طريقة خبيثة يجب أن تلحظ وتفضح..!!

التداول فيها صعب، والسكوت عنها اشتراك وتواطؤ ، والخطأ في أمرها خنجر ذو حدين.

والذين ابتزوا قرارنا نائمون. ولا نملك إلا أن نقول حسبنا الله ونعم الوكيل..

التبليغات الصامتة على الموجة البطيئة بأسماء الشهداء الذين قتلهم بشار الأسد في سجونه تحت التعذيب خلال عشر سنوات..كيف القول فيها، والعمل معها، والتصرف حيالها؟؟؟ وأنا أسأل ولا أجيب!!

ماذا نقول في هؤلاء الشهداء، غير رحمهم الله وأحسن عزاء أهليهم، ؟؟ كيف نقول فيهم، وإن قلنا توقف المجرم عن الإفصاح، وأن صمتنا تمادى في تبديد ظل الجريمة قطرة ..قطرة وكأنه لا يبالي..!!

كيف وقلوب أمهات وأبناء وإخوة وأخوات وزوجات تكاد تتفطر تسأل عن أخبارهم !!

ومن يرشد أولياء الدم قبل أن يعلموا، وبعد أن علموا : ماذا يعملون؟؟ وكيف يتصرفون؟؟ وإلى من يتوجهون؟؟

بلاغ صغير يقول لهم مات: ولا نعش ولا جثمان ولا كفن، ولا قبر!! مات ويقصف أمل، وتطوى صفحة حياة، وتثكل أم وأب ، وترمّلُ زوجة ويصبح الطفل يتيما يبحث في وجوه الرجال عن معنى الأبوة..لم يذق حقيقة البحث عن معنى الأبوة من لم يذق طعم اليتم...!!

أبكاني منذ أيام أخونا الراحل الحبيب عبد الله صايم الدهر، وهو قد قارب الستين، يناجي على فراش الموت أباه، كنت أستمع إليه بغير سمعي وهو يبكي بدون دمع المعنى الذي ما ذقت معناه..ويصبح ملايين السوريين أيتاما، ولن يكون لهم في هذا الكون عزاء غير أن رسول الله سيد الكون نشأ يتيما. وفي هذا يكمن سر من الأسرار...

 يقولون مات : ولا جواب ، متى مات؟ وكيف مات؟ وأين تقرير موته؟ وأين جثمانه؟ ولماذا كل هذا التأخير في الإخبار عن موته، وما هي مقررات القانون السوري في هذ؟!

قصاصة تحمل بلاغا مات، وإن زادوا فكيس صغير يحمل بعض الملحقات!!

لست محاميا ولا قانونيا ولا أدعي ولا أحب المدعين، ولست على كرسي مسئولية في هذه المعارضة ولا أدعي ولا أحب المدعي.!!!

ولكن أيعجز أحدهم عن استشارة جماعية، تخرج بموقف وطني جمعي حقوقي، تعين على النائبة، وتوظفها خطوة على طريق سوق المجرم إلى ساحة العدل..

إن التخاذل عن مثل هذا ، هو والله العجز ..هو والله العجز . "والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني". وخير الناس في ثورتنا هذه من قام على ثغرة فسدها. وشر الناس في ثورة هذه من احتكر ثغرة ففرط فيها وضيعها. قال له: يا أباذر إني أراك ضعيفا. يا أباذر نفس تحييها خير من إمارة لا تحصيها..

إبلاغ عن قائمة من عشرة شهداء قضوا في سجون بشار الأسد، كان أهلهم ينتظرونهم، في غوطة دمشق.. ومن قبلُ عشرة في حوران..ومن قبلُ عشرة في حمص، ومن قبل عشرة في حلب، ...ومن قبل القبل عشرون ألفا لم يتم البلاغ عنهم منذ الثمانين ..

هل تظنون أن الغائبين والمغيبين والمعتقلين والمعذبين مجرد أرقام على ذمة الثورة أو أن كل واحد منهم حزمة من القلوب المكلومة، والمشاعر المترقبة، والآمال المعلقة ، تقوم الأم في جوف الليل فتنادي، وتقوم الزوجة في جوف الليل فتنادي، وينظر الأب والحزن سكين ذابح فيقلب وجهه في السماء بصمت، ويظل الطفل والطفلة يتناجيان (وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ..)

عشرة رجال ..عشرة أبطال ..عشرة شهداء.. حكايات أمل يذوي بعد طول انتظار، وسنعدّ بعد العشرة مائة، وبعد المائة عشرة آلاف ، وبعد الآلاف العشرة مئات الألوف..!! كل رقم حقيقةـ ليس للرقم هنا دلالة مجردة هو التفسير الحقيقي لقوله تعالى: (أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا)  النفس الواحدة هنا هي الإنسانية جمعاء أيها المفسدون في الأرض..

ليس من مات فاستراح بميت

إنمــــا الميــت ميــــت الأحيـــــاء

إنما الميت من يعيـــــش كئيبــــــا

كاســــــــفا باله قليـــل الرجــــاء

اللهم زوّل عنا تسلط المجرمين، وولاية العاجزين ..!!

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 970