للسوريين الأوربيين فقط

أين العقل الأوربي الذي اكتسبتموه فنستعين بإيجابياته على إدارة قضايانا ..

دعيت منذ أسبوع تقريبا، من قبل المنتدى الأوربي إلى المشاركة في ندوة حول دور السوريين المقيمين في أوربة في خدمة قضاياهم في مكان إقاماتهم ، وفِي خدمة قضيتهم الأول حرية مواطنيهم ووطنهم  .

وكان دوري في الندوة أن أعقب على ورقة تتقدم بها الأخت الكريمة الباحثة المتمكنة نوال السباعي حفظها الله حول هذا الدور..

وحصل سوء فهم بين إدارة الندوة وبين الأخت الكريمة ، في تحديد موضوع الندوة فأتحفتنا الأخت بمحاضرة قيمة شيقة عن الهوية مكوناتها ومحدداتها فأجادت وأفادت جزاها الله كل خير .

وجاء دوري للتعقيب فلم أَجِد غير أن أقول للإخوة الذين كان يستمعون : إذا أردنا أن يكون لنا دور في الحياة العامة حيث نعيش ، وحيث نتطلع ؛  فيجب علينا أن نشكل أطراً  أو إطارا  للتعاون العملي البناء . وضربت لهم مثلين ؛ أحدهما من الحياة الغربية ، حيث الغربيون لا يعملون إلا منظمين ضمن أحزاب وجمعيات وجماعات ، وهم على يقين أن الأهداف العامة لا تتحقق إلا بالجهد الجماعي المنظم والمخطط والمدبر . حتى جماعات شهود يهوه التي لا تفتأ تطرق علينا الأبواب لها هرميتها وتراتبيتها !!

وضربت المثل الثاني من تراثنا العربي حين حاول الكرام من قريش نقض صحيفتها القاطعة الظالمة ، وكيف مشى هشام بن عمرو إلى زهير بن أمية المخزومي وكلمه في نقض الصحيفة ، فقال زهير ابغنا ثالثا ابغنا رابعا ابغنا خامسا كما يقول لكم زهير اليوم ..

وبقي الكلام كلام كما جرت العادة دائما وكما قال عنا منذ مطلع القرن الماضي خليل مطران:

ونعزم عزما كل يوم فينقضي ... بلا أثر ، من لم يطق فيمَ يعزم ؟!!!!

وأحب في هذا المقام  أن أزيد هذه الدعوة تأكيدا وإيضاحا ،  وأن أتحدث عن دور السوريين المقيمين في الغرب الأوربي والأمريكي بشكل خاص  في تمثيل وتمكين وجودهم ، وفِي دعم ونفع شعبهم ووطنهم.

يقول مثلنا الشعبي : من عاشر القوم أربعين يوما صار منهم وفيهم .

نص الفقهاء على أنه من أقام في بلد أربع سنوات حُق له أن ينتسب إليه : يعني الحمصي الذي عاش في باريس أربع سنوات يمكن أن نقول الباريسي.

وينسى ولو قليلا : حاجي عاد ، والحلبي الذي عاش في لندن أربع سنوات يمكن أن ننسبه إلى لندن وينسى ولو قليلا " بس بقا خيو "

ما سأقوله لا يستصغر عقلنا العربي ، ولا يستقله ولا يتنكر له ؛ والاعتراف بفضله وبدوره لا يمنع أن نعترف للعقل الأوربي ببعض الميزات والإيجابيات التي نحن بأمس الحاجة إليها ، في الظرف الذي نعيش ...!!

كان سلمان الفارسي رضي الله عنه رجلا واحدا فأشار  على الرسول الكريم بحفر الخندق .

كل مغترب منا من مكان إقامته ، يجب أن بشكل إضافة عقلية تغني وتنفع .

أشارك في مجموعات على الواتس المشاركون فيها أغلبهم  سوريون من الدول الاسكندنافية ، وعقولهم كأنها  تكونت لا في دمشق ولا في حلب وإنما في نجد  والدرعية . في الحديث الشريف : لا يبع حاضر لباد . وأرى من حق أن نجهر بالقول : لا يفتي باد لحاضر ، ولاسيما إذا كانت الفتوى تمس صلب الحياة الاجتماعية .

ثم أعود  فأقول كل الذين فرحنا بهم وبتجاربهم الناجحة في حيواتهم الفردية،  ومواقعهم في قلب العالم الأول عندما صاروا إلى مواقعهم في قلب قيادة الثورة أداروها على طريقة أبناء حارتهم . وكانت المصيبة كبيرة .

كلما جلسنا مستأنسين إلى عاقل عايش القوم لنستمع منه إلى أسرار قوة القوم ودقتهم وتنظيمهم ؛ تفنن في انتزاع إعجابنا بالحديث عن مباذلهم أو سفاسهم ..،

كثرة النواح لا يجدي ، تبادل الاتهامات بين المعارضين أو المطاولين يعجب بشار الأسد كثيرا ..

ونبدأ بمشروع ابغنا عاشرا .. نستعين الله ونستلهم طرائق وأساليب أقوام ناجحين نعيش بينهم منذ سنين ..

كل واحد فينا مرشح أن يبسط يده ويقول :

هذي يد ممدودة بالخير للخير

ومن هنا فلتكن البداية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 906