هل وقع الطلاق بين بن زايد ودحلان؟

هل وصل شهر العسل إلى نهايته الحتمية، وحصل الطلاق، أو في طريقه، بين محمد بن زايد حاكم دولة الإمارات ومساعده محمد دحلان المفصول من حركة فتح لأسباب عدة ليس أقلها الفساد، بعد أن حقق بن زايد مراده منه بالوصول إلى أحبائه الإسرائيليين؟ فمحمد بن زايد لم يعد بحاجة لدحلان، ولا للدور المرسوم له الذي قدم خلاله خدماته على مدى سنوات طويلة.

في المقابل حصل دحلان على المال والشهرة تحت جناح بن زايد، وتدخل باسمه في تركيا وليبيا والسودان وإثيوبيا وأماكن أخرى عديدة. والآن كما يقولون «المهمة تمت» .Mission Acomplished فلم يعد هناك حاجة لدحلان الذي أصبح يشكل حجر عثرة في طريق طموحات بن زايد بالانفتاح على الآخرين مثل تركيا، التي يخطط لزيارتها خلال أيام لفتح صفحة جديدة معها، ولا بد أن يكون دحلان هو القربان الذي تقدمه الإمارات أو بالأحرى الذي ستطالب به تركيا، التي تفتح كما يبدو صفحة جديدة مع إسرائيل بالمكالمة الهاتفية التي تمت بين أردوغان والرئيس الإسرائيلي هيرتسوغ، الذي شكر الأتراك على اللفتة الإنسانية بالإفراج عن الزوجين الإسرائيليين اللذين كانا معتقلين بتهمة التجسس. وأكد أردوغان لهيرتسوغ بلهجة تصالحية أن «العلاقات التركية الإسرائيلية ذات أهمية كبيرة لأمن واستقرار الشرق الأوسط، وأن هناك إمكانات كبيرة للتعاون بين البلدين في مختلف المجالات، لاسيما في مجالات الطاقة والسياحة والتكنولوجيا».

نتمنى أن يكون الطلاق بين دحلان وابن زايد قد وقع فعلا أو في طريقه. لكن ليس هناك أدلة تؤكد أو تنفي ذلك، بيد أن المعروف أن هذا هو دوما مصير من يفرط بنفسه ويبيعها مقابل المال والشهرة، ويرجح مصلحته الشخصية على المصلحة العامة والوطن. وسيكون دوما الطرف الأضعف للتنازل عنه. وكما أسلفت فإن هذه ليست معلومات مؤكدة، لكن لا دخان من غير نار، كما يقول المثل. فقبل بضعة أسابيع أفادت تقارير إعلامية بتخلي محمد بن زايد، عن رجله وساعده الأيمن في المهام الصعبة والخارجية من ليبيا إلى إثيوبيا إلى اليمن فتركيا، وبأن بن زايد أمر بإغلاق مقره في أبوظبي، وبأن دحلان وجماعته قليلة العدد، يبحثون عن بلد يستضيفهم أو يتبناهم، وهو ما تنفيه جماعته. وكشفت مصادر وصفت نفسها بأنها مقربة من محمد دحلان، عن رفض السلطات المصرية محاولاته الأخيرة، لنقل مقر جماعته من أبوظبي إلى القاهرة، بعد انتقال العديد من مقربيه إلى غزة، بالاتفاق مع حركة حماس، استعدادا للانتخابات التشريعية التي ألغيت في اللحظة الاخيرة. المصادر المقربة التي طلبت عدم كشف هويتها، قالت في تسريبات صحافية، إن دحلان استدعى مؤخرا المقربين منه إلى أبوظبي، وترأس على مدار أيام اجتماعات ناقشت مستقبل الجماعة السياسي، بعد تأجيل الانتخابات التشريعية، التي كان يأمل العودة من خلالها إلى الساحة السياسية الفلسطينية، بفوز قائمته التي سماها «قائمة المستقبل» بعدد من المقاعد في المجلس التشريعي، لكن ظنه خاب بعد تأجيلها. وحسب تقارير عديدة مؤخرا فإن محمد بن زايد، قرر تجميد جميع نشاطات رحله الفار من وجه العدالة. ووقف دعمه وتمويله بعد التغير الذي تشهده الخريطة السياسية في المنطقة، واضطرار الإمارات للصلح مع تركيا وقطر. يذكر أن من المقرر، كما أعلن مطلع الأسبوع أن يزور محمد بن زايد تركيا، لأول مرة منذ أكثر من عشر سنوات. كما من المتوقع وفي إطار المصالحة، أن يزور وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف بن راشد الزياني العاصمة التركية.

