، في حين توزع الكثيرون على ولاءات مدخولة بين شرق وغرب.

واليوم.. هناك حملة شرسة لتشويه تاريخ جماعة الإخوان المسلمين بشتى الوسائل، يقف خلفها ويظاهرها ويدعمها بكل الوسائل، كل الذين عادوا حراك الربيع العربي، الذي هدف لتحرير الإنسان العربي من عدوان المعتدين وقمع مغتصبي الحكم، (العسكر)، توابع أسيادهم من الشرق والغرب، يثقلون بتبعيتهم قيود الشعوب، ويغيبون عنها أفراح الحرية والكرامة.

وإننا في هذه الحلقة وحلقات قادمة إن شاء الله، لنذهب في التاريخ عميقاً، وفي الحاضر الواقع ببيان ناصع لمسيرة جماعة الإخوان الوطنية العربية الإسلامية المشرفة، الكاشفة لافتراء المفترين عليها، ولانتحال المنتحلين للكذب والكيد والمكر بشأنها، والتصدي لمزوري التاريخ والوقائع، مقابل سقوطهم فوق منابر التبعية، متغاوين، لا يحسنون استرجاع مهجة الحق وإنشادها، كأن ليس بينهم وبين أوطاننا وشعوبنا أي أبجدية، أو أي أثر من وُدِّ ورَحِم.

-يتبع-

وسوم: العدد 885