إعلان بريطانيا جناح حماس السياسي إرهابياً .. التوقيت المحسوب

العيب إن جاء من أهله ليس عيبا ، وذيل الكلب لا يستقيم ولو مددناه مع مسطرة ، وهذه هي حال بريطانيا صاحبة وعد بلفور الذي تصفه الأدبيات السياسية العربية القومية وصفا دقيقا محكما بأنه وعد من لا يملك ، بريطانيا ، لمن لا يستحق ، الحركة الصهيونية . وبعد الوعد وجهت بريطانيا والحركة الصهيونية السياسة الدولية لتختار عصبة الأمم المتحدة في 1922 بريطانيا منتدبة على فلسطين لخلق البيئة القانونية والسياسية والاقتصادية والأمنية لتنفيذ هذا الوعد الهمجي الظالم وصولا إلى إقامة الدولة اليهودية في فلسطين ، وهو ما حدث في 14 مايو 1948. وفي نفس شهر الوعد ، نوفمبر ، وفي جو المطالبات الفلسطينية باعتذار من بريطانيا للشعب الفلسطيني عن وعدها ؛ أعلنت وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل جناح حماس السياسي إرهابيا ، وكانت بريطانيا تصنف جناحها العسكري القسام  وحده إرهابيا . بعد إعلان باتيل الجناح السياسي إرهابيا تصبح الحركة كلها إرهابية حسب القانون البريطاني ، ويصبح نشاطها محظورا في بريطانيا ، وعقوبة من يؤيدها فيها السجن عشر سنوات . وسوغت الوزيرة إعلانها بمسوغ ساذج وكاذب ومضلل هو عداء حماس للسامية ورغبة الوزيرة في أن تشعر الجالية اليهودية في بريطانيا بالأمان ! والسذاجة والكذب والتضليل في المسوغ أن حماس لا تعادي اليهود لكونهم يهودا وساميين ، وإنما تعادي إسرائيل التي سرقت الوطن الفلسطيني ، وتتابع منذ 1948 قتل الفلسطينيين واعتقالهم وهدم بيوتهم واقتلاع أشجارهم وسرقة ما تبقى من أرضهم في الضفة ، وتحاصر غزة ، وتهاجمها بين سنة وأخرى . والعرب  ساميون أكثر من أغلبية اليهود ، ومنهم يهود بريطانيا الذين سمتهم الجالية اليهودية expatriate نازعة عنهم صفة المواطنة ، ولا ندري هل النزع مقصود أم هو زلة ورداءة تعبير . واللافت الدال أن الوزيرة تحدثت عن إعلانها في واشنطون حيث النفوذ اليهودي الواسع الفعال . ومن جملة حديثها نستنتج أنها شخصية ليست سوية ، ولعل اجتماعها في 2017 مع مسئولين إسرائيليين حين كانت وزيرة للتنمية الدولية دون أن تخبر حكومتها مسبقا ، واضطرارها للاستقالة ؛ يؤيد استنتاجنا لعدم سويتها . ويبطل  مسوغَ إعلانها أنها تريد توفير الأمن للجالية اليهودية في بريطانيا  أن حماس لم تقم ولو مرة واحدة بأي عملية ضد يهود أو إسرائيليين خارج فلسطين . وننتبه إلى أن إعلانها جناح حماس السياسي إرهابيا يتواقت مع الحملة الخليجية الضارية التي يقودها النظام السعودي ضد حزب الله انطلاقا مما قاله قرداحي وزير الإعلام اللبناني عن عبثية حرب هذا النظام في اليمن حيث اتخذ النظام قول الوزير منفذا لتفجير فتن واضطرابات وربما حرب أهلية في لبنان تقضي على حزب الله عسكريا وسياسيا . والحملة الضارية مثلما هو مجمع عليه الآن مقصودة لمصلحة إسرائيل ، وإعلان الوزيرة مقصود لذات المصلحة ، ونضيف للاثنين فشل اجتماع مانحي الأونروا  الأخير في بروكسل فشلا وراءه أميركا وإسرائيل اللتان تخططان لإلغاء الإونروا تطلعا لإنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين الشاهد القوي الحي على جريمة اختلاق إسرائيل في أرض هؤلاء اللاجئين . وعسكريا ، يأتي في ذات السياق ما نقله موقع " واللا " الإسرائيلي عن مصادر في هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي أن رئيسها أفيف كوخافي طلب من كل أطراف الجيش الإسرائيلي وضع خطة هجومية واسعة لتوجيه  ضربة قاتلة لصواريخ حماس والجهاد الإسلامي . وجد كوخافي في إعلان بريطانيا جناح حماس السياسي إرهابيا تشجيعا على الكشف عن هذه الخطة العدوانية التي لا نستبعد تنفيذها قريبا .   أعداؤنا  جبهة واحدة ذات هدف واحد ، وينسق خطواتهم مخطط واحد ، والنظامان السعودي والإماراتي  يصنفان حماس حركة إرهابية . فإعلان الوزيرة البريطانية له مساندة عربية سبقته ، وهو الآن يساندها ويعززها . إنهم يقتحموننا من خلال بعضنا ، وهم لا يفعلون شيئا إلا بعد أن يدرسوه من كل نواحيه ، فإن فاقت سلبياته إيجابياته تخلوا عنه . ولو كنا أمة متماسكة متناصرة قادة وشعوبا لما وجدوا منفذا يقتحموننا من خلاله . وعادة لا تتوقف خطواتهم المعادية ، وكل خطوة سابقة تهيء لخطوة لاحقة ، ولهذا نتوقع خطوات منهم ومن الأنظمة العربية الموالية لهم للتضييق على كل من يعادي إسرائيل ، وجدية صارمة في التخلص منه . إنها حرب غربية صهيونية متواصلة على العرب والمسلمين يستعينون فيها ببعض العرب والمسلمين ، ولا يتصدى لهم فيها سوى قلة عربية وإسلامية ، ولو تصدت لهم كلها أو أكثريتها لتراجعوا وارتدعوا . ولننظر لاستفزازهم لروسيا ، وهي مهما اختلفت عنهم تظل جزءا من حضارتهم المسيحية ، وللصين . ولو كانت روسيا والصين ضعيفتين لفعلوا بهما ما يفعلونه بالعرب اعتداء وتطاولا وظلما . القوة سياج منعة وأمن حول أهلها ، ومن العرب والمسلمين من يعين الغرب وإسرائيل على هدم سياج منعة وأمن العرب والمسلمين ، فلا غرابة ولا مفاجأة في أن تعلن وزيرة الداخلية البريطانية جناح حماس السياسي حركة إرهابية ، وتغمض عينيها عن جرائم إسرائيل في الضفة وغزة .  

وسوم: العدد 956