المعروف أن هذا هو دوما مصير من يرجح مصلحته الشخصية على المصلحة العامة والوطن… وسيكون دوما الطرف الأضعف للتنازل عنه

والشيء بالشيء يذكر فإن دحلان كان قد سحب قبل سنوات دعوى رفعها ضد موقع إلكتروني بريطاني في لندن، اتهمه بدعم محاولة الانقلاب في تركيا في يوليو 2016. ووضعت تركيا دحلان على اللائحة الحمراء للإرهابيين، ورصدت مكافأة مالية قيمتها 1.5 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي لاعتقاله، بسبب علاقته مع تنظيم فتح الله غولن قائد المحاولة الانقلابية. وفي آب/أغسطس من العام الماضي، تقدمت أنقرة بطلب لمنظمة الشرطة الجنائية الدولية (إنتربول) لإدراج اسم دحلان في القائمة الحمراء، بتهمة إرسال جواسيس إلى تركيا. ونقل موقع «الحقيقة بوست» التركي عن مصادر أخرى وصفت بالمطلعة، القول إن السلطات الإماراتية طلبت مؤخراً من دحلان، تجميد جميع أنشطته السياسية والإعلامية والأمنية على أرض الإمارات، التي يتخذها مركزاً لنشاطاته في المنطقة. كما لفتت المصادر ذاتها إلى أنه تم وضع حراسة مشددة أمام مقر إقامة دحلان وأسرته وكذلك مكتبه، فيما يشبه فرض إقامة جبرية عليه. وحتى يثبت عكس ذلك أي انه حر طليق، نجح دحلان في ترتيب زيارة لموسكو، ربما عبر أصدقائه الصربيين، الذين غمرهم بعقود السلاح والأموال الإماراتية وغيرها. وجاءت الزيارة ولقاؤه بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قبيل زيارة أبو مازن المرتقبة لموسكو، ليعطي الانطباع، وكأن هناك وساطة روسية لمصالحته مع أبو مازن. وهو ما نفاه نفيا قاطعا كبار قادة حركة فتح. وكما قال أحدهم، لا تسمعوا له ولكل خرافاته فهو مستعد إلى أن يثير الإشاعات حول نفسه حتى يبقى اسمه متداولا، ولا يصبح نسيا منسيا.

وبمعرفتي بأبو مازن وعناده الشديد، فإنه لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يقبل بعودة دحلان إلى الحركة والمصالحة معه، رغم وجود عدد قليل في فتح لا يمانع وبصوت خافت، إعادة توحيد صفوف الحركة، خاصة بعد خروج ناصر القدوة عضو لجنتها المركزية الذي اختار الانفصال عن الحركة، وتشكيل تجمع باسم الملتقى الوطني الديمقراطي الفلسطيني، لخوض الانتخابات التشريعية، التي كان من المقرر إجراؤها في أيار/ مايو الماضي، كبداية لانتخابات رئاسية ومجلس وطني، يضاف إليها انتخابات بلدية لكن ذلك كله باستثناء البلدية، توقف بعدما رفضت سرائيل إجراءها في القدس الشرقية. المصادر التي تحدثت لموقع «الحقيقة بوست» قالت أيضا إن أبوظبي سحبت من دحلان مخصصات مالية وملفات كان يديرها، كالملف الفلسطيني ومصر والسودان وسد النهضة في إثيوبيا، وعلاقات التطبيع مع إسرائيل، لتكون تحت إدارة طحنون بن زايد مستشار الأمن القومي الإماراتي مباشرة. ولفتت إلى أن أبوظبي أبلغت دحلان، بضرورة الالتزام بالتعليمات الجديدة حاليا، وعدم الظهور إعلاميا، أو عقد اجتماعات خاصة مع مساعديه، وكذلك عدم السفر خارج البلاد، إلا بتصريح من السلطات الإماراتية. ويذكر في هذا السياق أن طحنون بن زايد رئيس الأمن القومي الإماراتي هو من توسط حسب تقارير إسرائيلية لدى تركيا للإفراج عن الزوجين الإسرائيليين المتهمين بالتجسس. وتشير المصادر إلى أن القرار الإماراتي ضد دحلان، رغم نفي جماعته، جاء بطلب من تركيا والقيادة الفلسطينية والأجهزة المصرية المعنية بسد النهضة أيضا. والحقيقة أن لا خوف على دحلان وأفراد اسرته فهو ضمن لهم الاستقرار بالمال والجنسية الصربية التي منحت له ولثلاثة عشر فردا من أفراد أسرته. والجدير بالذكر أن عضوا في اللجنة المركزية لحركة فتح، نفى نفيا قاطعا صحة الأنباء المتداولة حول المصالحة مع دحلان، وقال «لا يوجد شيء اسمه مصالحة داخل فتح، ومن فصل قد فصل، ولسنا بحاجة لمصالحات كهذه». وقالت قيادات أخرى في أحاديث منفصلة مع وكالات أنباء، إن «صفحة دحلان طويت، ولا مجال للمصالحة معه». وقال آخر إنه «لا عودة لدحلان للحركة» وأضاف «من هم خارج فتح سيبقون خارجها، والمصالحة مع دحلان مرفوضة».

وأختتم بما كتبته الناشطة السعودية المعارضة علياء الحويطي، أنه «إن صح خبر اعتقال دحلان، أو وضعه تحت الإقامة الجبرية ونية تسليمه لتركيا، فهذه رسالة لخدم الزعماء، مهما انبطحتم أو تراقصتم كالقردة لسادتكم سيضحّون بكم كخراف عيد بلا رفة جفن».

وسوم: العدد 956