التحشيد الأمريكي في الخليج لتخويف إيران أم لردعها؟

الحشود العسكرية الأمريكية

حاملات طائرات ومدمرات وفرقاطات وزوارق طوربيد أمريكية تمخر عباب الخليج، وطائرات (ب 52) الاستراتيجية العملاقة تحلق على حافة المجال الجوي الإيراني، ومنصات صواريخ متنوعة، ويقال إن من بينها من يحمل رؤوس نووية نشرتها أمريكا في قواعدها في الشرق الأوسط، كما أرسلت الولايات المتحدة منظومة صواريخ دفاع جوي من نوع باتريوت.

وتقول وزارة الدفاع الأمريكية (بنتاغون): إن هذه الخطوة تأتي ردا على مخاطر عمليات عسكرية ‏إيرانية محتملة ضد القوات الأمريكية في المنطقة، وهو ما أنكرته إيران.‏

ووراء كل هذا الحشد والرئيس المنتهية ولايته ترامب يرغي ويزبد ويريد أن يوقع خلفه جو بايدن في مشاكل تربكه وتربك حكومته، وتضعه في مواجهة حرب رفضها قبل أن يتسلم مهام منصبه، في محاولة من ترامب ليضع بايدن في موقف صعب عليه تحمل تبعاته.

هل ستحصل الحرب أم لا؟

حاليا لا، إذا لم تقم إيران بخطوة حمقاء. فالأمريكيون يهاجمون في العادة عندما يعدون الوحدات والعتاد، وفي حال قيام طهران بإغلاق مضيق هرمز أو مهاجمة وحدات أمريكية في المنطقة، فإن رد فعل سريع سيحدث، وهذا مؤكد، فالولايات المتحدة الأمريكية ليس لها اهتمام كبير بحرب ضروس، فالرئيس الأمريكي ترامب، المنتهية ولايته، لا يريد خوض الحروب بسرعة مثل أسلافه، وبالتالي فإن قرع طبول الحرب يبقى قائما على الجانبين دون حدوث حرب خليج ثالثة إلا إذا بدأتها إيران بحماقة أو بغباء، وأمريكا لن تبدأ الحرب إذا ما أدت عملية التخويف إلى نتائج مرضية.

صحف عربية ناقشت هذه الأحداث وخيارات إيران في مواجهة أمريكا، كما طرحت صحف عربية تساؤلات حول الخيارات المطروحة أمام إيران في مواجهة الولايات المتحدة وسط تحذيرات من اندلاع صراع عسكري بين الدولتين.

كيف تصنع إيران أدوات مواجهتها مع الولايات المتحدة؟

قالت صحيفة "الاتحاد" الإماراتية في افتتاحيتها: "تُعمِّق التهديدات الإيرانية مؤخراً بإغلاق مضيق هرمز، ووقف تعهداتها في اتفاقها النووي مع المجتمع الدولي، وسجالها مع الدول الأوروبية الكبرى حول هذا الانسحاب، حالة التخوف من إقدام النظام في طهران على أي عمل يمكن أن يتسبب في إشعال المنطقة، وهو ما لن تسمح به أمريكا ولا أوروبا".

وأضافت الصحيفة: "المجتمع الدولي ضاق ذرعاً بالسياسات الإيرانية في العالم... وهي بحاجة الآن إلى مراجعة مواقفها قبل فوات الأوان".

وتحت عنوان "اقتربت ساعة التأديب"، كتبت صحيفة "عكاظ" السعودية: "في النزالات الكبرى بين الدول، هناك أمم تعرف قدرها ومكانتها وحجم تأثيرها، وهنالك أخرى لا تعترف إلا بطموحها الزائف، وتلبيس الحق بالباطل، واستخدام مواطنيها في تحقيق احلامها المستعارة؛ لذا استلزم على الأولى أن تؤدب الأخيرة بما تليق وتستحق".

وقالت صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية: "يبدو أن خيارات إيران صعبة، وهي التي تقف مجبرة هذه المرة على حافة الهاوية، إما أن تعاند وتستمر في الرفض، على أمل أن تغير واشنطن موقفها أو تتغير إدارة ترامب، لكن هذا يتطلب منها الانتظار وبسببه ستواجه خطر انهيار نظامها من الداخل، أو أن تفاوض وتتنازل وهو ما تعلن أنه ضد مبادئها وكبريائها، وضد مشروعها النووي العسكري التوسعي، أو أن تفتعل معركة عسكرية تعتقد أنها ستكسب فيها وتجبر المعسكر الأمريكي على التنازل لها".

وحذرت صحيفة "أخبار الخليج" البحرينية من أنه "ليس في صالح النظام الإيراني إطلاقا الدخول في حرب مع الولايات المتحدة الأمريكية"، مضيفاً أنه "حتى حينما كانت إيران في أفضل حالاتها عسكرياً واقتصادياً، فإن أي حرب مع الولايات المتحدة الأمريكية هي بكل تأكيد مدمرة بالنسبة إلى النظام الإيراني، فما بالكم والنظام الإيراني يعيش أصعب وأتعس مرحلة في تاريخه منذ وصوله إلى سدة الحكم في 1979؟".

