اختلالات ذرائعية .. الحلقة الأضعف في القضايا الإسلامية والعربية

من الاختلالات المنطقية التي تنشئ الفوضى في عقولنا وقلوبنا ومواقفنا ومن ثم علاقاتنا تلك الاختلالات الذرائعية، التي يقفز إليها المرء من موقع إلى موقع، معززة بدوافع ورغبات الله أعلم به. أصعب شيء في الرقابة الإسلامية، أن تحكم على دوافع امرئ: لماذا قال؟؟

تكون في حوار علمي جاد للبحث عن جواب مسألة علمية بحتة أو سؤال، مستحق فيبادرك فارس ألمعي بالقول: الله ورسوله أعلم !! خبنا وخسرنا إن لم يكن الله ورسوله أعلم، قالها من قبل عمر رضي الله عن عمر.

أو تكون في معمعة للبحث عن مخرج من أزمة اقتصادية فردية أو جماعية خانقة، فيبادرك بتقديم الحل: إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين، ونعم بالله ..!!

تكون مستغرقا في البحث عن المخرجات الإيجابية والسلبية لموقف سياسي بحت، لحسن التقدير والتقويم، فيرد عليك أما ترى ضعفه وعمش عينيه؟؟!! وربنا يقول في الشهادة على صاحب الحق أو له (إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا)

كل هذه "الغوشة" في الحوارات والجدالات التي تعم فضاءنا سببها تلك الحالة الذرائعية في الرغبة في سحر أعين الناس واسترهابهم. على طريقة سحرة فرعون..

في التذرع بالاستضعاف، والاختباء تحت مسمى الحلقة الأضعف، لاستدرار العطف، أو ادعاء العذر فلا أرى في العالم الذي أعرف شعبا أكثر استضعافا، وأقل ناصرا على ظهر هذه الكرة المسكونة من ثلاثة شعوب...

شعب الإيغور من أبناء تركستان الذين يسومهم الصينيون الشيوعيون البوذيون أصناف العذاب. وإن كان يحق لأحد أكل الميتة ولحم الخنزير فهم هؤلاء..

ومعهم في الرتبة في هذا شعب أراكان المسلم، الذين بالأمس كانت لهم دولة عز وكرم، ثم أضحوا أقلية مستباحة يسومهم الهندوسي المتعصب سوء العذاب.. ولا يد بمعروف تمتد إليهم في سر ولا جهر..حتى بنغلادش تغلق في وجوه لاجئيهم السبل والأبواب..

وثالث هذه الشعوب، بل لعله أولها ،وتأخيرهم ليس للترتيب وإنما للتفصيل، الشعب السوري الذي وقف ضده كل الناس أخضرهم وبرتقاليهم وأحمرهم على السواء..وإن حل لشعب في العالم أن يأكل الميتة وكل معطوفاتها لحل لهم، ولكن كرامة الكريم تأبى عليه...

إذا قيل هذا مورد قلت قد أرى.... ولكن نفس الحر تحتمل الظما

أحفظ عن أحدهم في 2014 في مؤتمر ميونخ، أنه دعي إلى لقاء فأبى - وكذا كل حر يأبى- فقيل له تعلم قبل أن تدير ظهرك، أننا نحن من نعقد المشكلة في بلدك ونحلها. ويعلم أن قولهم كان حقيقة ولكننا ما زلنا نأبى، وكلمات رامي مخلوف كانت سهلة، كانت معادلة من الدرجة الأولى، يحلها طالب في المرحلة الإعدادية ولكن التذرع بعمش العينيين. غريب..

كيف نوازن بين ضعف وضعف..حتى على مستوى الغرب يقف كل اليمين ضد السوريين الآحرار واليسار ضدهم أيضا. مآسي اثني عشر عاما لم نشهد مظاهرة حول العالم تصدح : أوقفوا السارين ..أوقفوا القصف بالبراميل الغبية.. اقتلوهم فقط بالأسلحة الذكية...

المتوحش الصهيوني عندما يقرر قصف عمارة سكنية، ينذر سكانها بدقائق قصيرة للإخلاء والإجلاء "المتوحش الرحيم" .. نصف العمران السوري تم تدميره بلا إنذار واحد، لعلكم تتذكرون... وطبخ لحم الطفل السوري بلبن أمه، وتعشى عليه أسدي وروسي وصفوي رافضي ، غمسوا وأتدموا. "لا تطبخ الجدي بلبن أمه" من وصايا سفر التكوين. ولكن أطفالنا طبخوا... وأعداؤنا أكلوا..

كلام لا نحب أن نفيض فيه، وإنما يلجئنا إليه الملجئون، اللهم انصر كل المستضعفين المظلومين. على وجه الأرض وأهلك الطغاة الظالمين لفيفا...

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 986