إسرائيل والمجازر كبرنامج في الانتخابات الليبية!

قدّم الجنرال خليفة حفتر ترشيحه المنتظر للانتخابات الرئاسية الليبية بكلمة دافع فيها عن «الشعب» وذلك، حسب قوله، لأن «لا شيء في منهجنا سيعلو على سيادة البلاد أو هيبتها أو كرامتها أو أمنها واستقلالها».

لم يجيء ترشح الجنرال، حسب قوله أيضا، «طلبا للسلطة» بل «امتثالا لقواعد الديمقراطية» واعدا الليبيين بـ«أفكار لا تنضب» وخصوصا بوجود «الكثير من الخيرات والنعم في ليبيا» التي «لو وضعت في أيد أمينة أحسنت إدارتها وتوجيهها، فإن مستقبل الوطن لن يكون محل شك».

يجيء ترشح حفتر، بعد يومين على ترشح سيف الإسلام القذافي، ابن زعيم ليبيا السابق، وبذلك تجتمع مشتركات كبيرة بين الشخصين.

لحفتر تاريخه المعلوم مع القذافي ثم في العمل ضده، وصولا إلى الانقلابات العديدة التي انتهت به قائدا لـ«الجيش الوطني الليبي» ووكيلا معتمدا من دول عربية وأجنبية عديدة منوطا به إعادة حكم ليبيا عسكريا، أي إعادة سيرة الاستبداد القذافية، ولكن بوجه جديد.

في مسيرته الدموية للسيطرة على الحكم في ليبيا انتهك حفتر كل كلمات المعجم الذي استخدمه في كلمته العصماء للترشح، فقد نافس ضباطه وقياديوه تاريخ القذافي الطويل في البطش وتمكّنوا، في بعض المناطق، من بزّ زبانية القذافي، فشهدنا «أفكارا لا تنضب» فعلا من ألوان الإعدام الجماعي، وما زال مسلسل انكشاف المقابر الجماعية، وخصوصا في مدينة ترهونة، مفتوحا.

من المؤكد أن ضحايا حفتر من الليبيين سيعتبرون حديثه عن«الديمقراطية» و«الأيدي الأمينة» و«مستقبل الوطن» نوعا من الكوميديا السوداء والبروباغاندا الفاقعة التي تثير الرعب أكثر مما تثير السخرية.

أما سيف الإسلام القذافي، فكان وليّ العهد المجهّز لخلافة والده، والذي لعب دورا خطيرا في محاولة وأد الثورة الشعبية ضد نظام «جماهيرية» أبيه «العظمى» وهو ما أدى إلى اتهامه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ووضعه على قائمة المطلوبين من محكمة الجنايات الدولية.

إلى هذه الخصال والمزايا والتواريخ الدموية يجمع بين المرشحين أيضا مسألة العلاقة مع إسرائيل، فالأول توّج هذه العلاقة مؤخرا بإرسال ابنه إلى تل أبيب لتقديم الوعود المجزية لإسرائيل، وطلبا لدعمها في الانتخابات الرئاسية المقبلة، فيما كان الثاني، حسب صحيفة «هآرتس» العبرية، الشخص الذي كان يعتمد عليه القذافي لإدارة علاقاته مع إسرائيل.

يحمل ترشح سيف الإسلام القذافي، المطلوب دوليا بجرائم خطيرة، مفارقة كبيرة ما برحت تتكرر في البلدان التي جرت فيها ثورات، والمقصود منها ليس فقط طيّ صفحة الثورات بل إعادة تسييد الأسياد السابقين في خطة لتيئيس الشعوب العربية وإنهاء الأمل بالتغيير، كما حصل مع تبرئة حسني مبارك في مصر وتجريم الرئيس المنتخب محمد مرسي ووفاته في السجن، وكما بدأ يحصل الآن في السودان على يد العسكريين، وفي تونس عبر تحالف انقلابي بين رئيس منتخب وقوى العسكر والشرطة.

وعلى عادة المرشحين في البلدان التي تمتثل للديمقراطية (على حد تعبير حفتر) فإن لدى المرشحين نقطتين بارزتين في برنامجهما الانتخابي: الأولى هي الاعتماد على إسرائيل، والثانية هي التاريخ المحفور على دماء الليبيين عبر المجازر والمقابر التي نفذت ضد من يعارضونهما.

وسوم: العدد 956