إنجازات «رجل السلام» العالمية!

قدّمت ايفانكا، ابنة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خمسة أسباب لاعتبار أبيها «رجل السلام» في العالم: هي: 1 ـ تطبيع الإمارات العربية المتحدة مع إسرائيل، 2 ـ تطبيع مملكة البحرين مع إسرائيل، 3 ـ تطبيع السودان مع إسرائيل، 4 ـ اتفاق تطبيع بين صربيا وكوسوفو، 5 ـ تطبيع المملكة المغربية مع إسرائيل!

تتعلق إنجازات «رجل السلام» إذن، بنسبة 80٪ منها بواحدة من أصل 193 دولة في العالم، وهي، على عكس مجمل بلدان العالم، دولة مؤسسة تاريخيا على الحرب والاحتلال ومعاداة السلام، فقد قامت، بداية على تهجير أصحاب البلد الأصليين وإلغاء كيانهم التاريخي، الموجود لآلاف السنين، وهذه الدولة ما تزال، حسب القوانين والقرارات الأممية والدولية، تحتل أراضيهم، إضافة إلى احتلالها مناطق سورية ولبنانية، وبسط سيطرتها على أماكن مقدسة كانت حتى عام 1967، تحت السيادة الأردنية.

لا تتضمن إنجازات «رجل السلام» إذن حلولا تؤمن السلام والأمن والازدهار لضحايا إسرائيل العرب بل تعمل على تشريع لنهب أراضيهم، وتضغط على دول للاعتراف بسيادة إسرائيل على تلك الأراضي المحتلة، وتستخدم قوتها الهائلة لجر دول عربية إلى التطبيع، من جهة، ولترك الفلسطينيين ليواجهوا إسرائيل وحدهم من دون غطاء سياسي عربي.

مفهوم طبعا، أن صاحب كتاب «فن الصفقة» لا يهتم بسلام حقيقي، وينطبق هذا حتى على طريقة إدارته للولايات المتحدة الأمريكية، التي رفعت مستوى الاستقطاب السياسي واستقوت على الأقليات والفقراء والنساء، ولذلك استخدم مصطلح «صفقة القرن» باعتبار ما يجري فعلا هو أشكال من المقايضات الواضحة، وكانت الصفقة السودانية، الأشبه بالابتزاز، تتمثل بإخراج السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، مقابل دفع مبلغ كبير لإغلاق دعوى أمريكية ضد الخرطوم، وتمثّلت المقايضة الأخيرة، مع المغرب، بالاعتراف الأمريكي بسيادة الرباط على الصحراء الغربية.

يجب الإقرار، مع ذلك، أن ترامب وجد بين «المطبعين» شركاء متحمسين لأجندته السياسية، وجاهزين للعمل في كل الوظائف الممكنة لتحقيق تلك الأجندة، التي هي، كما يمكن أن لتغريدة إيفانكا أن تُفهم، أجندة إسرائيلية بالأساس، وهي أيضا أجندة الجزء الأكثر عدوانية ووحشية من الإسرائيليين، وقد لعب هؤلاء، وبالخصوص حكام أبو ظبي، دور «مسلّك» الصفقات والمفاوضات، كما لو أنهم الأصلاء في تطبيق الأجندة الإسرائيلية وليس الوكلاء.

ومن هذا الباب تابع السودانيون دخول «المطبخ» السياسي الإماراتي على شؤونهم الداخلية والخارجية، وحركة الأمنيين والدبلوماسيين الإماراتيين لإقناع الخرطوم بالصفقة الفاسدة، وقد تضمّن هذه الحركة الإماراتية، كما يظهر، دفع الطرف العسكريّ ضمن «مجلس السيادة» لاستخدام التطبيع مع إسرائيل كأداة للاستقواء على المدنيين في المجلس والحكومة، كما تضمنت، على الجانب المغربي، انقلابا مفاجئا في المواقف، من الضغط والتآمر والاستعلاء على الرباط، إلى إعلان فتح قنصلية في الصحراء الغربية، وهو المفتاح الذي فتح لاحقا اعتراف أمريكا بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية، في مقابل التطبيع، حيث اكتشف ترامب، أن المغرب اعترف بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1777.

صحيح أن العاهل المغربي أكد أن تطبيع مملكته “لا يمس التزام المغرب في الدفاع عن القضية الفلسطينية العادلة”، لكن هذه خطوة لا تتناسب مع مكانة المغرب الذي يرأس لجنة القدس الشريف، ولا تتناسب مع مواقف الشعب المغربي، المساندة للقضية الفلسطينية. وبات جليا أن الكيان الصهيوني يستغل كل اتفاقات التطبيع من أجل تصعيد قمعه للشعب الفلسطيني وزيادة تغوله الاستيطاني، وتكريس تنكره لحقوق الفلسطينيين.

وسوم: العدد 907