"الرضوخ أو الانتحار"

وفي سياق متصل، تساءلت صحيفة "الغد" الأردنية بشأن ما إذا كان الإيرانيون سيقبلون "حالة القتل البطيء التي انزلها عليهم الأمريكيون، وسيجلسون متفرجين على انهيار نظامهم من الداخل، بما يلبي المخطط الأمريكي". واستطردت الصحيفة: "المنطق يقول هنا بكل وضوح، أن طرفاً لديه أوراق عدة ليلعب بها، لا يمكن أن يقبل تجرع السم ببطء ليموت تدريجياً، بما يؤكد أن الإیرانیین سیقومون خلال الفترة المقبلة ببضع خطوات تعید خلط كل ملفات المنطقة".

وكتب موقع "بوابة العين" الإخبارية الإماراتية تحت عنوان " إيران أمام جموح ترامب.. الرضوخ أو الانتحار".

وتقول: "إيران تدرك جيداً أن أمريكا سترد بشكل رادع على أي اعتداء إيراني عليها أو على حلفائها في المنطقة، وتعلم أيضاً أنه لا الاتحاد الأوروبي ولا الصين ولا روسيا على استعداد لدعمها في مواجهة واشنطن، لذلك ليس هناك خيار أمام طهران -رغم هوسها النووي وأيديولوجيتها المتشددة-سوى الرضوخ للشروط الأمريكية ... وتقديم التنازلات والقبول بالتفاوض على اتفاق نووي جديد يضمن السلام والاستقرار في المنطقة".

وأشارت صحيفة "العرب" اللندنية إلى أن الحكم الإيراني يعمل على "شد العصب الداخلي في وجه الإدارة الأمريكية، لكن هناك شك بقدرته على ضبط نقمة شعبية متفاعلة منذ نهاية عام 2017. ولا يستبعد أن يقود الضغط الأقصى أصحاب القرار في طهران إلى اتخاذ خيارات متهورة لاعتبارات أيديولوجية وذاتية تتصل بتوازن القوى داخل الدائرة الأولى للحكم. وفي مواجهة إدارة دونالد ترامب سيوجد كل الإقليم على صفيح ساخن على وقع تطورات الملف الإيراني".

وقال الخبير في الشؤون الإيرانية، فكري سليم، إن اغتيال العالم الإيراني، محسن فخري زادة، هو ضربة أخرى ضمن الضربات المتتالية التي تعرضت لها إيران خلال الأشهر الماضية.

وتابع الخبير قائلا: " يعود بنا هذا الحادث إلى الحرائق والتفجيرات التي تعرضت لها مواقع نووية وعسكرية إيرانية خلال الأشهر السابقة ووصفت في حينها بأنها أعمال تخريبية واختراقات أمنية إلكترونية، ربما كانت نتيجة لسطو إسرائيل قبل عامين على وثائق نووية إيرانية سرية كانت مخبأة في منطقة بجنوب طهران".

ومن خلال التصريحات الواردة على ألسنة مسؤولين إيرانيين حول وجود مؤشرات على دور إسرائيل في اغتيال محسن زاده، ومن خلال ما طرح عبر وسائل إعلام مختلفة عن استعداد الجيش الإسرائيلي لتوجيه ضربة لإيران، بات من المرجح أن تقوم إسرائيل بتوجيه ضربة أو عدة ضربات مباشرة لمنشآت نووية إيرانية، بدعم من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قبل أن يرحل عن البيت الأبيض.

وبحسب مراقبين، ستوجه إدارة الرئيس ترامب ضربات لإيران في حال شعرت بوجود خطر حقيقي على أمن إسرائيل، وإن حدثت هذه الضربة المباشرة فسيكون هناك رد إيراني مباشر ضد المصالح الأمريكية بدول الخليج، أو غير مباشر عن طريق عمليات انتقامية في المنطقة أو في مناطق أخرى من العالم، عبر أذرع إيران التي أعدتها لهذا الهدف.

وإن تطورت الأحداث إلى حرب فستتأثر المنطقة بكاملها وتعود إلى الواجهة ما كان يعرف بحرب الناقلات إبان الحرب العراقية الإيرانية، مما سيؤثر بالسلب على منطقة الخليج وعلى صناعة النفط والاقتصاد العالمي".

من جانبه قال حماده امام، نائب رئيس تحرير الشروق وصاحب كتاب "الموساد اغتيال زعماء وعلماء" أن اسرائيل: "استعجلت المواجهة مع ايران وقررت تلغيم الطريق امام الرئيس الأمريكى الجديد قبل أن يجلس على كرسيه بالبيت الابيض، بفتح جبهة مع ايران بقتل أبو القنبلة النووية محسن فخري زادة، لكن لم تضع إسرائيل في اعتبارها أن الخليج ودوله التي قامت بالتطبيع معه ستكون ميدان الرماية، إذ تشهد أراضيها تصفية الحساب بينهم بعد أن أصبح لإسرائيل سفارات ودبلوماسيين ومكاتب تمثيل تجاري بالخليج مع الأخذ بعين الاعتبار أن 16% من‎ سكانه ينتمون للمذهب الشيعي، وهو ما تراه إيران بابا او منفذا للانتقام إن أرادت، إلا أن ردة الفعل الإيرانية قد تتأخر إلى ما بعد 20 يناير 2021 حتى تفسد مخطط إسرائيل في منع التقارب المتوقع بين بايدن وإيران".

المصدر

*تلفزيون d w الألماني-12/5/2019  

*ب ب س نيوز-11/5/2019

*قناة R T الروسية-28/11/2020

*الجزيرة-18/5/2019

وسوم: العدد 907