أي خلل تربوي هذا؟؟ استطلاع رأي يبعث على التأمل والمراجعة

قال محدثي، وهو مهتم بالتوجهات العامة للتربية المجتمعية، قمت بسبر مخرجاتنا التربوية المجتمعية على أكثر من صعيد، واخترت عينات عشوائية من منسوبي خمسة عقود، من أبناء العشرين حتى الستين.. تكونت عينتي من ستين شخصا، اربعون منهم من الذكور، عشرون منهم من الإناث، وكلهم قد أصاب في الحياة "مكانة" أقلهم يحمل الثانوية العامة، وسوادهم يحمل الشهادة الجامعية، وأكثرهم يضرب في طرق الحياة بنجاح..

يحكي صاحب التجربة فيقول:

كنت أجلس مع أحدهم نحو الساعة، أجاذبه أطراف الحديث عن تصوراتنا لحياة اجتماعية صالحة، وأؤكد على آفاق الصلاح ومفهوم الخيرية الاجتماعية والنجاح..وأسمع من كثير منهم كلاما نظريا جميلا ولاسيما حين ابتدئ بفتح النوافذ والأبواب..

وأختم كل ذلك بسؤال محدد مباشر:

ذكرني بخمسة أشخاص- وغالبا ما كانت في ثنايا الحديث أعرج أن الشخص يطلق على الذكر والأنثى لأنه يطلق على غير معروف-

ذكرني بخمسة أشخاص صالحين عرفتهم على مستوى حياتك الخاصة في أي مضمار من مضامير الحياة..

يقول صاحبي وكانت المصيبة وما تزال عندي…

أنني ما سمعت في تعداد هؤلاء، على لسان أحد من الستين الذين سألت

اسم امرأة..لا أم ولا جدة ولا أخت ولا مدرسة، ولا قائمة على أمر أيتام..

ولم أسمع اسم تاجر أو مهني أو عامل أو فلاح..أو جار طيب أو رفيق مدرسة أو جامعة أو معهد أو سفر أو شريك عمل

لم أسمع اسم مدرس في مدرسة أو جامعة- غير من كان اختصاصه في علوم الدين المختصة- بمعناها المحدد.

ولا اسم طبيب او محام أو مهندس

ولا اسم رجل عام إلا من وصفت خطيب أو إمام مسجد أو مدرس ديني على فضائية..

وأكثر من سمعت أسماءهم كانوا من أبناء العصر، حسب الشرط، ولكن اسماءهم مقترنة بدعاء "رحمه الله"

يقول محدثي..

هذا وذاك حاصرني أمام سؤال، على أي مفهوم للخير والصلاح نربي أبناءنا..؟؟

في مسامرتي مع أحدهم، ذكر لي أن التجار كان يضعون بين يدي الشيخ فلان رحمه الله تعالى الأموال، وكان يوزعها على الفقراء والمحتاجين…

في محاولة يائسة لتوجيه الاستطلاع: قلت له هل تعرف أحدا من التجار الذين كانوا يضعون بيد الشيخ الأموال؟ قال نعم ومنهم فلان وفلان وفلان..

وعند ذكر الصالحين، لم يتصور أن أحدا من هؤلاء التجار يمكن ان يكون من الصالحين…

منقول وحكاه زهير سالم.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1010