هل يمكن أن تكون إدانة الضحايا مبادرة تقدم إلى القتلة والمجرمين؟؟

هل حقا كان هناك تاريخيا، فريق يعتد به في المنتظم الوطني السوري، يدين أي طائفة من الطوائف سياسيا على خلفية دينية أو مذهبية؟؟

يكفي ان نرجع إلى ديوان بدوي الجبل لنعرف؛ أين كان موقعه في الكتلة الوطنية!! يكفي أن نتذكر اسم سلطان باشا الأطرش وموقعه المتوافق عليه حتى نتذكر الكثير بل نتعلم الكثير، وجميل من الانسان أن يتعلم قبل أن يعلم.

لماذا يعتبر بعض الناس الاستقواء على الضحايا الضعفاء من معالم النضج والوطنية، ولماذا يحسبون أن الاستخفاف بآلام المخذولين يمنحهم نرجسية جمالية ترفعهم فوق العالمين!!

مائة عام عمر الدولة السورية القطرية، لينبئنا أي مؤرخ منصف في أي مرة وقع على هذه الفئة من السوريين عشر ما أوقع من حملوا رايتهم في سواء الناس وعلى مستوى ثلاثية السلطة: الدم - الفرصة- الثروة..

هل الاخوان المسلمون مثلا هم الفريق الذي أسس لنبذهم وكراهيتهم والتحريض عليهم؟؟ وبعد كل المجازر التي تفذوها بجمعهم ما زالوا بعضٌ من بني قومنا يقولون: طمنوهم إنهم خائفون…

خائفون وفعلوا بالناس كل هذا الذي فعلوا، فكيف لو كانوا آمنين مطمئنين!!

في فضاء وطني مفتوح أعود إلى مذكرات الأستاذ حسن الحكيم وهو من مؤسسي الدولة السورية الحديثة، وتسلم رئاسة الحكومة السورية مرتين، يكتب في مذكراته عن خمسة أهداف تم الاعلان عنها غداة تأسيس جماعة الاخوان المسلمين. أحدها محاربة التعصب الطائفي المقيت. من احتاج النص ألحقته له..

و حبذا لو ذكرّنا بعض الناس، الذين لا يذكرون، أن الدكتور محمد المبارك رحمه الله تعالى، وهو نائب عن دمشق، يوم كانت دمشق. ، ووزير في حكومة وطنية برلمانية، وأحد المؤسسين الأوائل لجماعة الاخوان المسلمين، له كتيّب صغير أكثر مصداقية من كل الوثائق الفرنسية عنوانه "تركيبة المجتمع السوري" أرى حتما على كل سوري يريد الاشتغال بالسياسة ان يقرأه، لتتوقف عملية التباكي الممجوج. على المستضعفين المرتجفين خوفا والذين يحتاجون من الناس رسائل التطمين.

أريد أن أقول لكل المازوشيين الذين يستعذبون جلد الذات: إن "حزب الطوائف" كما سماه أمينه العام الثاني الأستاذ "منيف الرزاز" رحمه الله تعالى تأسس منذ أواسط الأربعينات…

وأن اللجنة العسكرية بكل نتنها تشكلت قبل مشروع مروان حديد، وقبل طريقة عدنان عقلة، وقبل كل التكفيريين الذين صنعوهم ليقتلونا تحن رايتهم ، ولم أكن يوما بشخصي من مدرسة مروان حديد أو عدنان عقلة..

ليس غرور المعارضة من أوصل سورية الدولة والمجتمع إلى هذا الذي هي فيه.

بل غرور الذي قابل المظاهرة الأولى بالرصاص الحي، يجب أن نذكر بعض الناس أنه في سورية وحدها لم يستخدم الرصاص المطاطي كما يستخدم في فضاء الكيان الصهيوني، ولا خراطيم المياه. كانت الفتاوى جاهزة مسبقا من جماعة اضرب بالمليان…

وفي معجمنا الوطني نقول "الثلم الأعوج من الثور الكبير"

"الثور الكبير" هو وحده المسئول عن كل ما جرى على سورية الدولة والانسان، وعن كل إحن التاريخ القادم التي نسأل الله أن يعين السوريين ليتجاوزوا آثارها.

وإنني أنا الانسان السوري الفرد، وأنا أحيي كل قطرة دم، نزفها سوري حر ، وكل لحظة ألم عاشها طفل أو امرأة، ومع تقديري للحالة الوطنية الحرجة التي آل إليها حال كل السوريين، ومع إدراكي لحجم المؤمراة المفروضة على سورية الدولة والإنسان، والتي أوصلنا إليها المدعوم من الشرق والغرب ومن الشمال والجنوب .. سأظل أقدر في الشعب السوري بكل طبقاته الرشد والعقل والحلم والإحساس بالمسئولية التاريخية الوطنية، و دون أن أفتئت على حق أحد، ودون أن أتجاوز الأسباب الجوهرية الحقيقية التي قامت هذه الثورة الجميلة الشريفة العادلة النظيفة من أجلها..وأعلم في كل هذا ومن كل هذا من أين يبدأ هذا!!

ونعوذ بك ربنا أن نضل أو أن نطغى.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1010