إسرائيل على شفا بركان داخلي

ثلاثة أصوات انطلقت منذرة بأن إسرائيل على شفا بركان داخلي له ما بعده على مصيرها الوجودي إذا ما انفجر . الأول هو صوت جادي آيزنكوت رئيس الأركان السابق ، وعضو الكنيست حاليا عن حزب " المركز الوطني " الذي يتزعمه وزير الدفاع بني جانتس . قال آيزنكوت في لقاء مع موقع " واينت " إن مليون إسرائيلي سيخرجون إلى الشوارع متظاهرين إذا واصل نتنياهو تغليب مصالحه الشخصية على ما سماه المصالح القومية لإسرائيل . وفي اللقاء الموسع مع الموقع حذر الإسرائيليين من أن عدد الفلسطينيين بين النهر والبحر ، مثلما كشفه بحث أعده مركز له علاقة بجهاز أمني ، يتجاوز عدد الإسرائيليين ب 200 ألف ، ونحن نقدر أن العدد أكبر كثيرا  . والصوت الثاني  صوت يائير لبيد رئيس الحكومة المنتهية الولاية الذي أرسل خطابا مفتوحا إلى رؤساء بلديات المدن الكبيرة يحثهم فيه على رفض التعاون مع الحكومة اليمينية المقتربة من تولي السلطة ، وخص لبيد في حثه على العصيان رفض  تولي آفي ماعوز رئيس حزب " نعوم " القومي الديني المتشدد المسئولية عن المناهج الخارجية في  المدارس الإسرائيلية حيث من المتوقع أن تركز تلك المناهج على قيم تعادي القيم الليبرالية ، وتدفع نحو تمزقات وتباعدات تربوية ستكون ذات تأثيرات واسعة وغائرة في سلوك مستوطني إسرائيل الجمعي . والصوت الثالث  صوت ناحوم برنيع رئيس تحرير " يديعوت أحرونوت " الذي كتب في ألم وحنق وخوف مما ستؤدي إليه مشاركة سموتريتش وبن غفير في الائتلاف الحكومي ، ونبه إلى أن بن غفير " مجرم إرهابي مدان " ، وأنه عبر توليه وزارة الأمن القومي سيلقي بالجيش والشابك إلى واقع سيضر إسرائيل أضرارا مخيفة العواقب : الجيش لن يعود " جيش الشعب " ، وهي الوظيفة والتسمية التي صاغها بن جوريون أول رئيس وزراء وأول وزير دفاع لإسرائيل فور قيامها في 1948. وفي سلطة بن غفير سيُكلَف الشاباك المسئول عن الأمن الداخلي بمهمة جديدة ، هي التحقيق في القضايا الجنائية المدنية ، وهذه القضايا في كل دول العالم  مسئولية الشرطة . صورة قاتمة ترسمها الأصوات الثلاثة مستاءة غاضبة ، وما هو أقتم منها يضطرب في ثنايا المتوقع القريب . وستنطلق أصوات أخرى كثيرة تنذر وتحذر مما ستجلبه حكومة التشدد اليميني الديني والفاشية على إسرائيل . والمحتوم المحسوم أن تفعل الإنذارات والتحذيرات فعلها في مجتمع أو بالأحرى " تجمع " يتستر في أحشائه على العديد المتنوع من خامات التنافر والتناحر . وقد يفكر نتنياهو الذي أنتج هذه التوليفة من المتطرفين الغوغائيين في الفرار من المصير الذي ستجلبه على حكومته وعلى إسرائيل إلى حرب على إيران متعاونا مع أميركا وبريطانيا للتخلص من برنامجها النووي ليظهر نفسه في حال تعطيل البرنامج بطلا قوميا للإسرائيليين ، وهذه مغامرة ستخرج منها إسرائيل مهشمة .  وربما يستسهل عملية عسكرية كبيرة في الضفة وحربا  على غزة لتوحيد الإسرائيليين خلفه ، ولن تنقذه العملية والحرب . تمزقات إسرائيل الداخلية لا ترقعها حروب ومغامرات خارجية ، والصواب علاجها في موضعها ، في إسرائيل ، وهذا العلاج ليس سهلا ، وانطلاق الأصوات الكبيرة الثلاثة ، وما سيليها من أصوات مضافة يوضح هذه الحقيقة . إنها في مفترق طرق قذف بها في متاهته  تأسيسها المخطىء في أرض شعب آخر ، ومسيرتها العدوانية الطويلة ضد هذا الشعب وبعض دول محيطها العربي . ويستحق التمحيص واستخلاص المدلول أن التهدئة والسلام والتطبيع الشامل مع بعض دول هذا المحيط لم تحرك إسرائيل نحو أي توجه صادق للسلام مع الفلسطينيين والمحيط العربي . وهي الآن تواجه توابع خطأ تأسيسها في أرض ليست لها ، وتجمعيها أخلاطا متباينة من الأعراق والهويات الثقافية المتنافرة الأصول لصهرهم في كيان واحد متجانس . والأساس الواهي لا يقيم بناء متينا صامدا  ، وبتأثير  هذا الأساس وتطوراته تقف إسرائيل على شفا بركان داخلي يهدد مصيرها الوجودي تهديدا فعليا ، ومبهجٌ ومنتج للأمل أن نراقبها وهي تحترق بصُهارة صخوره الملتهبة .

وسوم: العدد 1009